تظهر ردود الفعل، سواء المتشائمة، أو المقللة من أهمية ما بات يعرف بتسريبات «حرب أوكرانيا»، التي صنفت على أنها أحد أخطر الخروق العسكرية والاستخبارية في تاريخ الولايات المتحدة، أن تداعياتها على المستوى القصير، قد تجبر واشنطن، على إعادة صياغة عمليات التجسّس. وكذلك قد تؤدي إلى تغيير أوكرانيا وروسيا أيضاً خططهما القتالية. ثم إن بعض حلفاء أميركا، الذين «يشعرون بالتعب» من تكرار عمليات التجسس عليهم، قد يزداد حذرهم من تشارك المعلومات الاستخبارية مع «حليفتهم الاستراتيجية» الكبرى. إلا أن التجربة تفيد بأنه على المدى الطويل سوف تتضاءل آثار التسريب، وستواصل أوكرانيا المضي قدماً في هجومها المضاد المخطط له. وأيضاً ستستمر الولايات المتحدة وحلفاؤها في دعم أوكرانيا، في حين أن حلفاء أميركا سيواصلون تبادل المعلومات معها، حتى لو طالبوا بتأكيدات، أو عبروا عن حذرهم بشأن احتمال حدوث تسريبات.
من نافلة القول أن المسؤولين الأميركيين بالغوا في الماضي بتقدير الضرر الناجم عن التسريبات الأمنية والسياسية التي حصلت في مناسبات عدة. وهي تبدأ من تسريبات موقع «ويكيليكس» للبرقيات الدبلوماسية الأميركية، ولا تنتهي بتسريبات إدوارد سنودن لوثائق وكالة الأمن القومي. وبحسب كثير من المعلقين الأميركيين، كانت تلك التقديرات مبالغاً فيها بشكل كبير. على الأقل، هذا ما يُظهره التسريب الأخير، في حال كانت المعلومات المنشورة صحيحة. إذ أظهرت أن المسؤولين والجواسيس الأميركيين ما زالوا قادرين على الوصول إلى أعماق أسرار أعلى مستويات حكومات الدول الأخرى، خصوصاً روسيا، التي اتهمت في السابق بأنها تقف على الأقل وراء تسريبات «ويكيليكس» وسنودن.
رغم ذلك، تظل التسريبات مبعثاً على القلق، لأنها يمكن أن تكشف لروسيا كيف تجمع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) معلومات استخباراتية مهمة عن القوات والقدرات الروسية. وهي لا تحتوي فقط على معلومات عن القوات الأوكرانية، بل تشمل أيضاً تقييماً مفصّلاً للجيش الروسي، من الدبابات إلى المدفعية والطائرات. وما جرى خلال الفترة القصيرة الماضية، طرح سؤالاً عمّا إذا كانت معرفة الجاسوس بأنه عميل مزدوج أم عميل ثلاثي، يعد أمراً مهماً، ما دام أن المعنيين يعرفون الفرق. إذ إن ما يهم - في نهاية المطاف - أنهم يعرفون ما هو دقيق، وما جرى عكسه والتلاعب به. ومع ذلك، يشدد بعض المسؤولين الأميركيين على أن العمل جارٍ على فحص ما جرى تسريبه رغم «كون الأمور تبدو حقيقية».
- تضليل لروسيا أم إفشال لهجوم الربيع؟
طرحت تساؤلات عدة، من قبيل، هل كُشف عن هذه الوثائق (أي تسريبات «حرب أوكرانيا») من قبل الروس لفضح الضعف الأوكراني وتحطيم الروح المعنوية، بحسب بعض المحللين؟ أم أنها جاءت رداً روسياً مباشراً على تسريبات استخبارية أميركية مماثلة، لطالما أشادت بها واشنطن في كشف خطط الجيش الروسي قبل الهجوم المستمر على أوكرانيا منذ 24 فبراير (شباط) العام الماضي وخلاله وبعده؟
وفي حين اتهم مسؤولون أميركيون روسيا أو عناصر موالية لها، بالوقوف وراء تلك التسريبات، رأى محللون آخرون أن تلك التسريبات ليست سوى «عناصر قياسية» في اللعبة العملياتية للاستخبارات الروسية، وقد لا تكون أكثر من ذلك، وليست لها علاقة بخطط أوكرانيا الحقيقية.
