الجيش السوداني: البشير محتجز في مستشفى علياء العسكري

عمر البشير (أ.ف.ب)
عمر البشير (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني: البشير محتجز في مستشفى علياء العسكري

عمر البشير (أ.ف.ب)
عمر البشير (أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني اليوم الأربعاء، أن البشير وبعض من قيادات حزبه كانوا ولا يزالون محتجزين في مستشفى علياء العسكري قبل اندلاع الاشتباكات مع قوات الدعم السريع في وقت سابق هذا الشهر.  
وجاء في بيان للجيش صباح اليوم عبر فيسبوك: «توضح القوات المسلحة أن جزءا من متهمي 30 يونيو من العسكريين كانوا محتجزين بمستشفى علياء التابع للقوات المسلحة نسبة لظروفهم الصحية وحسب توصيات الجهات الطبية بسجن كوبر قبل اندلاع التمرد، ولا يزالون بالمستشفى تحت حراسة ومسئولية الشرطة القضائية، وتفاصيلهم كالآتي: عمر حسن أحمد البشير، بكري حسن صالح، عبد الرحيم محمد حسين، أحمد الطيب الخنجر، ويوسف عبد الفتاح».
وأضاف البيان «هنالك مدني واحد وهو د علي الحاج محمد محتجز لتلقي العلاج بمستشفى أحمد قاسم بموجب توصية طبية من سلطات السجن وتقع مسئولية حراسته على الشرطة»
وقال الجيش إنه يصدر هذه التوضيحات «سدا للذرائع ومنعا للتضليل الكبير الذي ظلت تروج له بعض الأبواق الإعلامية للمتمردين للتشويش على الناس».
وأكد أن موقفه سيظل واضحا بشأن هذا الأمر،وهو «الرفض القاطع لأي محاولات يائسة لربط ما يجري بالسجون بأي مزايدة على موقفها الوطني الذي تعكف على القيام به الآن في التصدي لمليشيا الغدر والخيانة، ربيبة العهد البائد و أولياء نعمة قائدها بشهادة كل أهل السودان»
https://www.facebook.com/sudanese.armed.forces/posts/pfbid0mg3Mvk1nE8PehLr4xUGfvsVzxRz2XD6TDVDHBx5pfCewA7df33eCKEjM5iRuYo5wl
وكان مصدران بمستشفى عسكري في العاصمة السودانية قد أكدا لـ«رويترز»، أن الرئيس السابق عمر البشير نُقل من سجن «كوبر» إلى المستشفى قبل اندلاع القتال العنيف في 15 أبريل (نيسان).
وأصبح مكان وجود البشير مثار تساؤلات بعدما أعلن الوزير السابق في حكومته علي هارون، أمس (الثلاثاء)، أنه غادر السجن مع مسؤولين سابقين آخرين.
والبشير وهارون مطلوبان لدى المحكمة الجنائية الدولية لاتهامهما بارتكاب جرائم في دارفور.
وقال هارون، المطلوب أيضًا لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، في خطاب مسجل للتلفزيون السوداني في وقت متأخر أمس، إن عددًا من المسؤولين في نظام البشير قد خرجوا من السجن. وأضاف «ظَلَلنا كقيادات لثورة الإنقاذ الوطني بمحبسنا بكوبر تحت تقاطع نيران المعركة الدائرة الآن، لمدّة تسعة أيّام، نتشارك وبقيّة نزلاء السجن وسجّانيه تلك الظروف الأمنيّة الاستثنائيّة».
وتابع هارون «وبانفجار الأوضاع داخل السجن بخروج كل النزلاء يوم الأحد 23 أبريل (نيسان) 2023 عنوةً... حتى خلا تماما من نزلائه وسجّانيه، وبناءً على طلب القوّة المتبقية من وحدة السجون، تحرّكنا الى موقع آخر خارج السجن».
 



اعترافات حوثية بممارسة الفساد... واتهامات متبادلة بنهب الموارد

حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
TT

اعترافات حوثية بممارسة الفساد... واتهامات متبادلة بنهب الموارد

حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

بعد أسابيع قليلة من إعلان الجماعة الحوثية تشكيل حكومتها الجديدة غير المعترف بها، ضمن ما تُطلق عليه «التغييرات الجذرية»، تبادل قادة وناشطون في الجماعة الاتهامات حول ممارسات فساد كبيرة، واتهامات للقضاء بالتورط فيها، بالتزامن مع إعلان «نادي المعلمين» نهب الدعم المزعوم لصالح معلمي المدارس.

