بيدرو ألمودوفار... الرجل الأكثر نسَويّةً

كيف أصبح المخرج الإسباني صوت المرأة وصورتَها؟

المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار يتوسط ممثلات فيلمه «جولييتا» في مهرجان كان 2016 (رويترز)
المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار يتوسط ممثلات فيلمه «جولييتا» في مهرجان كان 2016 (رويترز)
TT

بيدرو ألمودوفار... الرجل الأكثر نسَويّةً

المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار يتوسط ممثلات فيلمه «جولييتا» في مهرجان كان 2016 (رويترز)
المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار يتوسط ممثلات فيلمه «جولييتا» في مهرجان كان 2016 (رويترز)

لا يطيل بيدرو ألمودوفار الغياب. في الـ73 من عمره، يعود المخرج السينمائي الإسباني النشيط مع فيلم جديد هو الـ36 على قائمة أعماله المنوّعة ما بين أفلام قصيرة وطويلة. في «أسلوب حياة غريب - Strange Way of Life» الذي يُعرض للمرة الأولى ضمن مهرجان كان السينمائي الشهر المقبل، يتصدّر المشهد ممثلان هما إيثان هوك وبيدرو باسكال.
قلّما يُفرد ألمودوفار صدارة أفلامه للرجال، فهو معروف بكونه المخرج النسويّ الأول والأكثر التزاماً بقضايا النساء؛ ليس عبر اختياره بطلاتٍ إناثاً فحسب، بل كذلك من خلال طرحه مواضيع تمسّ المرأة بشكل خاص. الدراما القصيرة المرتقبة والتي تعالج علاقة عاطفية بين رجُلَين، هي ثاني أفلام ألمودوفار الناطقة بالإنجليزية، وقد تكون أوّلها حيث البطولة المطلقة للرجال.


ملصق فيلم Strange Way of Life المرتقب عرضه في مهرجان كان 2023

أفلام كرّست ألمودوفار مخرجاً نسوياً
منذ فيلم «نساء على حافة انهيار عصبي – Women on the Verge of a Nervous Breakdown» عام 1988، ارتسمت ملامح ألمودوفار السينمائية النسويّة. اتّضح أنه صوت السيّدات على الشاشة الفضية، يسمع ما في دواخلهنّ ويغوص عميقاً في تركيبتهنّ النفسية. يتعاطف مع انكساراتهنّ ويؤمن بأنهن قادرات على النهوض من جديد؛ كما في «Women on the Verge of a Nervous Breakdown» حيث «بيبا» التي هجرها حبيبها تنجح في تخطّي الحزن والغضب، من دون أن يعني ذلك أنّ الانكسار أمام الهَجر أمرٌ معيب أو مخجل.
تتكرّر ثيمة المرأة المنتصرة على خيبات العلاقات العاطفية في أفلام عدّة لألمودوفار. في «زهرة سرّي – The Flower of my Secret» عام 1995، تعيد «ليو» اكتشاف القوة والأمل بعد أن تحاول الانتحار بسبب زواج فاشل وزوج خائن. تختبر الضياع والانهيار بكل مراحلهما، قبل أن تستوعب أنّ لبعض العلاقات تاريخ صلاحية.


بطلات فيلم Women on the Verge of a Nervous Breakdown
مع مرور الأفلام، بات ألمودوفار يلقَّب بـ«مخرج النساء»، إذ إنه تمسّك باستكشاف حكاياتهن. يستخرج الضحكة من قلب التراجيديا، ويخترع جمالاً وسط أقسى المواقف التي يواجهنها. كما لو أنه يضع أرواح بطلاته على طاولة التشريح لينبش أنبلَ ما فيها، على غرار ما حصل في فيلم «صوت الإنسان – The Human Voice» عام 2020.
أما في «تحدّث إليها – Talk to Her» (2002) الحائز على «أوسكار»، فيعتني رجلان بحبيبتيهما الغارقتين في غيبوبة. يشكّل الفيلم مساحةً يحتفي فيها ألمودوفار بالذكور الذين لا يخبئون دموعهم، والمتصالحين مع سِماتهم الأنثوية كالإحساس المرهف والتفاني.