فرضية أخرى أشارت إلى أن أوكرانيا هي من أقدم على نشرها بالفعل - بحسب بعض المواقع الروسية - التي تعتقد أن الهدف من نشرها، هو «تضليل» الكرملين، وإيهامه بأن أوكرانيا ضعيفة، لكنها تخفي قوتها الحقيقية قبل «هجوم الربيع» المضاد الذي تخطط له في الأسابيع المقبلة؟ وبحسب الصحافة الأميركية، كان رد فعل موسكو لافتاً في «هدوئه» غير العادي بشأن التسريبات، رغم قيام وكالة «تاس» الحكومية بنشرها. ذلك أن المدوِّنين الروس عادةً متشككون ويشيرون إلى أخطاء إملائية، وفي المواد المسرَّبة نفسها. ولقد نقلت عن مدوِّن روسي شهير، لديه أكثر من مليون متابع على تطبيق «تليغرام»، قوله إن الأمر هو «تسريب محكم وحملة تضليل ضخمة» لإظهار الأوكرانيين كأنهم غير مستعدين... ما سيشجع روسيا بالتالي على ارتكاب خطأ.
يقول الخبراء إن «اللعبة» تدور حول دراسة «كيف نعرف ما نعرفه»، ويدعون إلى التركيز على الحقائق من خلال فحص بعض المواضيع الأساسية في الوثائق التي تتوافق مع المعلومات المستقاة من مصادر أخرى. فالمدوّنون العسكريون الروس نشروا بالفعل الوثائق المسرّبة على نطاق واسع، بما في ذلك تلك التي تقدّر عدد أنظمة الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة التي تنشرها أوكرانيا. لكن أوكرانيا تواجه، في الحقيقة، نقصاً حاداً في أسلحة الدفاع الجوي ما قد يكلفها الحرب. والولايات المتحدة، تعلم هذه المشكلة، وأعلنت قبل أسبوعين عن تسريع تقديم 2.6 مليار دولار إضافية لدعم أنظمة الدفاع الجوي والأسلحة الأخرى المرتبطة بها. ومع أن تقييمات «البنتاغون» وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وفق التسريبات، تشير أيضاً إلى أن أوكرانيا لا تستطيع تحمل سوى بضع موجات أخرى من الضربات الصاروخية الروسية، مع توفير خريطة لمكان وجود أنظمة دفاعها الجوي. بيد أن أياً من الوثائق لا يحتوي على أي معلومات مهمة ما كان يعرفها من قبل حلفاء «ناتو» والاستخبارات الروسية. ورغم أن الضرر يتركز حول كشف المعلومات المتعلقة بالدفاعات الجوية الأوكرانية، باعتبارها الجزء «الأكثر سوءاً» من الوثائق المسربة، فإن ذلك لا يُعد أزمة مهولة.
- مجموعة أسئلة بناء عليه، طرحت مجموعة أسئلة عمّا كشفته تلك الوثائق:
أولاً: هل الوثائق حقيقية؟ يقول المسؤولون الأميركيون إنها صحيحة... على الأقل، بالنسبة للجزء الأكبر منها. ويضيفون أن بعض الوثائق جرى تغييرها على ما يبدو. ولذا يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من هذا الكشف عن معلومات سرّية، الأمر الذي دعا «مكتب التحقيقات الفيدرالي» (إف بي آي) إلى فتح تحقيق لتحديد مصدر التسريب.
ثانياً: من أين أتت المواد؟ تشير الدلائل إلى أن الأمر «تسريب» وليس «اختراقاً قوياً». وعلى الرغم من ظهور المواد على منصات التواصل الاجتماعي، مثل «ديسكورد» و«تويتر» و«شان4» و«تليغرام»، فإن ما يُتداوَل مجرّد صور لتقارير موجزة مطبوعة.
