تدهور كبير لـ«الناتج الأميركي» في الربع الأول

نما 1.1 % فقط... وتزايد احتمالات الركود إلى 99 %

مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (رويترز)
مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (رويترز)
TT

تدهور كبير لـ«الناتج الأميركي» في الربع الأول

مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (رويترز)
مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن (رويترز)

تباطأ النمو الاقتصادي الأميركي بشكل كبير ليسجل نموا نسبته 1.1 في المائة في الربع الأول من العام، على ما أعلنت وزارة التجارة الأميركية الخميس، فيما يزداد احتمال حدوث ركود معتدل.
وبهذه النتيجة، فقد شهد الاقتصاد الأميركي تراجعاً فصلياً بالغاً من المعدل المسجل في الربع الأخير من عام 2022، والذي بلغ 2.6 في المائة، وكذلك من معدل الفصل الثالث من 2022 البالغ 3.2 في المائة. كما أن المعدل الجديد أقل كثيرا من متوسط توقعات المحللين في عدد من المسوحات الخاصة بوكالة «أسوشيتد برس»، ومؤشر «داو جونز»، والبالغة 2 في المائة.
وكشفت البيانات أيضاً أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس للتضخم يراقبه الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عن كثب، زاد فصلياً بنسبة 4.2 في المائة، متجاوزاً التوقعات البالغة 3.7 في المائة.
وكشف تقرير وزارة التجارة الأميركية عن أن تباطؤ النمو جاء مدفوعاً بانخفاض الاستثمار في المخزونات الخاصة، وتباطؤ الاستثمار الثابت غير السكني، في حين زاد الإنفاق الاستهلاكي والصادرات وإنفاق الحكومة الفيدرالية.
وتفتح البيانات الباب واسعاً - حال استمرارها - أمام حدوث «ركود تضخمي»، وهو الوضع المتأتي عن صعوبة السيطرة على النمو المرتفع مع تباطؤ النمو بشكل سريع، ما يذكّر بفترات حالكة في تاريخ الاقتصاد الأميركي في ثلاثينات وسبعينات القرن العشرين.
وتوقعت «أسوشيتد برس» في تقرير أن يكون العام الحالي أكثر تشاؤماً من العام السابق؛ نظراً لزيادة توقعات أن يتباطأ الاقتصاد بشكل مطرد، وأن ينزلق إلى الركود في وقت ما هذا العام. وأشارت الوكالة الأميركية إلى أن العقبات التي يواجهها الاقتصاد الأميركي أصبحت أكثر وعورة، وعلى رأسها التكلفة المرتفعة للغاية للاقتراض، خاصة بعدما رفع الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة تسع مرات خلال عام واحد.
وبالتزامن مع بيانات الناتج المحلي، سجلت إعانات البطالة 230 ألف طلب الأسبوع الماضي، وبذلك ارتفع متوسط طلبات إعانة البطالة في 4 أسابيع إلى 236 ألف طلب، بعد أن سجل الأسبوع قبل الماضي 240 ألفاً.
ويزداد القلق في الأوساط الاقتصادية من فشل الاحتياطي الفيدرالي في بلوغ ما ينشده من «هبوط ناعم» عبر سياسات التشديد النقدي، والتي تهدف إلى إبطاء النمو لمحاصرة التضخم من دون الوقوع في دائرة الركود... وتتوقع مجموعة «كونفرنس بورد» الاقتصادية حاليا حدوث الركود بنسبة تبلغ 99 في المائة.
جدير بالذكر أن الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي، أقروا مشروع قانون يرفع سقف الدين الوطني بالتوازي مع خفض الإنفاق الفيدرالي، في مسعى منهم لجر الرئيس جو بايدن إلى مواجهة، رغم ما يترتب على ذلك من مخاطر باحتمال تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها.
وتتوقع الحكومة الأميركية أن تصل إلى سقف الدين المحدد في غضون أسابيع، ما يزيد من احتمال تخلف أكبر اقتصاد في العالم عن السداد والتسبب بأزمة في الأسواق العالمية.
وتبلغ ديون الولايات المتحدة 32 تريليون دولار تقريبا، وهو رقم تراكم في ظل حكم رؤساء ينتمون للحزبين الرئيسيين على مدى عقود. ويرفع مشروع القانون الجمهوري المكون من 320 صفحة حد سقف الدين حتى مارس (آذار) 2024 ما يمهد الطريق لمواجهة أخرى للحد في خضم الحملات الانتخابية الرئاسية، أو حتى يصل الدين إلى 32.9 تريليون دولار... لكنه يخفض الإنفاق الفيدرالي بشكل كبير، ويلغي أجزاء رئيسية من برنامج بايدن، مثل مساعيه لإلغاء ديون الطلاب، ومكافحة التغير المناخي، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وتعتبر ديون الخزانة الأميركية أساس تقييم الأصول الآمنة في العالم، ومعدلات فائدتها هي الأساس لتسعير المنتجات والتعاملات المالية في جميع أنحاء العالم.


مقالات ذات صلة

صناديق الأسهم العالمية تحقق تدفقات أسبوعية تاسعة على التوالي

الاقتصاد متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

صناديق الأسهم العالمية تحقق تدفقات أسبوعية تاسعة على التوالي

زاد المستثمرون العالميون مشترياتهم من صناديق الأسهم في الأسبوع المنتهي في 27 نوفمبر، مدفوعين بتوقعات بنمو قوي للاقتصاد الأميركي في ظل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد لاغارد تتحدث إلى الصحافيين عقب اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

لاغارد للقادة الأوروبيين: اشتروا المنتجات الأميركية لتجنب حرب تجارية مع ترمب

حثَّت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد القادة في أوروبا على التعاون مع ترمب بشأن التعريفات الجمركية وشراء المزيد من المنتجات المصنوعة في أميركا.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد شخص يتسوق لشراء الطعام في أحد المتاجر الكبرى استعداداً لعيد الشكر في شيكاغو (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يرتفع مجدداً

تسارعت زيادات الأسعار للمستهلكين في الشهر الماضي، مما يشير إلى أن التراجع المستمر في التضخم على مدار العامين الماضيين قد بدأ يواجه تحديات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو نفس التقدير الأولي الذي أعلنته الحكومة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي لكن العديد من العمال المسرحين ما زالوا يعانون من فترات طويلة من البطالة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
TT

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

حذر بنك إنجلترا يوم الجمعة من أن زيادة الحواجز التجارية قد تؤثر سلباً على النمو العالمي وتزيد من حالة عدم اليقين بشأن التضخم، مما قد يتسبب في تقلبات في الأسواق المالية.

وقال بنك إنجلترا، دون الإشارة بشكل خاص إلى فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إن النظام المالي قد يتأثر أيضاً بالاضطرابات في تدفقات رأس المال عبر الحدود وانخفاض القدرة على تنويع المخاطر، وفق «رويترز».

وأضاف أن «انخفاض التعاون الدولي في مجال السياسات قد يعوق تقدم السلطات في تحسين مرونة النظام المالي وقدرته على امتصاص الصدمات المستقبلية».

وفي حين أظهرت الأسر والشركات والبنوك في المملكة المتحدة أنها في حالة جيدة، فإن القطاع المالي في البلاد يواجه مخاطر «ذات أهمية خاصة» نظراً لانفتاح الاقتصاد البريطاني.

ومن بين التهديدات الأخرى ارتفاع مستويات الدين العام في العديد من الاقتصادات في مختلف أنحاء العالم. وقال التقرير إن «حالة عدم اليقين والمخاطر التي تهدد التوقعات قد زادت».

