يلين: الإجراءات الأميركية لا تهدف لخنق الاقتصاد الصيني

قالت إن واشنطن تريد علاقات اقتصادية «بناءة وعادلة» مع بكين

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لدى حضور آخر اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين (أ.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لدى حضور آخر اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين (أ.ب)
TT

يلين: الإجراءات الأميركية لا تهدف لخنق الاقتصاد الصيني

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لدى حضور آخر اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين (أ.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لدى حضور آخر اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين (أ.ب)

أكدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، في كلمة أمس (الخميس)، نُشر نصها مسبقاً، أن الولايات المتحدة تريد «علاقة اقتصادية بناءة وعادلة» مع الصين مع تمسك واشنطن بموقفها في الدفاع عن أمنها القومي.
وتأتي الكلمة التي ألقتها يلين في جامعة «جونز هوبكنز» في واشنطن فيما لا يزال التوتر مرتفعاً بين أكبر اقتصادين في العالم... فقد اتهم وزير الخارجية الصيني الجديد تشين غانغ الشهر الماضي واشنطن بتأجيج التوتر بين القوتين، محذراً من «نزاع ومواجهة».
غير أن يلين أكدت تمسك الولايات المتحدة بقناعتها المتمثلة بالدفاع عن قيمها والأمن القومي. وقالت: «في هذا السياق، نسعى إلى علاقة اقتصادية بنّاءة وعادلة مع الصين». كما أكدت ضرورة أن يتمكن البلدان من «مناقشة القضايا الصعبة بصراحة» والعمل معاً إذا كان ذلك ممكناً.
وبعدما شددت على ضرورة أن تكون «المنافسة الاقتصادية الصحيحة» عادلة لتصبح مستدامة، قالت يلين «سنواصل الشراكة مع حلفائنا رداً على ممارسات الصين الاقتصادية غير العادلة».
وأضافت أن الصين وسّعت نطاق دعمها للمؤسسات المملوكة من الدولة والشركات المحلية الخاصة من أجل «السيطرة على منافسين أجانب».
ورغم أن بعض إجراءات الأمن القومي الأميركي قد تكون لها انعكاسات اقتصادية، أكدت يلين أن تلك الخطوات «تدفعها فقط مخاوفنا على الأمن والقيم». وأضافت: «ليس هدفنا استخدام هذه الأدوات من أجل تحقيق تفوق اقتصادي تنافسي». ورفضت يلين فكرة أن تكون إجراءات الأمن القومي الأميركية تهدف إلى خنق التحديث الاقتصادي والتكنولوجي للصين.
كان الرئيس الصيني شي جينبينغ، قد انتقد في وقت سابق الولايات المتحدة معتبراً أنها تقود مساعي لاحتواء وقمع الصين. وتلقت طموحات الصين التكنولوجية ضربة من جراء قيود فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، فيما شددت السلطات الصينية على ضرورة الابتعاد عن الصادرات المتعلقة بقطاعات تعد رئيسية للأمن القومي، مثل أشباه الموصلات.
ورغم الخلافات بين الطرفين شددت يلين (الأربعاء)، على الحاجة للتعاون أيضاً في تحديات عالمية ملحّة. وتواجهت واشنطن وبكين في السنوات الماضية في قضايا التجارة وحقوق الإنسان وسواها، وساءت العلاقات بدرجة أكبر هذا العام عندما أسقطت الولايات المتحدة منطاداً صينياً قالت إنه يُستخدم لأغراض التجسس، وهو ما نفته الصين بشدة.
وبينما وافق البلدان على تعزيز التواصل في قضايا الاقتصاد الكلي إلى جانب التعاون في مسائل المناخ وأزمات الديون، شددت يلين على ضرورة «بذل المزيد من الجهود». وأضافت: «ندعو الصين إلى الوفاء بوعدها التعاون معنا في تلك القضايا، ليس خدمةً لنا، إنما بدافع واجبنا والتزامنا المشترك تجاه العالم».
وبالتزامن، عقد السفير الأميركي لدى الصين نيكولاس بيرنز، أول اجتماعاته المعروفة مع مسؤول صيني بارز منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي، وهي علامة على أن أكبر اقتصادين في العالم ربما يتخذان خطوات أولية لإصلاح العلاقات.
والتقى بيرنز الدبلوماسي الصيني ليو غيانشاو، أمس، في بكين، لـ«تبادل وجهات النظر» بشأن العلاقات والقضايا الإقليمية، حسب بيان صادر عن الإدارة الدولية بالحزب الشيوعي التي يرأسها ليو.
ولم يذكر البيان المقتضب مزيداً من التفاصيل، كما لم تردّ السفارة الأميركية على الفور على طلب التعقيب. وآخر اجتماع معروف لبيرنز مع مسؤول صيني كان مع وزير الزراعة تانغ رينجيان في 17 فبراير، رغم أنه حضر فعالية حضرها نائب وزير التجارة وانغ شوين، في وقت متأخر من الشهر، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وعرقلت بكين جهود واشنطن لاستئناف العلاقات بعدما أسقطت الولايات المتحدة منطاداً يُزعم أنه للتجسس في أوائل فبراير، وما زالت الدولتان مختلفتين بشأن مجموعة من القضايا، بما في ذلك قيود على التكنولوجيا، وتايوان، والعقوبات، والحرب الروسية في أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد إعلان توظيف على نافذة مطعم «شيبوتل» في نيويورك (رويترز)

الطلبات الأسبوعية لإعانات البطالة الأميركية تنخفض على غير المتوقع

انخفض، الأسبوع الماضي، على غير المتوقع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد غوتام أداني وزوجته يرفعان إصبعيهما الملطخ بالحبر بعد الإدلاء بصوتيهما في أحمد آباد في 7 مايو 2024 (رويترز)

الملياردير الهندي غوتام أداني متهم في الولايات المتحدة بالرشوة

وجهت النيابة الفيدرالية في نيويورك اتهامات إلى الملياردير الهندي غوتام أداني بشأن مخطط مزعوم استمر لسنوات طويلة لرشوة مسؤولين هنود.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

قبل ساعات قليلة من «الختام المفترض» لمؤتمر «كوب 29» للمناخ في العاصمة الأذرية باكو على بحر قزوين، سيطر الخلاف على المباحثات؛ إذ عبرت جميع الأطراف تقريباً عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الذي قدمته إدارة المؤتمر ظهر يوم الجمعة في «مسودة اتفاق التمويل»، والذي اقترح أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة في توفير 250 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة أكثر الدول فقراً، وهو الاقتراح الذي أثار انتقادات من جميع الأطراف.

وتتولى حكومات العالم الممثلة في القمة في باكو عاصمة أذربيجان، مهمة الاتفاق على خطة تمويل شاملة لمعالجة تغيّر المناخ، لكن المؤتمر الذي استمر أسبوعين تميز بالانقسام بين الحكومات الغنية التي تقاوم الوصول إلى نتيجة مكلفة، والدول النامية التي تدفع من أجل المزيد.

وقال خوان كارلوس مونتيري غوميز، الممثل الخاص لتغيّر المناخ في بنما، والذي وصف المبلغ المقترح بأنه منخفض للغاية: «أنا غاضب للغاية... إنه أمر سخيف، سخيف للغاية!»، وأضاف: «يبدو أن العالم المتقدم يريد أن يحترق الكوكب!».

وفي الوقت نفسه، قال مفاوض أوروبي لـ«رويترز» إن مسودة الاتفاق الجديدة باهظة الثمن ولا تفعل ما يكفي لتوسيع عدد البلدان المساهمة في التمويل. وأضاف المفاوض: «لا أحد يشعر بالارتياح من الرقم؛ لأنه مرتفع ولا يوجد شيء تقريباً بشأن زيادة قاعدة المساهمين».

ومن جانبها، حثت أذربيجان الدول المشاركة على تسوية خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مالي يوم الجمعة، مع دخول المفاوضات في المؤتمر ساعاتها الأخيرة. وقالت رئاسة المؤتمر في مذكرة إلى المندوبين صباح الجمعة: «نشجع الأطراف على مواصلة التعاون في مجموعات وعبرها بهدف تقديم مقترحات تقلص الفجوة وتساعدنا على إنهاء عملنا هنا في باكو».

صحافيون ومشاركون يراجعون مسودة الاتفاق الختامي بمقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو ظهر يوم الجمعة (أ.ب)

وحددت المسودة أيضاً هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، والذي سيشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وهذا يتماشى مع توصية من خبراء الاقتصاد بأن تتمكن البلدان النامية من الوصول إلى الحصول على تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد. لكن المفاوضين حذروا من أن سد الفجوة بين تعهدات الحكومة والتعهدات الخاصة قد يكون صعباً.

وكان من المقرر أن تختتم قمة المناخ في مدينة بحر قزوين بحلول نهاية يوم الجمعة، لكن التوقعات كانت تصب في اتجاه التمديد، على غرار مؤتمرات «الأطراف» السابقة التي تشهد جميعها تمديداً في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاقات.

وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في «جمعية آسيا»، وهو مراقب مخضرم لمؤتمرات «الأطراف»: «إن إيجاد (نقطة مثالية) في المحادثات قريباً أمر بالغ الأهمية. أي شيء آخر غير ذلك قد يتطلب إعادة جدولة الرحلات الجوية».

وعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكو من اجتماع «مجموعة العشرين» في البرازيل يوم الخميس، داعياً إلى بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وحذر من أن «الفشل ليس خياراً».

وبدوره، قال دانييل لوند، المفاوض عن فيجي، لـ«رويترز»، إن «الطريق لا يزال طويلاً... إنه رقم (الوارد بالمسودة) منخفض للغاية مقارنة بنطاق الحاجة القائمة وفهم كيفية تطور هذه الاحتياجات».

كما عكس المؤتمر انقسامات كبيرة إزاء قضايا مثل ما إذا كان يجب تقديم الأموال في صورة منح أو قروض، والدرجة التي ينبغي بها حساب أنواع التمويل الخاص المختلفة في تحقيق الهدف السنوي النهائي.

وانتقد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية إدارة المؤتمر. وهم يأخذون على الأذربيجانيين الافتقار إلى الخبرة في قيادة مفاوضات بين ما يقرب من 200 دولة. وقال محمد آدو، ممثل شبكة العمل المناخي: «هذا هو أسوأ مؤتمر للأطراف على ما أذكر».

كما شابت المفاوضات حالة من الضبابية بشأن دور الولايات المتحدة، أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يؤمن بقضية المناخ، إلى البيت الأبيض.

وقال المبعوث الأميركي جون بوديستا: «نحن، بصراحة، نشعر بقلق عميق إزاء الخلل الصارخ في التوازن» في النص. في حين أعرب المفوض الأوروبي وبكي هوكسترا عن موقف مشابه بقوله إن النص «غير مقبول في صيغته الحالية».

ويكرر الأوروبيون القول إنهم يريدون «الاستمرار في توجيه الدفة»، وهو مصطلح تم اختياره بعناية، كدليل على حسن النية. لكن العجز المالي الذي تعانيه بلدان القارة العجوز يحد من قدراتهم.

وتساءل المفاوض البنمي خوان كارلوس مونتيري غوميز: «نحن نطلب 1 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهل هذا كثير جداً لإنقاذ الأرواح؟». في حين أعربت الوزيرة الكولومبية سوزان محمد عن أسفها، قائلة: «إنهم يدورون في حلقة مفرغة وهم يؤدون ألعابهم الجيوسياسية».

ومن جانبها، دعت الصين، التي تؤدي دوراً رئيساً في إيجاد التوازن بين الغرب والجنوب، «جميع الأطراف إلى إيجاد حل وسط»... لكن بكين وضعت «خطاً أحمر» بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.