«تحت الوصاية»... مباراة تمثيلية مثار إعجاب المشاهدين

أحد مشاهد مسلسل «تحت الوصاية» بطولة منى زكي (الشرق الأوسط)
أحد مشاهد مسلسل «تحت الوصاية» بطولة منى زكي (الشرق الأوسط)
TT
20

«تحت الوصاية»... مباراة تمثيلية مثار إعجاب المشاهدين

أحد مشاهد مسلسل «تحت الوصاية» بطولة منى زكي (الشرق الأوسط)
أحد مشاهد مسلسل «تحت الوصاية» بطولة منى زكي (الشرق الأوسط)

حظي المسلسل المصري «تحت الوصاية» بإشادات متعددة منذ عرض حلقاته الأولى خلال النصف الثاني من شهر رمضان، وهو ما يعده البعض «الحصان الأسود» الرابح ضمن منافسات الموسم الدرامي.
وتصدرت الفنانة منى زكي «الترند» بأدائها اللافت، ومظهرها المتواضع، الذي كان آثار انتقادات عند طرح صورتها على بوستر الفيلم (الأفيش).
يتتبع المسلسل الذي تدور أحداثه في 15 حلقة، شخصية «حنان» أو منى زكي، وهي أرملة شابة تجد نفسها في مواجهة عائلة زوجها الراحل، ومنهم شقيقه الذي يحاول الاستيلاء على تركته، متحججاً بـ«حق الوصاية» الذي يمنحه وعائلته التحكم في حقوق أرملة شقيقه وطفليها.

مشهد من مسلسل «تحت الوصاية» بطولة منى زكي (الشرق الأوسط)

هذه الظروف تدفع «حنان» إلى سرقة مركب الصيد الخاص بزوجها من الإسكندرية، والهروب به إلى مدينة دمياط، في رحلة محفوفة بالمخاطر. ورغم أن هناك خطوطاً وتفاصيل تتفرع من الحكاية حول المرأة التي تواجه الدنيا بمفردها، ونظرة المجتمع الذكورية، فإنها تعود لتصب في العمل وتزيده قوة وتأثيراً.
هذه القضية الإنسانية بالغة الدقة والألم التي تتصدر «تريند السوشيال ميديا» يومياً، لم تكن تملك المغناطيس لجذب جمهور كثيف لمتابعتها، إلا من خلال النجمة منى زكي، وأدائها الصادق والعميق الذي يعكس في دقة شديدة انفعال وجهها الجاد والحازم والحزين عبر مواقف كثيرة، بحسب نقاد.
كما أن حجابها وحاجبيها اللذين كانا مادة للانتقاد قبل عرض المسلسل أصبحت، مع تكوينات ملابسها، مميزات لامرأة تقاوم قسوة ما تتعرض له. كما كانت مشاهد ابنها ياسين وطفلتها الرضيعة لافتة للانتباه، وحازت على تعاطف الجمهور.
ويشهد المسلسل مباراة في الأداء بين منى زكي وأبطال المسلسل، الذين يبرز من بينهم الفنان دياب، الذي يجسد شخصية شقيق زوجها، فضلاً عن الممثل المخضرم رشدي الشامي بشخصية «الريس ربيع»، وأحمد خالد صالح بشخصية المدرس زكريا علوان، وخالد كمال بشخصية «الصياد حمدي» الذي يحاول التحرش بها، كما يبرع الطفل عمر شريف في دور ابنها الذي يرعى شقيقته في غيابها.

مشهد من مسلسل «تحت الوصاية» بطولة منى زكي (الشرق الأوسط)

