أحدث تطورات نظم الذكاء الصناعي لعام 2023

تقود إلى تغيرات ثورية في المجتمع وثلث الباحثين متشائمون منها

أحدث تطورات نظم الذكاء الصناعي لعام 2023
TT

أحدث تطورات نظم الذكاء الصناعي لعام 2023

أحدث تطورات نظم الذكاء الصناعي لعام 2023

للسنة السادسة على التوالي، جمع معهد ستانفورد للذكاء الصناعي الموجّه للإنسانStanford Institute for Human - Centered Artificial Intelligence (HAI) ما يعادل عاماً كاملاً من البيانات التي ترسم صورة شاملة لعالم الذكاء الصناعي اليوم. ولكنّ تقرير هذا العام يتألّف من 302 صفحة، أي أنّه أكبر بنحو 60 في المائة من تقرير العام الماضي؛ بسبب الطفرة التي شهدها الذكاء الصناعي التوليدي في 2022، والاهتمام الذي ناله والجهود المتزايدة لجمع البيانات عن الذكاء الصناعي والأخلاقيات.
ويتابع مؤشر الذكاء الصناعي الاختراقات العلمية والتقنية الحديثة، وتكاليف تدريب برنامج «جي بي تي» للمحادثة الذكية، وسوء الاستخدام، والتمويل، وغيرها من المجالات.
ويستعرض تقرير مؤشر الذكاء الصناعي لعام 2023، عشرة جوانب للاتجاهات الأساسية في عالم الذكاء الصناعي اليوم.

- نماذج لغوية جديدة
> النماذج اللغوية الكبيرة تزداد قوة: تزداد قوّة النماذج اللغوية الكبيرة كـ«تشات جي بي تي» بشكلٍ دراماتيكي، وتزداد معها كلفة تدريبها بدرجة دراماتيكية أيضاً، فضلاً عن أنّ هذه النماذج تمتصّ اليوم القسم الأكبر من موارد الحوسبة، مقارنة بأنظمة التعلّم الأخرى.
> تكاليف الكربون أيضاً مرتفعة: ليس من السهل تقدير الانبعاثات الكربونية الناتجة من نظام الذكاء الصناعي، ولكنّ الفريق المعدّ لتقرير مؤشر الذكاء الصناعي استنتج أنّ تدريب أكثر النماذج فاعلية الذي يُعرف باسم «بلوم» (BLOOM) أنتج انبعاثات كربونية أكثر مما ينتجه مشخص قيمٌ على الأراضي الأميركية في عامٍ كامل.
> استثمار الحكومة في الذكاء الصناعي يتصاعد: لأوّل مرّة في السنوات العشر الأخيرة، شهد استثمار القطاع الخاص في الذكاء الصناعي تراجعاً بنحو الثلث عن عام 2021 الذي سجّل استثمارات بقيمة 189.6 مليار.
في المقابل، ارتفع استثمار الحكومة الأميركية في الذكاء الصناعي، حيث أشار التقرير إلى أنّ الوكالات الحكومية غير الدفاعية في الولايات المتّحدة خصّصت 1.7 مليار دولار للبحث والتطوير في مجال ذكاء الصناعي في 2022، مسجّلة ارتفاعاً بنسبة 13.1 في المائة عن عام 2021، كما طلبت وزارة الدفاع الأميركية ميزانية بقيمة 1.1 مليار دولار لأبحاث الذكاء الصناعي غير السرية في السنة الضريبية 2023، أي بزيادة بنسبة 26.4 في المائة عن ميزانية العام الماضي.
> الصناعة، لا التعليم، تجذب حملة شهادات الدكتوراه في الذكاء الصناعي: دخل 65.4 في المائة من حملة شهادات الدكتوراه في الذكاء الصناعي إلى قطاع صناعته في 2021 (آخر الأرقام المتوفرة في هذا المجال)، بينما اتّجه 28.2 في المائة من هؤلاء إلى القطاع الأكاديمي، حسب التقرير. نما هذا الانقسام بشكلٍ مطرد منذ عام 2011 الذي كانت فيه النسبتان متقاربتين.
> الصناعة هي أيضاً مركز نماذج التعلّم الآلي الجديدة: مع ارتفاع نسبة المنضمين إلى الصناعة من حملة شهادة الدكتوراه في الذكاء الصناعي، لم يكن مفاجئاً أن تتفوّق على القطاع الأكاديمي في إنتاج نماذج تعلّم آلي جديدة.
> حتى عام 2014، صدرت معظم نماذج التعلّم الآلي عن قطاع التعليم، ولكنّ الصناعة سرعان ما تفوّقت في هذا المجال. فقد أظهرت البيانات التي جمعها التقرير، أنّ الصناعة أنتجت 32 نموذج تعلّم آلي في عام 2022، مقارنة بثلاثة نماذج فقط لقطاع التعليم.
> مع الاستخدام يأتي سوء الاستخدام: أورد تقرير مؤشر الذكاء الصناعي، أنّ عدد الأحداث المرتبطة بسوء استخدام الذكاء الصناعي يحلّق، حيث أشارت بيانات العام الماضي إلى أحداث عدّة، أبرزها الفيديو المزيّف (ديب فيك) الذي ظهر فيه الرئيس الأوكراني مستسلماً، والخبر الذي انتشر عن تطوير شركة «إنتل» لنظام يراقب مشاعر الطلاب في تطبيق «زووم»؛ مما أثار مخاوف حول الخصوصية والتمييز.
> القوانين بدأت بمجاراة تقدّم الذكاء الصناعي: ارتفع عدد القوانين التي تنظّم الذكاء الصناعي في 127 دولة، حسب التقرير الذي سجّل تمرير 37 قانوناً في 2022، مقارنة بقانونٍ واحد في عام 2016. تضمّنت هذه القوانين تعديلات على قانون الأمن القومي اللاتفي تتيح فرض ضوابط مهمّة للأمن القومي على المنظّمات، ومن بينها شركة تجارية تعمل في مجال الذكاء الصناعي، بالإضافة إلى قانون إسباني يفرض على خوارزميات الذكاء الصناعي التي تُستخدم في الإدارات الرسمية مراعاة معايير تخفيف الانحياز.

