انتقادات أميركية لـ«حرب الجنرالين» ومخاوف من سيناريو ليبيا أو سوريا

«الشرق الأوسط» تحاور مسؤولين سابقين حول أزمة السودان

هل يبقى الشعب السوداني رهينة الجنرالين (أ.ف.ب)
هل يبقى الشعب السوداني رهينة الجنرالين (أ.ف.ب)
TT

انتقادات أميركية لـ«حرب الجنرالين» ومخاوف من سيناريو ليبيا أو سوريا

هل يبقى الشعب السوداني رهينة الجنرالين (أ.ف.ب)
هل يبقى الشعب السوداني رهينة الجنرالين (أ.ف.ب)

«الوضع مأساوي»، «الشعب السوداني رهينة الجنرالين»، «الإدارة الأميركية مسؤولة عن تدهور الوضع في السودان»، «مستقبل الجنرالين السياسي انتهى»، «القيادة المدنية كانت ضعيفة لكنها أساسية»، «السودان قد يتحوّل إلى ليبيا أو سوريا». هذه عيّنة من آراء مسؤولين ومبعوثين أميركيين سابقين إلى السودان، حاورتهم «الشرق الأوسط»؛ لاستعراض مواقفهم من الأزمة الحالية في البلاد.
تحدث كل من جيفري فيلتمان المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى القرن الأفريقي، ودونالد بوث المبعوث الأميركي السابق إلى السودان وجنوب السودان، وألبرتو فرنانديز القائم بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم سابقاً، وكاميرون هدسون المدير السابق لمكتب المبعوث الأميركي الخاص للسودان، عن رؤيتهم للوضع الحالي، وتوصياتهم لطريقة حل الأزمة، إضافة إلى تقييمهم لاستراتيجية الإدارة الأميركية في أفريقيا عموماً والسودان خصوصاً، كما عرضوا لـ«أسوأ مخاوفهم».

الوضع الحالي في السودان:
اعتبر فيلتمان، الذي خدم في منصبه من أبريل (نيسان) 2021 إلى يناير (كانون الثاني) 2022، أن ما يجري في السودان «ليس حرباً أهلية بعد. بل هو قتال نيران صديقة بين جنرالين ومؤسستيهما». وأشار فيلتمان إلى أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حمدتي)، اتخذا 46 مليون مدني سوداني رهينة توقهما إلى السلطة».
من ناحيته، أشار فرنانديز، الذي خدم في السودان بين عامي 2007 و2009، إلى أن «الجيش السوداني حالياً متفوق على قوات الدعم السريع». لكنه أضاف «أن قوات الدعم لا تزال صامدة، ولديها استراتيجية مفزعة لكنها ذكية، وهي الاختباء في المناطق السكنية في الخرطوم لتجنب الغارات الجوية والاستمرار... المجتمع الدولي يريد وقفاً لإطلاق النار لكن طرفي النزاع يريدان النصر».
أما بوث، وهو المبعوث السابق الخاص إلى السودان بين 2019 و2021، فقد وصف ما يحصل اليوم في السودان بأنه «مأساة رهيبة». لكنه أعرب عن تفاؤله بأنه «بعد محاولات عدة فاشلة، يبدو أن وقف إطلاق النار نجح، الأمر الذي أعطى الفرصة للمدنيين للهروب من مناطق الصراع أو الحصول على الغذاء والمياه». واعتبر بوث أن «الأمر هو أكثر من صراع على السلطة بين جنرالين، إنه استمرار للمنافسة بين مركز السودان ومحيطه، والذي للأسف تمثّل دوماً بالمواجهة العسكرية بدلاً من الأساليب السلمية. أعتقد أن غالبية السودانيين يريدون ويستحقون فرصة بناء بلدهم عبر مسار سياسي سلمي».
إلى ذلك، قال هدسون، الذي عمل في الملف الأفريقي في البيت الأبيض والخارجية بين عامي 2005 و2012: «الوضع مؤلم، فالمدنيون عالقون في مرمى النيران، وهم يحاولون البحث عن الأمان والمساعدة»، محذّراً: «يبدو أن طرفي النزاع ملتزمان بخططها للمواجهة رغم ما يقولانه للدبلوماسيين الدوليين».