ثالثاً: ما الذي تكشفه عن الحرب في أوكرانيا؟ توضح الوثائق بالتفصيل خطط واشنطن و«ناتو» السرية، لبناء الجيش الأوكراني قبل «هجوم الربيع» المتوقع. وكذلك تشير إلى أن القوات الأوكرانية «في حالة يرثى لها أكثر مما اعترفت به حكومة كييف علناً».
رابعاً: هل اخترقت الولايات المتحدة الاستخبارات الروسية؟ تكشف الوثائق المسربة مدى عمق قدرة الولايات المتحدة على اختراق أجهزة الأمن والاستخبارات الروسية، وهو ما سمح لواشنطن بتحذير أوكرانيا في التوقيت الحقيقي، بشأن الضربات الروسية المخطط لها، واكتساب نظرة ثاقبة على قوة آلة الحرب الروسية.
خامساً: ما الدول الأخرى التي جرى التنصت عليها؟ يبدو أن التسريب يتجاوز المواد السرّية المتعلقة بأوكرانيا. إذ يقول المحللون إن مجموعة الوثائق تشمل أيضاً مواد حساسة عن كندا والصين وإسرائيل وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى المسرح العسكري في المحيطين الهندي والهادي والشرق الأوسط.
وبينما لم يوضح «البنتاغون» ما إذا كان من المحتمل ظهور مزيد من الوثائق على الإنترنت، أو عدد المسؤولين في وزارة الدفاع الذين تمكنوا من الوصول إلى هذه الوثائق، يقول المسؤولون إن التسريب دفع الوزارة إلى اتخاذ خطوات لمراجعة كيفية مشاركة بعض المعلومات السرّية... ومع مَن. ومن ناحية ثانية، بادرت الإدارة الأميركية إلى إجراء اتصالات مكثفة مع حلفاء واشنطن منذ شيوع الأنباء عن تلك التسريبات. ولقد نفت كوريا الجنوبية صحة التسريبات المتعلقة بها، قائلة إنها «مزورة». وأيضاً نفى جهاز «الموساد» الإسرائيلي الادعاءات بأنه لعب دوراً رئيسياً في تأجيج الاحتجاجات ضد حكومة بنيامين نتنياهو على خلفية مشروعه الخاص بالتعديلات القضائية.
مع هذا، يعد التسريب أحد أوسع الانتهاكات نطاقاً على صعيد المعلومات الدفاعية في الولايات المتحدة خلال عقد من الزمان. وهو يسلط الضوء على الأسرار العسكرية، بينما يصار إلى الكشف عنها في بعض الأحيان بتسريبات صغيرة، تظل إلى حد كبير سرية في «البنتاغون» وأروقة الصناعات الدفاعية.
- تسريبات سابقة غيرت سياسات
بالمناسبة، لطالما تعرّضت الولايات المتحدة لعمليات تجسس وقرصنة إبان حقبة «الحرب الباردة»، ربما كان أشهرها تسريبات ما يعرف بـ«أوراق البنتاغون» عام 1971، وقضية تجسّس روبرت هانسن الموظف الكبير في الـ«إف بي آي» لمصلحة الاتحاد السوفياتي، منذ عام 1976. وبعد انتهاء «الحرب الباردة»، وإثر صعود روسيا بزعامة فلاديمير بوتين، شكّلت تسريبات «ويكيليكس» عام 2010 حول «حرب العراق»، أول التسريبات الكبرى في المعركة التي فتحها ضد «الهيمنة» الأميركية. ثم في عام 2013، كشفت تسريبات إدوارد سنودن، أحد المطلعين على مجتمع الاستخبارات، عن تفاصيل مفاجئة حول مراقبة الحكومة الأميركية لملايين الأميركيين سراً. وفي عام 2016، كشفت «ويكيليكس» عن البريد الدبلوماسي لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والبريد الإلكتروني لقيادة الحزب الديمقراطي. وهو المفصل الذي اعتُبر سبباً مباشراً لهزيمتهم في انتخابات الرئاسة لمصلحة دونالد ترمب. وأيضاً، كثيرون الذين يعتقدون أن تلك التسريبات أدّت في كل مرة إلى تغييرات جوهرية في قرارات الولايات المتحدة وسياساتها، وهو ما يخشى حصوله اليوم مع تسريبات أوكرانيا.
