كييف نافية سيطرة «فاغنر» على 80 % من باخموت: هجماتها دون جدوى

الكرملين يحذر مجدداً من أن احتمالات تمديد اتفاق تصدير الحبوب «ليست كبيرة»

جنود أوكرانيون في باخموت يسعفون زميلاً لهم أُصيب في المعارك (أ.ب)
جنود أوكرانيون في باخموت يسعفون زميلاً لهم أُصيب في المعارك (أ.ب)
TT

كييف نافية سيطرة «فاغنر» على 80 % من باخموت: هجماتها دون جدوى

جنود أوكرانيون في باخموت يسعفون زميلاً لهم أُصيب في المعارك (أ.ب)
جنود أوكرانيون في باخموت يسعفون زميلاً لهم أُصيب في المعارك (أ.ب)

قدمت أوكرانيا وروسيا روايتين متضاربتين بشأن مدى سيطرة قوات الكرملين على مدينة باخموت، التي تمثل منذ أشهر النقطةَ المحوريةَ في محاولة موسكو التقدم في شرق أوكرانيا.
وقال الجيش الأوكراني (الأربعاء) إنه يسيطر على أكثر «بكثير» من 20 في المائة من المدينة. و«ادعاءات يفغيني بريغوجن، رئيس مجموعة المرتزقة (فاغنر)، أن مقاتليه استولوا على أكثر من 80 في المائة من باخموت، غير صحيحة».
وردّت وزارة الدفاع الروسية قائلة إن قوات «فاغنر» استولت على ثلاثة مربعات سكنية في المدينة. وإن القوات الروسية قصفت قوات احتياط في الجيش الأوكراني قامت بمحاولة للتقدم.
ونفى سيرهي تشيرفاتي، المتحدث باسم القيادة العسكرية الشرقية لأوكرانيا، في تصريح لوكالة «رويترز»، صحة ما قاله بريغوجن عن الاستيلاء على 80 في المائة من المدينة. وقال: «اتصلت تواً بقائد أحد الألوية التي تتولى الدفاع عن المدينة. ويمكنني أن أقول بثقة إن القوات الدفاعية الأوكرانية تسيطر على نسبة أكبر بكثير من أراضي باخموت».
وأضاف: «يريد بريغوجن على الأقل، إظهار نوع من الانتصار في المدينة، التي يحاولون الاستيلاء عليها منذ تسعة أشهر متتالية، وهذا هو السبب في إدلائه بهذه التصريحات».
وكان رئيس «فاغنر» قال الثلاثاء، إن قواته سيطرت على معظم أنحاء باخموت، بما في ذلك المركز الإداري ومصانع ومستودعات ومباني البلدية.
وأوضحت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، من جهتها، أن المحاولات الروسية للسيطرة على المدينة لم تتوقف، وصدّت القوات الأوكرانية قرابة 18 هجوماً. وأضافت: «القوات الروسية حاولت دون جدوى التقدم إلى قريتين في الشمال الغربي».
وأكد تقرير لهيئة الأركان، أن القوات الأوكرانية صدّت أيضاً 14 هجوماً على بلدة مارينكا، الواقعة أبعد باتجاه الجنوب بالقرب من مدينة أفدييفكا.
وأشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في خطابه الليلي الأربعاء، بجهود القوات المدافعة عن باخموت ومناطق أخرى في الشرق، لكنه لم يشر بالتحديد إلى الوضع في المدينة.
وأفادت وزارة الدفاع الروسية،ايضا في بيان، بأن «مفارز الهجوم التابعة لمجموعة (فاغنر) استمرت في إجبار العدو على الخروج من الأحياء المركزية في أرتيموفسك (باخموت) على مدار اليوم، وتقوم القوات المحمولة جواً بدعم (قوات فاغنر)».
وزاد البيان: «في اتجاه دونيتسك، واصلت مفارز (فاغنر) الهجومية عمليات قتالية عالية الكثافة لطرد العدو من الأحياء المركزية لمدينة أرتيموفسك. وتدعم القوات المحمولة جواً مفارز الهجوم على الأجنحة، مما يمنع نقل احتياطيات القوات الأوكرانية إلى المدينة، ويعقد إمكانية انسحاب وحدات العدو منها».
وفي إيجاز بمجريات العمليات القتالية خلال اليوم الأخير، أفاد البيان بأن «الطائرات العملياتية والتكتيكية وقوات الصواريخ ونيران المدفعية التي قامت بها المجموعة الجنوبية من القوات شنت سلسلة هجمات مركَّزة على تجمعات القوى العاملة والمعدات للقوات الأوكرانية في مناطق كالينوفكا ونيكولايفكا وستوبوتشكا في إقليم دونيتسك».
وأفادت الوزارة بأن كييف فقدت نحو 115 من العسكريين في اتجاهي كوبيانسكي وكراسنوليمانسكي خلال يوم واحد.
ووفقاً للبيان: «في اتجاه كوبيانسك، أصابت الضربات الجوية ونيران المدفعية وأنظمة قاذفات اللهب الثقيلة التابعة لمجموعة القوات الغربية وحدات من القوات المسلحة لأوكرانيا في مناطق دفوريتشنايا وسينكوفكا وتيمكوفكا في منطقة خاركيف، ونوفوسيلوفسكي في لوغانسك، وبلغت خسائر العدو أكثر من 35 جندياً أوكرانياً، وسيارتين، بالإضافة إلى عدد من مدافع (الهاوتزر) ذاتية الدفع».
