هيلاري كلينتون تشرع في المخاطرة وتسدد «لكمات» إلى الحزب الجمهوري

تكافح لإخماد مخاوف الديمقراطيين الخائفين من تآكل حظوظها

جاءت أكثر المواقف عدوانية عندما عانت كلينتون من تآكل في صورتها العامة مع المزيد من الناخبين الذين يقولون إنهم ينظرون إليها بصورة سلبية (أ.ب)
جاءت أكثر المواقف عدوانية عندما عانت كلينتون من تآكل في صورتها العامة مع المزيد من الناخبين الذين يقولون إنهم ينظرون إليها بصورة سلبية (أ.ب)
TT

هيلاري كلينتون تشرع في المخاطرة وتسدد «لكمات» إلى الحزب الجمهوري

جاءت أكثر المواقف عدوانية عندما عانت كلينتون من تآكل في صورتها العامة مع المزيد من الناخبين الذين يقولون إنهم ينظرون إليها بصورة سلبية (أ.ب)
جاءت أكثر المواقف عدوانية عندما عانت كلينتون من تآكل في صورتها العامة مع المزيد من الناخبين الذين يقولون إنهم ينظرون إليها بصورة سلبية (أ.ب)

بعد شهور من ابتعادها عن الخلافات الحزبية، وغالبا ما تتخذ حذرا كبيرا، شرعت هيلاري رودهام كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأميركية، في اتخاذ المزيد من المخاطر وتسديد بعض اللكمات ضد الحزب الجمهوري.
وجاءت أكثر المواقف عدوانية عندما عانت كلينتون من تآكل في صورتها العامة، مع المزيد من الناخبين الذين يقولون إنهم ينظرون إليها بصورة سلبية مما كانت عليه في أي وقت مضى منذ أن دخلت سباق 2016 الرئاسي والقليل من الناس يقولون إنهم لا يزالون يثقون فيها. وذلك المسار وقرع الطبول الإعلامية حول نظام البريد الإلكتروني غير التقليدي للسيدة كلينتون حينما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية الأميركية سبب توترا كبيرا لدى بعض الديمقراطيين، وأثار التكهنات حول أن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن قد يتخذ سبيله لمنافسة المرشحة الرئاسية المخضرمة.
كما يأتي الأمر أيضا حال حشد منافسها الأول في ترشيح الحزب الديمقراطي السيناتور بيرني ساندرز لأكثر من 100 ألف ناخب أو يزيد في أكثر معاقل الليبرالية في البلاد، مما يؤكد حالة الضعف المستمرة في قاعدة كلينتون الحزبية التقدمية. وصعدت كلينتون من وتيرة هجماتها اليومية ضد أكثر المتنافسين شهرة داخل معسكر الجمهوريين، وعلى الأخص الملياردير دونالد ترامب وجيب بوش الحاكم السابق لولاية فلوريدا.
وغردت كلينتون يوم الخميس الماضي على موقع «تويتر» تقول: «يحاول الجمهوريون بشكل منهجي منع ملايين المواطنين الأميركيين من التصويت. فأي جزء من الديمقراطية يخشون حقا؟».
كما أفرجت حملة كلينتون في مفاجأة غير متوقعة عن معلومات تتعلق بصحتها وملفاتها الضريبية خلال الشهر الماضي في نفس اليوم، في فلوريدا، ولاية الحاكم السابق بوش والنائب الجمهوري ماركو روبيو، الذي أعلنت فيه على الهواء من تراجعها السياسي حيال علاقات الولايات المتحدة مع كوبا. وشن فريق كلينتون حملة استباقية محورية قبل النقاش الجمهوري المبدئي بالأسبوع الماضي ثم دعوا الصحافيين الذين يغطون حملة كلينتون لمتابعة النقاش الخاص بها والذي امتد لساعتين في مقر الحملة في بروكلين. وقال روبي مووك مدير حملة كلينتون مازحا في وقت ما خلال الفعالية: «صعب كثيرا اختيار» المرشح المفضل من بين 10 جمهوريين يقفون على منصة النقاش.
وقبل أسبوع، أخذت كلينتون جيب بوش على حين غرة بشجب قوي لمواقفه حيال الرعاية الطبية، وقانون الرعاية بأسعار معقولة، وحقوق التصويت عندما كان يقف خلف الكواليس للحديث إلى منتدى الحقوق المدنية ذاته. وفي الأيام التالية على ذلك، وجهت الانتقادات إلى دونالد ترامب، وسكوت ووكر حاكم ويسكونسن، وريك بيري حاكم تكساس السابق.
وكان منهج الإقصاء المعلن لا علاقة له بشخصية كلينتون الحذرة وتحركاتها المدروسة بعناية ضمن فعاليات الحملة التي أسستها كلينتون بوصفها مرشحة الحزب الديمقراطي الأوفر حظا. وكانت الاستراتيجية تهدف في جزء منها إلى الاستجابة إلى إحدى الشكاوى الاعتيادية من جانب نشطاء الحزب الديمقراطي حول كلينتون؛ أنه على الرغم من اتخاذها لموقفها الحالي، إلا أنها قليلا ما اتخذت مواقف صلبة أو عنيدة.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوينيبياك سكوت ماكلين، والتي عكست استطلاعات الرأي الوطنية التي تجريها حالة التآكل التي أصابت مستويات القبول لكلينتون والتي كانت في وقت ما لا تُقهر، إن «الحديث عن الأمر يختلف تماما عن القيام به».