- الإنسان والنظم الذكية
> المواطنون في الصين يحبّون الذكاء الصناعي، على عكس مواطني فرنسا وكندا وهولندا والولايات المتّحدة: وجد استطلاع للرأي أجرته شركة «إيبسوس» البحثية العالمية، أنّ 78 في المائة من المستجيبين الصينيين يوافقون على أنّ فوائد المنتجات والخدمات التي تستخدم الذكاء الصناعي تفوق مساوئه، بينما أظهر أنّ 35 في المائة من المشاركين في الولايات المتحدة، و31 في المائة منهم في فرنسا فقط مقتنعون بمكاسب الذكاء الصناعي. وأضاف استطلاع «إيبسوس IPSOS»، أنّ الرجال عامّة يظهرون سلوكاً إيجابياً أكثر من النساء تجاه الذكاء الصناعي.
> ثلث الباحثين «فقط» يرون، أنّ الذكاء الصناعي قد يسبب كارثة: أجرت مجموعة من الباحثين الأميركيين استطلاعاً للرأي شمل باحثين في مجال معالجة اللغة الطبيعية للاطلاع على أفكار هؤلاء فيما يتعلّق بأبحاث الذكاء الصناعي. أشار 91 في المائة من المشاركين، إلى أنّ تأثير الذكاء الصناعي في الماضي والمستقبل جيّد، ولكنّهم لم يتجاهلوا قوّته أو مخاطره. وتوقّعت غالبية المشاركين (73 في المائة)، أن يقود الذكاء الصناعي قريباً تغييراً اجتماعياً ثورياً، بينما رأت أقليّة متواضعة (36 في المائة) أنّ الذكاء الصناعي قد يتسبب في كارثة «من العيار النووي».
واعتبر أحد الخبراء أنّ «نتائج الاستطلاع مثيرة للاهتمام، على اعتبار أنّ هؤلاء النّاس يعون تماماً ما الذي يتحدّثون عنه»، مضيفاً أنّ «هذه الأرقام تعود إلى نحو عام، وسيكون من الجيّد أن نسمع ماذا يظنون الآن، في ضوء ما يحصل مع نماذج اللغة الكبيرة. هذا الأمر يحتاج إلى المتابعة».


