كيف طوّر غوارديولا مهمة الظهير في كرة القدم الحديثة؟

القوة الدفاعية الكبيرة لناثان أكي أحد الأسباب الرئيسية لتقديم غريليش أداءه الرائع

جاك غريليش قدّم أداءً رائعاً في الآونة الأخيرة (أ.ب)
جاك غريليش قدّم أداءً رائعاً في الآونة الأخيرة (أ.ب)
TT
20

كيف طوّر غوارديولا مهمة الظهير في كرة القدم الحديثة؟

جاك غريليش قدّم أداءً رائعاً في الآونة الأخيرة (أ.ب)
جاك غريليش قدّم أداءً رائعاً في الآونة الأخيرة (أ.ب)

من أكثر الأشياء المضللة في عالم كرة القدم تلك المقولة التي تشير إلى أن اللعبة تتطور باستمرار وأن الأشياء القديمة عفا عليها الزمن ولا تعود مرة أخرى، فعلى العكس تماما علمنا التاريخ أن نفس الأفكار تعود من جديد بعد فترة من الوقت، سواء كان ذلك يتعلق بالاعتماد على ثلاثة لاعبين في الخط الخلفي، أو اعتذار هاورد ويب لبرايتون بسبب الأخطاء التحكيمية، أو تولي روي هودجسون القيادة الفنية لكريستال بالاس!
فإذا نظرنا على سبيل المثال إلى الطريقة التي يلعب بها مانشستر سيتي، سنجد أنه يعتمد على الاستحواذ المتواصل على الكرة، ويلعب بمهاجم صريح ولاعبين آخرين على الأطراف، كما يعتمد على كيفين دي بروين وبيرناردو سيلفا أو إلكاي غوندوغان في مركز لاعب خط الوسط المهاجم الذي يتحرك بحرية من منطقة جزاء فريقه وحتى منطقة جزاء الفريق المنافس، وهي في الأساس نفس الطريقة الهجومية التي كانت تلعب بها الفرق في السابق، والتي كانت تعتمد على دخول المهاجمين من الأطراف إلى عمق الملعب. ويُفضل مانشستر سيتي أن يكون هناك خمسة لاعبين خلف الكرة، والذين عادة ما يشكلون شكلا شبه منحرف: خط دفاع مكونا من ثلاثة مدافعين وأمامهم اثنان من لاعبي خط الوسط. وعلى الرغم من أن مانشستر سيتي يلعب بشكل مباشر أكثر على المرمى، فإن هذه هي الطريقة التي كان يعتمد عليها المدير الفني الراحل هربرت تشابمان!
لكن هذا لا يعني ببساطة أن جوسيب غوارديولا يلعب بنفس الطريقة التي كانت موجودة منذ ما يقرب من قرن من الزمان، فقد تغيرت الكثير من الأشياء منذ ذلك الحين، ليس أقلها ظهور دفاع المنطقة، لذا لم تعد كرة القدم عبارة عن سلسلة من المعارك الفردية كما كانت أيام تشابمان عندما قاد أرسنال للفوز بلقب الدوري في موسم 1930-1931، لكن الشكل شبه المنحرف أثبت بمرور الوقت فعاليته الشديدة في منع الهجمات المرتدة للمنافسين.
وهذا هو السبب في أن طريقة 3-4-2-1 حققت نجاحا كبيرا لبعض الوقت، ولعل أبرز مثال على ذلك هو فوز تشيلسي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي في موسم 2016-2017 عندما كان يلعب بهذه الطريقة. لكن المشكلة في هذه الطريقة، كما رأينا لاحقاً في تشيلسي وتوتنهام، هي أنها على الرغم من أنها قد تجعل الفريق صلبا وقويا من الناحية الدفاعية، فإنها تعتمد بشكل كبير على الظهيرين وانطلاقتهما للأمام باستمرار للقيام بواجباتهما الهجومية وتقديم الدعم اللازم للمهاجم الصريح. وبالتالي، يمكن للفريق المنافس أن يتنبأ بسهولة بهذا الأمر، ويعمل على تعطيل الظهيرين، وهو الأمر الذي يحد من خطورة الفريق ككل في نهاية المطاف.

