سلاح حزب الله على طاولة لجنة صياغة «البيان الوزاري»

الوزير شهيب: رغبة مشتركة بالتوصل إلى نتائج إيجابية رغم تباعد وجهات النظر

رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لدى ترؤسه اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لدى ترؤسه اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

سلاح حزب الله على طاولة لجنة صياغة «البيان الوزاري»

رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لدى ترؤسه اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لدى ترؤسه اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)

وصل البحث في اجتماعات لجنة البيان الوزاري إلى الموضوع الخلافي الأهم وهو سلاح حزب الله الذي كان من أبرز الأسباب التي أدّت إلى تأخير تأليف الحكومة، وذلك بعد إنجاز القسم المتعلق بالمواضيع الاجتماعية والاقتصادية.
وفي اجتماع أمس، قدّم كل من أعضاء اللجنة، الوزراء الذين يمثلون مختلف الأفرقاء، الصيغة التي يرونها مناسبة فيما يتعلق بثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، بعدما كان البحث في هذه النقطة بدأ في جلسة أوّل من أمس. وأعلن وزير الاتصالات بطرس حرب قبيل دخوله إلى الاجتماع الثالث أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، أنه سيعرض «صيغة مستقلة عن وزراء فريق 14 آذار، لا تضم هذه الثلاثية».
وترتكز رؤية سلام على أن يكون البيان الوزاري لحكومته «مقتضبا توافقيا» ويترك البحث بالأمور الخلافية أي «سلاح حزب الله» و«إعلان بعبدا» الذي ينص على حياد لبنان عن أزمة سوريا، إلى طاولة الحوار، فيما كان حزب الله يتمسك بـ«الثلاثية» وفريق 14 آذار يصر على استبدالها بـ«إعلان بعبدا».
وقال وزير الزراعة أكرم شهيب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «اجتماع أمس كان الأهمّ»، متوقعا أن «تحتاج صياغة البيان إلى المزيد من الجلسات»، من دون أن ينفي أن «الآراء المتباعدة بين الأفرقاء حيال النقطة المركزية المتعلقة بسلاح المقاومة». لكن شهيب، الذي يحل مكان الوزير وائل أبو فاعور في عضوية لجنة إعداد البيان الوزاري بسبب سفر الأخير، أكد في الوقت ذاته أن «النقاش يحصل بهدوء وجدية وهناك رغبة من الجميع بالوصول إلى نتيجة إيجابية».
وفي حين أمل شهيب أن «يستطيع الأفرقاء تمرير الشقّ السياسي وتذليل العقبات على غرار ما حصل في ملف تأليف الحكومة»، أكد وزير العمل سجعان قزي، ممثل حزب الكتائب اللبنانية في اللجنة، أن «هناك خلافا في وجهات النظر فيما يتعلّق بموضوع حزب الله». وقال: «مع احترامنا لتضحيات المقاومة لا نعترف بوجود أي جسم عسكري داخل الدولة. ورفضنا ليس لحزب الله، فنحن نعده حزبا لبنانيا ورفضنا ليس لمبدأ المقاومة ولكن نريد أن تكون كل القوى المسلحة تحت كنف الدولة وإلا لوجدنا أنفسنا أمام دولتين».
ورفض قزي القول إنّ «لجنة البيان الوزاري أمام مأزق إنما أمام موضوع شائك»، موضحا أنه «إذا كان هناك نية عند حزب الله لتسهيل أمر الحكومة لنيل الثقة من المجلس النيابي لا بد أن نصل إلى تفاهم»، مجددا تأكيده «وجوب أن يكون أي عمل مقاوم في كنف الدولة وتحت إمرتها».
من جهته، رأى وزير الشؤون الاجتماعيّة رشيد درباس أنّ «الإرادة الكبرى التي توفرت لتشكيل الحكومة قادرة على إيجاد مناخ للتوافق بشأن البيان الوزاري»، موضحا أنّ «المسؤولين أدركوا أنّ لبنان أصبح على شفير الهاوية».
وكانت التسوية التي حصلت لتأليف الحكومة بعد تعثّر عشرة أشهر على تكليف تمام سلام، قضت بترحيل النقاش في «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة» إلى ما بعد الإعلان عن الحكومة ليعمل على إيجاد حل بشأنه يرضي الطرفين، الأمر الذي أدّى إلى اتخاذ حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع قرار المقاطعة، اعتراضا منه على مشاركة حزب الله في القتال بسوريا. وينسحب الأمر نفسه على «البيان الوزاري» إذ تشترط «القوات» تضمينه «إعلان بعبدا» الذي ينصّ على حيادية لبنان، وخلوّه من «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة» لتحصل على ثقة نوابه في مجلس النواب. وقال النائب في كتلة القوات أنطوان زهرا في سياق متصل أمس إنه «إذا لم يتم الالتزام بهذا (الإعلان) في البيان الوزاري، فإن نواب (القوات) سيحجبون الثقة عن الحكومة».
ورأى زهر في تصريحات أمس أن «ما نشهده اليوم يثبت صوابية قرار (القوات)، خصوصا أن النقاش في لجنة صياغة البيان يبدو عقيما»، عادا أن «الجوّ يبدو هادئا، طالما لم يتم البحث في الأمور الخلافية، وبالتالي هذا يشكل محاولة للإيهام بأن الأجواء هادئة، وبالتالي قد يقع الخلاف عند البحث في بنود أخرى».
بدوره، أشار عضو كتلة «المستقبل» النائب جان أوغاسبيان، في تصريح، إلى أن حزب الله «يصر على البقاء في سوريا وعلى مقاتلة الشعب السوري»، مؤكدا أن «الخلاف على هذا الموضوع في البلاد عمودي وله انعكاسات ومضاعفات ونتائج سلبية على مجمل الوضع العام في البلاد».
وفيما يتعلّق بصيغة البيان الوزاري، قال أوغاسبيان: «نحن كفريق سياسي لن نتراجع عن الثوابت التي نؤمن بها فيما يتعلق بموضوع المقاومة في البيان الوزاري، ونرفض وجود مقاومة مستقلة عن إرادة الدولة، كما أن الطرف الآخر الذي يمثل قوى 8 آذار داخل هذه اللجنة لن يتراجع عن ثلاثيته المعروفة بالجيش والشعب والمقاومة».
وأعرب عن اعتقاده بأن «البحث يدور حول عبارة سحرية لفظية سيصلون إليها في نهاية المطاف لا يكون فيها رابح أو خاسر في هذا الشق المتعلق بالبيان الوزاري، وتحديدا النقطة المتعلقة بالمقاومة. مع التأكيد أن أي نقطة يمكن أن يصلوا إليها في هذا الموضوع لن تسهم في تغيير موقفنا وتغيير الثوابت التي نؤمن بها».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.