أفلام مصرية قصيرة تعوض غياب الأعمال الطويلة عن «كان»

«عيسى» و«الترعة» يمثلان القاهرة في الدورة 76 للمهرجان

أفيش فيلم «عيسى»
أفيش فيلم «عيسى»
TT

أفلام مصرية قصيرة تعوض غياب الأعمال الطويلة عن «كان»

أفيش فيلم «عيسى»
أفيش فيلم «عيسى»

رغم غياب السينما المصرية بالآونة الأخيرة، عن المشاركة بأفلام في المهرجانات العالمية، فإن الأفلام القصيرة للمخرجين الشباب تؤكد حضورها في مهرجان «كان» خلال دورته الـ76 التي تنطلق 16 مايو (أيار) المقبل، حيث يشارك فيلم «الترعة» ضمن مسابقة مدارس السينما، فيما يشارك فيلم «عيسى»، الذي يحمل بالإنجليزية عنوان Ipromise you Paradise ضمن مسابقة أسبوع النقاد.
وأعلنت إدارة المهرجان أمس (الثلاثاء) عن اختيار الفيلم المصري «الترعة» ضمن قسم LA CINEF، (مدارس السينما) لتمثيل مصر ضمن 14 فيلماً وقع الاختيار عليها من بين ألفي فيلم تقدموا للمسابقة من مختلف دول العالم، والفيلم من إنتاج المعهد العالي للسينما بأكاديمية الفنون، وتدور قصته حول شاب مصري يذهب لترعة ملعونة ويشاهد أمراً غريباً يدفعه للتشكيك بكل شيء ويعجل بمصيره المحتوم، ويؤدي أدوار البطولة مجموعة من طلبة معهد السينما، وهم محمود عبد العزيز، وهبة خيال، وسارة شديد، سيناريو وإخراج جاد شاهين، وقدمت وزيرة الثقافة دكتورة نيفين الكيلاني التهنئة لفريق عمل الفيلم من طلبة وطالبات المعهد على هذا الإنجاز المهم، مؤكدة أن هذا الاختيار يعكس الدور الإيجابي الذي تلعبه أكاديمية الفنون في دعم وصقل قدرات جيل صاعد من المبدعين علمياً وفنياً.

فيما أكدت دكتورة غادة جبارة، رئيس أكاديمية الفنون أن هذه هي المرة الثانية التي يستطيع فيها أبناء معهد السينما المشاركة بأعمالهم في مهرجان دولي مهم مثل «كان»، معربة عن فخرها لقدرة أبناء الأكاديمية على الوصول لمراحل متقدمة من المنافسة، وأضافت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن اختيار فيلم (الترعة) تم عبر عدة تصفيات، وأن الفيلم قام به الطالب جاد شاهين بالفرقة الثالثة قسم إخراج بالمعهد، الذي سبق ودرس الإعلام وعمل مساعداً للمخرج يسري نصر الله»، مؤكدة أن روح العمل وطابعه وإيقاعه وكل تفاصيله تؤهله ليكون فيلم مهرجانات، فهو يعبر عن حالة معينة تتضافر فيها الموسيقى والديكور والعناصر الفنية وأداء الممثلين، وكل طاقم العمل من طلبة معهد السينما.
«عيسى» في أسبوع النقاد
ويعد «عيسى» رابع الأفلام القصيرة لمخرجه مراد مصطفى، ويتتبع الفيلم قصة عيسى المهاجر الأفريقي (17 سنة) الذي يقيم في مصر، ويحاول أن يسابق الوقت بعد حادث عنيف لإنقاذ أحبائه مهما كلفه الأمر، ويقوم ببطولته كيني مارسيلينو وكنزي محمد، والسيناريو لمراد مصطفى وسوسن يوسف.
وقال المنتج محمد حفظي أحد منتجي الفيلم لـ«الشرق الأوسط» إن ما شجعه على المشاركة بالإنتاج هو مخرجه مراد مصطفى، الذي يذكره بالمخرج عمر الزهيري، مؤكداً أنه تنبأ لزهيري حين يقدم فيلمه الطويل الأول سينافس به في المهرجانات الكبرى، وهو ما يتوقعه لمراد مصطفى، مشيراً إلى أن مستوى الفيلم فاجأه وأراد أن يدعم هذه التجربة.
ويضيف حفظي: «منذ عامين هناك غياب للسينما المصرية عن المهرجانات الكبرى وهي حالة تثير القلق، لكن الأفلام القصيرة تعوض ذلك نسبياً، ونأمل أن يجد هؤلاء الشباب الدعم لتقديم أفلامهم الطويلة لأنهم يمثلون الأمل في مستقبل أفضل للسينما المصرية».
المشاركة في مهرجان «كان» حملت مفاجأة لمخرج الفيلم مراد مصطفى الذي عدها حلماً مثلما يقول لـ«الشرق الأوسط»: «شرف كبير لأي مخرج أن يتم اختيار فيلمه في مهرجان (كان)، وخصوصاً في قسم (أسبوع النقاد) لأنه مميز جداً ومعروف عنه اهتمامه بالمخرجين الجدد والأعمال الأولى، لذا أشعر بالفخر، كما أنني فخور أيضاً بجيلي من المخرجين الذين يجتهدون ليقدموا أفلاماً تشبههم وتمثل مصر في المحافل الدولية، برغم وجود صعوبات في صناعة إنتاج الأفلام لدينا، لكن الاجتهاد والإصرار يجعلك تستطيع أن تصنع عشرات الأفلام وليس فيلماً واحداً».
وأوضح المخرج مراد مصطفى أن العمل على الفيلم استغرق نحو عامين نظراً لارتفاع ميزانية الفيلم وحاجتها لوقت للبحث عن منتجين مشاركين، مؤكداً: «كنت محظوظاً بالعمل مع منتجين في مصر أصحاب بصمة في تاريخ السينما المصرية الحديث، ومن ناحية أخرى بذلنا مجهوداً كبيراً للعمل على السيناريو وتم تطويره في معامل عديدة منها معمل مهرجاني (برلين) و(ديربن)، غير أن تصوير الفيلم استغرق ثلاثة أيام فقط».


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.