ابحثوا عن الأمّ
تبقى الأم شخصية محورية في أفلام ألمودوفار؛ من «كعب عالٍ – High Heels» عام 1991 إلى «أمهات متوازيات – Parallel Mothers» عام 2021، مروراً بـ«كل شيء عن أمي – All About my Mother» (1999)، و«العودة – Volver» (2006)، و«جولييتا – Julieta» (2016).
تتنوّع الزوايا التي يعالجها في الأفلام المتمحورة حول موضوع الأمومة. في «High Heels» و«Julieta»، يضيء على العلاقات الملتبسة والمعقّدة بين الأمهات وبناتهن. أما «All About my Mother» الحائز هو الآخر على جائزة أوسكار، فأشبه بسيمفونية تعزفها الممثلة سيسيليا روث بدور «مانويلا»، الأم التي خسرت وحيدها في حادث أليم. اختار ألمودوفار أن يهدي هذا الفيلم لأمه التي كانت تعيش أسابيعها الأخيرة أثناء تصويره.

تقول الممثلة بينيلوبي كروز التي شاركت في الفيلم، إن لقاءها بوالدة ألمودوفار ساعدها في فهم الكثير عنه وعن اندهاشه بالنساء ومعرفته العميقة بطباعهنّ. نشأ المخرج وسط أمه وخالاته وجاراتهنّ، مراقباً بدقّة تفاصيل يومياتهن. هو الذي منح التضامن النسائي أجمل صورة، غالباً ما يكرر أنه كان محاطاً بسيّدات قويات خلال طفولته: «كنّ سعيدات، يعملن بجهد ويتكلّمن بشكل متواصل. لقد صقلن شخصيتي. لم أتماهَ يوماً مع الذكور، الأمومة تُلهمني أكثر من الأبوّة».
يتجلّى التضامن النسائي بأبهى حلّة في «Volver»، حيث تتكاتف الجدّة مع الأم والابنة لإنقاذ بعضهنّ البعض من الأب المعتدي. هي تحيّة أنثويّة عابرة للأجيال، تُثبت أن المرأة قادرة على تحطيم إطار الضحية بقوّة الدمع والضحك والغناء.
في هذا الفيلم أيضاً، يستعيد ألمودوفار مشاهد من طفولته في منطقة لا مانشا الإسبانية، ويستلهم بعض الشخصيات من أمه فرانشيسكا كاباييرو. يقول إنها، مثل تلك الشخصيات، كانت تمتلك قدرة طبيعية على اختلاق الأمور لحلّ المشاكل بسلاسة وحماية أولادها. وقد وسّعت موهبة الاختراع تلك مخيّلة بيدرو الصغير الذي وظّفها لاحقاً في أفلامه.


ألمودوفار ووالدته خلال تصوير أحد أفلامه عام 1984 (تويتر)

مُلهِمات ألمودوفار
صحيح أن والدة ألمودوفار هي ملهمته الأولى، إلا أنه وجد من بين الممثلات اللواتي تعاون معهنّ، ملهماتٍ أخريات. تقول أدريانا أوغارتي التي مثّلت في فيلم «جولييتا» إنه «وفي ما يشبه اللغز، يشعر ألمودوفار بما نشعر به كنساء ويعرف مَن نحن».
هو الذي صوّر المرأة كما لم يصوّرها أي مخرج آخر، يتميّز بإخلاصه لممثّلاته، وهنّ يبادلنه هذا الإخلاص. منهنّ مَن مثّلن في 9 من أفلامه، مثل روسي دي بالما التي اكتشفها ألمودوفار في إحدى حانات مدريد حيث كانت تعمل نادلة. لفتته ملامحها الغريبة فدعاها إلى التمثيل في فيلم «قانون الرغبة – Law of Desire» عام 1987، ومنذ ذلك الحين لم يفترقا.


الممثلة روسي دي بالما مع ألمودوفار (إنستغرام)
الصورة النسائية المتصدّرة المشهد في سينما ألمودوفار لا ترتبط إطلاقاً بجمال الممثلة أو بسنّها الصغيرة. لا تقدّر عينُه ما هو ظاهرٌ من مفاتن، بل تخترق الداخل لتستخرج ما خفيَ من محاسن. وكَم من ممثّلة بدأت مسيرتها في أفلامه، وجدت نفسها تكبر عبرها.
بعد والدته والسيّدات الحاضرات في طفولته، أتت الممثلة كارمن ماورا لتشكّل ملهمته الثانية. لعبت بطولة فيلمه الأول عام 1980، ورافقته على مدى 7 أفلام كان آخرها «Volver» عام 2006. ومنذ ذلك الفيلم انفصلا، لتصرّح ماورا لاحقاً بأنها لن تعمل معه مجدداً لأن جلسات تصويره متشنّجة جداً.
في المقابل، تعد ممثلات أخريات كسيسيليا روث أن «العمل مع بيدرو هو أفضل ما قد يحصل لممثلة». توافقها بينيلوبي كروز الرأي، وهي الفنانة التي لطالما وصفها ألمودوفار بملهمته. التقيا عام 1997 وشاركت حتى الآن في 8 من أفلامه. يتشاركان الطاقة والحيويّة ذاتها، وهي غالباً ما تصف عملها معه بالنعمة في حياتها ليس كممثلة فحسب، بل كامرأة كذلك.


