كيف أصبح جاك غريليش نجماً في آلة مانشستر سيتي التي لا تعرف الرحمة؟

الجناح الدولي وجد صعوبة في التأقلم مع طريقة لعب غوارديولا حتى أظهر الآن قدراته الحقيقية

غريليش أخذ وقتا حتى تأقلم وأصبح ضمن تشكيلة مانشستر الأساسية (رويترز)
غريليش أخذ وقتا حتى تأقلم وأصبح ضمن تشكيلة مانشستر الأساسية (رويترز)
TT

كيف أصبح جاك غريليش نجماً في آلة مانشستر سيتي التي لا تعرف الرحمة؟

غريليش أخذ وقتا حتى تأقلم وأصبح ضمن تشكيلة مانشستر الأساسية (رويترز)
غريليش أخذ وقتا حتى تأقلم وأصبح ضمن تشكيلة مانشستر الأساسية (رويترز)

على الرغم من أنني مشجعة لبرمنغهام سيتي، لم يكن بمقدوري أن أكره جاك غريليش عندما كان يلعب مع أستون فيلا، وذلك لأنه يمتلك مهارات استثنائية وقدرات هائلة في النواحي الهجومية. واستطاع غريليش أن ينقل موهبته إلى مستوى مختلف في مانشستر سيتي، ومن السهل رؤية الثقة غير المحدودة التي كان يمتلكها الجناح الإنجليزي الدولي منذ اليوم الأول له مع «السيتيزنز». لقد استغرق الأمر بعض الوقت لكي يتكيف غريليش مع مانشستر سيتي عقب انتقاله لملعب الاتحاد مقابل 100 مليون جنيه إسترليني من نادي طفولته أستون فيلا في عام 2021.
وخلال الموسم الماضي، لم يكن غريليش يشارك بصفة منتظمة في التشكيلة الأساسية، ولم يكن يحرز الكثير من الأهداف، لكن الأمر تغير تماما الآن وأصبح غريليش أحد الأعمدة الأساسية لمانشستر سيتي تحت قيادة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا. من المعروف في كرة القدم أن الأمر يستغرق بعض الوقت لكي يتكيف أي لاعب مع فريقه الجديد، بل ويكون الأمر أكثر صعوبة عندما يكون المدير الفني هو غوارديولا، الذي يفرض على لاعبيه بعضا من أكثر الخطط التكتيكية تعقيدا في العالم.
ولم ينجح الكثير من اللاعبين في تقديم مستويات جيدة مع مانشستر سيتي في بداية مسيرتهم مع الفريق، فعلى سبيل المثال لم ينجح رحيم سترلينغ في إحراز أكثر من عشرة أهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز إلا في الموسم الثالث مع الفريق، كما تطلب الأمر بعض الوقت لكي يتكيف رودري مع سرعة كرة القدم الإنجليزية، ولم يشارك رياض محرز كثيرا في التشكيلة الأساسية لمانشستر سيتي في بداية مسيرته في ملعب الاتحاد. ومع ذلك، يمكن تصنيف اللاعبين الثلاثة على أنهم نجحوا بشكل كبير مع الفريق.
لقد اعترف غريليش بأن التكيف مع طريقة لعب مانشستر سيتي تحت قيادة غوارديولا كان أصعب بكثير مما توقعه. لقد أمضى غريليش مسيرته الكروية بالكامل مع أستون فيلا، بعد تصعيده من أكاديمية الناشئين بالنادي، قبل أن يصبح قائدا للفريق والعمود الفقري الذي تم بناء الفريق بالكامل من حوله. وكانت الفلسفة الأساسية لأستون فيلا تعتمد على توصيل الكرة إلى غريليش حتى يتمكن من القيام بشيء ما. أما في مانشستر سيتي، فهو مجرد نجم في آلة الفريق التي لا ترحم. لقد كان يتعين عليه أن يعرف كيف يتأقلم مع الفريق، كما كان باقي لاعبي الفريق بحاجة لمعرفة نقاط قوته وأسلوبه في اللعب.
لقد نجح غريليش في أن يلعب في التشكيلة الأساسية لمانشستر سيتي والمنتخب الإنجليزي على حساب لاعب استثنائي مثل فيل فودين، وهو ما يعد مؤشرا قويا للغاية على الأداء الذي يقدمه هذا اللاعب. ونجح غريليش في إحراز وصناعة المزيد من الأهداف مع مانشستر سيتي هذا الموسم، كما أصبح أقوى كثيرا وتطور بشكل مذهل فيما يتعلق بعملية اتخاذ القرار.
لقد كان غريليش بحاجة إلى اللعب في هذه الظروف الصعبة، لأنه كان يلعب مع أستون فيلا الذي كان يلعب مباراة واحدة فقط في الأسبوع، لكنه الآن يلعب مع مانشستر سيتي الذي ينافس على أربع بطولات في الموسم. لكن أهم شيء هو أنه خلال الموسم الماضي كان يتحرك دائما خارج منطقة الجزاء، لكنه الآن يتمركز ويتحرك في مناطق أفضل. كنت دائما أود أن أراه يدخل إلى منطقة الجزاء، مثلما كان يفعل رحيم سترلينغ، الذي سجل الكثير من أهدافه مع مانشستر سيتي من خلال اللعب كمهاجم ثان.