ورأت الناقدة ماجدة خير الله، أن أداء منى زكي بالمسلسل «جاء مدهشاً»، معتبرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنها «اختيار ذكي؛ إذ لبست الشخصية تماماً، وتفاعلت معها»، وهو ما عدته «ميلاداً فنياً جديداً لها».
ولفتت إلى أن «الشكل الذي ظهرت به، ساهم في رسم ملامحها»، مشيرة إلى أن «اختيار المخرج لممثليه؛ سواء الأطفال، أو البحارة، وحتى الأدوار الصغيرة، عنصر تميز قوي بالعمل، لأن اختيار ممثل في غير مكانه قد يفسد المنظومة كلها، ضاربة المثل بدور شقيقة حنان الذي تجسده مها نصار، وقد بدت مناسبة تماماً له».
كما تشيد خير الله بالسرد الدرامي والتكثيف الذي كتب به المؤلفان السيناريو، معتبرة أنهما «دخلا في قلب المشكلة من دون ثرثرة درامية، وجاءت مشاركتهما في السيناريو بها تكامل وانسجام وفهم، عبر رؤية تجذب اهتمام المشاهد بشكل تدريجي، إلى أن نكتشف أزمة البطلة مع توالي الحلقات».

مشهد من مسلسل «تحت الوصاية» بطولة منى زكي (الشرق الأوسط)

لا يمكن تجاهل الشكل البصري السينمائي الذي قدمه المخرج محمد شاكر خضير، وحمل من عزبة البرج والبيوت القديمة وسوق السمك ومراسي المراكب في دمياط خصوصية تؤثر على أبطال المسلسل.
وبحسب خير الله، فإن «تميز المستوى الفني للمخرج يمكن الحكم عليه من الحلقات الأولى، لأن طريقة تفكيره واختياراته تظهر جلية»، مشيرة إلى أنها «من المرات القليلة التي يكون عمل المخرج واضحاً بها للغاية، كما برع المخرج في اختيار دخول الموسيقى، وكيف استخدمها لجعل الموقف الدرامي يتصاعد، مما يجعلها أحد أبطال المسلسل، كما أن تصميم الملابس (لريم العدل) بألوانها الرمادية جاء مناسباً تماماً لأجواء البحر والظروف النفسية للبطلة».

مشهد من مسلسل «تحت الوصاية» بطولة منى زكي (الشرق الأوسط)

وتبدي ماجدة خير الله دهشتها لأن هذا القانون صدر في وقت لم تكن به المرأة قد نالت حقها في التعليم، بينما الآن هناك آلاف النساء المعيلات اللاتي يقمن بالعمل لرعاية أسرهن حتى في وجود الزوج؛ فلماذا نحرم الأرملة من حقها في إدارة حياة أطفالها دون وصاية.
ويحرك المسلسل «تحت الوصاية» المياه الراكدة، وسط تساؤلات عن إمكانية تغيير بعض بنود قانون الوصاية، التي لم تعد مناسبة للأسرة المصرية في العصر الحالي، بحسب خير الله.



ورقة علمية تكشف عن إصدار تجريبي نادر من النقود الأموية على معدن الرصاص

المسكوكة الرصاصية و دينار الخليفة الواقف ضرب دمشق (الشرق الأوسط)
المسكوكة الرصاصية و دينار الخليفة الواقف ضرب دمشق (الشرق الأوسط)
TT
20

ورقة علمية تكشف عن إصدار تجريبي نادر من النقود الأموية على معدن الرصاص

المسكوكة الرصاصية و دينار الخليفة الواقف ضرب دمشق (الشرق الأوسط)
المسكوكة الرصاصية و دينار الخليفة الواقف ضرب دمشق (الشرق الأوسط)

كشفت ورقة علمية جديدة عن اكتشاف جديد في تاريخ النقود الإسلامية المبكرة، يُعد فتحاً علمياً في مجال المسكوكات الأموية، حيث أظهرت دراسة حديثة توثق لأول مرة وجود مسكوكة أموية مصنوعة من الرصاص، من فئة «الخليفة الواقف»، تُعد إصداراً تجريبياً يعود لعهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.

وقال المحامي والباحث في مسكوكات ما قبل الإصلاح يزن خلف التل لـ«الشرق الأوسط» إن «المسكوكة المكتشفة لا تحمل تاريخاً، إلا أنها ضُربت على القالب نفسه المستخدم في إصدار دينار الخليفة الواقف غير المؤرخ»، مشيراً إلى أن هذا الاكتشاف يمثل أول دليل مادي موثق على ما يُعرف بالإصدار التجريبي (Trial Strike) على معدن الرصاص لفئة الخليفة الواقف.

