هاني شاكر لـ«الشرق الأوسط»: جمهور البحرين ساندني في أزمتي

بعد اتهامه لمتعهد حفله بالمنامة بـ«الهروب»

(حساب شاكر على «فيسبوك»)
(حساب شاكر على «فيسبوك»)
TT

هاني شاكر لـ«الشرق الأوسط»: جمهور البحرين ساندني في أزمتي

(حساب شاكر على «فيسبوك»)
(حساب شاكر على «فيسبوك»)

بعد اتهامه لمتعهد حفله في البحرين بـ«الهروب»، قال الفنان المصري هاني شاكر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لم أفكر لحظة في إلغاء الحفل، أنا جئت للبحرين من أجل إسعاد جمهوري العربي، وجميع الحاضرين فعلوا كل ما في وسعهم من أجل مساندتي في أزمتي، حيث هرب متعهد الحفل في العاصمة البحرينية المنامة قبل ساعات من إحياء الحفل، دون أن يدفع لي ولفرقتي باقي مستحقاتنا المالية».
وكشف شاكر لـ«الشرق الأوسط» كواليس الأزمة قائلاً: «عقب سفري للبحرين مع فرقتي من أجل إحياء حفل غنائي كبير، فوجئت قبل نزولي للمسرح باختفاء متعهد الحفلات المصري الذي كان قد اتفق معي على إقامة حفل غنائي كبير في البحرين، ولم يكن لدي وقتها أي قرار آخر سوى النزول للجمهور، وإسعادهم، لأنهم جاءوا خصيصاً من كافة مدن ومناطق البحرين من أجل سماعي، وبالنسبة لي فإن جمهوري لا يقدر بثمن، وهم فعلوا كل ما في وسعهم خلال الحفل من أجل مساندتي في أزمتي».
وعن خطواته القانونية التي اتخذها عقب هروب المتعهد، أوضح: «تم إبلاغ السلطات في دولة البحرين، وحتى الآن أنا موجود في المنامة، وهناك مهلة محددة لا بد أن يدفع خلالها المتعهد المستحقات المالية، وفي حال إن لم يقم بذلك، سيكون هناك تصعيد على المستويات كافة». وأشاد شاكر بكافة الجهات البحرينية التي تواصلت معه من أجل حل الأزمة.
كانت الإعلامية الكويتية فجر السعيد قد تقدمت ببلاغ لوزارة الداخلية البحرينية عبر منصاتها الرسمية من أجل استرجاع أموال الجمهور الحاضر للحفل، ودفع مستحقات الفنان هاني شاكر وفرقته قائلة: «السادة وزارة الداخلية البحرينية، أستاذ هاني شاكر من جمال أخلاقه نزل يغني للناس دون أن يتسلم أجره ولا أجر الموسيقيين، الكبير كبير يا أستاذ، لأنه فنان من زمن جميل، ورغم أنه لم يتسلم حقه رفض إحراج الناس اللي صمدت متأملة رؤيته ونزل يغني للناس، كبير يا أمير الغناء العربي، تحاملت على نفسك لإسعاد الناس اللي أصرت تنتظر للحظة الأخيرة، ولم يخِب ظنها الرائع في هاني شاكر».
كما أعلنت رسمياً هيئة البحرين للسياحة بدء التحقيق في قضية هروب متعهد حفل هاني شاكر، مشددة في بيان على حرصها الشديد على تطبيق اللوائح والقوانين، فيما يتعلق بتنظيم الفعاليات السياحية المختلفة، لحفظ حقوق جميع الأطراف، وأكدت على أنها تحرص على التصدي لكل ما من شأنه الإساءة لسمعة السياحة الوطنية، وأكدت أنها لن تتوانى في اتخاذ جميع الإجراءات، بما يحفظ التزام جميع الأطراف بالمسؤوليات التي تقتضيها القوانين والأنظمة والتعاقدات.
وأشادت نقابة المهن الموسيقية المصرية بموقف نقيبها السابق بعدم تركه حفله بالبحرين رغم عدم حصوله على مستحقاته المادية، حيث قال محمد عبد الله عضو مجلس إدارة النقابة ومتحدثها الإعلامي لـ«الشرق الأوسط»: «ندعم الفنان هاني شاكر في موقفه، ونحن جميعاً في النقابة يد واحدة من أجل عودة حق نقيبنا السابق، حيث إن النقابة قامت بمخاطبة السلطات المختصة في البحرين من أجل معرفة التفاصيل الكاملة للأزمة، ولا بد هنا من تقديم وافر الشكر للفنان هاني شاكر لحرصه على إعلاء شأن الفن المصري وقيامه بإحياء الحفل رغم عدم حصوله على مستحقاته».