الممثلة بينيلوبي كروز مع ألمودوفار عام 2019 (أ ب)


مقالات ذات صلة

أمير المصري لـ«الشرق الأوسط»: خضت تدريبات شاقة من أجل «العملاق»

يوميات الشرق الفنان أمير المصري في «مهرجان القاهرة السينمائي» (صفحته على «إنستغرام»)

أمير المصري لـ«الشرق الأوسط»: خضت تدريبات شاقة من أجل «العملاق»

أكد الفنان المصري - البريطاني أمير المصري أنه يترقب عرض فيلمين جديدين له خلال عام 2025، هما الفيلم المصري «صيف 67» والبريطاني «العملاق».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )

«كولكتيف ريبيرث»... حان وقت العودة

لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«كولكتيف ريبيرث»... حان وقت العودة

لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)

يلتزم بعض أصحاب الغاليريهات بتنظيم معارض رسم ونحت وتجهيزات فنيّة رغم أوضاع صعبة يعيشها لبنان... فالحرب أصابت معظم هذا القطاع بشلل تام، ولكن هذا التوقف القسري يقابله أحياناً الخروج عن المألوف. ومن باب إعطاء اللبناني فسحة أمل في خضمّ هذه الأجواء القاتمة، قرر مركز «ريبيرث بيروت» الثقافي إقامة معرضه للفنون التشكيلية. فقلب الجميزة عاد ينبض من جديد بفضل «كولكتيف ريبيرث» (ولادة جديدة جماعية)، وشهد افتتاحه حضوراً ملحوظاً. «سمر»، المشرفة على المعرض تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه كان لا بد من العودة إلى النشاطات الفنية. وتتابع: «جميعنا مُتعبون ونشعر بالإحباط. ولكننا رغبنا في كسر الجمود بمعرضٍ يزوّدنا بمساحة ضوء، ويسهم في تبديل حالتنا النفسية. وقد لبّى دعوتنا نحو 12 فناناً تشكيلياً».

جوي فياض تعرض أعمالها من الريزين (الشرق الأوسط)

لوحات زيتية، وأخرى أكليريك وزيتية، وتجهيزات فنية، حضرت في هذا المعرض. ومن المشاركين لاريسا شاوول، وجوي فياض، وكارلا جبور، وإبراهيم سماحة، ومها حمادة، ودانيا خطيب، وغيرهم... كلٌ منهم عبّر عن رغبته في التجديد والانكباب على الحياة.

ندى بارودي تعرض أكثر من لوحة تحت عنوان «الطبيعة». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «تربطني بالطبيعة علاقة وطيدة، لا سيما بالأشجار وأوراقها. فهي تذكرني بالأرض وجذورنا. أما الأوراق فتؤكد لنا أننا في حالة تجدّد دائم. وبين كل فصل وآخر نراها تموت لتعود وتولد مرة جديدة. وهو الأمل الذي نحتاجه اليوم في ظروف صعبة نعيشها». وترسم ندى لوحاتها بريشة دافئة تترجم فيها فصول السنة، بألوان الزهر؛ الأصفر والأخضر والبرتقالي. رسمت ندى بارودي لوحاتها في أثناء الحرب. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تكثر الضغوطات حولي أفرّغها بالرسم. وخلال الحرب شعرت بحاجة إلى الإمساك بريشتي، فمعها أخرج عن صمتي، وتحت أصوات الانفجارات والقصف كنت أهرب إلى عالمي، فأنفصل تماماً عمّا يجري حولي، لألتقط أنفاسي على طريقتي».

دانيا مجذوب... لوحاتها تتراوح بين الرسم والفوتوغرافيا (الشرق الأوسط)

في جولتك بالمعرض تكتشف في أعماله أساليب فنية مختلفة، منها لوحات فوتوغرافية ولكنها منفذة بتقنية جديدة؛ فيدخل عليها الطلاء. دانيا مجذوب اختارت هذا الأسلوب ليشكّل هوية خاصة بها. وتضيف: «أجول في مختلف المناطق اللبنانية وألتقط مشاهد تسرق انتباهي».