ناثان أكي مدافع سيتي (أ.ف.ب)

فإذا كنت تريد أن تلعب بطريقة تتسم بالمرونة، فكيف يمكنك تكوين شبه منحرف من ثلاثة مدافعين واثنين من لاعبي خط الوسط للحد من الهجمات المرتدة للمنافسين؟ غالباً ما تسمح الفرق التي تلعب بأربعة لاعبين في الخط الخلفي للظهرين بالتقدم للأمام، على أن يعود محور الارتكاز للعب بين قلبي الدفاع ليشكلوا خط دفاع مكونا من ثلاثة لاعبين، أو أن يتقدم أحد الظهيرين للأمام على أن يبقى الظهير الآخر في الخلف إلى جانب قلبي الدفاع.
لقد كانت هذه هي الطريقة التي نجح بها غوارديولا في برشلونة، عندما كان الظهير الأيمن داني ألفيش يتقدم باستمرار للقيام بواجباته الهجومية وتقديم الدعم اللازم لديفيد فيا في الأمام، في الوقت الذي كان يعود فيه سيرجيو بوسكيتس بين قلبي الدفاع. وخلال توليه القيادة الفنية لبايرن ميونيخ، كان غوارديولا محظوظا بوجود لاعب بارع للغاية في النواحي الخططية والتكتيكية وهو فيليب لام، وبالتالي بدأ المدير الفني الإسباني في تجربة جديدة تسمح لأحد الظهيرين بالدخول إلى عمق الملعب، بدلا من اللعب من على الأطراف.
وفي مانشستر سيتي، كان غوارديولا يعتمد في بعض الأحيان على تقدم الظهيرين للأمام بالتناوب - باكاري ساغنا أو خيسوس نافاس وغايل كليشي أو ألكسندر كولاروف في موسمه الأول، على سبيل المثال - لكنه حاول أيضا تكرار تجربته مع فيليب لام، وفعل ذلك في بعض الأحيان مع فابيان ديلف، وقد نجح الأمر بشكل أكبر مع جواو كانسيلو، وبشكل استثنائي مع برناردو سيلفا، ثم فعل الأمر نفسه مؤخرا مع جون ستونز - حتى لو كان ستونز، في المباراة التي فاز فيها مانشستر سيتي على بايرن ميونيخ بثلاثية نظيفة، يتقدم للأمام من مركزه في الخلف، مع بقاء مانويل أكانجي وناثان أكي كظهيرين بالشكل التقليدي القديم. وربما تكون القوة الدفاعية الكبيرة لناثان أكي أحد الأسباب الرئيسية لتقديم جاك غريليش هذا الأداء الرائع في الآونة الأخيرة، على العكس تماما مما كان عليه الأمر عندما كان يلعب خلفه جواو كانسيلو، حيث أصبح غريليش يجد الآن المساحات التي يمكنه الانطلاق بها في الأمام.
وعلى مدار ثلاثة عقود، كان مركز الظهير في مقدمة المراكز التي تتطور بشكل كبير من الناحية التكتيكية. لقد أصبح الظهير يقوم بأدوار هجومية بشكل متزايد، وأصبح يدخل إلى عمق الملعب في كثير من الأحيان، بل ووصل الأمر لأن يلعب كمهاجم وهمي. ربما يتعامل غوارديولا، حتى الآن، مع مركز الظهير بشكل مختلف فيما يتعلق بالتقدم للأمام والدخول إلى عمق الملعب، لكن قد تكون هذه هي الخطوة المنطقية التالية فيما يتعلق بالتطور الكبير الذي طرأ على دور الظهير خلال السنوات الأخيرة.
وربما يكون هناك تحول تدريجي ضد الفكرة العصرية القائلة بأن الظهير هو في الأساس مركز هجومي. فلكي يتقدم الظهير للأمام ويلعب بنفس طريقة ترينت ألكسندر أرنولد وأندي روبرتسون مع ليفربول على سبيل المثال، فإن الأمر يتطلب أن يمارس الفريق الضغط على الفريق المنافس بطريقة مثالية وبلا أخطاء تقريبا. وإذا لم يحدث ذلك، كما رأينا في موسم 2020- 2021 ومرة أخرى خلال الموسم الجاري، فسيصبح بإمكان المنافسين استغلال المساحة الخالية الموجودة خلف الظهير المتقدم للأمام. وعندما كان ماوريسيو بوكيتينو يتولى القيادة الفنية لتوتنهام، فإنه كان يعتمد على أربعة من ظهراء الجنب بالتناوب بسبب المجهود البدني الخرافي الذي يبذلونه لتغطية هذه المساحات الكبيرة بطول الملعب. وربما كان دخول الظهيرين إلى عمق الملعب لبعض الوقت بمثابة وسيلة لتخفيف الضغط عنهما.
يرى كثيرون منذ فترة طويلة أنه من الأفضل لألكسندر أرنولد أن يلعب في خط الوسط وليس كظهير أيمن، وكانت وجهة النظر هذه تعتمد في الأساس على أن هذا التغيير في المركز سيساعد اللاعب على المشاركة في اللعب بشكل أكبر (لكن التفكير بهذا الشكل يبدو وكأنه يقلل من أهمية مركز الظهير في كرة القدم الحديثة)، ثم أصبحت تعتمد بشكل أكبر على حقيقة أن فشل ليفربول في تطبيق طريقة الضغط على المنافسين بشكل صحيح أظهر نقاط الضعف التي يعاني منها ألكسندر أرنولد في النواحي الدفاعية.
فهل من المنطقي أن يلعب ألكسندر أرنولد في خط الوسط بدلا من مركز الظهير الأيمن؟ قد تكون الفكرة جذابة، لأن هذا اللاعب الشاب يمتلك قدرات وفنيات هائلة ستساعده كثيرا على التألق في عمق الملعب، بالإضافة إلى أن هذا الأمر سيساعد في إخفاء المشاكل الدفاعية التي يعاني منها اللاعب، لكن في نفس الوقت يجب ألا ننسى أن ألكسندر أرنولد يرسل كرات عرضية خطيرة للغاية من الناحية اليمنى ويشكل جبهة قوية مع الجناح المصري محمد صلاح، وهي الجبهة التي لعبت دورا كبيرا في كل النجاحات التي حققها ليفربول خلال المواسم الأخيرة.
على مدار 60 عاماً، أصبح الظهير يهاجم بشكل متزايد، لدرجة أن كل ظهراء الجنب تقريبا أصبحوا يتحولون في الواقع إلى أجنحة داخل الملعب. وكان السؤال دائماً هو، ما الذي سيأتي بعد ذلك، وكيف سيتطور الظهير عندما لا يكون هناك المزيد من الأدوار الهجومية؟ ربما تكون الإجابة هي العودة إلى نفس الطريقة التي كان يلعب بها تشابمان قبل قرن من الزمان تقريبا، وهو ما يعني أن التاريخ يعيد نفسه!