عن الاستراتيجية الأميركية في السودان:
أشار فيلتمان الذي غادر منصبه منذ أكثر من عام، إلى أنه «من الواضح أن أولوية واشنطن في السودان اليوم هي وقف إطلاق نار لدواعٍ إنسانية. وهذا هو القرار الصحيح، ما دام القتال مستمراً فلن يتمكن السودانيون من الحصول على غذاء أو ماء. والذين يريدون أن يغادروا لا يستطيعون فعل ذلك بأمان. وقف القتال يجب أن يكون الهدف الفوري، من أجل الـ46 مليون سوداني الذين أخذهم الجنرالان رهينة».
لكن فرنانديز كان لديه رأي مغاير، فاتهم إدارة بايدن بالتسبب بالعنف الحالي، قائلاً: «أعتقد أن الاستراتيجية الأميركية، تحديداً استراتيجية وزارة الخارجية، ساهمت مباشرة بالعنف الذي خلق الوضع الذي نراه اليوم، خاصة بعد 25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021؛ لأن هذا ما يحصل عندما يتم إزاحة المكوّن المدني... في بداية الأمر كان هناك الحكومة المدنية، ورغم أن الوضع كان فوضوياً وغير كامل لكن كان هناك توازن. وعندما تمت الإطاحة بالمكوّن المدني بعد 25 أكتوبر، سعى الأميركيون إلى إعادة الأمور إلى مجاريها من دون نجاح، ومن ثم حاولوا العمل مع الأطراف الموجودة لخلق استراتيجيات، لكنهم لم يعلموا أن وجود المكوّن المدني هو أساسي في المعادلة». وأضاف فرنانديز:
«عندما تزيل هذا المكوّن، يبقى المكوّنان العسكريان من دون طرف ثالث، وهذا كارثي. أعتقد أن إدارة بايدن ومكتب الشؤون الأفريقية تعاملا مع الموضوع بخفة؛ لأن تحييد (رئيس الحكومة السابق عبد الله) حمدوك والمدنيين زعزع التوازن في التركيبة، وزاد من حدة وشراسة الصراع بين الجيش وقوات الدعم».
من ناحيته، أعطى بوث نظرة على السياسة الأميركية العامة، داعياً إلى ضرورة «التعامل مع الواقع الصارخ»، وهو «أن اللاعبين المسلحين الذين لديهم مصالحهم الاقتصادية المرسّخة، لن يسلموا السلطة والثروة لمجرد أن هذا ما يريده الشعب السوداني، أو لأننا نقول إنهم يجب أن يقوموا بذلك». وأشار بوث إلى أن الولايات المتحدة دعمت الإعلان السياسي في يوليو (تموز) 2019 والدستور الانتقالي، مضيفاً: «هذا أعطى المدنيين أساساً، رغم أنه أساس غير كامل، في حكم السودان. ومن ثم قادت الجهود الدولية لدعم حكومة حمدوك. بعد انقلاب 25 أكتوبر، جمّدت الولايات المتحدة المساعدات غير الإنسانية وركّزت الجهود على خلق حكومة مدنية انتقالية جديدة. والآن تصب تركيزها على وقف القتال كي يستأنف السودانيون الحوار حول كيفية فرض الاستقرار في بلادهم وحكمه وإعادة بنائه».
أما هدسون فقد اعتبر أن «الولايات المتحدة تركّز بشكل أساسي على إخراج موظفيها ومواطنيها من هناك وضمان سلامتهم، والأرجح أنها تشعر بأنها مكبّلة حتى إنهاء هذه المهمة».

توصيات لحل الأزمة:
شدد فيلتمان على أن «الأولوية اليوم يجب أن تكون حماية المدنيين، وهذا يعني حشد الجهود لصالح وقف إطلاق النار». لكن فرنانديز اعتبر أن الإدارة أضاعت الفرصة لأنها لم تفرض عقوبات على المكوّن العسكري بعد 25 أكتوبر، فقال: «أعتقد أن العقوبات المبكرة وإرغام (المكوّن العسكري) على قلب الوضع وإعادته إلى ما كان عليه، كانا من الممكن أن ينقذا حياة الكثيرين اليوم. أنا مقتنع جداً بأن الدماء التي نراها اليوم هي مسؤولية الجنرالين، لكنها أيضاً مسؤولية المجتمع الدولي؛ لأنه ظن أن لديه الوقت الكافي لمعالجة ذلك. وأعتقد أنه يستطيع التحكم بالوضع. بعد 25 أكتوبر كان هناك جيشان من دون حكومة. وهذا خطأ جسيم؛ لأن وجود حكومة مدنية ضعيفة ووجود مدني ضعيف كان بإمكانه منع الطرفين من الخوض في المنافسة بينهما». واعتبر فرنانديز أن الولايات المتحدة لم تهتم بأفريقيا إلا بسبب الاهتمام الروسي والصيني، مضيفاً أن «هوس الإدارة بمجموعة (فاغنر) دفعها إلى التركيز على أفريقيا. إذن الاستثمار كان بسبب المنافسة ليس أكثر. في السودان كان هناك اهتمام منذ فترة بإنهاء الحرب، لكن هذا الاهتمام لا يعوّض عن القرار الكارثي الذي زرع بذور القتال الذي نراه اليوم بعد 25 أكتوبر».
وقدّم بوث توصياته الخاصة فقال: «يجب البناء حول وقف إطلاق النار الحالي، وتحويله إلى اتفاق دائم يشمل التفاوض على فصل القوات؛ كي لا يتمكن المزعزعون من إعادة إحياء أعمال العنف. هذا قد يتطلب تسهيلاً من مجموعة من الشركاء. بعد فصل القوات وحصرها في المعسكرات. على المفاوضات السياسية أن تبدأ فوراً، وأن تشمل ممثلين عن لجان المقاومة والمجموعات الناشئة وغيرها من مكونات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية التي لم تكن طرفاً في حكومة البشير والموقعين على اتفاق جوبا، والحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال، والجيش وقوات الدعم السريع».
أما هدسون فقد حذّر من الثقة مجدداً بالبرهان وحميدتي، قائلاً: «من المبكر أن نتحدث عن إعادة البلاد إلى مسارها الصحيح. فمن الواضح أنه لا يمكن أبداً السماح لهذين الجنرالين أن ينجوَا سياسياً بعد هذا الصراع. لقد خسرا أي مصداقية ويجب عدم منحهما فرصة ثانية للحكم».