«جبيل تحتضن بيروت» مدينة الأمل العنيد

المنزل التراثي بحجره العتيق وَهَب شكله المُهدَّم إلى فكرة إعادة الإحياء (صور جوني فنيانوس)
المنزل التراثي بحجره العتيق وَهَب شكله المُهدَّم إلى فكرة إعادة الإحياء (صور جوني فنيانوس)
TT

«جبيل تحتضن بيروت» مدينة الأمل العنيد

المنزل التراثي بحجره العتيق وَهَب شكله المُهدَّم إلى فكرة إعادة الإحياء (صور جوني فنيانوس)
المنزل التراثي بحجره العتيق وَهَب شكله المُهدَّم إلى فكرة إعادة الإحياء (صور جوني فنيانوس)

في داخل منزل تراثي جوار قلعة جبيل التاريخية، اتّكأت لوحات ومنحوتات تُخبر حكاية بيروت وفنّها التشكيلي. فالمَعْلم السياحي يستعدّ لعملية ترميمه، ممّا ألهم الدكتور في علم الإدراك البيئي جوني فنيانوس فكرةَ العلاقة بين اللوحة البيروتية ومأساة المرفأ في ذكراها الرابعة، وسط ما يبدو أنه دُمِّر أو هُشِّم جراء مشروع الترميم. في «ذي هاوس» الشهير بـ«قلب بيبلوس»، أُقيم معرض «إكسبو إكسبلو، جبيل تحتضن بيروت»، بمشاركة نحو 60 فناناً شكَّلت لوحاتهم ومنحوتاتهم سرداً تاريخياً لمدينة الأمل العنيد.

المنزل المُقبل على الهدم وإعادة البناء شكَّل محاكاة لبيروت (صور جوني فنيانوس)

تُخبر منسّقة الأعمال الفنّية كارلا شنتيري صفا «الشرق الأوسط»، بأنّ البَيْع أُريد منه رَيْع أعمال الترميم. فالمنزل المُقبل على الهدم وإعادة البناء شكَّل محاكاة لبيروت المُرتَطمة بالمآزق لكنها المُحرِّضة على النهوض. ليست فاجعة الرابع من أغسطس (آب) وحدها «سيّدة» العرض، وإن شكَّلت مناسبته وتحوّلت الناطقة الأولى باسمه. بل المدينة قبله وبعده، مُجسَّدة بإبداعات تشكيليين ونحّاتين صوَّروها متباهية وجريحة، فاقعة الألوان وبالأسود والأبيض، وبذروة جموحها واستغرابها وأسئلتها وهواجسها وصدى الآهات الهائمة في سمائها المُقمِرة رغم الظلمة.

المعرض يشكّل مشهدية بانورامية لثنائية الورطة والنجاة (صور جوني فنيانوس)

أُريد للذكرى الأليمة التجسُّد بجانب لوحات ومنحوتات تهمس أخبار بيروت بين الأمس واليوم. بدا المعرض أشبه بمسيرة وطن طبعها التشكيل والنحت على مدى عقود. فالمنزل التراثي المقسوم إلى غرف - بحجره العتيق وتشرُّب جدرانه رائحة الملح الآتية من البحر القريب - وَهَب جدرانه وزواياه ورمزية شكله المُهدَّم إلى إعادة الإحياء، فتُخبر تلك الجدران، وما عُلَّق عليها ووقف صامداً في زواياها، عن نُبل الاحتضان وجدوى التآزُر في المواجع. اللوحات؛ تلك النازفة بدماء الضحايا والبيوت المُشلَّعة، وتلك المُحاكية لمجد جبيل العائمة على صفاف البحر المتوسط، تُمثّل، إضافة إلى أخرى، ثيمات تعمَّد المعرض فرزها لخَلْق مزاج قابل ليُسقَط على الزائر؛ وهو الشعور الإنساني الموحَّد أمام المأساة أو النوستالجيا أو صفحات التاريخ.

وفَّر «ذي هاوس» على صاحب فكرة المعرض جوني فنيانوس هدم الجدران للإشارة إلى الخسائر بعد الانفجار الرهيب. فبعضها مُهدَّم من تلقائه مما سهَّل التنفيذ. «أردنا الإشارة إلى صمود الفنّ أمام الأهوال»، يقول لـ«الشرق الأوسط». ذلك الصمود تؤكّده لوحة تظلُ مُعلَّقة على جدران انهار ما حولها، وتجسّده موسيقى تُعزَف لتُطيّب الجراح، فيتسلّل نغمها إلى الفوضى والخراب والأرض المحروقة ليس بالنار وحدها بل بالقهر والغضب والموت.

