يعتبر الارتباك في الهوية الجنسية Gender Identity من أعقد المشكلات النفسية والعضوية التي تواجه المراهق المصاب بها والتي يمكن أن تلازمه مدى الحياة إذا لم يتم علاجها بالشكل الصحيح. وفي الأغلب يكون الحل الجراحي هو الحل الأمثل مع المتابعة النفسية وتكمن المشكلة في حالة الخلط في بداية المراهقة في الشكل الخارجي سواء للذكر أو للأنثى والشعور الداخلي بأحاسيس الجنس الآخر تمامًا.
وعلى الرغم من ندرة حدوث المرض نحو حالة لكل 30 ألف من الذكور وحالة لكل 100 ألف من الإناث فإن هذه الحالات تلفت النظر وتسبب مشكلات نفسية معقدة للمراهق أو المراهقة، وخاصة أن الحالة مزمنة وليست مرحلية. وفي الأغلب يتم تشخيص الحالات مبكرًا في الطفولة نتيجة للميول التي يمكن أن تبدو غريبة عن الأقران وتسبب سخريتهم مثل رغبة الطفل الذكر في ارتداء ملابس الفتيات أو العكس وأسبابه غير معروفة، وان طرحت بعض النظريات التي تشير إلى أنه يمكن أن يكون ناتجًا عن خطأ في النمو العصبي في تكوين الجنين.
* تشخيص دقيق
* ويحتاج التعرف على هذه المشكلة المعقدة إلى تشخيص دقيق للتفرقة بين حالة ارتباك الهوية الجنسية Gender Identity Disorder وارتباك السلوك على سبيل المثال.
وارتباك السلوك مشكلة نفسية خالصة، حيث يمكن أن يتصرف الطفل بسلوك مخالف لجنسه، ولكن نتيجة لعوامل أخرى مثل خلل في التربية خاصة بالنسبة للطفل الذي يكون جميع إخوته من جنس مخالف، سواء للذكور أو الإناث. وعلى سبيل المثال يمكن أن يستخدم الطفل الذكر نفس مفردات الإناث أو يلعب الألعاب التي تلعبها الإناث إذا كان جميع إخوته فتيات، وبالتالي يمكن أن يكتسب سلوكًا أقرب إلى سلوك الفتيات، ولكن لا يعاني من رغبة نفسية في التحول لجنس آخر بخلاف جنسه ويعرف تمامًا جنسه ويرحب بحالته الجنسية، سواء كان ذكرًا أو أنثى.
وعلى الرغم من أن الأعراض تبدأ مبكرًا في عمر ما قبل المدرسة فإن حدة الصراع النفسي تزداد في حالة المراهقة وبداية الوعي الجنسي. ويتسبب هذا الصراع في شعور الطفل بالذنب والخجل من إحساسه ورغباته ويجب العلم بأن هناك فرقًا كبيرًا بين ارتباك الهوية الجنسية وحالات المثلية الجنسية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تشخيص دقيق من الطبيب النفسي (العلاج المبكر يقي المراهق من المثلية الجنسية، حيث تسيطر على المراهق رغبات جنسية مخالفة لجنسه). وكذلك تحتاج الأسرة مثلها مثل الطفل إلى جلسات توعية وتوضيح للحالة في حالة تشخيصها ومساعدة الأسرة في اتخاذ قرار العلاج سواء الجراحي أو النفسي والهرموني.
* الأعراض
* تكرار مزايا الجنس الآخر. وعلى سبيل المثال يذكر المراهق أن الفتيات ليس عليهن أن يقمن بالتمارين الرياضية العنيفة كي يحتفظن بقوام ممشوق أو أن الفتيات أكثر حظًا في اهتمام الأسرة.
* الشكوى الدائمة من الوجود في جنس معين مثل أن الذكور يحتاجون إلى حلاقة الذقن بشكل منتظم أو أن الذكور في الأغلب قساة القلب أو ما إلى ذلك، وأنه كان يفضل لو كان أنثى.
* محاولة ارتداء ملابس قريبة من ملابس الجنس الآخر (في العالم العربي بالطبع لا يستطيع المراهق أن يرتدي تنورة مثلاً، ولكن نوعية القماش وشكل الملابس أشبه بملابس الفتيات وبالنسبة للإناث تحرص دائمًا على ارتداء السروال الرجالي وقمصان أقرب لملابس الرجال).
* في حالة المزاح أو في النشاط المدرسي أو النادي يكون هناك إصرار من المراهق على لعب أدوار الجنس المخالف بحيث يتعدى الأمر مجرد صدفة.
* رغبة جارفة في الوجود مع الجنس الآخر والتوحد في الحديث مع الجنس الآخر المختلف والتشبه به (بالطبع هناك ميل غريزي من كل جنس للوجود مع الجنس الآخر، ولكن لا يتم التشبه به).
* عدم الاستياء بل والترحيب بمعاملة الأقران على أنه آخر مختلف. وعلى سبيل المثال لا يستاء المراهق من الأمور التي يمكن أن تسبب استياء شديدًا وضيقًا من المراهق العادي مثل تشبيهه بالفتيات أو انه أكثر أنوثة من الفتيات وبالنسبة للإناث لا يضايقها وصفها من أقرانها بأنها أقرب إلى الرجال في الشكل.
* الشكوى من بداية المظاهر الجنسية في سنوات البلوغ (يشكو المراهق من مظهر الخصيتين testes والعضو الجنسي ويتمنى اختفاءهما ونفس الأمر بالنسبة للإناث تشكو المراهقة من تضخم صدرها، وأيضًا تشكو من الدورة الشهرية وتتمنى لو كانت مثل الرجال.
* محاولة إخفاء مظاهر الجنس الموجود فيه. وفي بعض الأحيان يتم اللجوء إلى الهرمونات للوصول إلى شكل خارجي أقرب إلى التكوين النفسي الداخلي.
* تشكل هذه الضغوط النفسية معاناة مستمرة تجعل من حياة المراهق جحيمًا.
* التشخيص والعلاج
* يجب فحص الحالة بعناية وأخذ التاريخ المرضي من المراهق وذويه والكشف الإكلينيكي على الجسم بالكامل. وأيضًا عند العرض على الطبيب النفسي هناك الكثير من الاختبارات النفسية المعروفة التي يمكن بها التفريق بين المرض والكثير من الاضطرابات النفسية Gender Identity Questionnaire. ويعتمد تشخيص المرض بالأساس على التشخيص النفسي والتشخيص والعلاج المبكر لمساعدة المراهق في التوازن النفسي وحمايته من الانحراف، سواء الجنسي أو تناول المخدرات أو الخمور نتيجة للمعاناة النفسية المستمرة.
أما العلاج ففي الأغلب تكون البداية بالعلاج النفسي الذي يساعد المراهق في تقبل جنسه وعدم رفضه ويمكن إعطاء بعض الهرمونات لعمل التوازن الشكلي في حالة عدم التقبل. وبطبيعة الحال يكون العلاج الجراحي مصحوبًا بالعلاج الهرموني والنفسي ضرورة في الكثير من الأحيان مع الاختبارات النفسية للأسرة والمراهق.
* استشاري طب الأطفال