- أوراق «البنتاغون»
أخيراً، مع استمرار الصراع في السبعينات، سُرّبت دراسة دفاعية بالغة السرّية حول تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام، التي لم تعد تحظى بشعبية لدى الأميركيين، إلى صحيفة «نيويورك تايمز» في مارس (آذار) عام 1971. ويومذاك أطلقت التقارير التي نشرتها الصحيفة العنان لعاصفة من الانتقادات ضد الحكومة الأميركية، بعد كشفها بالتفصيل تورّط البلاد منذ عقود في حرب فيتنام، مثبتة صحة كثير من الانتقادات المناهضة للحرب. أيضاً، أوضحت الوثائق، بالتفصيل قرارات ومداولات السياسة الأميركية بين عامي 1945 و1967، جرى تسريبها إلى الصحيفة، من قبل المحلل العسكري دانيال إلسبيرغ، الذي تولى تصوير التقرير سرّاً، وقدمه إلى صحافيي الجريدة.
وكذلك الأوراق أدلة دامغة، بما في ذلك الخطوات التي اتخذها رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون، من هاري ترومان ودوايت أيزنهاور وجون كيندي وليندون جونسون، لإثارة الصراع في المنطقة بشكلين سرّي وعلني. وعدّ التسريب ضربة كبيرة للجيش الأميركي والإدارة السياسية، كونه أدى إلى كشف التفاصيل التي عمل المسؤولون على إبقائها سرية لسنوات. ونتج عنها واحدة من أضخم المعارك بين الإدارة الأميركية والصحافة، عندما أصدرت وزارة العدل أمراً مؤقتاً بمنع نشر التقارير. ولكن في نهاية يونيو (حزيران) 1971، سمحت المحكمة العليا لصحيفتي «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست»، بمواصلة نشر التقارير، في قرار حصل على أصوات غالبية 6 مقابل 3 من قضاة المحكمة. ونُظِر إلى ذلك القرار على أنه إحدى أهم القضايا المتصلة بحرية الصحافة في تاريخ الولايات المتحدة.
تسريبات إدوارد سنودن
> في عام 2013، كشفت تسريبات إدوارد سنودن، وهو أحد الموظفين في وكالة الأمن القومي، عن كيفية إقدام الحكومة الأميركية على مراقبة ملايين الأميركيين بشكل سرّي. واتهمت روسيا بالوقوف وراء العملية، خصوصاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشاد بسنودن، ومنحه الإقامة الدائمة ومن ثم الجنسية الروسية.
وكشفت التسريبات، عن برنامج مراقبة وضع في أعقاب «هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، بعدما رأى المسؤولون حاجة ماسة إلى تعزيز البرامج الأمنية وعمليات المراقبة لتحديد نطاق التهديدات الإجرامية والإرهابية المحتملة. لكنها كشفت أيضاً أن الحكومة كانت تجمع معلومات عن المواطنين العاديين، وليس فقط عن تهديدات إرهابية محتملة. وفضحت معلومات سنودن - الذي فر أولاً إلى هونغ كونغ، ثم إلى روسيا، واتُهم بسرقة ممتلكات حكومية وجرائم أخرى - وجود برامج أميركية للتجسس على الحكومات الأجنبية، بينها ألمانيا وفرنسا، والتنصت على عدد من مكاتب الاتحاد الأوروبي، والتجسس على 38 سفارة أجنبية في واشنطن على الأقل.