في هذا السياق، هاجم القيادي في الجماعة أحمد حامد، المعيّن في منصب مدير مكتب رئيس مجلس الحكم الانقلابي (المجلس السياسي الأعلى) عدداً من القادة المعينين في مناصب إدارية مختلفة، متهماً إياهم بسرقة المال العام ونهبه، في حين جرى تراشق بين ناشط في الجماعة ووزير ماليتها حول الإفراج عن شحنة دجاج فاسدة.

القيادي الحوثي أحمد حامد (إعلام حوثي)

واتهم حامد المسؤولين في مصلحتي «الضرائب» و«الجمارك» الخاضعتين للجماعة بالفساد من خلال تقاسم الإيرادات مع التجار وملاك الشركات التجارية، عبر تفاهمات سرية لتخفيض الإيرادات مقابل حصولهم على نسبة منها، ليحصل هؤلاء المسؤولون على النسبة الأكبر من المبالغ المتفق على تسليمها، ويجري توريد الباقي، ما يحرم خزينة الجماعة من إيرادات كبيرة، حسب قوله.

وأشاد حامد، في خطاب له أمام عدد من أنصار الجماعة، بتمكّن «هيئة الزكاة» -وهي كيان حوثي موازٍ تفيد المعلومات بأنه وراء تأسيسه- من رفع إيراداتها إلى الضعف، مقارنة بمصلحتي «الضرائب» و«الجمارك» اللتين أكد وجود مئات الإثباتات والشكاوى لديه حول الفساد فيهما.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء أن هذه الاتهامات تسبّبت بغضب واسع في صفوف القيادات الحوثية المسيطرة على المؤسسات الإيرادية، واتهمت بدورها القيادي حامد بالسعي لإلهاء الرأي العام عن الفساد الذي يُتهم به والجناح الذي يقوده، خصوصاً أن كثيراً من وقائع الفساد تمت بتوجيهات منه.

وتجنّب حامد، في تصريحاته، الإشارة إلى أي إجراءات ستتبعها جماعته لمحاسبة الفاسدين الذين تحدث عنهم، أو للحد من الفساد، في حين عدّت الأوساط الشعبية هذه التصريحات إقراراً من أعلى المستويات القيادية في الجماعة بنهب المال العام وتجويع السكان.

القيادي الحوثي عبد الجبار الجرموزي المعيّن وزيراً لـ«المالية» في حكومة الجماعة (إكس)

وجاءت اتهامات حامد لقياديي الجماعة المسيطرين على الجمارك والضرائب، بعد إعلان الحكومة الانقلابية الجديدة زيادات كبيرة في الرسوم الضريبية والجمركية على مختلف السلع المستوردة، التي تُقدّر بـ30 ضعفاً عما كانت عليه في السابق، بمبرر دعم الصناعات المحلية.

وبينما قابل السكان هذه التبريرات بالتهكم، رأى التجار أنها تدفعهم إلى الإفلاس أو إيقاف أنشطتهم التجارية، ليحل تجار حوثيون محلهم، إلى جانب أنها تهدف إلى إثراء الجماعة بأسهل الطرق.

إجراءات ليلية

الاتهامات الحوثية المتبادلة ترافقت مع مطالب بإقالة القيادي في الجماعة ياسر الواحدي، المعيّن في منصبي نائب وزير النفط والمعادن في حكومة الانقلاب، والمدير العام التنفيذي لشركة الغاز، بتهمة استيراد الغاز المغشوش وإغلاق المحطات المركزية التي توفّر الغاز بأسعار مناسبة، والتسبب برفع أسعاره للمستهلكين، وتنفيذ مشروعات فاشلة بمبالغ ضخمة، منها مشروع «رأس عيسى» الذي انهار سريعاً.