من المؤكد أن اختيار غوارديولا لأي لاعب من الأساس يعد بمثابة دفعة كبيرة بالنسبة له، خاصة أنه قد يستبعد لاعبين كبارا وبارزين ولا يشركهم في المباريات، كما حدث مع كايل ووكر الذي قال عنه غوارديولا مؤخرا إنه لا يناسب طريقة لعب الفريق في الوقت الحالي. لقد كان ووكر أحد أكثر اللاعبين تأثيراً وثباتاً في المستوى في ولاية غوارديولا مع مانشستر سيتي، لكن المدير الفني الإسباني لم يتردد للحظة في إبقائه على مقاعد البدلاء عندما شعر بأنه لا يقوم بواجباته الدفاعية والهجومية داخل المستطيل الأخضر على النحو الأمثل. أراهن أن غريليش يذهب إلى اجتماعات الفريق وهو يعلم أنه سيكون ضمن التشكيلة الأساسية، نظرا لأنه يمتلك ثقة هائلة في نفسه وفي قدراته وإمكاناته.
ويعد إيرلينغ هالاند إحدى صفقات غوارديولا التي استقرت مع الفريق على الفور، بمثابة داعم وحليف قوي لغريليش. يحب غريليش أن يدخل إلى عمق الملعب من ناحية اليسار، ويمرر الكرة بدقة ويتفوق بشكل كبير في المواجهات الفردية. وبالتالي، فإن وجود مهاجم صريح يعد شيئا مثاليا بالنسبة له، لكن مانشستر سيتي نادرا ما كان يعتمد على مهاجم صريح خلال الموسم الماضي. لكن علاقة غريليش بجميع زملائه واضحة تماما.
يدعم غوارديولا غريليش بقوة في أكبر المباريات، ودائما ما يكون اللاعب عند حسن ظن المدير الفني الإسباني. لقد قدم غريليش أداء رائعا في المباراة التي فاز فيها مانشستر سيتي على ليفربول بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد هذا الشهر، وسجل الهدف الثالث، كما قدم مستويات جيدة للغاية في المباراة التي فاز فيها الفريق على أرسنال في فبراير (شباط) الماضي، وعندما شارك كبديل أمام تشيلسي في يناير (كانون الثاني) صنع هدف الفوز لرياض محرز.
لقد أكد غوارديولا منذ البداية على أن مانشستر سيتي يستثمر في غريليش على المدى الطويل، ولم يكن الأمر يتعلق بتألقه على الفور. لقد تعاقد مانشستر سيتي معه لمدة ست سنوات، لأنه يعلم تماما القدرات والفنيات الهائلة التي يمتلكها هذا اللاعب، ويدرك أنه سيكون إضافة قوية على المدى الطويل. لقد تطور مستوى غريليش بشكل كبير، ليس فقط في الهجوم، ولكن أيضاً في النواحي الدفاعية، وخاصة فيما يتعلق بالضغط على حامل الكرة. كنت أعتقد في السابق أن هذا الأمر يمثل إحدى نقاط الضعف في أدائه، لكنه تطور بشكل مذهل في هذا الصدد.
وأمام بايرن ميونيخ في ذهاب دوري أبطال أوروبا، ضغط بقوة على دايو أوباميكانو وأجبره على تشتيت الكرة بشكل خاطئ لتصل إلى هالاند الذي صنع هدفا لبرناردو سيلفا. وفي المباراة التي فاز فيها مانشستر سيتي على ليفربول، ركض غريليش 70 ياردة ليوقف محمد صلاح ويمنعه من إحراز الهدف الثاني، الذي كان سيجعل النتيجة تقدم ليفربول بهدفين دون رد. وهناك نقطة أخرى تساعد غريليش على التألق، وهي أن من يلعب خلفه هو ناثان أكي الذي يقدم مستويات ممتازة وثابتة في مركز الظهير الأيسر. ونظرا لأن غريليش يعلم جيدا أن أكي يقوم بالأدوار الدفاعية على النحو الأمثل، فإنه يتقدم للأمام بكل ثقة ويصنع الفارق لصالح فريقه.
وأود أن أشير هنا إلى أنني أنا وغريليش ذهبنا إلى نفس المدرسة، وإن كان يفصل بيننا بعض سنوات، وتدربنا تحت قيادة نفس مدرس التربية البدنية، سيكيل، في مدرسة سانت بطرس في سوليهول، وهي نفس المدرسة التي كان يذهب إليها أيضا لاعب التنس دان إيفانز ومدافعة مانشستر يونايتد أويف مانيون. إنهم قدوة ومصدر إلهام للجيل القادم، وتحتاج كل مدينة إلى أشخاص مثل هؤلاء لكي يكونوا مثلا أعلى وقدوة للشباب. إنني أشعر بالفخر لأنني أنتمي إلى برمنغهام، وسأظل دائما أدعم نادي برمنغهام سيتي لأنني أعرف مدى أهمية ذلك. وبالعودة إلى غريليش، فإنه الآن يقدم أفضل مستوياته على الإطلاق مع مانشستر سيتي ومنتخب إنجلترا، ونأمل أن يستمر في ذلك لفترات طويلة.


