عندما تذهب لملعب التدريب الخاص بنادي نيوكاسل، يمكنك أن ترى ما يمكن وصفه بـ«الفوضى المنظمة»، إن جاز التعبير، حيث تتزاحم الجرافات والحفارات وخلاطات الإسمنت، بينما تغطي أكوام من الرمال أماكن وقوف السيارات الخاصة بكبار الشخصيات، ويعمل المقاولون ذوو القبعات الصلبة على مدار الساعة، جنباً إلى جنب مع لاعبي الفريق الذين يحصلون على ملايين الجنيهات ويتألقون في مسابقة الدوري الإنجليزي الممتاز.
يعد كل هذا جزءاً من عملية تطوير مهمة وباهظة الثمن تهدف لتطوير منشآت النادي وجذب بعض من أفضل اللاعبين في أوروبا خلال الصيف الجاري. وتكمن مشكلة المدير الفني لنيوكاسل يونايتد، إيدي هاو، الوحيدة في أنه لكي تتعاقد مع أفضل اللاعبين – نجم وستهام، ديكلان رايس، وليس لاعب مانشستر يونايتد، سكوت مكتوميناي، على سبيل المثال – فإنه يتعين على نيوكاسل أن ينهي الموسم الحالي ضمن المراكز الأربعة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز من أجل المشاركة في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.
إيدي هاو... إنجاز مع نيوكاسل لم يتوقعه كثيرون (رويترز)
ونتيجة ذلك، أكد إيدي هاو على أن مباراة يوم الأحد الماضي ضد توتنهام الذي كان يحتل المركز الخامس ويبتعد عن نيوكاسل بفارق ثلاث نقاط ومركز واحد فقط تمثل «لحظة كبيرة في موسمنا». وتمكن نيوكاسل من سحق توتنهام بستة أهداف مقابل هدف وحيد، ليعزز آماله في إنهاء الموسم الحالي ضمن المراكز الأربعة الأولى. وفي مرحلة ما، زعم هاو أن أهمية المباراة لا تقل بأي حال من الأحوال عن تأهل نيوكاسل للمباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة في فبراير (شباط) الماضي على ملعب ويمبلي. لقد خسر نيوكاسل تلك المباراة أمام مانشستر يونايتد، لكن لم يكن بإمكانه تحمل تداعيات الخسارة أمام توتنهام، التي كان من شأنها أن تضعف آمال الفريق في التأهل لدوري أبطال أوروبا الموسم المقبل. وقال هاو قبل المباراة: «لدينا فرصة لتحقيق شيء مميز حقاً».
إن التأهل لدوري أبطال أوروبا لن يجعل نيوكاسل يحصل على ما لا يقل عن 25 مليون جنيه إسترليني فحسب، لكنه سيساعده أيضاً على أن يجذب صفقات تجارية مرموقة من شأنها أن تمكن النادي المملوك لصندوق الاستثمارات العامة السعودي من عدم انتهاك قواعد اللعب المالي النظيف، وهو ما سيساعد النادي في نهاية المطاف على التحرك بشكل أقوى في سوق انتقالات اللاعبين من أجل تدعيم صفوف الفريق. لكن في حال هبوط النادي إلى المركز الخامس أو السادس أو حتى السابع فإن ذلك سيجعله يشارك في بطولة الدوري الأوروبي أو بطولة دوري المؤتمر الأوروبي، وبالتالي سيحصل على مقابل مادي أقل كثيراً. والأسوأ من ذلك، أن هذا سيؤدي إلى إرهاق الفريق بشكل كبير بسبب مشاركته في الدوري الإنجليزي الممتاز، ثم السفر إلى أماكن بعيدة في أوروبا من أجل اللعب مساء يوم الخميس!
وبالتالي، لم يكن من الغريب أن يحاول إيدي هاو تغيير الموضوع عندما سئل عما إذا كان يخشى أن يسير على طريق وستهام نفسه عندما شارك في الدوري الأوروبي ثم انتهى به المطاف لمحاولة تجنب الهبوط لدوري الدرجة الأولى في الموسم التالي، حيث قال هاو: «إنه سؤال وثيق الصلة... من حيث الصعوبات والديناميكية المتغيرة».
