الانقلابيون الحوثيون أحالوا عيد اليمنيين إلى مآتم وأحزان

تدمير منازل وعمليات قنص ونهب أملاك في محافظات عدة

منزل فجره الحوثيون في مديرية صرواح غرب مأرب (تويتر)
منزل فجره الحوثيون في مديرية صرواح غرب مأرب (تويتر)
TT

الانقلابيون الحوثيون أحالوا عيد اليمنيين إلى مآتم وأحزان

منزل فجره الحوثيون في مديرية صرواح غرب مأرب (تويتر)
منزل فجره الحوثيون في مديرية صرواح غرب مأرب (تويتر)

كان أهالي قرية الزور في مديرية صرواح التابعة لمحافظة مأرب اليمنية يحاولون الاحتفال بعيد الفطر وتبادل الزيارات والتهاني؛ عندما سمعوا دوي انفجارات عنيفة أثارت فيهم الهلع، ودفعتهم للبقاء في أماكنهم والتفكير في الهرب، وبسرعة انتشر الخبر في أوساطهم؛ «الانقلابيون الحوثيون يفجرون ثلاثة منازل لأسرة واحدة من أهالي القرية».
أقدم الحوثيون على تفجير المنازل الثلاثة التابعة لمدنيين بتهمة موالاة الحكومة اليمنية ومؤازرة التحالف الداعم لها، ويصفونهم بـ«الخونة والعملاء»، ومن دون مراعاة لمكانة العيد، فبينما كان الأهالي يقيمون صلاة العيد، كان الحوثيون يضعون المفخخات في المنازل الثلاثة، استعداداً لتفجيرها، فجعلوا هذا العيد مشهوداً في القرية كما يقول أحد الأهالي.
وذكرت منظمة حقوقية محلية أنها تلقت بلاغات بحادثة تفجير المنازل صبيحة يوم العيد، ليصل عدد المنازل التي فجرها الحوثيون في قرية الزور، منذ منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي إلى تسعة منازل على الأقل، ووصفت هذه الممارسات الحوثية بالممنهجة، بغرض ترهيب المعارضين وتهجيرهم قسريا من مناطقهم بعد تفجير منازلهم.
لم تقتصر الممارسات الحوثية خلال العيد على تفجير المنازل الثلاثة في محافظة مأرب شرق العاصمة صنعاء؛ ففي محافظة تعز؛ قتلت الميليشيات بنيران قناصتها مواطناً وأصابت آخر. كان الأول يبيع الثلج في حي بير باشا داخل مدينة تعز المحاصرة؛ بينما كان الآخر يركب دراجته النارية في طريقه لقضاء العيد برفقة عائلته في الريف الجنوبي للمحافظة.
وينتمي القتيل، الذي يبلغ من العمر 28 عاما؛ إلى محافظة الحديدة غربا، وذكّرت جريمة اغتياله بنيران قناص حوثي بجريمة مشابهة ارتكبها قناص حوثي آخر صبيحة عيد الأضحى الماضي، حين أطلق النار على مواطن كان يجلب أضحية العيد لعائلته، وأرداه قتيلا على عتبة باب منزله في شارع الخمسين أمام أنظار أطفاله.
إلى ذلك، قصفت الميليشيات الحوثية صباح العيد مبنى العيادة الطبية الريفية في منطقة حجر ضمن محافظة الضالع، بطائرة مسيرة، وبحسب مصادر عسكرية؛ فإن الطائرة المسيرة استهدفت ساحة العيادة الخارجية بمقذوف متفجر محدثة أضراراً كبيرة في المبنى ومعدات العيادة، ومسببة حالة من الهلع في أوساط مرتادي العيادة.
ويعد هذا ثاني استهداف تنفذه الميليشيات الحوثية ضد هذه العيادة، بعد استهدافها بمقذوف طائرة مسيرة منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، تسبب في مقتل مدني وأضرار مادية كبيرة.
وصباح العيد أيضاً استهدفت الميليشيات الحوثية عددا من القرى جنوب محافظة الحديدة الساحلية الغربية، بقصف صاروخي ومدفعي، أسفر عن إصابة مواطن بجراح خطيرة في قرية دار الحربي شرق مدينة حيس، وإثارة الهلع في صفوف الأهالي في عموم القرى التي تعرضت للقصف.
وفي قرية ظهرة عباد ضمن مديرية الحزم التابعة لمحافظة إب؛ أطلق قياديون حوثيون مع مجموعة من مسلحيهم النار على أهالي القرية خلال محاولتهم البسط على أراضٍ في القرية.