وأيضاً أثارت الوثائق عالية السرّية التي سرّبها سنودن - الذي ينظر إليه البعض على أنه إمّا مخبر شجاع أو خائن للحكومة - قلق الأميركيين بشأن «بصماتهم» الرقمية وبياناتهم الشخصية، في معركة لا تزال مستمرة حتى اليوم، لكنها أدت في نهاية المطاف، إلى وقف البرنامج.
سجلات «ويكيليكس» عن «حرب العراق»
> في عام 2010، نشرت «ويكيليكس»، وهي منظمة إعلامية أسسها جوليان أسانج، مجموعة من الوثائق العسكرية السرّية المسرّبة، توضح بالتفصيل تصرفات القوات الأميركية و«قوات التحالف» في «حرب العراق» بين عامي 2004 و2009. وفي حينه، عُدّت التسريبات من أكثر النظرات الواقعية عن الصراع في المنطقة، وكشفت عن عدد من الديناميكيات المقلقة للحرب، من بينها عدد القتلى المدنيين. إذ تبين أنه بحلول عام 2009، قتل 66 ألف مدني، أي أكثر من 60 في المائة من قتلى الحرب. كما أظهرت أن المئات من هؤلاء المدنيين قتلوا على أيدي «قوات التحالف»، مع أنه لم يُعلن حتى الآن عن آلاف القتلى المدنيين.
وتزعم الوثائق أيضاً حدوث انتهاكات في السجون، حتى بعد الإبلاغ عن انتهاكات واسعة النطاق للمعتقلين في سجن أبو غُريب في المراحل الأولى من الحرب. وخلصت إلى أن القوات الأميركية سلّمت سجناء إلى مجموعة عراقية معروفة بتمرسها في أساليب التعذيب.
وتضم التسريبات ما يقرب من 400 ألف تقرير أو سجل، سجلها جنود على الأرض في الحرب. وساعد تسريب تلك الوثائق، التي يعتقد أن روسيا تقف وراءها، في إضعاف التأييد الشعبي للحرب، الذي كان بدأ يتضاءل بالفعل. وبحلول الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عن خطط لإنهاء العمليات العسكرية الأميركية في العراق عام 2011، وافق 75 في المائة من المستطلعين تماماً على قرار إنهاء الحرب، وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة «بيو» للأبحاث في ذلك الوقت.
تجسس روبرت هانسن
> في عام 1976، انضم روبرت هانسن إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) كعميل خاص. وطوال 25 سنة أمضاها في الـ«إف بي آي»، تجسس على حكومة الولايات المتحدة لصالح الاتحاد السوفياتي وأجهزة الاستخبارات الروسية.
هانسن كان طوال «الحرب الباردة» جاسوساً لموسكو، ولم يتسنّ اكتشافه حتى منتصف الثمانينات. وحقاً، بفضل مكانته في الـ«إف بي آي»، تمكن هانسن من الوصول إلى معلومات سرّية للغاية، وباع آلاف الوثائق إلى روسيا السوفياتية، التي توضح بالتفصيل الخطط العسكرية الأميركية، والاستراتيجيات في حال نشوب الحرب النووية، وتقنيات الأسلحة. وبحسب ما ورد في أوراق الاتهام التي وجهت إليه، حصل الرجل على 1.4 مليون دولار نقداً ومجوهرات من بيع المعلومات الاستخباراتية. وتمكّنت أجهزة الاستخبارات الأميركية عام 2000، من العثور على تأكيدات روسية، تفيد بأن هانسن جاسوس. وبينما كان على وشك التقاعد مباشرة، قبض المحققون عليه متلبساً بتسليم معلومات سرّية لمصادر روسية في إحدى الحدائق العامة بولاية فيرجينيا وتم اعتقاله. وفي وقت لاحق من العام، أقرّ هانسن بأنه مذنب في 15 تهمة تجسس، وهو راهناً يمضي 15 حكماً متتالياً مدى الحياة في أحد سجون ولاية كولورادو، من دون أي حق في الإفراج المشروط.