مقالات ذات صلة

قمة لندنية بين آرسنال وتشيلسي بالدوري الإنجليزي

رياضة عالمية آرسنال المنتشي أوروبياً يطمح لتقليص الفارق مع ليفربول عبر بوابة تشيلسي (أ.ف.ب)

قمة لندنية بين آرسنال وتشيلسي بالدوري الإنجليزي

يأمل فريق المدرب الإسباني أرتيتا العودة لنغمة الانتصارات التي غابت عنه في المراحل الثلاث الماضية بالبطولة

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية تسديدة هدسون أودوي في طريقها لشباك مانشستر سيتي (رويترز)

كيف أصبح التأهل لدوري الأبطال في متناول نوتنغهام فورست؟

كان الفوز على مانشستر سيتي في إطار المعركة الشرسة على احتلال أحد المراكز الأربعة الأولى مهماً للغاية وله دلالة كبيرة

رياضة عالمية كريستيان نورغارد (أ.ف.ب)

نورغارد قائد برنتفورد يخشى إدمان الحبوب المنوّمة

قال كريستيان نورغارد، قائد فريق برنتفورد، المنافس في الدوري الإنجليزي لكرة القدم، إنه كان يخشى أن يصبح مدمناً للحبوب المنوّمة بعد تناول العقار للتحضير للمباريات

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية واين روني (رويترز)

روني: مانشستر يونايتد يخاف من الملعب... هناك 15 لاعباً يستحقون الرحيل

يعتقد واين روني أن فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي لكرة القدم يبدو «تائهاً» و«خائفاً» في الملعب، وأن هناك 10 إلى 15 لاعباً يجب أن يرحلوا من الفريق.

«الشرق الأوسط» (إنجلترا)
رياضة عالمية نونيز يهدر ركلة الجزاء في المواجهة بين ليفربول وسان جيرمان في دةري الأبطال(رويترز)

نونيز ليس المسؤول عن خروج ليفربول من دوري أبطال أوروبا

هناك شعور لا مفر منه؛ بأن مستقبل نونيز سيكون على المحك خلال الصيف المقبل عندما تتجدد ولاية سلوت


من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT
20

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.