وأكدت مصادر محلية في القرية أن القادة الحوثيين: كهلان صلاح، المشرف الأمني للانقلابيين في المنطقة، وقريبيه زكي العلوي وزين العابدين العلوي، يعمل الأول منهما مشرفاً اجتماعياً والثاني مشرفاً أمنياً في المحافظة؛ هاجموا القرية أول أيام عيد الفطر لمحاولة نهب أراضٍ مملوكة لأهالي القرية، واختطفوا عددا منهم لنقلهم إلى السجن، غير أن أهالي القرية تصدوا لهم.
وطبقاً للمصادر؛ فإن القادة الحوثيين الثلاثة فشلوا في مسعاهم بسبب مواجهة الأهالي لهم، لكن الأهالي يساورهم القلق من عودة القادة الثلاثة لاحقاً بتعزيزات كبيرة من الميليشيات للبسط على الأراضي، ومعاقبة من تصدوا لهم؛ خصوصاً أنهم يعرفون سلوك ونهج الميليشيات؛ حيث إن العديد من أبناء القرية مختطفون منذ فترات طويلة.
وفي المحافظة (إب) نفسها قتلت الميليشيات الحوثية ثاني أيام العيد، مواطنا كان على متن دراجته النارية عائداً إلى منزله، بمبرر عدم التوقف أمام نقطة تفتيش مستحدثة، في حين أكد شهود عيان أن المواطن لم يكن يمر في النقطة المستحدثة؛ بل في طريق محاذية لها، ولم يسمع نداءات عناصر النقطة له بالتوقف، بسبب صوت دراجته.
في السياق نفسه، أعلنت منظمة حقوقية محلية أنها تلقت شكاوى من إقدام قيادي حوثي ينتحل صفة مدير مكتب الإرشاد على اقتحام مسجد في منطقة المعاين شمال مركز المحافظة، والاستيلاء عليه، والسطو على وظيفة الخطيب وإلقاء خطبتي العيد، الأمر الذي قوبل برفض مجتمعي تمثل في الانسحاب من المسجد، وترك العناصر الحوثية وحدها في الصلاة.
وأشارت المنظمة إلى أن القيادي الحوثي، ويدعى أحمد العصري، عمد منذ بداية شهر رمضان إلى منع صلاة التراويح في المسجد بالقوة، ومضايقة إمام وخطيب المسجد، إضافة إلى الطلاب الذين يدرسون في مدرسة تابعة للمسجد، وأعربت عن قلقها على مصير أولئك الطلبة الذين يقيمون في بناء تابع للمدرسة، ويبلغ عددهم 400 طالب.
واستغلت الميليشيات عيد الفطر لشن هجمات في جبهات عسكرية عدة في محافظات الضالع وأبين وشبوة ولحج، لم تسفر عن أي تقدم لصالحها.
يرى الصحافي حمزة ناصر أن ميليشيات الحوثي بتعمدها ارتكاب مثل هذه الانتهاكات والجرائم أيام الأعياد؛ تسعى لجعل هذه الأيام مشهودة وعالقة بذاكرة اليمنيين، كنوع من الإرهاب وفرض الجبروت، فبحسب رأيه يعدّ هذا الأسلوب في نظر الميليشيات وسيلة لتذكير الناس بسطوتها وقوتها وذلك بإحالة أيام فرحهم إلى أحزان.
وينوه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه الممارسات خلال المناسبات العامة؛ تهدف إلى كسر اليمنيين نفسياً، وإلحاق الهزيمة المعنوية بهم، بينما تتعمد الميليشيات الهجوم على الجبهات والتصعيد خلال أيام الأعياد، متوقعة أنها تستطيع تحقيق اختراقات بسبب انشغال الجنود بالعيد.
ويضيف ناصر أن جرائم الميليشيات ضد اليمنيين لا تقتصر على الأعياد فحسب؛ بل إنها تستغل العديد من المناسبات لارتكاب جرائمها، وتسعى إلى جعل أي مناسبة عامة ذكرى مأساوية، مشيراً إلى جرائم عديدة ارتكبتها الميليشيات بشكل جماعي خلال تشييع القتلى أو فعاليات الحداد والتجمعات السلمية والعروض العسكرية.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«الرئاسي اليمني» يلتزم بدعم إصلاح الاقتصاد ومعركة استعادة الدولة

من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)
من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يلتزم بدعم إصلاح الاقتصاد ومعركة استعادة الدولة

من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)
من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

جدَّد مجلس القيادة الرئاسي اليمني التزامه بدعم مسار الإصلاحات الاقتصادية، والتركيز على القضية المصيرية المتمثلة في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الجماعة الحوثية، وذلك في أحدث اجتماع للمجلس.