مقالات ذات صلة

جولة مانشستر سيتي: نجوم واعدون وفرصة لغريليش للتألق

رياضة عالمية رأسية هالاند في طريقها لهز شباك سلتيك في اللقاء الودي (أ.ف.ب)

جولة مانشستر سيتي: نجوم واعدون وفرصة لغريليش للتألق

بعد استبعاده من قائمة المنتخب الإنجليزي في نهائيات «يورو 2024»، يعلم غريليش أنه سيواجه تحدياً كبيراً هذا الموسم

رياضة عالمية إدي نكيتياه لاعب آرسنال... مطلوب من قبل روبرتو دي زيربي في مرسيليا (أ.ف.ب)

أرتيتا يسعى لتأهيل ساكا ورايس نفسياً بعد أحزان «يورو 2024»

لم يكن هناك من هو أكثر سعادة من أرتيتا عندما تخلص ساكا أخيراً من لعنة ركلة الجزاء في «يورو 2024».

رياضة عالمية فودين يفشل في هز شباك منتخب إسبانيا ... مشهد تكرر كثيرا في "يورو 2024" (أ.ف.ب)

هل تحول فودين من لاعب استثنائي مع ناديه إلى لغز مع منتخب بلاده؟

جون بارنز لم يتمكن أبداً من الظهور مع المنتخب الإنجليزي بالمستوى الرائع نفسه الذي كان يقدمه مع ليفربول.

رياضة عالمية إيفرتون مازال خاضعا لملكية فرهاد موشيري (غيتي)

بعد فشل صفقة الاستحواذ... مستقبل إيفرتون إلى أين؟

التراجع عن عملية الاستحواذ على إيفرتون لا يعني حدوث اضطرابات فورية... لكن عملية البيع معقدة للغاية.

رياضة عالمية إنزو ماريسكا (د.ب.أ)

مدرب تشيلسي: لن تحدث مشكلات عند عودة إنزو

يتوقع إنزو ماريسكا، المدير الفني الجديد لفريق تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم، عدم حدوث مشكلات بين اللاعبين عندما يعود إنزو فرنانديز إلى الفريق الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن )

في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
TT

في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)

هناك الكثير من العوامل التي تدخل ضمن مساعي الرياضيين الأولمبيين للحصول على الذهب، أبرزها المواظبة على التدريب وقضاء سنوات من الصرامة والشدة مع النفس، لكن عمر الرياضي أيضاً يعد أحد أهم هذه العوامل، وفق فريق بحثي من جامعة واترلو الكندية، استخدم الإحصائيات لمعرفة متى يبلغ أداء الرياضيين الأولمبيين في سباقات المضمار والميدان ذروته؟

ووفق نتائج الدراسة المنشورة في دورية «سيجنيفيكنس» (Significance) يتدرب معظم الرياضيين عادةً على مدار عدة سنوات للوصول إلى أفضل أداء ممكن لديهم أو ما يعرف بـ«ذروة الأداء» في سن معينة، قبل أن يتراجع مستوى الأداء تدريجياً.

