عبّرت كييف وباريس وعواصم غربية أخرى، أمس الأحد، عن استيائها، بعدما أدلى السفير الصيني في باريس بتصريحات نفى فيها أن تكون الدول المنبثقة عن الاتحاد السوفياتي تتمتّع بسيادة، وشكّك في انتماء شبه الجزيرة القرم إلى أوكرانيا.
وقال السفير الصيني لو شايي عندما سئل في مقابلة بُثت على التلفزيون الفرنسي يوم الجمعة، عن رأيه فيما إذا كانت شبه جزيرة القرم جزءاً من أوكرانيا، إن شبه الجزيرة تعتبر تاريخياً جزءاً من روسيا، وقدمها الزعيم السوفياتي السابق نيكيتا خروشوف لأوكرانيا. وأضاف شايي: «لا تملك هذه الدول السابقة بالاتحاد السوفياتي وضعاً فعلياً في القانون الدولي، بسبب عدم وجود اتفاق دولي لتحقيق حالة سيادتها». ودعا الدبلوماسي الصيني إلى وقف إثارة «الجدل» حالياً حول قضية حدود ما بعد الاتحاد السوفياتي، معتبراً أن «ما هو أكثر إلحاحاً اليوم هو تحقيق وقف إطلاق النار» بين روسيا وأوكرانيا.
- «رواية عبثية»
وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك، على «تويتر»، أمس الأحد: «من الغريب أن نسمع رواية عبثية عن تاريخ القرم من قبل ممثل دولة دقيقة جداً بشأن تاريخها الألفي». وأضاف بودولياك أن «جميع الدول السابقة في الاتحاد السوفياتي تتمتّع بوضع سيادي واضح مسجّل في القانون الدولي»، داعياً السفير الصيني في باريس إلى «عدم تكرار الدعاية» الروسية.
بدورها، قالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان، إنها «تبلغت بصدمة» تصريحات السفير الصيني، داعية بكين إلى «توضيح ما إذا كانت تعكس موقفها». وأضافت الوزارة: «نأمل ألا تكون كذلك». وذكّرت بالاعتراف الدولي بأوكرانيا «داخل الحدود التي تضمّ القرم في عام 1991 من قبل المجتمع الدولي بأسره، بما في ذلك الصين، عند سقوط الاتحاد السوفياتي، كدولة عضو جديدة في الأمم المتحدة»، مشيرة إلى أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 «غير قانوني بموجب القانون الدولي».
وجاء رد فعل دول البلطيق الثلاث التي كانت في السابق جزءاً من الاتحاد السوفياتي، على نهج فرنسا نفسه.
وعلى الرغم من أن موقف الصين الرسمي محايد، لم يدن الرئيس الصيني شي جينبينغ الغزو الروسي لأوكرانيا، ولم يتحدث عبر الهاتف مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حتى الآن؛ لكنه زار موسكو مؤخراً لإعادة تأكيد شراكته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما تبدو جبهة مناهضة للغرب. وفي أبريل (نيسان) الحالي، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الصيني خلال لقاء ثنائي إلى «إعادة روسيا إلى رشدها» بشأن أوكرانيا.
- صواريخ تستهدف خاركيف
إلى ذلك، قال مسؤولون محليون إن ما لا يقل عن 5 صواريخ روسية أصابت مدينة خاركيف في شرق أوكرانيا والمناطق المحيطة بها، في وقت متأخر من مساء السبت، ما ألحق بعض الأضرار في مبانٍ مدنية. وتطلق روسيا منذ أشهر طائرات مُسيَّرة وصواريخ ضد مجموعة متنوعة من الأهداف الأوكرانية، في محاولة لتدمير البنية التحتية الحيوية. وكتب حاكم المنطقة أوليه سينيجوبوف على تطبيق «تلغرام» أن صاروخاً أصاب منزلاً في قرية كوتلياري إلى الجنوب من خاركيف، بينما تسبب صاروخ آخر في اندلاع حريق كبير في المدينة نفسها.
- دعوة لتمديد «اتفاق الحبوب»
في سياق متصل، دعت مجموعة الدول السبع الصناعية في بيان، أمس الأحد، إلى «التمديد والتنفيذ الكامل والتوسع» في اتفاق مهم لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، حسبما جاء في بيان لوزراء الزراعة بالمجموعة. وكان قد تم توقيع الاتفاق بوساطة الأمم المتحدة وتركيا في إسطنبول في يوليو (تموز) الماضي، مما أتاح لأوكرانيا تصدير أكثر من 27 مليون طن من الحبوب من كثير من موانيها على البحر الأسود. لكن روسيا التي غزت جارتها في فبراير (شباط) 2022، أشارت بقوة إلى أنها لن تسمح بتمديد الاتفاق إلى ما بعد 18 مايو (أيار) بسبب عدم تلبية قائمة المطالب الخاصة بتسهيل صادراتها من الحبوب والأسمدة.
وقال البيان الذي صدر عقب اجتماع استمر يومين في ميازاكي باليابان، إن وزراء الزراعة في مجموعة الدول السبع «يدركون أهمية» الاتفاق، وقالوا: «نؤيد بشدة التمديد والتنفيذ الكامل والتوسع في (مبادرة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود)». وأضاف البيان: «ندين محاولات روسيا استخدام الغذاء أداة لزعزعة الاستقرار، وأداة للإكراه الجيوسياسي، ونكرر التزامنا بالتضامن ودعم المتضررين من استخدام الغذاء سلاحاً (في الحرب)». وأفاد البيان بأن مجموعة السبع «تقف على أهبة الاستعداد» لدعم عمليات التعافي وإعادة الإعمار في أوكرانيا، بما يشمل توفير الخبرة في مجال إزالة الألغام من الأراضي الزراعية، وإعادة بناء البنية التحتية الزراعية. ومن المقرر أن يناقش وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اتفاق تصدير الحبوب مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في نيويورك الأسبوع الحالي.