ما أسباب تنامي «الإرهاب» في الكاميرون؟

بعد هجمات أدّت إلى نزوح الآلاف

لاجئون من منطقة مايو موسكوتا في الكاميرون يفرّون من العنف (أرشيفية - الأمم المتحدة)
لاجئون من منطقة مايو موسكوتا في الكاميرون يفرّون من العنف (أرشيفية - الأمم المتحدة)
TT

ما أسباب تنامي «الإرهاب» في الكاميرون؟

لاجئون من منطقة مايو موسكوتا في الكاميرون يفرّون من العنف (أرشيفية - الأمم المتحدة)
لاجئون من منطقة مايو موسكوتا في الكاميرون يفرّون من العنف (أرشيفية - الأمم المتحدة)

يتزايد استهداف الجماعات الإرهابية وعلى رأسها «داعش» و«بوكو حرام» للكاميرون، فيما تتصاعد أزمة انفصالية في البلاد وترتفع معدلات الجريمة، وهي «ظواهر يغذي بعضها بعضاً وتخلق حلقة مفرغة من العنف وغياب الأمن والفقر وتراجع سيطرة الدولة»، وفق خبراء.
هذا الأسبوع، نقلت إذاعة «صوت أميركا» عن مسؤولين محليين في مناطق الحدود الشمالية للكاميرون مع نيجيريا قولهم إن «مقاتلي (بوكو حرام) دمّروا مئات المنازل في هجمات واسعة النطاق أسفرت عن مقتل 6 قرويين وجنديين على الأقل وتشريد الآلاف».
وقال المسؤولون المحليون في منطقة مايو موسكوتا، الواقعة على الحدود مع ولاية بورنو النيجيرية، إن «مئات من مقاتلي (بوكو حرام) شنوا هجمات مميتة على القرى»، وأضافوا أنهم «نهبوا الأسواق والمزارع والمواشي والمتاجر وتسببوا في فرار الآلاف من القرويين إلى الغابات في الحدود مع نيجيريا».
بدورها تنتشر خلايا لتنظيم «ولاية داعش غرب أفريقيا»، في الكاميرون وتشن هجمات في المنطقة الحدودية نفسها.
وفي الجنوب الغربي المعروف باسم «الكاميرون الإنجليزي» تنشط جماعات تسعى إلى فصله بحجة التهميش. وأودى العنف الانفصالي في الجنوب خلال مواجهة الحكومة الناطقة بالفرنسية مع الحركات الانفصالية الناطقة بالإنجليزية إلى مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 700 ألف شخص، وفق معهد الدراسات الأمنية «ISS» ومقره بريتوريا.
ورغم اختلاف الآيديولوجيا والأهداف، يَجمع جماعات الجريمة والتنظيمات الإرهابية الاشتراكُ في تجارة السلاح، واستغلال الهشاشة الأمنية، مما يؤدي إلى تفاقم معدلات الجريمة وغياب سيطرة قوات إنفاذ القانون على مناطق واسعة من البلاد.
ووفق تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة، المعنيّ بالمخدرات والجريمة، في يونيو (حزيران) الماضي، فإن الحروب والتوترات السياسية وتمدد الجماعات الإرهابية وفّرت بيئة مواتية لإنتاج المخدرات والاتجار بها في منطقة الساحل الأفريقي وبحيرة تشاد.
كانت دراسة نشرها «المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية» في فبراير (شباط) الماضي، قد خلصت إلى أن تمدد الجماعة النيجيرية المتطرفة «بوكو حرام» في شمال الكاميرون، أدى إلى «تهيئة بيئة مواتية لشبكات الإجرام التي أعادت هيكلة تنظيم أنشطتها وتوسعت فيها مستفيدةً من نفوذ الجماعة الإرهابية». وكشفت الدراسة عن أن هيكل «بوكو حرام»، «تندمج فيه جماعات إجرامية، ويمثّل ذلك مشكلة خطيرة لبرامج مكافحة التطرف».
كما وجدت الدراسة أن ازدياد نفوذ التنظيم في المنطقة أدى إلى زيادة كَمِّ ونوع أنماط الجريمة التي كانت تنتشر في شمال الكاميرون تقليدياً قبل ظهوره؛ إذ صارت العمليات الإجرامية التقليدية تمارَس باحترافية أكبر وبمشاركة أفراد من جنسيات مختلفة. وخلصت الدراسة إلى أن «تفاقم التوترات بين المجموعات العرقية وتزايد رقعتها الجغرافية وتسليحها، نتيجة لنفوذ التنظيم وتعاونه مع عصابات الجريمة».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى محمد الأمين ولد الداه، الخبير في شؤون الساحل وغرب أفريقيا، أن «أي غياب الأمن لأسباب عرقية أو إثنية أو لغوية وثقافية يؤدي إلى تعزيز نفوذ الجماعات الإرهابية، وهو ما يؤدي إلى انتشار أكبر للجريمة بشكل عام». وقال: «هناك عوامل أعانت الجماعات الإرهابية على التوسع في هجماتها وزيادة نفوذها في جنوب نيجيريا وشمال الكاميرون، ومنها زيادة نفوذ عصابات الجريمة المنظمة وشبكة المتعاونين المحلِّيين، والاضطرابات المجتمعية، والضعف الأمني، والفقر والتهميش، وسوء الإدارة».
ولفت الأمين ولد الداه إلى أن تلك الجماعات بشكل عام «تهتم باستقطاب الطبقات الأكثر فقراً وتدفع بسخاءٍ، نتيجةَ مواردها الضخمة التي تحصل عليها بطرق مختلفة». وأضاف أن «تمدد تلك التنظيمات في الكاميرون ونيجيريا بدوره يتسبب في تدهور الاقتصاد في مناطق النفوذ، ما يشكّل حلقة مفرغة يصعب الخروج منها ويُخرج تلك المناطق عن نفوذ الدولة».
كانت وزارة الخزانة الأميركية قد قدّرت أن إيرادات «بوكو حرام» التي يتمدد نفوذها في غرب أفريقيا وجنوب الصحراء، نحو 10 ملايين دولار سنوياً، ويأتي معظم هذه الأموال من الجرائم المنظمة مثل الخطف وتجارة السلاح والمخدرات.
ورأى أحمد سلطان، الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، أنه «علاوة على (بوكو حرام) فإن (ولاية داعش غرب أفريقيا) تكثف من هجماتها في الكاميرون بهدف السيطرة على موارد أكبر وتوسيع نفوذها في منطقة بحيرة تشاد، وتعمل على خلق امتداد لحضورها في دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد».
وقال سلطان لـ«الشرق الأوسط» إن «الكاميرون إحدى دول منطقة غرب أفريقيا التي يعدها التنظيم أولويةً كساحةٍ عملياتية له، ويحاول (داعش) بث رسالة بهجماته في الكاميرون والنيجر مفادها أنه يستطيع التمدد في تلك المنطقة».
ويعتقد سلطان أن «تمدد التنظيم في شمال الكاميرون يأتي في سياق حرب الاستنزاف الاقتصادي لدول غرب أفريقيا حيث المناطق المستهدفة زراعية وقروية تدرّ دخلاً ومصدراً للغلال والغذاء لساكنيها ولمختلف مناطق البلاد».
وأضاف أن «إفقار تلك المناطق» صار أهم من استهداف الأهداف العسكرية لأنه يجعل منها نقاط جذب للتجنيد وبؤراً للتعاون مع جماعات الجريمة المنظمة في ظل تفشي الفقر وغياب الأمن.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مدير الاستخبارات الأميركية يبحث في مقديشو سُبل محاربة الإرهاب

الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)
الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)
TT

مدير الاستخبارات الأميركية يبحث في مقديشو سُبل محاربة الإرهاب

الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)
الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)

كشف موقع «الصومال الجديد»، السبت، عن قيام مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، بزيارة سرية إلى العاصمة الصومالية مقديشو، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وخلال هذه الزيارة، التقى بيرنز، الرئيس حسن شيخ محمود، ومعه مدير وكالة المخابرات والأمن الوطني الصومالية، عبد الله سنبلوشي. وناقش الجانبان خلال اللقاء تعزيز الشراكة بين الصومال والولايات المتحدة، والتعاون الاستخباراتي، واستراتيجيات مكافحة الإرهاب، والتوترات القائمة في منطقة القرن الأفريقي، وفق المصدر نفسه.

وتُعدّ هذه الزيارة هي الثانية من نوعها التي يقوم بها بيرنز إلى الصومال خلال هذا العام، إذ سبق أن زار مقديشو في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد عملية للقوات الأميركية لاعتراض شحنة أسلحة إيرانية قبالة السواحل الصومالية.

وأكد الرئيس حسن شيخ، والمسؤول الأميركي، أهمية التعاون في القضايا الحاسمة للسلام والأمن، مشددين على التزامهما بتعزيز الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

وتوترت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا في يناير الماضي، بعدما وقّعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، تتضمن الاعتراف باستقلاله، مقابل السماح لها بالوصول إلى ميناء على خليج عدن.

وشغل ملف محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة حيزاً مهماً من لقاء المسؤولين، نظراً لما يمثله هذه الملف من أهمية بالنسبة للإدارة الأميركية، وأيضاً بسبب الأحداث الإرهابية الأخيرة والدامية التي عرفها الصومال خلال الشهور الماضية، ووجود جماعة متطرفة في هذا البلد.

ففي الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تمكّنت وحدات من الجيش الصومالي بالتعاون مع الشركاء الدوليين من القضاء على 47 عنصراً إرهابياً في ‏عملية عسكرية بمحافظة غلغدود وسط البلاد.‏ واستهدفت العملية العسكرية تجمعاً للعناصر ‏الإرهابية في مدينة عيل طير؛ إذ أسفرت عن القضاء على 47 عنصراً إرهابياً، وتدمير القاعدة ‏التي تجمعوا فيها، وتدمير سيارة مفخخة.

وفي 31 من الشهر نفسه، تمكّنت قوات الجيش الصومالي في عملية عسكرية، من القضاء على 15 عنصراً إرهابيّاً ‏من حركة «الشباب» الإرهابية بمحافظة مدغ بولاية غلمدغ وسط البلاد. في حين تواصل القوات المسلحة عمليات ‏المطاردة والملاحقة ضد فلول العناصر الإرهابية، في المناطق الريفية بالمحافظة نفسها.

وكان مستشار الأمن القومي الصومالي، حسين شيخ علي، قد نفى وجود مفاوضات سرية بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وحركة «الشباب» الإرهابية. وقال إن الرئيس الصومالي وضع شروطاً واضحة بشأن هذا الاحتمال، تتمثل في قطع المقاتلين، أي صلة مع الجماعات الإرهابية العالمية، وقبول سلامة أراضي الصومال، والاستعداد لمتابعة أجندتهم السياسية بشكل سلمي.

وجاء هذا التصريح ردّاً على تقارير جرى تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي، تحدثت عن التحضير لمفاوضات بين الحكومة الصومالية وحركة «الشباب» في العاصمة القطرية الدوحة.