عن المكوّن المدني:
ولدى سؤال «الشرق الأوسط» عن رأيهم بالمكوّن المدني، اعتبر فرنانديز أن «وجود قيادة مدنية كان أفضل بكثير من عدمها»، قائلاً: «صحيح أن حمدوك و(أعضاء) حكومته لم يكونوا رائعين، لكنه رجل جيد وصادق، إلا أنه لم يحظ بثقة كافية، بل وثق بالجنرالات. وهذا كان خطأ جسيماً أعتقد أنه أدى مباشرة إلى الصراع الذي نراه اليوم».
من ناحيته أعرب بوث عن ثقته بـ«النساء والشباب الذين بدأوا الثورة ضد البشير، والذين استمروا بالإصرار على الحكم المدني حتى بعد الاعتداء العنيف عليهم في الخرطوم في يونيو (حزيران) 2019، والذين تظاهروا ضد انقلاب أكتوبر، والذين دعموا مجتمعاتهم من خلال لجان المقاومة خلال المأساة الحالية. لا يمكن سماع أصواتهم من خلال الأحزاب السودانية التقليدية، فالكثير منها اعتادت على عقد صفقات مع الأقوياء».
لكن نظرة هدسون كانت أكثر تشاؤمية فقال في جوابه: «أي قيادة نتحدث عنها؟ ليس هناك أي قيادة مدنية. لقد اختفت وكأنها لم تكن».

اتساع رقعة الصراع:
قال فيلتمان لدى سؤاله عما إذا كان يقلق من اتساع رقعة العنف: «ما يقلقني هو التالي: لا أحد من جيران السودان أو الشركاء في المنطقة أرادوا اندلاع هذا القتال. الجميع يعلم الثمن الهائل الذي سيدفعه المدنيون السودانيون وكل المنطقة إذا أدى هذا العنف إلى زعزعة الاستقرار بشكل عام. لكن كلّما طال القتال فإن هؤلاء الجيران واللاعبين الخارجيين قد يبدأون بالتدخل لصالح الجنرال الذين يرغبون برؤيته يسير في حرب طويلة. إذا بدأنا برؤية لاعبين إقليميين وخارجيين يقدمون دعماً ملموساً للجيش السوداني وقوات (الدعم السريع) للقتال، فهذا سوف يشحن القتال، وقد يؤدي إلى نزوح هائل سيصل إلى الدول المجاورة».
واستبعد بوث احتمال توسّع الصراع إلى خارج السودان، فقال: «هناك احتمال حقيقي باتساع دائرة العنف في السودان إذا استمر الجيش وقوات (الدعم السريع) في المواجهات العسكرية، فلديهم داعمون خارج السودان قد يتدخلون، الأمر الذي سيزيد من حدة الصراع وأمده. لا أعتقد أن القتال بين القوى السودانية سوف يمتد إلى الدول المجاورة، لكن الاحتمال وارد».

التخوف الأكبر
وكان السؤال الأخير، ما أكبر تخوف لديكم في السودان؟ فأجاب فيلتمان: «أن يتحوّل القتال الداخلي بين الخصمين إلى أمر مشابه لسوريا أو ليبيا، مع فارق أنه سيحصل في بلاد عدد سكانها أكبر بكثير». هدسون، الذي وافق ضمنياً على تقييم فيلتمان، أضاف تقييمه الخاص قائلاً: «أخاف أن يصبح السودان مثل ليبيا، تحكمه مجموعات من الميليشيات المسلحة، أو كسوريا، مع تدمير كامل للمدن الأساسية في إطار جهود إنهاء قوات الدعم. في الحالتين، لقد عادت طريق السودان للحكم المدني إلى ما قبل مرحلة وجود البشير في السلطة».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».