لوحاتها المعروضة تجسّد مناطق بيروتية. تشرح: «جذبتني هذه الأبنية في وسط بيروت، وبالتحديد في شارع فوش. وكذلك انتقيت أخرى مصنوعة من الحجر القديم في زقاق البلاط والسوديكو. أطبع الصور على قماش الكانفاس لأعدّل مشهديتها بالطلاء».

كي تُبرز دانيا أسلوبها تستخدم الطلاء بالألوان البرّاقة... «هذه الألوان، ومنها الذهبي، تطبع اللوحة بضوء ينعكس من أرض الواقع». عمل دانا بتفاصيله الدقيقة توثّق عبره بيروت؛ مدينة الأجيال... «الصورة تبقى الطريقة الفضلى لنتذكّر مشهداً أحببناه. ويمكننا عدّ الفن الفوتوغرافي تخليداً لموقع أو مكان وحتى لمجموعة أشخاص».

وكما نوافذ بيوت المدينة العتيقة، كذلك تتوقف دانا عند أبوابها وشرفاتها، فهي مغرمة بالأبنية القديمة، وفق قولها. وتستطرد: «أهوى الرسم منذ صغري؛ ولذلك حاولت إدخاله على الصورة الفوتوغرافية».

الفنان إبراهيم سماحة أمام لوحته «بيروت»... (الشرق الأوسط)

من اللوحات المعروضة في «كولكتيف ريبيرث» مجموعة الفنان إبراهيم سماحة، فهو ينفذها بالطريقة ثلاثية الأبعاد. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعتمد في تقنيتي التقنيةَ نفسها المتبعة في تنفيذ الأيقونات. أرسم المدينة على ورق الفضة لينعكس الضوء عليها. من ناحيتي أهتم بإبراز الظل، وتأتي هذه التّقنية لتضفي عليه النور. وكما يتغير انعكاس الضوء في حياتنا، كذلك باستطاعته أن يبدّل في مشهدية لوحة معينة». إحدى لوحات سماحة صورّها من مبنى «البيضة» وسط العاصمة، ونفذّها لتبدو متدرّجة بين قسمين، فيُخيّل إلى الناظر إليها أنه يشاهد مدينتين أو «بيروتين» كما يذكر سماحة لـ«الشرق الأوسط». ويوضح: «أبدأ بتلقف الفكرة، ومن ثم أنقلها على الخشب. وفي لوحاتي، رسمت بيروت في أثناء الجائحة. وكذلك درج مار نقولا وشارع مار مخايل والجميزة قبل انفجار المرفأ وبعده».

معرض «ولادة جديدة جماعية» في منطقة الجميزة (الشرق الأوسط)

تكمل جولتك في المعرض، فتستوقفك تجهيزات فنية ومنحوتات لجوي فياض. جميعها ترتبط ارتباطاً مباشراً بالموسيقى. كما يطبعها الخيال والحلم، فيشعر الناظر إليها بأنها تحلّق في الفضاء. وتقول جوي لـ«الشرق الأوسط»: «كل لوحاتي تحكي لغة الحب، فهو في رأيي أهم ما يجب الاعتناء به وتكثيفه في حياتنا. ولأني أعمل في مجال الغناء؛ فإنني أربطه بالموسيقى».

في لوحتها «الرجل المشع»، تصوّر جوي شخصاً يمسك بقلبه الحديدي كي ينثر جرعات الحب فيه على من يمرّ أمامه، وقد صنعته من مواد الريزين والحديد وطلاء الأكريليك. وتضيف: «بالنسبة إليّ، فإن الحب هو الأساس في أي علاقة نقيمها... مع شريك الحياة والأب والابن والصديق والأم. وفي لوحة (الرجل المشع) نراه يُخرج قلبه من جسده كي يوزّع الحب وينثره. وهو أسلوب تتداخل فيه فنون عدة ليؤلف مشهدية تشبه ثلاثية الأبعاد».

ومن أعمال فياض المعروضة «تركني أحلم»، وهو منحوتة مصنوعة من الريزين أيضاً، ونرى رجل فضاء يسبح بين السماء والأرض التي يخرج منها الضوء.

وفي منحوتة «أنحني لتاجك» تترجم رؤية فلسفية عن الحب... «هناك علاقة وطيدة بين العقل والقلب، وهذا الأخير أَعُدّه تاج الإنسان. ولذلك علينا الانحناء أمامه من أجل إبراز قيمته المعنوية في حياة الإنسان».