وزير الخارجية التونسي يبحث في روما أزمة الهجرة غير الشرعية

الأمم المتحدة تؤكد وفاة أكثر من 400 مهاجر منذ بداية 2023

وزير الخارجية التونسي نبيل عمار خلال لقاء نظيره الإيطالي في روما أمس (أ.ب)
وزير الخارجية التونسي نبيل عمار خلال لقاء نظيره الإيطالي في روما أمس (أ.ب)
TT

وزير الخارجية التونسي يبحث في روما أزمة الهجرة غير الشرعية

وزير الخارجية التونسي نبيل عمار خلال لقاء نظيره الإيطالي في روما أمس (أ.ب)
وزير الخارجية التونسي نبيل عمار خلال لقاء نظيره الإيطالي في روما أمس (أ.ب)

بحث وزير الخارجية التونسي، نبيل عمار، أمس خلال زيارة عمل إلى إيطاليا دامت يومين، مع عدد من المسؤولين في روما الأزمة المتفاقمة لملف الهجرة غير الشرعية، وتأتي هذه الزيارة بعد إعلان مجلس الوزراء الإيطالي حالة الطوارئ للتعامل مع تزايد عدد المهاجرين غير النظاميين، حيث أشارت بيانات وزارة الداخلية الإيطالية إلى وصول نحو 31 ألفاً و300 مهاجر إلى أراضي البلاد منذ بداية 2023.
وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، في تصريح نقلته وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء، بعد لقائه بوزير الخارجية التونسي، إن بلاده ستجلب أربعة آلاف عامل مدرب في تونس في اتفاق أعلن عنه أمس. مضيفا أن الهدف هو «تعزيز الهجرة القانونية».
وأضاف تاياني أن محاربة المتاجرين بالبشر ومكافحة الهجرة غير النظامية «أساسية بالنسبة لتونس وإيطاليا..والتعاون بين بلدينا جاد، وهناك بالفعل اتفاقيات لا يزال يسري مفعولها، وسيتم تطبيقها».
وأعلنت وزارة الخارجية التونسية أول من أمس عن الزيارة، التي جاءت بدعوة من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، أنطونيو تاياني. وقالت الوزارة إن الزيارة «ستكون مناسبة للتطرق إلى السبل الكفيلة بمعالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية، وفق مقاربة شاملة تخدم المصلحة الاقتصادية لكلا البلدين، وتساهم في النهوض بالهجرة النظامية والدائرية، ودفع نسق الاستثمار، وتنمية المناطق الداخلية، وخلق مواطن الشغل لفائدة الشباب».
وتشهد السواحل التونسية تدفقاً قياسياً للمهاجرين، مقارنة بالسنوات السابقة، نحو السواحل الإيطالية القريبة بحثاً عن فرص أفضل للحياة بإحدى دول الاتحاد الأوروبي، وتنحدر النسبة الأكبر من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وفق بيانات الحرس البحري التونسي. وبلغ إجمالي المهاجرين الذين وصلوا إيطاليا هذا العام أكثر من 28 ألفاً، وفقاً للسلطات الإيطالية، أي ما يفوق أربعة أضعاف العدد في الفترة نفسها من العام الماضي، عندما تم تسجيل وصول أكثر من 6900 شخص. فيما تقول روما إن تونس باتت بلد العبور الأول في المنطقة إلى أراضيها هذا العام متقدمة على ليبيا.
في سياق ذلك، أكد خفر السواحل التونسي أمس أن عناصره انتشلت 25 جثة، بعد غرق قارب قبالة سواحل مدينة صفاقس. وقال في بيان: «بتواصل عملية التمشيط، تم انتشال 15 جثة، من بينها 6 إناث، وتم إيداعها ببيت الأموات بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة في صفاقس على ذمة الطب الشرعي».
وكان المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي قد أعلن أول من أمس عن انتشال عشر جثث لمهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء.
كما تمكنت وحدات الأمن البحري بمنطقة سوسة الساحلية من إنقاذ 14 تونسياً، بينهم 5 إناث و9 أطفال، كما ضبطت الوحدات الأمنية البحرية بمنطقة المنستير المجاورة ستة تونسيين بصدد الإعداد لرحلة هجرة غير شرعية إلى الضفة الشمالية للمتوسط.
بدورها، قالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إن أكثر من 400 مهاجر لقوا حتفهم أثناء محاولتهم عبور وسط
البحر المتوسط في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، وهو الربع الأول الأكثر دموية على الإطلاق منذ عام 2017.
ووفقاً لمشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة، فقد تم توثيق 441 حالة وفاة للمهاجرين من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار) من هذا العام، وهو أعلى عدد وفيات في ربع سنة منذ عام 2017 عندما تم تسجيل 742 ضحية.
وقالت المنظمة، أول من أمس، إن الزيادة تأتي وسط تقارير عن تأخيرات في استجابات الإنقاذ التي تقودها الحكومات، وإعاقة عمليات البحث والإنقاذ التي تقوم بها السفن والتي تديرها المنظمات غير الحكومية. وعزت المنظمة الدولية للهجرة وفاة 127 شخصاً على الأقل إلى التأخير في عمليات الإنقاذ في ست حوادث، في حين أدى «الغياب التام للاستجابة» في حادث آخر إلى وفاة 73 شخصاً على الأقل.
وقال المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، أنطونيو فيتورينو، إن «الأزمة الإنسانية المستمرة في وسط البحر الأبيض المتوسط لا تحتمل». فيما قالت المنظمة إنه «في حين تم توثيق 441 حالة وفاة للمهاجرين في هذا الربع، فإن العدد الحقيقي للضحايا في وسط البحر الأبيض المتوسط من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير». وأضافت المنظمة موضحة أن حوالي ثلاثة آلاف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا خلال عطلة عيد الفصح، ليصل العدد الإجمالي للأشخاص، الذين وصلوا إلى الدولة الأوروبية هذا العام، إلى 31 ألفاً و192، أي حوالي أربعة أضعاف 7900 شخص تم إنقاذهم في الفترة نفسها من العام الماضي.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)

غرق مهاجر ومخاوف من فقد آخرين بعد انقلاب قارب قبالة اليونان

قال خفر السواحل اليوناني، اليوم السبت، إن السلطات انتشلت جثة مهاجر وأنقذت 39 آخرين من البحر بعد انقلاب قارب.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شمال افريقيا حرس جزر الكناري الإسبانية يقدم مساعدات لمهاجرين أفارقة انطلقوا من سواحل تونس بعد غرق مركبهم (إ.ب.أ)

مقتل 9 مهاجرين وفقدان 6 آخرين قبالة سواحل تونس

قضى تسعة مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وفُقد ستة آخرون بعد غرق قاربهم قبالة السواحل التونسية.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

سلطات طرابلس تضبط 40 باكستانياً قبل تهريبهم إلى أوروبا

يقول «جهاز دعم الاستقرار» الليبي بطرابلس إنه «تم جلب هؤلاء المهاجرين عبر تشكيل عصابي دولي يتقاضى 20 ألف دولار أميركي من كل مهاجر مقابل إرساله إلى ليبيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.