المعرض أشبه بمسيرة وطن طبعها التشكيل والنحت على مدى عقود (صور جوني فنيانوس)

ولأنّ الأذواق تتدخّل في شكل العلاقة بين العمل الفنّي ومُتلقّيه، توقّف فنيانوس ومعه كارلا شنتريري وتجمُّع الفنّ النسائي في لبنان، «آرتيست أوف بيروت»، مع منسّقة المعارض موريال أسمر، عند جدوى الفصل بين العناوين، فتتلاقى في ما يوحِّدها، أي المدينة، وتتشعَّب أمام ما مرَّت به، لتشكّل محطّاتها منذ عقود، حتى الذكرى الرابعة لاغتيال المرفأ، مشهدية بانورامية لثنائية الورطة والنجاة.

«ذي هاوس» الشهير بقلب بيبلوس في الليل (صور جوني فنيانوس)

المنحوتة فوق الردم، وصرخة «وي وِلْ رايز أغاين» (سننهض مرّة أخرى)، يُجسّدان أيضاً رؤية النحّات اللبناني بسام كريلوس للتجاوز، مُختزلة روح المعرض وفعل الاحتضان. وإنْ أيقظت الذكرى المرعبة مشاعرَ وأحالتها على فَيْضٍ يأسر العيون والخفقان ضمن لوحات ومنحوتات مُحاكية لليوم الأليم، فإنّ الجانب الآخر للعرض، أي التاريخ والتراث ومسار الإبداع اللبناني في فضاء الفنّ التشكيلي له حضوره، ويستوجب التوقّف عنده لمعاينة الماضي وإسقاطاته على ما تمنحه الريشة أو أداة التشكيل والنحت إلى المادة من فكرة وسياق.

المدينة مُجسَّدة بإبداعات تشكيليين ونحّاتين صوَّروها متباهية وجريحة (صور جوني فنيانوس)

يحلو لمنسّقة جميع الأعمال في المعرض الإشارة إليها فرادةً، بدءاً من المدرسة القديمة في التشكيل، مروراً بالتجريدي والمعاصر والواعد. تخشى من نسيان فنان لتأكيدها على نتاجهم في مسار الحركة التشكيلية اللبنانية، منذ مصطفى فروخ وعمر أنسي وسيزار الجميّل، إلى خطّ سامية عسيران، ومدارس جميل ملاعب وحسن جوني وحسين ماضي المُغادر في يناير (كانون الثاني) 2024 تاركاً الإرث القدير.

نحو 60 فناناً شكَّلت أعمالهم سرداً تاريخياً لمدينة الأمل العنيد (صور جوني فنيانوس)

بدوره، يتطلّع المدير العام لشركة «إيه إيه سي» للاستشارات، القائمة على مشروع «ذي هاوس»، أندريه أبي شديد، إلى استضافته نشاطات اجتماعية وثقافية وترفيهية بزخم بعد ترميمه. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الشركة تموِّل المشروع من خلال تجمُّع لشخصيات، لتشغيله في مرحلة ما بعد الترميم. إعادة إعمار المنزل التراثي محاكاة لإعادة الحياة إلى لبنان بعد كل أزمة»، مستعيداً أسطورة «طائر الفينيق» الشهيرة في بلسمة الجرح المتّسع. فالمنزل مثَّل الحاجة إلى نفض الخراب والعبور؛ ولمّا احتضن لوحات رُسم بعضها قبل 7 عقود، مع نتاج ما بعد الانفجار، شهد على لقاء المراحل التاريخية أمام عظمة الصمود.

تجسُّد فاجعة المرفأ بجانب لوحات ومنحوتات تهمس أخبار بيروت (صور جوني فنيانوس)

في منحوتة الأهراءات المُهشَّمة لبسام كريلوس، ولوحة الطائرة المغادرة فوق منازل المدينة وبحرها المُعانِق لصخرتها الأسطورية بمنطقة الروشة لجميل ملاعب، بجانب أعمال لعشرات، منهم ريتا عضيمة وندى كرم وبولا شاهين، والدخان اللئيم المُتصاعد من مقتلة أغسطس في لوحة جان جبور... حضرت بيروت بسحر المتغلّبين على عذاباتهم، المُحلّقين بأجنحة مكسورة.