عيّنت روسيا قائداً جديداً للوجيستية العسكرية، أمس، بعد يوم من إعلان زعيم تنظيم «فاغنر» عن نقص كبير في الذخيرة لدى القوات الروسية الموالية لموسكو في باخموت.
وأعلنت روسيا تعيين الجنرال أليكسي كوزمنكوف قائداً للوجيستية العسكرية، بدلاً من الجنرال ميخائيل ميزينتزيف، في خطوة تأتي بعد تأكيد أوكرانيا أن تحضيراتها لشنّ هجوم مضاد ضد القوات الروسية شارفت على نهايتها.
وأفاد الجيش في بيان بـ«تعيين الجنرال أليكسي كوزمنكوف نائباً لوزير الدفاع الروسي مكلفاً الإمدادات المادية والتقنية للقوات المسلحة الروسية».
وكان كوزمنكوف يشغل منذ عام 2019 منصب المدير المساعد للحرس الوطني الروسي (روسغفارديا)، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ومن جهته، كان ميزينتزيف يتولّى القيادة اللوجيستية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، علماً بأنه سبق له تولي قيادة مركز السيطرة على الدفاع الوطني. وفرضت أطراف غربية على ميزينتزيف الذي اصطلحت وسائل إعلام خارجية على تسميته «جزار ماريوبول»، عقوبات لدوره في الحصار الذي فرضه الجيش الروسي لأشهر على المدينة الساحلية الواقعة في جنوب شرقي أوكرانيا، وتعريضها لدمار هائل قبل احتلالها بالكامل في مايو (أيار) 2022، ولم يصدر عن الجيش الروسي أو في وسائل الإعلام المحلية أي إعلان رسمي عن إبعاد ميزينتزيف عن منصبه.
وواجه الإمداد اللوجيستي الروسي مصاعب متكررة منذ بدء غزو أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ووضعت إمكاناته على المحك مع قرار الرئيس فلاديمير بوتين إطلاق حملة تعبئة شملت مئات الآلاف من الرجال في سبتمبر، سعياً لوقف الخسائر الميدانية التي كانت قواته تُمْنى بها على يد الجيش الأوكراني المدعّم بأسلحة غربية.
ويأتي الإعلان الروسي بعد يومين من تأكيد وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أن الاستعدادات للهجوم المضاد «شارفت على نهايتها».
وأضاف في مؤتمر صحافي، الجمعة: «جرى التعهد بتوفير معدات، وأصبحت جاهزة، وسلّمت جزئياً. بالمعنى الواسع، نحن جاهزون».
وتؤكد كييف منذ أشهر أنها تعتزم شنّ هجوم لاستعادة الأراضي التي احتلتها روسيا في شرق أوكرانيا وجنوبها.
- قصف حدودي
أعلن حاكم منطقة بريانسك غرب روسيا، أمس، ارتفاع عدد القتلى، في غارة جوية نُسبت إلى أوكرانيا وطالت قرية سوزيمكا الروسية الحدودية، إلى أربعة. وأصابت الصواريخ قرية سوزيمكا الواقعة على مسافة نحو عشرة كيلومترات من الحدود الروسية - الأوكرانية، وفقاً للحاكم المحلّي ألكسندر بوغوماز، الذي كتب على «تلغرام»: «قُتل أربعة مدنيين».
وكانت الحصيلة الأولية الصادرة عن السلطات قد أفادت بمقتل شخصين. وأشار بوغوماز إلى أنّه جرى انتشال جثّتي ضحيّتين أخريين من تحت أنقاض منزل دمّره القصف.
وتطول البلدات والبنى التحتية في المناطق الروسية المتاخمة لأوكرانيا مثل بريانسك وبيلغورود، ضربات تنسبها موسكو إلى الجيش الأوكراني، من دون أن تعلن كييف مسؤوليتها عنها.
