جدوى مشاريع الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا

هل تكون صفقةً رابحةً بين العرب والأوروبيين؟

ألواح للطاقة الشمسية في مقاطعة نافارا الإسبانية (أ.ف.ب)
ألواح للطاقة الشمسية في مقاطعة نافارا الإسبانية (أ.ف.ب)
TT

جدوى مشاريع الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا

ألواح للطاقة الشمسية في مقاطعة نافارا الإسبانية (أ.ف.ب)
ألواح للطاقة الشمسية في مقاطعة نافارا الإسبانية (أ.ف.ب)

تتمتع الدول العربية في شمال أفريقيا بساعات إشعاع شمسي طويلة على مدار السنة، ما يجعل ألواح الطاقة الشمسية فيها قادرة على توليد كمية من الكهرباء تزيد بنحو ثلاثة أضعاف مقارنةً بالدول الأوروبية. ومع رغبة أوروبا في التخلي عن إمدادات الغاز الروسي بسبب الصراع في أوكرانيا، تتسارع وتيرة الاستثمارات لبناء مشاريع طاقة شمسية عملاقة في شمال أفريقيا، وتصدير الكهرباء النظيفة الناتجة عنها إلى أوروبا بواسطة كابلات عابرة للقارات.
وبينما توصف مناطق المشاريع المقترحة لإقامة محطات الطاقة الشمسية على أنها أراضٍ صحراوية شاسعة وقليلة السكان، تزداد المخاوف بشأن التأثيرات البيئية لهذه المشاريع، وما قد ينتج عنها من تعريض النظم البيئية الصحراوية للضرر، إلى تهديد مصدر معيشة المجتمعات المحلية، إذا لم تُدرس بعناية. لكنها يمكن أن تساعد في رعاية البيئة وتنمية المناطق النائية إذا التزمت بشروط محددة.

استثمارات ضخمة ومشاريع كبرى
تُصنَّف محطتا نور ورزازات المغربية وبنبان المصرية ضمن أضخم محطات الطاقة الشمسية في العالم. وفيما كانت الغاية الأساسية من هاتين المحطتين تعزيز إمدادات الطاقة المحلية وتقليل الاعتماد على الفحم، يجري تطويرهما حالياً لتساهما أيضاً في توفير طاقة نظيفة للدول على الضفة الشمالية من البحر المتوسط عبر كابلات بحرية، أو عن طريق تصنيع هيدروجين أخضر متاح للتصدير.
ويصدّر المغرب حالياً الكهرباء إلى أوروبا عبر وصلتي طاقة تمتدان إلى إسبانيا، وكان وقّع في العام الماضي على اتفاقية لتوسيع صادرات الطاقة إلى الاتحاد الأوروبي. وفيما تدرس مصر ثلاثة مقترحات لربط كابلات مع اليونان، يعتزم الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي تمويل مشروع يربط محطات الطاقة الشمسية الجديدة في صحراء جنوب تونس بشبكة الكهرباء الإيطالية.
وتأمل شركة «إكس لينكس» (Xlinks) الناشئة توفير 8 في المائة من إمدادات الكهرباء في بريطانيا من خلال كابل يربط المغرب بالمملكة المتحدة، ويزوّد 7 ملايين منزل بالطاقة بحلول 2030. ومن المتوقّع أن تبلغ كلفة هذا المشروع الضخم 22 مليار دولار، نصفها لتنفيذ مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ونصفها الآخر لتوريد الكابلات ومدها عبر سواحل المحيط الأطلسي.
وترى الشركة أن هذا المشروع يعتمد على الخبرة المغربية الراسخة في مجال الطاقة المتجددة، حيث يدير المغرب أكبر مشروع للطاقة الشمسية المركّزة على مستوى العالم، وبرنامجاً متكاملاً لطاقة الرياح. كما أرست الدولة إطاراً قانونياً متيناً لتعزيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة، ودعم دورها الرائد عالمياً في مواجهة تغيُّر المناخ، وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050.
وكان الاتحاد الأوروبي تبنّى قبل نحو عام استراتيجية الطاقة الخارجية بهدف إنهاء اعتماد دوله على الوقود الأحفوري الروسي، وتسريع التحوُّل الأخضر. وتوفّر هذه الاستراتيجية الدعم السياسي والمالي للاستثمارات العابرة للحدود، بما فيها استثمارات الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا. وتساهم الاستراتيجية في تمكين الاتحاد من تحقيق هدفه المناخي لسنة 2030 المتمثّل بخفض الانبعاثات بنسبة 55 في المائة بالمقارنة مع مستويات 1990.
وبالنسبة إلى شمال أفريقيا، يساعد تصدير الطاقة المتجددة إلى أوروبا في تعزيز النمو الاقتصادي ودعم التنمية الشاملة، وتوفير المزيد من الوظائف ضمن قطاع الطاقة المتجددة، وتوليد عائدات ضريبية للحكومات، وجذب الاستثمار الأجنبي. كما تساهم محطات الطاقة المتجددة في تنويع اقتصاد المنطقة وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري.
ويثير تصدير الطاقة المتجددة من أفريقيا إلى أوروبا إشكالية تأمين الطاقة للبلدان الغنية على حساب الحاجة الفعلية للبلدان الأقل دخلاً. وفيما يحظى مُجمل المواطنين في المغرب ومصر بحاجتهم من الكهرباء، لا يزال أكثر من نصف الأفارقة بمعزل عن شبكات الكهرباء العامة. وينضوي المغرب في إطار «تجمُّع الطاقة لغرب أفريقيا»، الذي يسعى إلى إنشاء شبكة طاقة موثوقة وسوق كهرباء مشتركة في المنطقة، بينما ترتبط مصر بتجمُّع مماثل لمعظم دول شرق أفريقيا. أما صادرات البلدين من الكهرباء حالياً فهي مخصصة للأسواق الأوروبية.
ومن ناحية أخرى، تتطلب مشاريع الطاقة المتجددة الأوروبية في شمال أفريقيا مساحات واسعة من الأراضي، ما قد يترك أثره على النظم البيئية الصحراوية، ويقيّد تنقلات مربّي المواشي، ويستنزف الموارد المائية الشحيحة. فمشروع «إكس لينكس» مثلاً، يتطلّب تشغيل 12 مليون لوح شمسي و530 توربين رياح عملاقا على مساحة تصل إلى 960 كيلومتراً مربعاً في جهة كلميم واد نون جنوب المغرب، وهي منطقة تتمتع بتقاليد ثقافية صحراوية وذات موارد مائية محدودة.
ومع ذلك، تبقى المكاسب المحتملة من استغلال موارد الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا كبيرة، وتدعم جهود مكافحة تغيُّر المناخ والتنمية المحلية. ويجمع المغرب بين كونه واحداً من أكثر البلدان إشراقاً على سطح الأرض، وسرعات رياح مجدية نتيجة تباينات الحرارة بين الصحراء الحارّة وتيارات المحيط الأطلسي الباردة. وتشجّع عوائد تصدير الطاقة النظيفة السلطات المغربية على زيادة مساهمات الطاقة المتجددة، ما يسمح لها بتوفير فائض لبيعه إلى أوروبا.
وتعمل تونس حالياً على تطوير مشروعين لتصدير الكهرباء النظيفة إلى مالطا وإيطاليا، بالاعتماد على محطات للطاقة الشمسية بالقرب من قرية رجيم معتوق في جنوب غرب البلاد. وتتميز منطقة رجيم معتوق بثروتها النباتية من الشجيرات الصحراوية المقاومة للملوحة، كما تقع على تخوم شط الجريد، إحدى أضخم السبخات المالحة في الصحراء.
وفي مصر، ستنضم محطة كوم أمبو الجديدة إلى محطة بنبان لدعم قدرات البلاد في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية. ومن المتوقّع أن يتم تصدير فائض الكهرباء من هاتين المحطتين إلى الاتحاد الأوروبي، ولا سيما اليونان. وتُعد محطة بنبان أحد أضخم مشاريع الطاقة الشمسية في العالم بقدرة تبلغ 1650 ميغاواط، في حين تبلغ القدرة الإنتاجية لمحطة كوم أمبو 200 ميغاواط. وتوجد حالياً ثلاثة مشاريع قيد الدراسة لمدّ كابلات بين مصر وأوروبا بقدرة تصل إلى 3000 ميغاواط.