مقالات ذات صلة

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

تكنولوجيا  «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

يستمر استخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب عامة الناس في النمو بوتيرة متسارعة، على ما تظهر أحدث الأرقام لجهات فاعلة رئيسية في القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يعد «GPT-4o mini» نموذج ذكاء اصطناعي صغيراً فعالاً من حيث تكلفة العملاء (شاترستوك)

200 مليون مستخدم نشط في «تشات جي بي تي» أسبوعياً

صرحت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)»،الناشئة للذكاء الاصطناعي، بأن روبوت الدردشة الخاص بها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» لديه الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد شخص يمشي أمام لافتة خارج مبنى مكتب «إنفيديا» في سانتا كلارا بكاليفورنيا (أ.ب)

انخفاض أسهم «إنفيديا» رغم تجاوز مبيعاتها القياسية الـ30 مليار دولار

فشلت «إنفيديا» في تلبية التوقعات العالية للمستثمرين الذين قادوا ارتفاعاً مذهلاً في أسهمها، حيث راهنوا بمليارات الدولارات على مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا الوظيفة الأساسية لـ«دوِّن الملاحظات لي» هي تقديم ملخّص موجَز للنقاط الرئيسية في الاجتماع بدلاً من النسخ الحرفي (شاترستوك)

تفعيل ميزة تدوين الملاحظات عبر الذكاء الاصطناعي في «اجتماعات غوغل»

يمكن الوصول إليها من خلال أيقونة «Gemini AI» التي يمثّلها قلم رصاص لامع.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد منظر لشعار شركة «إنفيديا» في مقرها الرئيسي بتايبيه (رويترز)

الأنظار تتجه إلى «إنفيديا» و«وول ستريت» تترقب نتائجها المالية

قادت «إنفيديا» طفرة الذكاء الاصطناعي لتتحول إلى واحدة من كبرى الشركات في سوق الأسهم؛ إذ تستمر شركات التكنولوجيا العملاقة في الإنفاق بكثافة على رقائق الشركة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )

الطائرات المُسيّرة... ابتكارات متعددة لتحسين جهود مكافحة الأمراض

الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)
الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)
TT

الطائرات المُسيّرة... ابتكارات متعددة لتحسين جهود مكافحة الأمراض

الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)
الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)

يتنامى دور الطائرات المُسيّرة «الدرونز» في عديد من المجالات، من بينها مجال الصحة العامة ومكافحة الأمراض، حيث تقدم هذه التكنولوجيا حلولاً مبتكرة للوصول إلى المناطق النائية، وتُسهم في تقليل انتشار المرض.

ويمثّل استخدام الطائرات المُسيّرة في مكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض تطوراً مهماً في الصحة العامة؛ حيث يجمع بين التكنولوجيا الحديثة والفاعلية في السيطرة على انتشار الأمراض، وحماية صحة الإنسان.

وفي السنوات الأخيرة، استُخدمت الطائرات المُسيّرة لمكافحة الملاريا وحمى الضنك وفيروس زيكا، عبر إطلاق ذكور البعوض العقيمة في المناطق المستهدفة، وتُحلّق الطائرات المزوّدة بصندوق مليء بالبعوض العقيم فوق هذه المناطق، وتطلق الحشرات التي تتزاوج مع الإناث، ما يقلّل من النسل، وهي وسيلة فعّالة وآمنة لتقليل تجمّعات البعوض الناقل للأمراض.

وعلى مدى الأعوام الخمسين الماضية زاد انتشار الأمراض الفيروسية المنقولة بواسطة البعوض، مثل حمى الضنك وزيكا، وتُعدّ بعوضة «الزاعجة المصرية» ناقلاً رئيسياً لهذه الأمراض، وانتشارها تزايَد بسبب التحضر وتغيّر المناخ، ما أطال موسم انتقال الأمراض.

الطائرات المُسيرة يمكنها إطلاق البعوض بشكل آلي (برنامج البعوض العالمي)

ويعيش حوالي 53 في المائة من سكان العالم في مناطق مناسبة لانتقال حمى الضنك، خصوصاً في آسيا وأفريقيا والأميركتين، ما يؤثر على أكثر من 100 دولة.

