نبروه... «قلعة الفسيخ في مصر»

سمك الفسيخ في مدينة نبروه المصرية (أ.ف.ب)
سمك الفسيخ في مدينة نبروه المصرية (أ.ف.ب)
TT

نبروه... «قلعة الفسيخ في مصر»

سمك الفسيخ في مدينة نبروه المصرية (أ.ف.ب)
سمك الفسيخ في مدينة نبروه المصرية (أ.ف.ب)

تطأ قدماك شوارع مدينة نبروه المصرية بمحافظة الدقهلية في دلتا النيل، فيخيّل إليك للوهلة الأولى أنك في منطقة ساحلية، رغم أنها لا تطل على بحر، وذلك بسبب رائحة السمك المملح المنبعثة من محالها العديدة، الذي يطلق عليه المصريون اسم «الفسيخ».
ويقول شريف اليماني البالغ من العمر 44 عاماً، صاحب أحد أبرز محال بيع الفسيخ في نبروه، لوكالة الصحافة الفرنسية، بينما يفتح برميلاً خشبياً مغطى بالورق، «نبروه هي قلعة الفسيخ في مصر».
ويحتوي البرميل وعدد آخر من البراميل قربه، على كمية من الأسماك.
ويتابع اليماني: «نحن نتقن هذه الصنعة، وأنا أعمل في هذا المجال منذ 26 عاماً. تعلمتها على يد شقيقي الراحل الذي تجاوزت خبرته فيها أكثر من 40 عاماً».
ويروي أنه منذ أكثر من مائة عام، كانت هناك ثلاث أو أربع عائلات بدأت حرفة تمليح الأسماك. ومع مرور الزمن، امتهن عدد كبير من السكان الصنعة، وأصبح الإقبال على شراء الفسيخ من نبروه «سواء في الأعياد والمواسم أو غيرها، جيداً للغاية»، مضيفاً: «إننا نستقبل زبائن من جميع محافظات مصر».

وعرف المصريون القدامى الفسيخ منذ أكثر من أربعة آلاف عام، بحسب عالم الآثار المصري البارز زاهي حواس، الذي أكدّ في تصريحات سابقة، أن مركز الفسيخ أو السمك المملح عند الفراعنة كان في إسنا في جنوب البلاد.
وقال حواس: «في اكتشافاتنا الأثرية، كشفنا آثاراً تثبت أن المصريين القدامى كانوا يملّحون الأسماك لتطول فترة صلاحيتها للأكل ويتمكّن العمّال من تناولها أثناء بناء الأهرامات».
ويقول اليماني إن الإقبال على شراء الفسيخ كان كبيراً في الأسبوع السابق لشهر رمضان، مشيراً إلى أن الصائمين يخشون الشعور بالعطش في حال تناولوا الفسيخ خلال الشهر. وبعد الصيام، «يكون الجميع ملهوفين عليه».
ويرجع اليماني أسباب شعبية الفسيخ في نبروه إلى «النظافة والتمليح... نحن نترك الفسيخ على طبيعته لا نستخدم مع الأسماك سوى الملح والماء».
في محافظات أخرى، قد يلجأ منتجو الفسيخ أو بائعوه إلى إضافة بعض التوابل أثناء عملية التمليح، وفق اليماني الذي يقول إنه يحرص من جهته على احترام رغبة الزبائن الذين يميلون، وفق قوله، إلى المذاق الأصلي.
في المكان، ينشط عمّال في صفّ الأسماك واحدة فوق الأخرى بطريقة معينة بعد تصفيتها من الماء داخل براميل خشبية، ويرشّون ملحاً خشناً بين طبقات السمك وصولاً إلى آخر طبقة في البرميل. ويضعون بعدها كيساً بلاستيكياً على الوجه، وكمية من الملح فوقه لحمايته من تسرّب أي شيء إليه.

ولا يتحمّل البعض رائحة السمك القوية في المكان، لكن كثيرين يستمتعون بتناول لحمه. وبالتالي، يبقى السمك البوري المملح أو الفسيخ من أكثر الوجبات والأطعمة المثيرة للجدل في مصر.
ويقول كريم عبد الجواد، أحد زبائن محل اليماني، لوكالة الصحافة الفرنسية، بعد أن اشترى كمية من الفسيخ له ولأسرته: «أقود سيارتي من محافظة الغربية لكي أشتري الفسيخ من نبروه... له مذاق آخر»، مضيفاً: «الفسيخ لا تنفع معه التجارب... لا بدّ أن تشتريه من مكان تعرفه».
في أعياد الربيع، وهي أكثر المواسم التي يتناول فيها المصريون هذه الوجبة، تُنسب حالات تسمم غذائي أحياناً إلى الفسيخ.
لكن اليماني يقول: «الفسيخ برئ مما يشاع عنه، فطريقة تعامل البائع معه هي النقطة الفاصلة».

وهناك معايير معينة لتحضير الفسيخ، لا يجب تمليحه وهو لا يزال رطباً، كما هناك كمية معينة من الملح يجب استعمالها، لتجنّب تسببه بتسميم.
وتأثر الفسيخ بموجة غلاء الأسعار التي تشهدها مصر. ويقول اليماني: «لم نكن نتخيّل أن نبيع بهذه الأسعار في نبروه، ولكن لم يتأثر الإقبال على الفسيخ»، وفق قوله.
وتتراوح أسعار هذا السمك حالياً بين 220 و240 جنيهاً (نحو 7 إلى 8 دولارات)، للكيلوغرام من الحجم الكبير.
من القاهرة، أتى محيي الدين عبد الوارث، وهو ضابط شرطة، إلى نبروه لشراء السمك، ويقول إن المدينة «منبع الفسيخ»، مشيراً إلى أنه يزورها للمرة الأولى، لكنه كان يطلب في الماضي من أقارب له شراء السمك من المكان الذي يبعد قرابة 150 كيلومتراً عن العاصمة المصرية.



اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
TT

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما، هما الأميركية فيولا ديفيس، والهندية بريانكا شوبرا.

واختتم المهرجان عروضه بفيلم «مودي... 3 أيام على حافة الجنون» الذي أخرجه النجم الأميركي جوني ديب، ويروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني، خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» كأفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.