قال ديفيد أووسوجا، طالب الماجستير في علوم البيانات بجامعة واترلو، والباحث الرئيسي للدراسة: «على عكس الرياضات الأولمبية الأخرى مثل كرة القدم، والتنس، التي لها منافساتها رفيعة المستوى خارج نطاق الألعاب الأولمبية، فإن دورة الألعاب الأولمبية هي أكبر مسرح يتنافس فيه رياضيو سباقات المضمار والميدان».

عبد الرحمن سامبا العدّاء القطري (الأولمبية القطرية)

وأضاف في بيان، نشر الأربعاء، على موقع الجامعة: «نظراً لأن الألعاب الأولمبية تقام مرة واحدة فقط كل أربع سنوات، يجب على الرياضيين في سباقات المضمار والميدان، أن يفكروا بعناية في متى وكيف يجب أن يتدربوا لزيادة فرص تأهلهم للأولمبياد لأقصى حد، بينما يكونون في ذروة الأداء الشخصي لهم». وتضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي.

قام باحثو الدراسة بتنظيم مجموعة بيانات الأداء الرياضي الاحترافي، سنة بعد سنة، لكل رياضي مسابقات «المضمار والميدان» الذين شاركوا ضمن المنافسات الفردية في دورات الألعاب الأولمبية، منذ دورة الألعاب التى أقيمت في عام 1996 في أتلانتا بالولايات المتحدة.

حلل الباحثون البيانات التي أخذت في الاعتبار خمسة عوامل: «الجنس، والجنسية، ونوع المسابقة الرياضية، ومدة التدريب الرياضي على مستوى النخبة المتميزة من الرياضيين، وما إذا كان هذا العام هو العام الذي عقدت فيه مسابقات الأولمبياد أم لا».

ووجدوا أن متوسط ​​عمر مشاركة الرياضيين الأولمبيين في ألعاب المضمار والميدان ظل ثابتاً بشكل ملحوظ لكل من الرجال والنساء على مدى العقود الثلاثة الماضية: أقل بقليل من 27 عاماً.

وهو ما علق عليه أووسوجا: «من المثير للاهتمام أن تحليلنا أظهر أن متوسط ​​​​ العمر للوصول إلى (ذروة الأداء) لهؤلاء الرياضيين كان 27 عاماً أيضاً».

ووفق النتائج، فإنه بعد سن 27 عاماً، هناك احتمال تبلغ نسبته 44 في المائة فقط، أن تكون لا تزال هناك فرصة أمام المتسابق للوصول إلى ذروة الأداء الرياضي، ولكن ​​في الأغلب ينخفض هذا الرقم مع كل عام لاحق لهذا السن تحديداً.

وقال ماثيو تشاو، الباحث في الاقتصاد بالجامعة، وأحد المشاركين في الدراسة: «العمر ليس العامل الوحيد في ذروة الأداء الرياضي»، موضحاً أن «الأمر المثير حقاً هو أننا وجدنا أن مدى وعي الرياضي بتوقيت البطولة، يساعد على التنبؤ بأدائه الرياضي بجانب درجة استعداده لها». وبينما يؤكد الباحثون أن تحليلهم نظري في الأساس، فإنهم يأملون أن تكون النتائج مفيدة لكل من الرياضيين والمشجعين.

ووفق أووسوجا فإن أهم النقاط التي نستخلصها من هذه الدراسة، هي أن «هناك قائمة من المتغيرات تساعد في التنبؤ بموعد ذروة الأداء لدى الرياضيين الأولمبيين».

وأضاف: «لا يمكنك تغيير سنة الألعاب الأولمبية، أو تغيير جيناتك، أو جنسيتك، ولكن يمكنك تعديل أنظمة التدريب الخاصة بك لتتماشى بشكل أفضل مع هذه المنافسات الرياضية».

وأشار تشاو إلى أن هذا النوع من الأبحاث يظهر لنا مدى صعوبة الوصول إلى الألعاب الأولمبية في المقام الأول، مضيفاً أنه «عندما نشاهد الرياضيين يتنافسون في سباقات المضمار والميدان، فإننا نشهد وفق الإحصائيات كيف يكون شخص ما في ذروة أدائه البدني، بينما يستفيد أيضاً من توقيت المنافسات ويكون محظوظًا للغاية».