ازدياد عدد السياح إلى سوريا... ومنصة لمنح التأشيرات

السياحة الدينية وعلاج الأسنان والتجميل أبرز الأسباب

بائع ينتظر السياح في السوق القديم بدمشق في أبريل 2011 (غيتي)
بائع ينتظر السياح في السوق القديم بدمشق في أبريل 2011 (غيتي)
TT

ازدياد عدد السياح إلى سوريا... ومنصة لمنح التأشيرات

بائع ينتظر السياح في السوق القديم بدمشق في أبريل 2011 (غيتي)
بائع ينتظر السياح في السوق القديم بدمشق في أبريل 2011 (غيتي)

«لم أصدق ما رأيتُ... بدت السائحتان القادمتان من الصين إلى دمشق أشبه بصورة هاربة من مجلة للفنون الشعبية، كل مَن رآهما في سوق الحميدية تمنى التقاط صورة معهما»، قال ذلك صاحب محل شرقيات في مدينة دمشق القديمة لدى سؤاله إن كان السياح الأوروبيون قد عادوا إلى شوارع دمشق الأثرية.
وبينما أكد قدوم سياح أوروبيين «لكن الأعداد لا تزال خجولة جداً»، لفت إلى أن تجول سائحتين من الصين بالزي التقليدي تحول إلى تظاهرة في السوق «فمنذ 10 سنوات، لم نرَ مجموعات سياحية أوروبية كالتي كانت تفد إلى سوريا قبل الحرب». وقال إن أغلب الذين يأتون في السنة الأخيرة يتجولون لاستطلاع نمط الحياة في دمشق والاحتكاك بالناس «لا زيارة المواقع الأثرية أو تسوّق المنتجات التقليدية».
ويبدي صاحب محل الشرقيات فرحه بقدوم مجموعة سياحية أوروبية تضم أكثر من 20 سائحاً دخلوا محله وتفحصوا البضائع، إلا أنهم لم يشتروا سوى بطاقة بريدية واحدة على سبيل الذكرى، أو ربما «جبراً للخواطر». ومع أن محله يقع في منطقة سياحية يقصدها زوار الأماكن المقدسة، ودائماً هناك مجموعات منهم، فإنهم لا ينفقون في السوق ولا توجد حركة بيع.
وكان وزير السياحة في دمشق، رامي مرتيني، قد كشف، أول من أمس (الأربعاء)، في تصريحات إعلامية عن ازدياد أعداد القادمين إلى سوريا 385 ألفاً، خلال الربع الأول من عام 2023. منهم 345 ألفاً قادمون من العرب، و40 ألفاً من الأجانب، علماً بأنه خلال الفترة نفسها من عام 2022 كان عدد القادمين 236 ألفاً؛ 206 آلاف من العرب، و30 ألفاً من الأجانب.
ولم يكشف وزير السياحة عن جنسيات السياح الأجانب، بينما أكدت مصادر محلية أن غالبية الأجانب من الدول الحليفة (روسيا وإيران والصين)، وسوريون مغتربون يحملون جنسيات أجنبية. سيدة عربية قدمت لزيارة أهل زوجها السوري وحل مشكلات عالقة، وقبل السفر قصدت سوق الحميدية للتسوق، وعندما سألت أحد المارة عن مكان محل لبيع الإكسسوار، فوجئت بشخص روسي يتدخل بالحديث ليقول بعربية مكسرة: «مقام السيدة رقية من هنا». وتؤكد السيدة أن الشاب كان بلباس مدني، وكأنه سائح، ولم تفهم لماذا ظن أنها تسأل عن «مقام السيدة رقية»، ولا سبب تدخله في الحديث، وكأنه من أهل البلد، وأدرى بشعابها.
ومع أن دمشق تسعى بشكل حثيث لرفع عدد الزوار من روسيا والصين التي تصدر سنوياً 140 مليون سائح، فإن حصتها من هؤلاء السياح لا تزال لا تُذكر.
وتؤكد مصادر في السوق السياحية بدمشق القديمة أن الحكومة تبذل الوعود وتطرح الاستثمارات، على أمل أن يعود النشاط لقطاع السياحة، إلا أن السياحة الناشطة فقط هي السياحة «الدينية» إلى المراقد والمزارات الشيعية، وأغلبها من العراق وإيران، تليها السياحة العلاجية، وعادة تكون هي ذاتها مجموعات السياحة الدينية التي تستغل عروض أسعار حملات الحج الديني (نقل وإقامة لأسبوعين 700 دولار) لزيارة مراكز التجميل وعيادات الأسنان، لأنها الأقل تكلفة في المنطقة.
«ولا يزال الإنفاق السياحي مخيباً»، تتابع المصادر، «لولا المغتربون الذين يزورون البلاد في موسم الصيف، وهم الذين يحركون السوق»؛ فالمعوقات التي تواجه عودة النشاط السياحي كبيرة ومعقدة، أبرزها ارتفاع تكاليف التشغيل قياساً إلى الأسعار، علماً بأن الأسعار أيضاً مرتفعة قياساً إلى مستوى الدخل والجودة، إضافة إلى مشكلة آلية منح التأشيرات، وتقييد التداول بغير العملة المحلية، وصعوبة تحويل الأموال من وإلى سوريا، بسبب العقوبات الاقتصادية، وتفاوت أسعار الصرف بين السعر التأشيري للمصرف وسعر السوق الموازية.
وأشارت المصادر إلى أن وزارة السياحة سبق أن أعلنت تنسيقها مع «المصرف المركزي» و«اتحاد غرف السياحة»، لإصدار قرار خاص بمواقع العمل السياحي، وآلية تعاملها بالعملات الأجنبية، ووضع آليات مناسبة لتحويل قيم التذاكر وسداد الضرائب والرسوم بالعملات الأجنبية من قبل شركات الطيران ووكالاتها، إلا أن القرار لم يصدر، ولا تزال المكاتب السياحية تعاني من مداهمات الجهات المعنية، وإغلاقها بتهمة «التعامل بغير الليرة».
وكان وزير السياحة قد أكد أن وزارته «لم ولن تسمح بأن يكون القطع الأجنبي واجهة لأي عمل غير شرعي».
وكرر وزير السياحة مؤخراً الإعلان عن إحداث منصة استصدار سمات الدخول للسياح القادمين عن طريق مؤسسات السياحة والسفر، لتسهيل إجراءات القدوم السياحي، وبالتنسيق مع وزارة الداخلية - إدارة الهجرة والجوازات، متوقعاً أن يصل عدد القادمين إلى سوريا هذا العام إلى نحو 3 ملايين شخص، 25 في المائة‎ منهم للسياحة العلاجية والسياحة الدينية وسياحة المؤتمرات وسياحة التسوق، بينما كان عدد القادمين العام الماضي مليوناً و750 ألف شخص، منهم 580 ألف سائح.
وتبدي دمشق تفاؤلها بفتح خطوط شركات طيران عربية إلى «مطار دمشق الدولي»، إضافة لخط أثينا - دمشق.
وحسب أرقام وزارة السياحة لهذا العام، بلغ عدد نزلاء الفنادق (عرباً وأجانب) 40 ألف نزيل قضوا 250 ألف ليلة فندقية، منهم 28 ألف نزيل من العرب، و12 ألف نزيل من الأجانب. كما تشير الأرقام الرسمية قبل الحرب عن تشكيل السياحة في سوريا 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.