«داعش» يتصدى لمشروع المنطقة الآمنة ويهاجم بلدات سورية حدودية مع تركيا

انسحاب «جبهة النصرة» من مواقعها انعكس سلبًا على فصائل «الجيش الحر»

«داعش» يتصدى لمشروع المنطقة الآمنة ويهاجم بلدات سورية حدودية مع تركيا
TT

«داعش» يتصدى لمشروع المنطقة الآمنة ويهاجم بلدات سورية حدودية مع تركيا

«داعش» يتصدى لمشروع المنطقة الآمنة ويهاجم بلدات سورية حدودية مع تركيا

قرر «داعش» على ما يبدو التصدي لمشروع المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا بمساعدة أميركية إلى إقامتها على طول الحدود مع سوريا، إذ شنّ التنظيم في الساعات الماضية هجوما «شرسا» على بلدات ومناطق قريبة من الحدود بعد أيام من انسحاب «جبهة النصرة» من مواقعها وتسليمها إلى فصائل معارضة أكثر اعتدالا.
وأفاد رئيس مجلس قيادة الثورة في حلب، ياسر النجار، عن «تسرب عدد من الانغماسيين من (داعش) ليل الاثنين - الثلاثاء إلى عمق بلدة مارع التي كان يحاصرها التنظيم منذ مدة»، لافتا إلى أن تسليم «جبهة النصرة»،والتي تعتبر الفصيل الأقوى فعليا على الأرض في ريف حلب، مواقعها أخيرا لفصائل في «الجيش الحر»، أدّى إلى «نوع من الفوضى وإلى إرباك في صفوف الكتائب البديلة، خاصة بعد سقوط بلدة (أم حوش) يوم الأحد الماضي بأيدي التنظيم، وهو ما سهّل عملية دخول نحو 20 من عناصره إلى مارع».
وقال النجار لـ«الشرق الأوسط» إن «انغماسيي (داعش) سيطروا على عدد من المراكز القتالية للجيش الحر، مما أدّى لمواجهات عنيفة انتهت باستعادة السيطرة على البلدة، وإلى تحقيق نوع من التقدم في محيط قرية أم الحوش». وأوضح النجار أن معظم المنطقة التي تسعى تركيا لتكون «آمنة» وتمتد من جرابلس شرقا إلى باب السلامة غربا وحتى مارع، هي عمليا تحت سيطرة «داعش» وبالتحديد مناطق منبج وجرابلس والباب ومعظم الريف الشرقي، متوقعا أن يتطلب إنشاء هذه المنطقة جهودا جبارة ووقتا طويلا. وأضاف: «الجيش الحر قادر على التصدي لـ(داعش) في هذه المناطق ما دام هناك دعم استخباراتي وجوي من تركيا والتحالف الدولي».
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم أمس أن 25 مقاتلا على الأقل من الفصائل المسلحة السورية وثمانية من مقاتلي «داعش»، قتلوا في الهجوم الذي شنّه التنظيم على مارع ليل الاثنين - الثلاثاء، وتحدث ناشطون عن تفجير انتحاريين من «داعش» أنفسهم في أربع سيارات مفخخة.
وقال قائد عسكري معارض لوكالة «رويترز» إن «هجوم التنظيم على مارع هو الأسوأ منذ عدة أشهر»، ووصف القتال بأنه «شرس»، مشيرا إلى أن «الوضع في شمال حلب سيئ».
من جهته، أفاد تنظيم داعش في بيان بأن مقاتليه هاجموا مبنيين في مارع وقتلوا 50 مقاتلا على الأقل من «صحوات الردة». وأوضح مصدر محلي أن خلية من «داعش» تسللت إلى مارع، وشرعت بإطلاق النار على المدنيين، قبل أن تحاصرها مجموعة من مقاتلي المعارضة في أحد أحياء المدينة.
من جهته، تحدث «مكتب أخبار سوريا» عن استعادة غرفة عمليات فتح حلب مزارع قرية أم حوش بريف حلب التي سيطر عليها تنظيم «داعش». وذكر القائد العسكري أبو محمد الحلبي، لمكتب أخبار سوريا، أنّ فصائل المعارضة المنضوية في غرفة عمليات فتح حلب ومن أبرزها لواء الفتح ولواء السلطان مراد، استعادت السيطرة على كتلة المزارع الواقعة غرب قرية أم حوش ونقاط أخرى داخل القرية كان التنظيم قد سيطر عليها. وقال الحلبي إن اشتباكات وصفها بـ«العنيفة» دارت لعدة ساعات بين الطرفين استعملت فيها فصائل المعارضة الأسلحة الثقيلة، مما أجبر قوات التنظيم على الانسحاب من كتلة المزارع.
وأشار «المكتب» إلى أن خلية نائمة تابعة لـ«داعش» اشتبكت مع مقاتلي «الجبهة الشامية» في مدينة مارع ليلة الاثنين - الثلاثاء، مما أدى إلى مقتل 20 عنصرا من الجبهة، فيما فجر ثلاثة عناصر من التنظيم أنفسهم بأحزمة ناسفة عند نقاط يتجمع فيها عناصر من الجبهة.
في هذا الوقت، كان لافتا البيان الذي صدر يوم أمس عن «حركة أحرار الشام» عبر موقعها الرسمي، والذي أعلنت فيه تأييدها مشروع تركيا لإنشاء منطقة آمنة شمال سوريا. وجاء بيان الحركة بعد ساعات من بيان لـ«جبهة النصرة» أعلنت فيه عدم تأييدها لقيام هذه المنطقة وانسحابها منها.
ووصفت الحركة سياسة تركيا بـ«الحكيمة، مما جعلها أهم حليف للثورة، وفتح مساحات واسعة من المصالح المشتركة بين الشعبين للوقوف في وجه التحديات وأبرزها تنظيم داعش». ورأت أن المنطقة الآمنة «أمر يصب في مصلحة الشعب السوري، وحاجة ماسة لحماية أمن تركيا القومي وقطع الطريق أمام المشاريع الإرهابية والانفصالية لتنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني»، مؤكدة أنها ستكون لها «آثار جانبية من الناحية الإنسانية والعسكرية والسياسية تخدم مصالح البلدين».
ودعت الحركة في ختام بيانها باقي الفصائل الثورية المسلحة إلى مزيد من التلاحم والتنسيق على مستوى سوريا بأكملها، والارتقاء بالمسؤولية لتلبية تطلعات الشعب في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الثورة، معتبرةً أن التحدي والتهديد لا يقتصران على منطقة واحدة، إذ أظهر النظام نواياه الحقيقية تجاه التقسيم الطائفي للبلاد وتسليمها لإيران.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.