ويأتي هذا الاكتشاف ضمن تسلسل علمي مدعوم بسلسلة من الدراسات السابقة التي نشرها الباحث في عامي 2023 و2024، والتي وثقت عدة قطع نحاسية مرتبطة بقالب دينار الخليفة الواقف. ويدعم الاكتشاف الجديد فرضيات سابقة طرحها الباحث، من بينها أن بعض القطع النحاسية المذكورة قد تكون أصدرت بوصفها دنانير نحاسية تجريبية أو فلوساً تم إصدارها على قالب الدينار نفسه بعد توقف استخدامه.

وأوضح التل أن أهمية المسكوكة الرصاصية المكتشفة تكمن في عدة نقاط، أبرزها إثبات مرحلة انتقالية مهمة في الإصلاح النقدي الأموي، حيث تؤكد المسكوكة أن قالب «الخليفة الواقف غير المؤرخ» كان قيد التجربة على معدن الرصاص قبل اعتماده في إصدار الدينار، ما يعزز من فرضية وجود هذه الحقبة التي قدرها الباحث بين عامي 71 و73هـ، أي قبل اعتماد دينار الخليفة الواقف المؤرخ عام 74 هـجرياً، والذي استمر إصداره حتى عام 77 هجرياً.

قطع نحاسية من فئة الخليفة الواقف مرتبطة بقالب دينار الخليفة الواقف ضرب دمشق وقالب المسكوكة الرصاصية (الشرق الأوسط)
قطع نحاسية من فئة الخليفة الواقف مرتبطة بقالب دينار الخليفة الواقف ضرب دمشق وقالب المسكوكة الرصاصية (الشرق الأوسط)

كما لفت الباحث إلى أن المسكوكة الرصاصية دليل على تنوع أماكن ضرب النقود باستخدام القالب نفسه، إذ يشير التل إلى أن الإصدار التجريبي على الرصاص قد كان مقدمة لإصدار دنانير مماثلة عليها أماكن ضرب مختلفة مثل دمشق، قنسرين، فلسطين، حمص، وغيرها. متسائلًا عما إذا كانت بعض هذه الإصدارات قد وصلت إلى اليوم هذا كما هو حال دينار الخليفة الواقف المضروب في دمشق.

وفي ختام دراسته، دعا الباحث يزن التل المختصين والمهتمين بتاريخ النقود الإسلامية إلى مزيد من التعمق في دراسة «حقبة دينار الخليفة الواقف غير المؤرخ»، مؤكداً أنها تمثل مرحلة مركزية في فهم تطور المسكوكات الأموية الإسلامية في الفترة التي سبقت الإصلاح النقدي الأموي.

وكان الباحث يزن التل قد نشر في مايو (أيار) من عام 2023 بحثاً علمياً حول المسكوكات الأموية، أشار فيه إلى أنه في عصر صدر الإسلام وبدايات الدولة الأموية ظلت النقود المستعملة في التعاملات هي النقود البيزنطية والساسانية، حيث تتمثل النقود البيزنطية بصفة عامة في الدينار وهو المصنوع من الذهب، وفي عملة الفلس وهي المصنوعة من النحاس، في الوقت الذي تتمثل النقود الساسانية في الدرهم الذي سُكّ من الفضة.

وأضاف أنه حينما بدأ الخليفة عبد الملك بن مروان في رحلة الإصلاح الشامل للمسكوكات الإسلامية ليكون أول خليفة يعطي أولوية قصوى للمسكوكات وإصلاحها، وبحسب المسكوكات التي أصدرها الخلفية الأموي عبد الملك بن مروان منذ توليه الخلافة سنة 65 هجرية (684 ميلادية)، فإنه بدأ توحيد شكل المسكوكات وأوزانها والانتقال من لامركزية الإصدار إلى المركزية، ومن ثم التعريب الشامل.

وقال: «الهدف الأخير الذي وصل إليه مع نهاية عام 77هـجرياً - 696 ميلادياً - لتمر رحلة الإصلاح النقدي بمراحل عدة كانت فيها إصدارات مختلفة للمسكوكات من فئات (العربي - البيزنطي) و (العربي - الساساني) والخليفة الواقف انتهاءً بفئة المسكوكات العربية الصِّرف مع نهاية السنة المذكورة».