وتقدّم عدد من تجار الغاز وملاك محطات بيعه إلى المستهلك بشكوى تتهم الواحدي باتخاذ إجراءات تعسفية ضدهم، وصلت حد التوجيه باختطافهم وإطلاق النار على محالهم ومنشآتهم، داعين الجماعة إلى التحقيق معه، وتقديمه إلى المساءلة القانونية، وإعادة فتح المحطات المغلقة بأوامره.

وفي غضون ذلك أفرج القيادي في الجماعة عبد الجبار الجرموزي عن شحنة كبيرة من الدجاج المجمد كانت محتجزة في ميناء الحديدة منذ أكثر من 8 أشهر، بأوامر قضائية من محكمة تابعة للجماعة، بحجة صدور أوامر قضائية من محكمة أخرى بالإفراج عنها.

وواجه الجرموزي اتهامات ناشطين حوثيين له بالتواطؤ مع أحد كبار التجار، كونه من محافظة صعدة، معقل الجماعة، وموالياً لكبار رعاة الفساد فيها، بالسخرية منهم، واصفاً أحد الناشطين بالباحث عن زيادات في أعداد المتابعين له على مواقع التواصل الاجتماعي.

غير أن ناشطين آخرين اتهموا الجرموزي والتاجر بالتحايل على صاحب التوكيل الأصلي لاستيراد الشحنة، خصوصاً أنه جرى تنفيذ أوامره بإخراج البضاعة من الميناء في وقت متأخر من الليل، وخارج أوقات الدوام المعتادة.

وأشار منتقدو الجرموزي إلى أن سيرته الذاتية وتدرجه السريع في المناصب يعزّزان الشكوك بممارسته الفساد وانتمائه إلى أحد مراكز النفوذ التي تشكّلت خلال السنوات الأخيرة.

وكانت الجماعة الحوثية عيّنت الجرموزي وكيلاً لمحافظة الحديدة، ثم رئيساً لـ«مصلحة الضرائب»، قبل تعيينه أخيراً وزيراً للمالية في حكومتها المعلنة منذ قرابة شهر.

تناقضات القضاء

انتقلت الاتهامات بممارسة الفساد والتحايل على القانون إلى قضاة موالين للجماعة؛ إذ دافع أحد الناشطين الحوثيين الموالين للجماعة عن الجرموزي، بادعاء أن الأوامر القضائية بالإفراج عن الشحنة صدرت في إجازة قضائية، وخارج أوقات الدوام المعتادة، ومن منزل أحد القضاة.

ووفقاً لناشط حوثي آخر، فإن القيادي الحوثي محمد مرغم المعيّن نائباً لرئيس «المحكمة العليا»، استغل سفر رئيسه عصام السماوي خلال إجازة قضائية، وفي إحدى الليالي أصدر توجيهاً بوقف تنفيذ حكم احتجاز الشحنة، قبل أن يعلم السماوي بالأمر، ويوجه بدوره بإيقاف أوامر مرغم الذي تحداه وأصر على تنفيذ أوامره.

قرار صادر عن محكمة حوثية ببطلان قرار محكمة أخرى حول الإفراج عن شحنة دجاج مجمد مستوردة (إكس)

ووفقاً لمصادر قضائية في صنعاء؛ فإن هذه القضية كشفت عن وصول صراع الأجنحة ومراكز النفوذ إلى رأس هرم القضاء الحوثي، وانقسام القضاة الموالين للجماعة بين الأجنحة الحوثية، وتبرير ممارسات الفساد والتستر عليها.

وفي سياق آخر طالب «نادي المعلمين» في صنعاء السكان بالتوقف عن سداد المبالغ المفروضة عليهم تحت اسم «دعم صندوق المعلم»، مؤكداً أن هذه المبالغ تذهب إلى غير المعلمين، في إشارة إلى نهب الجماعة الحوثية إيرادات الصندوق وتوجيهها إلى صالحها.

وقال النادي إن «تلك المبالغ لا تملأ سوى جيوب لصوص سلطة صنعاء»، ويقصد بذلك قيادات الجماعة الحوثية، لافتاً إلى أن إعلانه هذا براءة للذمة «كي لا يُسرق المواطن» باسم المعلمين الذين لا يصلهم «من كل ذلك شيء».

يُشار إلى أن النادي يقود منذ أكثر من عام إضراباً للمعلمين اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مطالباً بصرف رواتب المعلمين المتوقفة منذ ثماني سنوات.