إلى ذلك، حذر الكرملين من أن احتمالات تمديد اتفاق تصدير الحبوب والأسمدة من موانئ أوكرانية على البحر الأسود، لما بعد 18 مايو (أيار) «ليست كبيرة»؛ لأن الصادرات الروسية من هذا النوع ما زالت تواجه عقبات.
وتوسطت الأمم المتحدة وتركيا في اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية في يوليو (تموز) من العام الماضي؛ للمساعدة في مواجهة أزمة الغذاء العالمية التي قال مسؤولو الأمم المتحدة إنها تفاقمت بسبب الحرب الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين: «لا يمكن أن تقف صفقة على ساق واحدة... بل يجب أن تقف على ساقين». وأضاف: «في هذا الصدد، إذا استندنا، بالطبع، إلى ما يجري اليوم، فإن التوقعات (لتمديدها) ليست كبيرة جداً».
وقالت مصادر دبلوماسية إن تركيا ستواصل جهودها واتصالاتها مع مختلف أطراف اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود من أجل استمرارها ،وإنها تؤيد تنفيذ الشق الخاص بالحبوب الأسمدة والمنتجات الزراعية الروسية.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن أنقرة تولي أهمية كبيرة «لاستمرار تطبيق الاتفاقية التي ساهمت بشكل كبير في منع وقوع أزمة غذاء عالمية، منذ تطبيقها عقب توقيعها في إسطنبول في 22 يوليو (تموز) 2022 بين روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة، وأنها تواصل اتصالاتها مع أطراف الاتفاقية من أجل ضمان تمديدها لمدة 120 يوما بعد أن وافقت روسيا في 18 مارس (آذار) الماضي على تمديدها 60 يوما فقط».
ولفتت المصادر إلى أن «أنقرة تؤيد المطلب الروسي وتطبيق الاتفاقية على الجانبين أسوة بما حدث مع أوكرانيا».
وفي سبيل إقناع روسيا بالسماح لأوكرانيا باستئناف صادراتها من الحبوب عبر البحر الأسود العام الماضي، أُبرم اتفاق مدته ثلاث سنوات وافقت فيه الأمم المتحدة على مساعدة روسيا في تصدير منتجاتها الغذائية والأسمدة... وقال بيسكوف إن هذه الصفقة «لم تنجح ولم تُفعل حتى الآن».
ووافقت روسيا، الشهر الماضي، على تمديد الصفقة لمدة 60 يوماً على الأقل، أي نصف الفترة المستهدفة. وقالت إنها «لن تدرس تمديداً إضافياً» إلا إذا لُبيت المطالب المتعلقة بصادراتها.
وتشمل هذه المطالب السماح للبنك الزراعي الروسي بالعودة إلى نظام «سويفت» للدفع، والسماح لروسيا باستيراد الآلات الزراعية، وإزالة قيود التأمين، والسماح بوصول السفن والبضائع الروسية إلى الموانئ، وإلغاء حظر الأنشطة المالية لشركات الأسمدة الروسية. كما تريد موسكو، إعادة تشغيل خط أنابيب ينقل الأمونيا الروسية إلى ميناء أوكراني على البحر الأسود.
وحين سئل المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك عن مطالب روسيا، قال إن مسؤولي الأمم المتحدة «يحاولون بعزم دفع العملية قدماً»، وإن الأمين العام أنطونيو غوتيريش «لا يتمتع بسلطة كافية على هذا الأمر». وأوضح: «لا سلطة للأمين العام على سويفت. ولا سلطة له على الدول الأعضاء التي تفرض عقوبات أحادية الجانب. ولا سلطة له على شركات التأمين وشركات الشحن، ولا يمكنه إخبارها بما يجب عليها فعله». وأضاف دوجاريك: «نحاول توجيه مجموعة كاملة من الناس نحو المسار الصحيح».
وسمحت الصفقة لأوكرانيا بتصدير أكثر من 27.5 مليون طن من المواد الغذائية، وتقول الأمم المتحدة إن هذا أسهم في خفض أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم. لكن «برنامج الأغذية العالمي»، التابع للأمم المتحدة، حذر في وقت سابق من الشهر الجاري من أن «انعدام الأمن الغذائي ما زال عند مستويات غير مسبوقة في عام 2023، وذلك في ظل استمرار تأثر إنتاج الغذاء على مستوى العالم بالصراع، والصدمات الاقتصادية، والظواهر المناخية المتطرفة، وارتفاع أسعار الأسمدة».


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».