أنجزت فرنسا عملية إجلاء غالبية رعاياها من السودان وعمدت إلى إقفال سفارتها في الخرطوم بعد إخراج دبلوماسييها من العاصمة السودانية. ورأس إيمانويل ماكرون صباح اليوم (الثلاثاء)، اجتماعاً لمجلس الدفاع والأمن الوطني خُصص لملف السودان ولعملية «برج القوس» التي نفّذتها قوات فرنسية تمكنت من نقل 538 شخصاً بينهم 209 فرنسيين من السودان إلى جيبوتي حيث تشغل فرنسا قاعدة عسكرية رئيسية هي الأهم بالنسبة إليها في شرق أفريقيا.
ولإتمام العملية، انخرط الرئيس الفرنسي شخصياً في سبيل إنجاحها وذلك من خلال التواصل المباشر مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان، كما حصلت اتصالات أخرى مع قائد «قوات الدعم السريع» اللواء محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي». والغرض من ذلك كله توفير الخروج الآمن للرعايا الفرنسيين وغير الفرنسيين الذين ينتمون إلى 12 جنسية غالبيتها أفريقية. ورغم ذلك، حصل إطلاق نار خلال إحدى العمليات أُصيب فيها، حسب الرئيس ماكرون، جندي تكتمت السلطات الفرنسية على ظروف إصابته وعلى الجهة المسؤولة عن ذلك. وقال ماكرون إن الوضع الصحي للجندي المصاب «مطمئن» وإن حياته «لم تعد في خطر».
ونوه ماكرون بـ«العمل الاستثنائي وفي ظروف بالغة الصعوبة الذي قامت به البعثة الدبلوماسية والقنصلية وأفراد من القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي». واستفاد ماكرون من المناسبة لتوجيه الشكر إلى الجنرالين البرهان وحميدتي لـ«تعاونهما» مع الجانب الفرنسي. كذلك شكر رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للمساعدة التي وفّراها.
وتجدر الإشارة إلى أن ماكرون يعرف شخصياً الفريق أول البرهان الذي جاء إلى باريس حيث مثّل بلاده، مع رئيس الحكومة السودانية الانتقالية وقتها عبد الله حمدوك بمناسبة المؤتمر الذي دعت إليه فرنسا ورعته في شهر مايو (أيار) من العام 2021 لمساعدة السودان، والذي أسفر عن إلغاء قسم كبير من ديونه الخارجية فضلاً عن توفير الدعم الدبلوماسي والسياسي للعملية الانتقالية التي كانت جارية وقتها في الخرطوم. وكشف قصر الإليزيه عن أن الرئيس إيمانويل ماكرون «تمكن من التحدث، خصوصاً مع الفريق أول البرهان للحصول على الضمانات اللازمة لاستخدام الطريق الجوي لإجلاء رعايانا». وأضاف: «سنبقى على اتصال مع الأطراف في المنطقة في الأيام المقبلة للمساهمة في جهود السلام الجارية في المنطقة».
ومع إتمام الأساسي من عملية الإجلاء، عمدت باريس إلى إغلاق سفارتها «الى أجل غير مسمى»، وأعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان أن «سفارة فرنسا في السودان مغلقة حتى إشعار آخر. لم تعد تشكّل نقطة لتجمع الأشخاص الراغبين في مغادرة الخرطوم»، موضحةً أن السفارة تواصل «أنشطتها من باريس تحت مسؤولية السفيرة». وكانت باريس قد نظمت منذ الأحد الماضي عدة رحلات جوية بين الخرطوم وجيبوتي. ومن بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم هناك سفيرا ألمانيا وسويسرا، وثلاثة جرحى؛ اثنان يونانيان والثالث بلجيكي.
وأصدرت «الخارجية» بياناً، اليوم، جاء فيه أن عمليات الإجلاء «متواصلة»، وأن أربع رحلات إضافية قام بها سلاح الجو الفرنسي بين الخرطوم وجيبوتي ليلة الاثنين – الثلاثاء، وأن 309 مواطنين ينتمون إلى 41 جنسية مختلفة غالبيتهم من الأوروبيين تم نقلهم إلى جيبوتي عبر الرحلات الجوية.
كذلك قامت القوات الفرنسية بتوفير الخروج الآمن «لعدد كبير» من الأشخاص من الخرطوم إلى «وادي سيدنا» ليتم نقلهم لاحقاً جواً بطائرات أوروبية لم تُحدَّد هوياتها. وإضافةً إلى ما سبق، أفادت «الخارجية» بأن باريس توفّر الدعم البحري للأمم المتحدة التي تنفّذ عملية إجلاء بحرية انطلاقاً من بورتسودان فيما تواصل باريس جهودها لضمان أمن المواطنين الفرنسيين ومواطني شركاء فرنسا الذين ما زالوا في السودان، وهي على تواصل معهم. أما على المستوى السياسي - الدبلوماسي، فإن باريس تكرر دعوة «الأطراف كافة» لوضع حد للعمليات العسكرية والعودة إلى الحوار السياسي. وقالت كاترين كولونا، وزيرة الخارجية من لوكسمبورغ، أمس، إن بلادها «تحشد طاقاتها لتسهيل وقف إطلاق النار واستئناف عملية الانتقال السياسي في السودان»، مذكرةً بأنها «تدعم بالكامل آلية التنسيق تحت إشراف الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، والجامعة العربية، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة. وحثت «الخارجية» في بيان لها «كل الأطراف إلى وقف المعارك والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وتحييد السكان المدنيين والعودة إلى مسار الحوار السياسي».
فرنسا تواصل عمليات الإجلاء وتغلق سفارتها في الخرطوم
ماكرون يشكر البرهان وحميدتي لتسهيلهما المهمة
فرنسا تواصل عمليات الإجلاء وتغلق سفارتها في الخرطوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة