قائد الحرس قلق تجاه الانحطاط الأخلاقي والثقافي في المجتمع

جعفري يعتبر صعود الإصلاحيين بقيادة خاتمي السبب في ظهور تيارات وأفكار تهدد الثورة الإيرانية

صورة أرشيفية لسيدة إيرانية تحمل باقة ورد شمال طهران نهاية الشهر الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية لسيدة إيرانية تحمل باقة ورد شمال طهران نهاية الشهر الماضي (رويترز)
TT

قائد الحرس قلق تجاه الانحطاط الأخلاقي والثقافي في المجتمع

صورة أرشيفية لسيدة إيرانية تحمل باقة ورد شمال طهران نهاية الشهر الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية لسيدة إيرانية تحمل باقة ورد شمال طهران نهاية الشهر الماضي (رويترز)

أعرب الجنرال محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري الإيراني، عن قلقه تجاه الوضع الثقافي والأخلاقي في إيران. وقال إن التهديدات التي تواجه بلاده تغيرت من العسكرية والأمنية إلى تهديدات ثقافية وناعمة. وانتقد تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين واعتبرها تراجعًا عن الثورة ومخالفة للإسلام.
جعفري الذي وجه خطابًا صباح الأربعاء، في مؤتمر أساتذة المؤسسات التعليمية الدينية شدد على القول إن «المرشد الأعلى (خامنئي) أعرب عن قلقه سابقًا إزاء الغزو الثقافي والنيتو الثقافي لكن في أي مكان، ولم ينتبه أي أحد للموضوع».
واعتبر قائد الحرس الثوري صعود الإصلاحيين بقيادة خاتمي في منتصف العقد الثاني من عمر الجمهورية الإسلامية، السبب الأساسي في ظهور تيارات وأفكار تهدد الثورة الإيرانية في الوقت الحاضر. وأكد على أن «مع الضغط والتعامل الأمني مع القضايا السياسة والثقافية الذي نتج عن التساهل، تواجه الثورة الإسلامية مخاطر كبيرة».
وفي إشارة لعودة النشاط السياسي للتيار الإصلاحي هدد جعفري بمواجهة أي تهديد وزعزعة للاستقرار والدفاع عن الثورة ودفاع عن سيادة ووحدة الأراضي الإيرانية. وأضاف: «القضايا الأمنية والدفاعية في البلد لديها مسؤول».
وعن التحديات التي تهدد النظام الإيراني، قال قائد الحرس الثوري: «منذ 2009 برز لنا تهديد آخر غير التهديد الأمني والدفاعي، وكان بإمكانه تعريض الثورة الإسلامية للخطر وتحريفها ومنعها من التقدم». وصرح: «لو لم تحدث هذه الأمور لما قال المرشد الأعلى بأننا في العقد الثالث من الثورة نراوح فی مکاننا ولم نحقق أی تقدم».
وأعرب قائد الحرس الثوري الذي تسيطر قواته على غالبية المؤسسات الثقافية والعلمية في إيران، عن بالغ قلقه تجاه انهيار الوضع الأخلاقي والثقافي في المجتمع الإيراني. وقال: «نحن لم نحقق أي تقدم في هذه المجالات حتى الآن، لهذا يجب علينا مناقشة ذلك، ما هي التوقعات من الثورة الإسلامية وكيف ينبغي أن يكون مجتمعنا».
وحول المعارضة الداخلية للتدخل الإيراني في الدول العربية، وفي إشارة إلى شعار «لا غزة ولا لبنان فقط فلات إيران» الذي يردده أنصار التيار الإصلاحي منذ انتفاضة الخضر في 2009، قال جعفري: «بعض الأشخاص يقولون إن النظام الإسلامي مستقر ويجب الآن إدارة شؤون شعبنا ولا يخصنا ما يحدث في البلدان الأخرى، هذا الشعار الخطر الذي ردده بعض الأفراد، كوفية يلفها خامنئي لمواجهة تلك الأفكار، الكوفية للتحذير من خطر الانحراف الذي يهدد الثورة».
كما شدد جعفري على دور الحرس الثوري في تمهيد المجالات للحوزات العلمية والمؤسسات الدينية للقيام بالمهام الثقافية العقائدية التي تقع على عاتق الثورة الإسلامية في المنطقة.
وفي حديثه عن ثقافة الثورة الإسلامية، وجه قائد الحرس الثوري تهديدًا ضمنيًا إلى المطالبين بتدريس العلوم الإنسانية في الجامعات. وقال: «العلوم الإنسانية التي يدخلونها إلى أذهان الشباب، ليست العلوم الإنسانية الإسلامية التي يحتاجها المجتمع بل هي علوم إنسانية غربية».
يشار إلى أن السلطات في إيران طردت في السنوات الأخيرة عددًا كبيرًا من أستاذة العلوم الإنسانية من الجامعات، وأحالتهم إلى التقاعد المبكر بتهم مثل الليبرالية والعلمانية وترويج الأفكار الغربية، وهددت في السنوات الأخيرة بمنع تدريس العلوم السياسية وبعض فروع علم الاجتماع في الجامعات الإيرانية.
وفی السیاق نفسه، کشف المساعد الثقافي والاجتماعي في الحرس الثوري الإيراني، محمد حسين نجات، أن المرشد الأعلى الإيراني طالب بوقف بعض أنشطة منظمة اليونيسكو بوصفها من تيارات «الجبهة الثقافية المعارضة للثورة»، مضيفًا أن المجموعة لا تعتقد بالثورة والإسلام وتهدد إيران بالبرامج الثقافية. نجات كشف لوكالة أنباء فارس التابعة للحرس الثوري أن خامنئي أمر بوقف البرامج التعليمية التي تقيمها اليونيسكو للأطفال والنساء والأسر الإيرانية، موضحًا أن اليونيسكو تخصص 70 مليون دولار سنويًا لإدارة خمسة آلاف روضة للأطفال.
وحول «الجبهة الثقافية المعارضة للثورة» ذكر أنها مكونة من المعتدلين والإصلاحيين وتيار نهضة الحرية، الشيوعيين والملكيين والجمعيات النسوية (الفيمينست).
من جهة أخرى، أعلن السفير الإيراني في باكستان أن وزير الخارجية الإيرانية، محمد جواد ظريف، سيزور الخميس القادم باكستان من أجل الحوار مع قادة باكستان وتعزيز العلاقات الثنائية.
وأوضح علي رضا حقيقيان لوكالة الأنباء الرسمية (إيرنا)، أن ظريف يزور باكستان في إطار جولته الجديدة إلى دول المنطقة، ويلتقي نظيره الباكستاني سرتاج عزيز، ورئيس الوزراء محمد نواز شريف، ورئيس المجلس الوطني إياز صادق، ورئيس مجلس الشيوخ الباكستاني رضا رباني.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».