ولمكافحة حمى الضنك، استخدم باحثون في برنامج البعوض العالمي (WMP) بأستراليا نهجاً مبتكراً، ينطوي على نشر بكتيريا «ولباشيا» في البعوض، التي تمنع انتقال الفيروسات، لكن تطبيق هذه الاستراتيجية على نطاق واسع كان يمثّل تحدياً، بسبب الجهد والوقت، والقدرة على استخدام الطرق اليدوية التقليدية.

نظام آلي

ولإجراء هذه العملية بدقة وأمان طوّر الباحثون ببرنامج البعوض العالمي نظاماً آلياً لنقل البعوض باستخدام الطائرات المُسيّرة، قادراً على حمل 160 ألف بعوضة بالغة، ونُشرت النتائج بعدد 31 يوليو (تموز) 2024 من دورية «Science Robotics».

ويمكن للنظام الآلي إطلاق البعوض في مجموعات صغيرة، كما أنه مزوّد بنظام تحكّم يحافظ على البعوض في حالة تخدير وصحة جيدة حتى يتم إطلاقه في مجموعات من 150 بعوضة.

وفي أول تجربة ميدانية في جزر فيجي جنوب المحيط الهادي وجد الفريق أن الإطلاق الجوي أدّى لتوزيع متساوٍ للبعوض مقارنةً بالطرق التقليدية الأرضية، وفي التجربة الثانية في فيجي انتقلت عدوى «ولباشيا» من البعوض المصاب إلى البعوض البرّي، علاوةً على ذلك نُفّذت هذه العملية عن بُعد بأمان وكفاءة.

يقول الباحث الرئيسي للفريق في برنامج البعوض العالمي، الدكتور جيريمي جيلز، إن استخدام الطائرات المُسيّرة لإطلاق البعوض يحمل العديد من المزايا، أبرزها القدرة على تغطية مناطق واسعة، وبكفاءة أكبر من الطرق اليدوية الأرضية، ما يعزّز فاعلية هذا التدخل.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الطائرات تقلّل من الحاجة إلى استخدام فِرق أرضية كبيرة لنشر البعوض؛ لأنها تتم عن بُعد، ومن ثم تنخفض مخاطر السلامة المرتبطة بالوصول للمناطق الوعرة أو غير الآمنة».

وأشار إلى أن الآلية الجديدة لتوزيع البعوض التي نفّذها الفريق في فيجي يمكن أن تُساهم بشكل كبير في تحسين هذا النهج، ما يُساهم في تعزيز جهود مكافحة حمى الضنك، والأمراض الأخرى المنقولة بواسطة البعوض على نطاق عالمي.

مهام متعددة

ولا يقتصر دور الطائرات المُسيّرة على إطلاق البعوض بشكل آلي، حيث استخدمت خلال السنوات الأخيرة في مهام عدة، منها جمع البيانات حول توزيع وأماكن وجود البعوض، ما يساعد في توجيه جهود المكافحة بشكل أكثر دقةً.

واستُخدمت الطائرات المسيّرة أيضاً لمراقبة البيئات التي يصعب الوصول إليها، مثل المستنقعات والغابات الكثيفة حيث يتكاثر البعوض، ليس ذلك فحسب، بل استُخدمت لتحديد مواقع تكاثر البعوض، من خلال التصوير الجوي وتقنيات التصوير الحراري، في تجارب أُجرِيت في زنجبار وتنزانيا، وهذه البيانات تساعد في استهداف المناطق التي تحتاج إلى تدخل عاجل، سواءً من خلال رشّ المبيدات الحشرية، أو إزالة مواقع المياه الراكدة التي تشكّل بيئة مناسبة لتكاثر البعوض الناقل للأمراض.

كما استعانت بلدان عدة، منها كندا والولايات المتحدة وروسيا، بالطائرات المُسيّرة كذلك في توزيع المبيدات الحشرية بكفاءة على مساحات واسعة، بما في ذلك المناطق التي يصعب الوصول إليها بوسائل أخرى، مثل المستنقعات والمياه الراكدة، وهذه الطريقة تضمن توزيعاً أكثر دقة، ما يقلّل الاستخدام المفرط للمبيدات، ويحُدّ من تأثيرها البيئي السلبي.

ووفق الباحثين، فإن ما يميّز الطائرات المُسيّرة أنها تتيح التدخل السريع في المناطق المتضررة من تفشّي الأمراض، ما يساعد في السيطرة على الوضع بشكل أسرع، وبتكلفة أقل من الطرق التقليدية.