بوركينا فاسو: «مذبحة كارما» تُفاقم «الارتباك الأمني»

مخلفات الحرب على الإرهابيين في بوركينا فاسو (وكالة الأنباء الرسمية لبوركينا فاسو)
مخلفات الحرب على الإرهابيين في بوركينا فاسو (وكالة الأنباء الرسمية لبوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو: «مذبحة كارما» تُفاقم «الارتباك الأمني»

مخلفات الحرب على الإرهابيين في بوركينا فاسو (وكالة الأنباء الرسمية لبوركينا فاسو)
مخلفات الحرب على الإرهابيين في بوركينا فاسو (وكالة الأنباء الرسمية لبوركينا فاسو)

تحقق سلطات بوركينا فاسو، في الجدل الواسع الذي أحدثته مذبحة قرية كارما، بعدما اتهم مواطنون قوات الجيش، بالمسؤولية عن ذلك الهجوم، الذي وقع في 20 أبريل (نيسان) الماضي، وتسبب في مقتل 136 مدنياً، بينهم نساء وأطفال. بينما يشير مسؤولون إلى أن مرتكبي المذبحة «إرهابيون لبسوا ملابس العسكريين»، وسط «ارتباك أمني»، وانتقادات واسعة.
وتشهد بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، أعمال عنف ونشاطاً للجماعات المتطرفة منذ 2015 طالها من دولة مالي المجاورة. ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ممثل الادعاء تحقيقاً في المذبحة التي وقعت في قرية كارما شمال البلاد والمناطق المحيطة بها، التي أثارت دعوات لإجراء مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحقيقاً فيها.
وبحسب المحلل البوركينابي والخبير بالشؤون الأفريقية محمد الأمين سوادغو، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» من واغادوغو، فإن «الوضع لا يزال غامضاً، والكل ينتظر نتائج التحقيقات»، خصوصاً أن «الأمر مربك»، متسائلاً: «لماذا يقتل الجيش النظامي سكاناً عزلاً؟ وإذا كان صحيحاً فينبغي الاستماع إلى الجيش أيضاً، خصوصاً أن هناك، من المسؤولين الأمنيين، من يضيف رواية جديدة تقول إن أهل القرية كانوا يقدمون خدمات لوجيستية للإرهابيين، الذين كانوا يختبئون بين أهل القرية، وعُقدت فيها اجتماعات للتخطيط لهجمات على تمركزات المتطوعين، التي راح ضحيتها 41 شخصاً، (35 متطوعاً و6 جنود)، ثم نظموا حفلات في تلك القرية بعد قتلهم المتطوعين».
ويشير سوادغو إلى أن «هناك مَن يرى أن المذبحة تحمل طابعاً آخر؛ لأن ثمة جنوداً من بلدان عدة على تخوم بوركينا فاسو كما يقال، تدريباتهم عالية جداً، ربما هم الذين يقفون وراء المذبحة، لكي يتم توظيفها عالمياً لتشويه صورة رئيس المجلس العسكري الحاكم، الذي يسعى للخروج من رقبة الاستعمار الفرنسي».
وكان بيان صادر عن السكان والناجين، السبت، نقلته «رويترز» ذكر أن «القرية حوصرت في ساعة مبكرة من صباح يوم 20 أبريل، من رجال مدججين بالسلاح يرتدون الزي العسكري في بوركينا فاسو، كانوا على متن دراجات نارية وشاحنات صغيرة وعربات مدرعة»، مضيفاً: «ابتهج القرويون في البداية بوصولهم، لكن سرعان ما تبدَّلت فرحتهم عند فتح النار عليهم». وقال السكان والناجون إنهم أحصوا 136 قتيلاً مدنياً و9 مصابين.
ووفق ممثل للسكان والناجين، متحدثاً في مؤتمر صحافي في أواهيجويا، الواقعة على بعد نحو 15 كيلومتراً من قرية كارما، فإن «بيان الحكومة كشف عن لا مبالاة وازدراء لسكان كارما». وقال البيان: «نحن السكان والناجين من أحداث كارما والمنطقة المحيطة بها لا يساورنا أدنى شك في أن قوات الأمن والدفاع هي المسؤولة عن هذه المذبحة... لسنا مخدوعين، ونعرف قواتنا الأمنية والدفاعية جيداً».
وتشن الحكومة هجوماً واسع النطاق تقول إنه يهدف إلى استعادة مساحات شاسعة من الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون المسلحون. ونددت الحكومة بالهجوم على قرية كارما، في بيان صدر يوم 27 أبريل، دون ذكر تفاصيل عن الضحايا.
وذكر تجمّع «مناهضة الإفلات من العقاب ووصم المجتمعات»، في بيان تلقت «وكالة الصحافة الفرنسية» نسخة منه، «وثّقت فرقنا، وأحصت 136 جثة في كارما، بينها ما يعود إلى 50 امرأة و21 طفلاً، من ضمنهم رضع تقل أعمارهم عن 30 يوماً، قتلوا على ظهور أمهاتهم».
وتعرضت قرى مجاورة لاستهداف من المهاجمين أنفسهم، مما أوقع 11 قتيلاً في 3 أماكن أخرى، وفق التجمع. وأوضح رئيس التجمع، داودا ديالو، أن المهاجمين في كارما «جمعوا المدنيين بالعشرات ووفق الأحياء، مع الحرص على تكليف مسلحين لكل مجموعة والإيعاز إليهم بـ(اقتلوا الجميع)». وطالب ديالو بـ«تحقيق قضائي كامل ونزيه في هذه الجرائم المروعة بحق المدنيين من أجل تقديم كل المسؤولين عنها، ومَن يقف خلفها للعدالة». وشدد على أن «الإفلات من العقاب يفتح الطريق أمام كل الانتهاكات المحتملة، التي يمكن أن تتراوح بين تصفية حسابات ومذابح واسعة النطاق». وتسبب العنف في بوركينا فاسو، المستعمرة الفرنسية السابقة، في مقتل أكثر من 10 آلاف مدني وجندي خلال السنوات السبع الماضية، وفقاً للمنظمات غير الحكومية، ونزوح نحو مليوني شخص داخلياً.


مقالات ذات صلة

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.