تصدير «حوامل» الطاقة الخضراء
إلى جانب تصدير الكهرباء النظيفة إلى أوروبا، تعمل مصر والمغرب حالياً على تطوير صناعة الهيدروجين والأمونيا، بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. وتأمل مصر في أن تصبح مصدر الهيدروجين الأخضر الرئيسي لأوروبا بإنتاجية تبلغ 10 ملايين طن سنوياً مع نهاية هذا العقد. كما يعتزم المغرب رفع قدراته الحالية من الطاقة المتجددة (نحو 4151 ميغاواط) بأكثر من 50 في المائة، وإنتاج 3 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030.
ورغم المشاكل السياسية في ليبيا، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية مؤخراً عزم بلاده إنشاء خط كهربائي يسمح بتصدير الطاقة المتجددة بكلفة منخفضة إلى أوروبا، إلى جانب الاستثمار في الهيدروجين الأخضر. وتتبنى ليبيا استراتيجية وطنية للطاقة المتجددة تهدف إلى زيادة حصتها في كهرباء الشبكة العامة إلى 22 في المائة بحلول 2030. وتتضمن الاستراتيجية خططاً لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الحرارة الأرضية.
وتتمتع بلدان شمال أفريقيا بعدد من المزايا التي تدعم إنتاج الهيدروجين والأمونيا الأخضرين، اللذين يصنّفان في فئة ناقل الطاقة، إذ يحتاجان إلى كهرباء من مصادر نظيفة متجددة لإنتاجهما. فالمنطقة ذات موقع استراتيجي بالقرب من الأسواق الأوروبية الرئيسية، وتكلفة الطاقة المتجددة فيها منخفضة نسبياً، ولديها قوة عمالة ماهرة يمكن تدريبها للعمل في هذا القطاع.
وتواجه شمال أفريقيا عدداً من التحديات التي يجب التصدي لها قبل أن تصبح منتِجاً رئيسياً للهيدروجين والأمونيا الأخضرين. وتشمل هذه التحديات تكلفة الإنتاج التي لا تزال مرتفعة نسبياً، والحاجة لتطوير البنية التحتية لنقل وتخزين حوامل الطاقة الخضراء، وضرورة تطوير أسواق الهيدروجين والأمونيا الأخضرين.
هذه المشروعات الطموحة في شمال أفريقيا، التي تسير على خطى نجاحات مشروعات الطاقة المتجددة السابقة، تجعل من المنطقة بمثابة جوهرة التاج لرغبات أوروبا في تخضير مصادر طاقتها، وإنهاء الاعتماد على الغاز الروسي. ولتكون الصفقة رابحة للجميع، يجب على الشراكات الجديدة بين بلدان القارتين أن تلحظ أيضاً التعاون على حماية النظم البيئية، والحفاظ على الموروث المحلي.



ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.