فلسطيني هارب من السودان: رأيت أولادا يحملون سواطير لحماية أنفسهم

جانب من عمليات الإجلاء في السودان (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الإجلاء في السودان (أ.ف.ب)
TT

فلسطيني هارب من السودان: رأيت أولادا يحملون سواطير لحماية أنفسهم

جانب من عمليات الإجلاء في السودان (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الإجلاء في السودان (أ.ف.ب)

نشأ الطالب الفلسطيني خميس جودة في قطاع غزة، ونجا من حروب عدة، لكنه يقول إنه لم يشهد شيئاً مثل العنف الذي رآه في الخرطوم هذا الشهر.
وقال جودة (25 عاما) الذي يدرس الطب وجرى إجلاؤه من العاصمة السودانية، أمس (الثلاثاء)، بحافلة مع عشرات الفلسطينيين الآخرين: «(أول مرة نشوف هيك شوفات، بالنسبة للخوف كل واحد فينا كان حامل روحه على كفه)».
وقال فلسطينيون آخرون، في حديث لوكالة «رويترز» عبر الهاتف فجرا بينما كانوا ينتظرون على الحدود للعبور إلى مصر من السودان، إنهم رأوا جثثا في الشوارع وأعمال نهب واشتباكات بين سكان بعضهم كانوا مسلحين.
واندلع القتال بسبب صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، وتسبب في مقتل المئات وإصابة الآلاف، وانقطاع الكهرباء والإمدادات الغذائية والمياه. وعلى الرغم من أن قطاع غزة شهد حروبا كثيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وعانى من نزاع داخلي في عام 2007، فإن جودة شعر بالصدمة من الأسلحة المستخدمة في الأعمال القتالية بين طرفي الصراع منذ 15 أبريل (نيسان).
وقال جودة: «ما توقعنا أنه طيران حربي وزنانات (طائرات مسيرة) تقصف في معركة داخلية»، وأضاف «(بدنا علاجا نفسيا من بعد ها الشوفات)». ومع انهيار الأمن، قال أحد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم: «رأيت أولادا صغار يحملون سواطير لحماية أنفسهم». وطلب الشاهد عدم ذكر اسمه تجنبا لأي مشاكل أمنية محتملة في حال عاد إلى السودان، وأضاف «(شفنا مصانع وسيارات وبيوتا ما زالت النار مولعة فيها خلال مرورنا)». وتابع: «(الوضع كتير صعب ومش واضح إنه راح تنتهي المشكلة بدري، قلوبنا ودعواتنا مع السودان)».
ويأتي إجلاء الفلسطينيين في إطار عملية نزوح جماعي أوسع للأجانب الفارين من القتال. والسودان وجهة شهيرة للطلاب الفلسطينيين بسبب الرسوم الدراسية المنخفضة نسبيا وسهولة الحصول على تأشيرة. وفي غزة، قالت أسر الطلاب إنهم لم يتمكنوا من النوم خوفا على أبنائهم.
وقال غسان موسى الذي حوصر ابنه محمد طالب الطب في مبنى بلا كهرباء أو ماء بعد اندلاع القتال: «(الوقت كان بيمضي ببطء، إحنا بنعيش بخوف وهم بيعيشوا في رعب)». وأردف: «(ابني حكى لي إنه وأصدقاءه اضطروا يتركوا المكان ويمشوا نحو الفجر في العتمة وشافوا جثثا في الشوارع)». وقال نجله محمد للوكالة عبر الهاتف على متن الحافلة التي غادرت الخرطوم، أمس، إن مستقبله في خطر إذ إنه في السنة النهائية من دراسته، وأضاف «(مشان أكمل دراستي لازم الحرب تنتهي الأول. أتمنى إنها تنتهي بسرعة وما تطول)».
وقال أحمد الديك من وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية للوكالة: «حتى الآن أجلينا 300 من مواطنينا من السودان من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهناك لا يزال 200 في الخرطوم، إضافة إلى أعداد أخرى في ولايات أخرى. نحن نبذل جهودا كبيرة مع الجهات ذات العلاقة لإجلاء كل من يعبر عن رغبته في الإجلاء من أبناء شعبنا الموجودين في السودان». وأوضح أن هذا يجري بالتعاون مع السعودية والأردن ومصر.



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.