إن الهزيمة المفاجئة التي تعرض لها نيوكاسل أمام أستون فيلا بثلاثية نظيفة في المرحلة التي سبقت مواجهة توتنهام، والتي وصفها هاو بأنها «أسوأ أداء للفريق في الموسم»، كانت بمثابة تذكير بما حدث لنيوكاسل خلال 18 شهراً منذ استحواذ السعوديين على النادي. ومن المصادفة أن المباراة الأولى التي لعبها نيوكاسل تحت قيادة الملاك الجدد خسرها - تحت قيادة ستيف بروس عندما كان يواجه شبح الهبوط - أمام توتنهام على ملعبه بثلاثة أهداف مقابل هدفين. في ذلك الوقت، لم يكن حتى أولئك الذين كانوا يشعرون بتفاؤل شديد بعد الاستحواذ السعودي على النادي، لم يكونوا يتخيلون أن النادي سيتطور ويتحسن بهذه السرعة المذهلة.
لقد أدى التعاقد السريع مع إيدي هاو، وتزامن ذلك مع التعاقد مع عدد من اللاعبين الجدد بشكل مدروس بدقة - وأبرز مثال على ذلك التعاقد مع لاعب خط الوسط برونو غيماريش، والمدافع سفين بوتمان، والظهير الأيمن كيران تريبيير – إلى تغيير مستوى ونتائج النادي بشكل سريع، على عكس حالة الفوضى التامة التي يعاني منها توتنهام. وقال هاو: «نحن مستقرون للغاية، وتنعم الإدارة الفنية بالرعاية بشكل جيد للغاية من قبل مجلس الإدارة، وهناك وضوح ورؤية. من النادر أن يكون لديك هذا الاستقرار في نادٍ يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز لأن الضغوط التي تعمل في ظلها كبيرة للغاية، لكن هذا الاستقرار وهذه الثقة ساعدانا على تحقيق النجاح. ونأمل أن يستمر هذا لأطول فترة ممكنة».
وأضاف: «لقد تغير هذا النادي كثيراً، وهناك تحسينات هائلة، وفي بعض الأحيان يكون من الجيد، لجزء من الثانية، أن تفكر وتفتخر بما حققناه بهذه السرعة. لكن لا يجب أن يتجاوز التفكير في هذا الأمر أكثر من مجرد جزء من الثانية، لأنه يتعين علينا أن نركز دائماً على المستقبل وليس الماضي». إن الجهود المذهلة التي يتطلبها العمل على الوصول إلى المراكز الأربعة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز - والسعي للبقاء هناك – تجعل المُلاك السعوديين يتطلعون إلى شراء نادي كيه في أوستند، الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية ببلجيكا، مقابل حوالي 10 ملايين جنيه إسترليني، كجزء من خطة لتقليد نموذج مانشستر سيتي، من أجل أن يكون هناك خط إمداد لتزويد الفريق بالمواهب التي يحتاج إليها.
ووفقاً لذلك، يوافق إيدي هاو على احتمال أن يحدث تغيير كبير في شكل الفريق الأول بحلول هذا التوقيت من العام المقبل، حيث قال بحذر: «لم يتم اتخاذ أي قرارات تتعلق بشأن اللاعبين الذين سينضمون للفريق أو الذين سيرحلون. لا يزال بإمكانهم إظهار سبب لأن يكونوا جزءاً من مستقبلنا على المدى الطويل». وقالت أماندا ستافيلي، الشريكة المالكة لنيوكاسل والمديرة المسؤولة عن إدارة النادي بشكل يومي، مؤخراً إن قواعد اللعب المالي النظيف تجعل النادي غير قادر على تحمل أي صفقة «فاشلة» في سوق انتقالات اللاعبين، على عكس المنافسين الآخرين.
وقال هاو: «لا أسعى أبداً للتعاقد مع أي لاعب قد يفشل مع الفريق، لكن التعاقد مع اللاعبين الجدد أمر صعب للغاية، كما أن العمل على إنهاء كل صفقة هو أمر مرهق تماماً. إنها عملية طويلة، وهذا ما يجب أن يكون عليه الأمر هنا، لأنها عملية مهمة للغاية». يدرك هاو جيداً أنه يُحلق بشكل محفوف بالمخاطر، وإن كان مثيراً للإعجاب، بالقرب من الشمس، لكنه لن يسمح لجناحيه بالاحتراق حتى لا يسقط!