أسرة الصبيحي تتواصل مع الصليب الأحمر.. وولد الشيخ لم يستطع زيارته

نقص المعلومة عن وزير الدفاع اليمني المحتجز وتعتيم الحوثيين يزيدان المخاوف حول مصيره

أسرة الصبيحي تتواصل مع الصليب الأحمر.. وولد الشيخ لم يستطع زيارته
TT

أسرة الصبيحي تتواصل مع الصليب الأحمر.. وولد الشيخ لم يستطع زيارته

أسرة الصبيحي تتواصل مع الصليب الأحمر.. وولد الشيخ لم يستطع زيارته

تواصلت عائلة اللواء محمود سالم الصبيحي، وزير الدفاع اليمني، مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، للكشف عن مصير والدهم الذي أُسر قبل شهرين من اندلاع الحرب في مارس (آذار) الماضي، من قبل الحوثيين، وانقطعت حتى هذه اللحظات جميع الاتصالات معه، بينما زودت العائلة اللجنة الدولية بكل التفاصيل اللازمة التي تساعدهم على الوصول إلى معلومات تمكنهم من معرفة موقع اعتقال وزير الدفاع اليمني.
وأرفقت العائلة للجنة الدولية للصليب الأحمر، معلومات طبية عن حالة اللواء الصبيحي، الذي يبلغ من العمر قرابة 65 عامًا، ويعاني من أمراض الضغط، والسكر، إضافة إلى الإرهاق في الأيام الأخيرة قبل الاعتقال بسبب التحركات والسفر إلى مدن عدة، إضافة إلى معلومات حول آخر معركة قادها اللواء الصبيحي في مواجهة ميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح.
وتنظر عائلة وزير الدفاع اليمني خلال الأيام المقبلة، ما سوف تقدمه اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تعد منظمة مستقلة ومحايدة تقوم بمهام الحماية الإنسانية وتقديم المساعدة لضحايا الحرب والعنف المسلح بموجب القانون الدولي، التي من مهامها، زيارة أسرى الحرب والمحتجزين المدنيين، والبحث عن المفقودين، إضافة إلى نقل الرسائل بين الأسير وعائلته، وهو ما تنتظره العائلة في هذه المرحلة لمعرفة مصير والدهم.
وسبق هذا التحرك لقاء موسع عقد في العاصمة السعودية «الرياض» جمع اثنين من أبناء وزير الدفاع اليمني المعتقل لدى الحوثيين، وإسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبعوث الأمم المتحدة لليمن، من جهة، لمعرفة مصير اللواء الصبيحي الذي أصبح مجهولاً مع ندرة المعلومات الواردة حول الحالة الصحية التي يعيشها في المعتقل، والتحرك في حال توصلت المنظمة الدولية لمعلومات لإطلاق سراحه طبقًا للبند الأول الصادر من الأمم المتحدة والمتضمن الإفراج عن وزير الدفاع وجميع الأسرى من قبضة الحوثيين.
وقال عبد الولي الصبيحي ابن وزير الدفاع اليمني لـ«الشرق الأوسط»، إنه وعلى مدار 5 أشهر من أسر اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع وانقطاع الأخبار والمعلومات بشكل عام، قررنا أنا وشقيقي الخروج من اليمن باتجاه السعودية، حيث توجد الحكومة اليمنية للتواصل مع كل الجهات الرسمية وغير الرسمية لمعرفة مصير الوالد المجهول، تاركين العائلة المكونة من 8 أفراد في اليمن في منطقة حصنت من أبنائها وصدت خلال الفترة الماضية ثلاث هجمات من الحوثيين، ونجحت في عدم توغل الميليشيا رغم الحصار الذي فرض عليها.
وأضاف نجل وزير الدفاع اليمني، أنه خلال وجودنا في الرياض التقينا بالرئيس عبد ربه منصور هادي، ودار حديث موسع ومطول حول مصير الوالد الذي كان رفيق دراسة للرئيس اليمني، الذي أكد في حديثه أنه لن يكون هناك تفريط أو تقاعس في إعادة شخصية بحجم اللواء الصبيحي، وهناك تواصل مع كل المنظمات الإنسانية وعدة جهات لإطلاق سراح اللواء، إلا أن الحوثيين لم يتجاوبوا مع كل هذه المنظمات.
وأشار عبد الولي إلى أنه مع هذا التحرك التي تقوم به الحكومة اليمنية، سارعت العائلة بالتواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، للكشف عن مصير اللواء الصبيحي، الذي انقطعت أخباره منذ ما يزيد على 5 أشهر، وقدمت العائلة كل المعلومات اللازمة التي قد تستدل منها اللجنة على تفاصيل عن الأسر، الذي كان متزامنًا مع آخر معركة قادها وزير الدفاع ضد الحوثيين.
وتطرق عبد الولي، لاجتماعهم، مع إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبعوث الأمم المتحدة لليمن، قائلاً، إنه تم إيضاح الصورة للمبعوث الأممي، وما ينص عليه القرار من ضرورة الإفراج عن وزير الدفاع اليمني وجميع الأسرى الذين سقطوا في قبضة ميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح، ووعد حينها المبعوث الأممي أنه سيبذل كل ما بوسعه لإطلاق سراح اللواء الصبيحي، وفي أسوأ الأحوال معرفة مصيره وحالته الصحية. وأضاف: «التقينا مرتين بالمبعوث الأممي، وأبلغنا ولد الشيخ أنه سيحاول الالتقاء بوالدنا المحتجز لدى الحوثيين، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، على الرغم أن المبعوث الأممي زار صنعاء أكثر من مرة».
وحول وقائع اعتقال اللواء محمود الصبيحي، قال عبد الولي، إن «كل المعلومات المتوفرة أن وزير الدفاع كان يقود مجموعة من الأفراد ويخوض معركة شرسة ضد الحوثيين، بجوار جسر الحسيني ما بين لحج وقاعدة العند ودامت قرابة 3 ساعات، ولا توجد معلومات عن كيفية أسره، وهل كان هناك خيانة وقعت أثناء الحرب للإطاحة بالوزير، خصوصًا وأن له مؤيدين في الشمال والجنوب، وهو ما كانت تخشاه ميليشيا الحوثي من وجوده حرًا.
وأضاف أن «وزير الدفاع وضع تحت الإقامة الجبرية قرابة أسبوعين مع رئيس الحكومة ونائب الرئيس، خوفًا من توجههم للجنوب وإعادة تكوين مقاومة لمواجهة الحوثيين بحكم تأثير كل فرد منهم، ولم يسمح لنا بالتواصل معه في تلك الفترة، وتمكن من الفرار بعد أسبوع من فرار الرئيس إلى عدن».
وشدد عبد الولي الصبيحي، على أهمية الدور الذي تقوم به السعودية في اليمن بشكل عام، وفي قضية والده وزير الدفاع، وكان لها الفضل في إصدار القرار الدولي 2216 الذي تضمن الإفراج عن اللواء الصبيحي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.