وأضاف بنك إنجلترا أنه لا يزال يعتقد أن التقييمات والعوائد في الأسواق المالية «عرضة لتصحيح حاد» بسبب المخاطر التي تهدد النمو والتضخم وعدم اليقين بشأن أسعار الفائدة. وحذر من أن مثل هذا التصحيح قد يتفاقم بسبب نقاط الضعف المستمرة في التمويل القائم على السوق وقد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للأسر والشركات في المملكة المتحدة.

وأشار إلى أن أحدث اختبارات المرونة التي أجراها على البنوك البريطانية أظهرت أنها تتمتع برأس مال جيد وسيولة وفيرة. لكن المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل صناديق التحوط، لا تزال عرضة لصدمات مالية مفاجئة، وأنه ليس بإمكان جميع هذه المؤسسات الوصول إلى التمويل الضروري في أوقات الأزمات. وأوضح أن القطاع المتنامي للمؤسسات المالية غير المصرفية قد عزز من مرونته، إلا أن اعتماده على التمويل البنكي في أوقات الأزمات قد يؤدي إلى «مخاطر أكبر على الاستقرار المالي».

وعلى خلاف اختبارات الضغط التقليدية التي تركز على كيفية تأثر ميزانيات البنوك والمؤسسات المالية الأخرى خلال الأزمات، استعرض اختبار بنك إنجلترا الشامل كيف يمكن لتصرفات شبكة كاملة من المؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك وصناديق التحوط وشركات التأمين والمقاصة المركزية، أن تُفاقم الصدمات الاقتصادية.

وتصور السيناريو الافتراضي حالة من «تفاقم التوترات الجيوسياسية» التي تؤدي إلى صدمة سوقية مفاجئة وشديدة. وقد يصبح هذا السيناريو أكثر احتمالاً بعد فوز ترمب، حيث هدد مراراً بفرض رسوم جمركية على الواردات الأجنبية، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات التجارية والسياسية مع دول مثل الصين.

وقد أظهرت نتائج اختبار بنك إنجلترا المخاطر المستمرة في قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية، حيث تتوقع العديد من هذه المؤسسات أن تتمكن من الاعتماد على تمويل «الريبو» من البنوك، وهو أمر قد يكون غير متاح في حالات الأزمات.

كما أشار إلى أن سوق سندات الشركات بالجنيه الاسترليني ستواجه ضغطاً كبيراً، حيث ستضطر الصناديق التي تحاول جمع السيولة إلى بيع السندات في سوق متهالك، مما يؤدي إلى «قفزة نحو عدم السيولة» مع قلة المشترين.

ورغم أن هذا الاختبار الشامل كان يهدف بشكل أساسي إلى توعية المؤسسات المالية بالمخاطر المحتملة بدلاً من اتخاذ إجراءات سياسية مباشرة، أكد بنك إنجلترا أن استنتاجاته تدعم الجهود الدولية لفهم وتنظيم القطاع غير المصرفي المتنامي. ويشمل ذلك المراجعات المتزايدة من قبل المنظمين في مختلف أنحاء العالم للقطاع الذي يمثل الآن حوالي نصف النظام المالي العالمي، بعد عدة حوادث تطلبت دعماً لهذه المؤسسات في السنوات الأخيرة.

وفي المستقبل، يخطط البنك المركزي لإجراء اختبارات مرونة كاملة للبنوك كل عامين اعتباراً من عام 2025، وذلك لتقليل العبء الإداري على المقرضين والسماح للبنك بالتركيز على المخاطر المالية المحتملة الأخرى. وسيتم إجراء اختبارات معيارية أقل تفصيلاً حسب الحاجة بين تلك السنوات.

واحتفظ بنك إنجلترا بمتطلب رأس المال المعاكس للتقلبات الدورية (CcyB)، أو متطلب رأس المال «للأيام الممطرة» للبنوك التي يمكن السحب منها في الأوقات العصيبة، عند مستوى محايد بنسبة 2 في المائة.