ارتبط الحديث عن الانتخابات الليبية بما يعرف بـ«الشخصيات الجدلية»، ومن بينهم سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، الذي يرى مراقبون أنه يحظى بدعم روسيا، التي تتمسك بضرورة مشاركته في الحياة السياسية.
غير أن هذا الدعم، الذي تبديه موسكو، تقابله معارضة أميركية، تشدد بدورها على تسليمه إلى «المحكمة الجنائية الدولية»؛ لمحاكمته بتهمة «ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب» خلال اندلاع «الثورة» في 17 فبراير (شباط) عام 2011.
ويتوقف ترشح سيف القذافي للرئاسة على القوانين التي ستصدرها اللجنة (6 + 6) التابعة لمجلسي النواب و«الدولة»، في ظل رفض مسبق، لكونه صدر بحقه حكم «غير بات».
وقال عضو ملتقى الحوار السياسي، أحمد الشركسي، إن «الدعم الذي تقدمه روسيا لسيف القذافي، ليس عسكرياً أو تمويلاً كما يروج البعض، وإنما مجرد دعم سياسي يتمثل في حرص أغلب المسؤولين والدبلوماسيين الروس على المطالبة المستمرة بضرورة إشراك أنصار النظام السابق في العملية السياسية، والتحذير من تداعيات إقصائهم»، متابعاً: «بالطبع يعد سيف الإسلام في مقدمة المستهدفين بهذه المطالبات، كونه كان مرشحاً لخلافة والده، ولعب بالفعل أدواراً سياسية قبل سقوط النظام في فبراير 2011». وأضاف الشركسي لـ«الشرق الأوسط» أن «الروس يدركون مخاوف الأميركيين حيال فوز سيف بالرئاسة؛ لأنه لن يتسامح أو يكون حليفاً موثوقاً مع مَن أسهموا في إسقاط نظام والده»، مشيراً إلى أن «توجيه الدعم له سيحقق لموسكو أكثر من هدف استراتيجي، في مقدمتها إزعاج واشنطن مرحلياً، وكسب حليف مهم مستقبلياً إذا ما انتزع الفوز بالسباق الرئاسي».
ويستبعد الشركسي «إمكانية تخلي الروس عن دعم سيف الإسلام، الذي كان في طليعة مَن تقدموا لخوض العملية الانتخابية التي تأجلت نهاية عام 2021، والمساومة عليه مقابل الحصول على امتيازات بمواقع أخرى بالعالم».
أما وكيل وزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة السابقة، حسن الصغير، وعلى الرغم من تأكيده «صعوبة قياس موضوعي لحجم أي دعم يتلقاه سيف القذافي، في ظل حالة الغموض التي يحيط بها الأخير تحركاته وحياته، فإنه استبعد بالمثل أن تشكّل العلاقة بين الأخير والروس (علاقة تحالف حقيقي)».
ورأى أن الروس «ليس لديهم حلفاء كثر في الساحة الليبية الفترة الأخيرة، وهو ما ظهر جلياً بانحياز أغلب فرقاء الأزمة، خصوصاً بالمنطقة الغربية، لواشنطن فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، ولكنهم رغم ذلك يتعاملون مع سيف القذافي، بطريقة باعتباره ورقة للتفاوض، وذلك بعيداً عن حسابات فرص فوزه بالرئاسة من عدمها. المهم لديهم أنه طرف ليبي، ويملك قدراً من الأنصار».
ويرى الصغير أن «مشهد الظهور المفاجئ لسيف القذافي، داخل مفوضية الانتخابات بسبها بالجنوب الليبي لتقديم أوراق ترشحه للرئاسيات بعد فترة من اختفائه عن الأضواء بعد إطلاق سراحه عام 2017، تم تصميمه وإخراجه من قبل الروس وربما بالتنسيق مع الأتراك». وأشار الصغير إلى أن هذا الترشح لسيف القذافي، وأيضاً ترشح رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة «أسهم في توقف العملية الانتخابية حينذاك». وتابع: «بالطبع الروس لا يملكون سيف القذافي، ولكنهم قادرون على التأثير عليه في ظل ضعف أدواته لافتقاده المال والسلاح». واستدرك: «هذا لا يعني بأي حال تمويلهم له».
وذهب الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، جلال حرشاوي، إلى أن «مساعدة الروس لسيف تتركز في الدعاية»، وقال: «إن بعض المراقبين يرجحون تقديم الروس ضمانات أمنية لتنقلات سيف القذافي، من خلال عناصر (فاغنر)».
ويرى أن «النخب التي ظهرت بعد ثورة فبراير كلها تعتبر سيف القذافي خطراً على مسيرتهم المهنية؛ لتمتعه بشعبية غير هينة بصفوف الشباب الغاضبين بسبب تدهور الأوضاع بالبلاد بعد عام 2011».
وأضاف: «هؤلاء الفرقاء يطمحون في تجاوزه، واستقطاب أكبر عدد من أصوات أنصار والده إلى صفوفهم، وربما هذا يفسر حرص الدبيبة على إطلاق سراح شقيقه الساعدي في سبتمبر (أيلول) 2021، وتأمين إقامته في تركيا».
وفي رده على الآراء السابقة، شدد عبد الله عثمان، رئيس الفريق السياسي لسيف الإسلام القذافي، على ضرورة عدم الانسياق وراء محاولات بعض الدول إقحام قضية ترشح سيف في صراعاتها مع دول أخرى.
وأوضح عثمان - وهو عضو ملتقى الحوار السياسي - في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سيف القذافي يتواصل سياسياً مع الدول كافة، وليس روسيا فقط، وذلك حول رؤيته ومشروعه الهادف لضرورة إجراء الانتخابات»، متابعاً: «بالطبع تطرح مسألة ترشحه في سياق النقاشات، ولكن هذا لا يعد تحالفاً من جانبه مع أي دولة، ولا تجوز محاسبته على محاولة أي دولة إقحام تواصلها معه في صراعاتها مع دول أخرى». ويؤكد عثمان أن «القذافي وفريقه السياسي، وعلى عكس ما يردد البعض، لا يضعان أي اعتراض على التعامل والتواصل مع أي دولة بما في واشنطن ولندن، ما دام هناك احترام لمبدأ عدم التدخل في شؤون الدولة الليبية».
ونفى أي حديث عن تأمين أي دولة أجنبية لتنقلات سيف القذافي، أو تمويله، معتبراً ذلك «مجرد دعاية من قبل خصومه لتشويه صورته»، ورأى أن «الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها جعلته خصماً غير هين، وهذا يعرضه أحياناً للمضايقات».
وانتهى عثمان إلى أن هناك «حالة من الحرص في تحركات سيف القذافي، ولكن هذا لم يحل بينه وبين نشاطه السياسي بعقد اللقاءات مع أطراف عديدة في الساحة الليبية».
بين رفض أميركي ودعم روسي... ما مستقبل سيف القذافي؟
ترشحه للرئاسة يتوقف على قرارات لجنة «6 + 6»
بين رفض أميركي ودعم روسي... ما مستقبل سيف القذافي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة