تاريخ العبودية في موريتانيا

تاريخ العبودية في موريتانيا
TT

تاريخ العبودية في موريتانيا

تاريخ العبودية في موريتانيا

ظلت العبودية وإلى وقت قريب تمارس بشكل علني في موريتانيا، ولكن مع قدوم المستعمر الفرنسي بدأ في محاربتها وأقام مدنًا خاصة بالعبيد السابقين الذين يتمردون على أسيادهم، ولكن ذلك لم يمنع احتفاظ البعض بعبيدهم نتيجة الروابط الدينية والتاريخية والاقتصادية المشتركة بين العبد وسيده.
في عهد الدولة الحديثة لم تتوقف المحاولات الرسمية للقضاء على العبودية، ولعل أكثر تلك المحاولات جدية سن قانون يقضي على العبودية ويحرمها عام 1981، وذلك بناء على فتوى أصدرها عدد كبير من العلماء بعد حراك قاده بعض المثقفين من شريحة العبيد السابقين في إطار «حركة الحر» التي خاضت نضالاً طويلاً ضد العبودية في موريتانيا.
وفي العقود الماضية ظلت السلطات الموريتانية تنفي وجود العبودية وتتحدث عن «آثار العبودية» وتعد الخطط لمكافحة هذه الآثار، غير أن التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية دولية تشير إلى أن العبودية ما تزال تمارس في موريتانيا بنوع من السرية وبعيدًا عن أعين الإعلام في مناطق ريفية بعيدة.
في عام 2007 سنت موريتانيا أول قانون يعتبر ممارسة العبودية «جريمة» ويعاقب عليها، غير أن ذلك القانون ظل معطلاً بحسب ما تشير إليه تقارير منظمة العفو الدولية، حيث يقول التقرير: «كانت جهود الحكومة الموريتانية غير كافية لتطبيق قانون العبودية فلم تتم محاكمة واحدة بموجب هذا القانون، رغم أن العبودية موجودة في موريتانيا».
في السنوات الأخيرة تحولت محاربة العبودية إلى قضية رأي عام في موريتانيا، بسبب نضال بعض المنظمات الحقوقية، وأصبح من الطبيعي أن تخرج مظاهرات لرفض العبودية في شوارع نواكشوط ومدن كبيرة أخرى، فيما دخلت على الخط أحزاب سياسية فرضت سن قوانين جديدة تكافح العبودية خلال حوار سياسي نظم عام 2011 وأسفر عن تجريم العبودية في الدستور الموريتاني لأول مرة.
من جهة أخرى أنشأت السلطات وكالة لمكافحة ما سمته «آثار الرق»، وتحاول هذه الوكالة أن تقيم مشاريع لتحسين الظروف المعيشية لسكان الريف من أبناء العبيد السابقين، في إطار سياسة تمييز إيجابي يؤكد المدافعون عنها أن سبب العبودية هو الجهل والفقر.
ويواجه القضاء على العبودية في موريتانيا عراقيل كثيرة في مقدمتها عدم تطبيق القوانين والنظام الاجتماعي الذي يكرس نوعًا من الطبقية التي جعلت العبودية أمرًا طبيعيًا جدًا يقبل به حتى العبيد أنفسهم، هذا بالإضافة إلى الفقر المدقع الذي يعانيه العبيد ما يعني استحالة انفصالهم عن أسيادهم.
ورغم النفي الرسمي لوجود العبودية في موريتانيا، تشير الإحصائيات الصادرة عن منظمات حقوقية دولية آخرها منظمة «وولك فري» التي صنفت موريتانيا في مقدمة البلدان من حيث نسبة المواطنين الذين يخضعون للعبودية، وقدرت المنظمة نسبة العبيد في موريتانيا بأنها تتراوح ما بين 10 إلى 20 في المائة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.