- معركة باخموت
أوكرانياً، يحتدم القتال حول مدينة باخموت شرق أوكرانيا بين قوات موسكو وكييف. ونقلت وكالة الإعلام الروسية المملوكة للدولة عن وزارة الدفاع قولها، أمس، إن القوات الروسية سيطرت على أربع مناطق غرب مدينة باخموت، كما نقلت «رويترز».
وفي المقابل، قال متحدث عسكري أوكراني إن قوات بلاده لا تزال تسيطر على طريق إمداد مهم يؤدي إلى باخموت في الوقت الذي هدد فيه رئيس مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة بسحب بعض قواته من المدينة الواقعة شرق أوكرانيا ما لم ترسل موسكو مزيداً من الذخيرة.
وتحاول القوات الروسية منذ عشرة أشهر شق طريقها وسط أنقاض المدينة التي كان يسكنها في السابق 70 ألف نسمة.
وتعهدت كييف بالدفاع عن باخموت التي تعدها روسيا نقطة انطلاق لمهاجمة مدن أخرى.
وقال سيرهي شيريفاتي، المتحدث باسم القوات الأوكرانية في الشرق: «يتحدث الروس منذ أسابيع عدة عن السيطرة على طريق الحياة، وكذلك عن استمرار السيطرة على إطلاق النار عليها». وأضاف: «نعم، الأمر صعب حقاً هناك... (لكن) قوات الدفاع لم تسمح للروس بقطع خدماتنا اللوجيستية».
و«طريق الحياة» هي طريق حيوية بين مدينة باخموت المدمرة وبلدة تشاسيف يار المجاورة إلى الغرب، بمسافة تزيد قليلاً على 17 كيلومتراً.
وقالت القيادة العسكرية الأوكرانية العليا في تقريرها اليومي، أمس، إن قواتها صدّت 58 هجوماً روسياً خلال اليوم المنصرم على طول الجزء من خط المواجهة الممتد من باخموت عبر أفدييفكا، وصولاً إلى مارينكا جنوب منطقة دونيتسك.
ويشير محللون عسكريون إلى أنه إذا سقطت باخموت فستكون تشاسيف يار على الأرجح هي الهدف التالي للهجمات الروسية، على الرغم من أنها تقع على أرض مرتفعة، ويُعتقد أن القوات الأوكرانية قامت ببناء تحصينات دفاعية في مكان قريب.
- أزمة ذخيرة
قال يفغيني بريغوجين، مؤسس مجموعة «فاغنر» الروسية، إن قواته تقدمت نحو 100 إلى 150 متراً في باخموت ليتبقى أقل من ثلاثة كيلومترات مربعة تحت سيطرة أوكرانيا. لكنه أضاف أنه خسر 94 من قواته. وقال في تصريح صوتي نُشر بقناته الصحافية على تطبيق «تلغرام» مساء السبت: «كان العدد سيصبح أقل من ذلك خمس مرات لو كان لدينا مزيد من الذخيرة».
وعلى نحو منفصل، هدد بريغوجين في مقابلة مصورة استمرت نحو 90 دقيقة مع المدون العسكري الروسي سميون بيغوف، السبت، بسحب قواته من باخموت، وقال: «إن الذخيرة المتاحة لديهم لا تكفي إلا لأيام قليلة». وأضاف نقلاً عن خطاب قال إنه أرسله إلى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وأمهله حتى 28 أبريل (نيسان): «ما لم يحدث سد النقص في الذخيرة... فمن الأرجح أننا سنضطر لسحب بعض الوحدات».
وكثيراً ما يقول بريغوجين إن القوات المسلحة النظامية لا تعطي رجاله الذخيرة التي يحتاجون إليها، ويتهم في بعض الأحيان كبار القادة بالخيانة، كما ذكرت وكالة «رويترز».
وقال بريغوجين في المقابلة: «علينا التوقف عن خداع الشعب، وعن إخبارهم بأن كل شيء على ما يرام... عليّ أن أقول بأمانة إن روسيا على شفا كارثة».