فيرغسون تعلن حالة الطوارئ.. والاحتجاجات والاعتقالات مستمرة

المتظاهرون أغلقوا الطريق السريع الرئيسي خارج المدينة وقوات الأمن تستخدم رذاذ الفلفل

فيرغسون تعلن حالة الطوارئ.. والاحتجاجات والاعتقالات مستمرة
TT

فيرغسون تعلن حالة الطوارئ.. والاحتجاجات والاعتقالات مستمرة

فيرغسون تعلن حالة الطوارئ.. والاحتجاجات والاعتقالات مستمرة

استمرت الاحتجاجات والاعتقالات رغم إعلان حالة الطوارئ أمس في مدينة فيرغسون عقب أربعة أيام على الذكرى الأولى لمقتل الشاب الأميركي من أصو ل أفريقية مايكل براون برصاص شرطي أبيض.
وأوقفت أمس الشرطة الأميركية عددا من الأشخاص، ووجهت التهمة رسميا إلى فتى من أصول أفريقية بإطلاق النار على الشرطة. وكان أصيب بجروح خطيرة برصاص ثلاث شرطيين ردوا على نيرانه، وهو موجود حاليا في المستشفى في حالة «حرجة».
وتواصلت المواجهات ليلة أول من أمس بين الشرطة ومتظاهرين في هذه المدينة الواقعة في ولاية ميزوري في وسط الولايات المتحدة.
وقرع المتظاهرون على الطبول وهتفوا بشعارات ورشقوا الشرطة بالزجاجات والحجارة، فعمدت قوات الأمن إلى استخدام رذاذ الفلفل كما أوقفت عدة أشخاص.
نشرت دائرة شرطة ضاحية سانت لويس على موقع «تويتر»: «الشرطيون يتعرضون للرشق بالحجارة والزجاجات. نواصل دعمنا لحرية التعبير، إلا أن مثيري الفوضى الذين لا يستجيبون للدعوات إلى التفرق قد يتم اعتقالهم». وجرت المظاهرات بعد اضطرابات وإطلاق نار في فيرغسون أعلنت نتيجتها مقاطعة سانت لويس حالة الطوارئ.
وفي بيان أعلن مسؤول مقاطعة سانت لويس ستيف سينغر أنه «نظرا إلى أعمال العنف والاضطرابات التي وقعت في مدينة فيرغسون واحتمال أن تلحق أضرارا بالأشخاص والممتلكات، فإنني أمارس صلاحياتي كمسؤول عن المقاطعة لإعلان حالة الطوارئ فورا».
وجاء البيان بعد توجيه التهم للشاب تيرون هاريس الذي يبلغ 18 عاما، بالضلوع في إطلاق نار في المدينة يوم الأحد الماضي بعد يوم من الاحتجاجات السلمية لإحياء الذكرى الأولى لمقتل براون.
ويتهم هاريس بالاعتداء من الدرجة الأولى على شرطيين، والقيام بعمل إجرامي مسلح وإطلاق النار على دراجة نارية، بحسب الشرطة.
وفي وسط سانت لويس، اعتقل أكثر من 50 متظاهرا بعد تسلقهم الحاجز المحيط بمقر محكمة فيدرالية خلال مظاهرة جديدة أول من أمس، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
وجاء في تقارير إعلامية مساء أول من أمس أن متظاهرين أغلقوا الطريق السريع الرئيسي خارج فيرغسون. إلى ذلك اعتقل متظاهرون آخرون في مناطق أخرى في المدينة، من بينهم الناشط والأكاديمي كورنيل ويست، وفق مجلة «كومبلكس» الأميركية.
وكان نحو مائة متظاهر لا يزالون في شوارع فيرغسون صباح أمس. واندلعت أعمال العنف في المدينة مساء الأحد الماضي بعد مشاركة مئات المتظاهرين في مسيرة سلمية في سانت لويس إحياء لذكرى براون الذي قتل برصاص الشرطي دارن وورن وهو في الـ18 من عمره في التاسع من أغسطس (آب) 2014.
ووقع إطلاق النار في المدينة بعدما نهبت مجموعة متجرين في فيرغسون. وقالت صاحبة أحد المحال ديلينا جونز لوكالة الصحافة الفرنسية: «من المؤسف أن ينتهي يوم جميل كهذا بهذا الشكل».
ودانت المدعية العامة الفيدرالية لوريتا لينش أعمال العنف في كلمة أول من أمس في مؤتمر للشرطة في بيتسبورغ في بنسلفانيا، وصرحت لينش بأن «أعمال العنف لا تشوه رسالة التظاهر السلمي فقط بل تضع المجتمع كما الشرطيين الذين يحاولون حمايته في خطر».
وأعلنت الشرطة أن مجموعتين متنافستين تبادلتا إطلاق النار في وقت متأخر من مساء الأحد الماضي. ونجح رجل في الفرار إلا أنه وجد نفسه في مواجهة أربعة محققين بلباس مدني في حافلة صغيرة، فعمد إلى فتح النار في اتجاههم، وفق ما قال قائد شرطة سانت لويس جون بلمار للصحافيين، مشيرا إلى أن الشرطة ردت بإطلاق النار.
وأظهرت مشاهد فيديو رجلا من أصول أفريقية ممددا على الأرض على وجهه وهو ينزف.
ورفض بلمار التعليق على تحديد لون بشرة المحققين.
وبعد مقتل مايكل براون، نشأت حركة «حياة السود مهمة». وواجهت الشرطة في فيرغسون انتقادات لاذعة خاصة بسبب الممارسات العنصرية، التي أكدها تقرير لوزارة العدل، فضلا عن طريقتها في التعامل مع المظاهرات بسياراتها المدرعة.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.