وجاء تأكيد «الرئاسي اليمني» في وقت تكافح فيه الحكومة للسيطرة على الاقتصاد المتدهور، في ظل تهاوي سعر العملة المحلية وتراجع الإيرادات بسبب توقف تصدير النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، جراء هجمات الحوثيين على موانئ التصدير.

الحوثيون يشنون حرباً اقتصادية ضد الحكومة اليمنية ويواصلون منع تصدير النفط (أ.ف.ب)

وذكر الإعلام الرسمي أن المجلس جدَّد حرص الدولة على تحمل كامل المسؤولية في التخفيف من وطأة الأوضاع المعيشية، مع التزامها المطلق «بتعزيز وحدة الصف والتركيز على المعركة المصيرية لاستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني».

ونقلت وكالة «سبأ» أن مجلس القيادة الرئاسي جدد دعمه لمسار الإصلاحات الاقتصادية والخدمية المنسقة مع الشركاء الإقليميين والدوليين، منوهاً في هذا السياق بدور السعودية والإمارات في دعم جهود الدولة من أجل الوفاء بالتزاماتها الحتمية، وفي المقدمة دفع رواتب الموظفين، وتأمين السلع، والخدمات الأساسية.

وطبقاً للوكالة الحكومية، كرّس الاجتماع، برئاسة رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، لمناقشة تطورات الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية، والخدمية، وفي المقدمة المتغيرات المتعلقة بتقلبات أسعار الصرف، والسلع الأساسية، والشحن التجاري، وتداعياتها الإنسانية التي فاقمتها «هجمات الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية».

كما تطرق الاجتماع إلى عدد من الاستحقاقات، والقضايا والتطورات المحلية، بما في ذلك الأوضاع في محافظة حضرموت، واتخذ حيالها الإجراءات والقرارات اللازمة، بحسب ما ذكره الإعلام الرسمي.

ضبط المضاربين

كان رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك شدَّد في وقت سابق على أهمية تكثيف تنفيذ حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة، والمضاربين بالعملة في جميع المحافظات المحرَّرة، بالتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة، لحماية العملة الوطنية، ومنع تداعيات تراجعها على حياة المواطنين ومعيشتهم.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن بن مبارك تابع نتائج الحملات المنفذة في العاصمة المؤقتة، عدن، التي قامت بها نيابة الأموال العامة، وتم خلالها إغلاق عدد من منشآت الصرافة المخالفة والمضاربين، وثمَّن دور السلطات القضائية في إسناد جهود الحكومة والبنك المركزي للتعامل مع المضاربات السعرية القائمة في الصرف.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وبحسب المصادر الحكومية، اطلع رئيس الحكومة من وزيري العدل القاضي بدر العارضة، والدولة محافظ عدن أحمد لملس، على مستوى تنفيذ التوجيهات المتعلقة بضبط سعر الصرف، وردع المضاربين، الصادرة من رئيس مجلس القيادة الرئاسي وقرارات مجلس الوزراء واللجنة العليا لمكافحة التهريب واللجنة الأمنية العليا.

وشدَّد بن مبارك على الوزارات والجهات المختصة والبنك المركزي على مضاعفة الجهود والاستمرار وبشكل عاجل في تنفيذ إجراءات متابعة وضبط الجرائم التي تمس الاقتصاد الوطني، ومنها ضبط المتلاعبين بأسعار الصرف.

كما وجَّه بالعمل على مراقبة وضبط أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية بالتنسيق بين الجهات الحكومية والسلطات المحلية.

يُشار إلى أن سعر الريال اليمني بلغ، في الآونة الأخيرة، أدنى مستوياته على الإطلاق، بعد بلوغ سعر الدولار الواحد أكثر من 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.