وتكافح كلينتون لإخماد المخاوف طويلة الأمد على اليسار بأنها قريبة للغاية من المصالح القوية في وول ستريت وفي هوليوود. ولكن جهودها الآن تهدف إلى استمالة أكثر الديمقراطيين اعتدالا والمعنيين بأن وتيرة تحركاتها ظلت لوقت طويل هادئة أو فخمة. ولقد فعلت القليل لتبديد صورة الامتياز عن طريق قضاء ليلة المناقشات للجمهوريين في محاولة لجمع الأموال في هوليوود ونشر صورة لها مع بطلة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان.
وقال رئيس مجلس النواب السابق والمرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري نيوت غينغريتش إن «كلينتون معرضة للخطر وإن المعسكر الديمقراطي يبدو مثل حكومة العجائز». وتبلغ كلينتون 67 عاما، بينما يناهز ساندرز وبايدن العقد السابع من أعمارهما. وأضاف غينغريتش أن النقاش ترك لديه شعورا بالرضا حول فرص الجمهوريين في العام المقبل. وتابع يقول: «إنني أشعر بتفاؤل كبير. لدينا الكثير من العمل لنقوم به، ولكننا نتحرك في المسار الصحيح».
وبينما يصر قادة حملة كلينتون على أنهم لا يفرون هاربين، فإن حلفاءها يقولون إن ضخ المزيد من الطاقة هو في جزء منه جهد لمواجهة التغطية السلبية لمشكلة بريدها الإلكتروني وهبوط أرقام استطلاعات الرأي بشأنها. وتقول حملتها الانتخابية إن هبوط شعبية كلينتون كان أمرا حتميا من واقع أنها وزيرة الخارجية الأميركية المعروفة التي انتقلت بالكامل إلى طور المرشح الرئاسي.
وقال كبير الخبراء الاستراتيجيين واستطلاعات الرأي جويل بينينسون: «تصاب ببعض الخدوش القليلة. إنه ماراثون وليس سباقا سريعا».
وهبط معدل الأفضلية لكلينتون من 44 في المائة إلى 37 في المائة بين شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضي، وفقا لاستطلاع الرأي الذي أجرته شبكة «إن بي سي» في وول ستريت الأسبوع الماضي. وتظهر استبيانات أخرى مستويات هبوط مماثلة وتشير إلى أن تفوقها على ساندرز قد تأخر كثيرا.
ويقول المساعدون إن الانتباه إلى تلك الأرقام يحجب معدلات الآراء المعارضة للجمهوريين وحقيقة أن كلينتون تتفوق على كل منافس جمهوري في المناظرات الوطنية وجها لوجه. وهناك استطلاع للرأي، رغم ذلك، صادر عن جامعة نيوهامبشاير، يضع بوش وووكر وراند بول الجمهوري من كنتاكي، بفارق نقطة أو اثنتين تفوقا على كلينتون في تلك الولاية، وهي رابطة إحصائية تعد من قبيل الأنباء السيئة بالنسبة لها.
وتفوق كلينتون على الجمهوريين على المستوى الوطني وعلى نظرائها من المعسكر الديمقراطي هو الخيط الرفيع الباقي بالنسبة للمرشحة ذات التاريخ الطويل والكثير من الوقت في أعين الجماهير، كما يقول ماكلين.
وتابع ماكلين يقول: «الشيء الوحيد الذي يصب فعلا في صالحها هو أن الجمهوريين غير مفضلين فعلا وغير جديرين بالثقة». ولم يكن إطلاق الحملة الإعلانية التي تتكلف مليوني دولار في ولايتي أيوا ونيوهامبشاير الأسبوع الماضي من قبيل رد الفعل الطارئ للهبوط المسجل في أفضلية كلينتون في ولايات التصويت التمهيدي، كما يقول بينينسون.
وأضاف قائلا: «كلا، ليس الأمر كذلك»، خلال محادثة هاتفية جاءت تعبيرا عن موقف الحملة الجديدة. وانتظارا لوابل من الهجمات على حملة كلينتون في نقاش الحزب الجمهوري يوم الخميس الماضي، عرضت الحملة على بينينسون تدشين الحملة الاستباقية، التي قال عنها «كانت تلك الإعلانات قيد العمل والتنظيم، هناك قصة لا بد من عرضها».
واختارت الحملة نشر الإعلانات الآن بسبب أنها جمعت ما يكفي من الأموال لتنفيذها، كما أحد كبار مساعديها. فلقد تمكنت كلينتون من جمع نحو 45 مليون دولار في الفترة بين أبريل (نيسان) ويوليو الماضي. ولقد حددت الحملة عتبة انطلاق تقدر بـ35 مليون دولار للبدء في الإعلانات، كما قال المساعد، والذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته للحديث عن جوانب من استراتيجية الحملة الرئاسية.
وقال أحد مسؤولي الحملة الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة الاستراتيجية الداخلية: «بالتأكيد أنها تتجه إلى الهجوم».
ويعكس ذلك التحول شعورا بأن ذلك هو الوقت الصحيح لجذب الانتباه لما يراه فريق كلينتون بأن المواقف السياسية للجمهوريين التي تتجاوز ميدان الرأي العام، على حد قول المسؤول. بدأت كلينتون وبانتظام في توجيه الانتقادات ضد خصومها حول قضايا الهجرة، والإجهاض، والرعاية الصحية الإنجابية.
وتابع المسؤول يقول: «إنها تحاول الاستعداد الآن. ولسوف تكون أكثر نشاطا وأكثر عدوانية». ومع تحرك الحملة لما بعد مرحلة اتخاذ سياسة كلينتون لمواقفها واحدا تلو الآخر. واستطرد المسؤول قائلا: «إنه توقيت مهم الآن. إنهم يجذبون الكثير من الاهتمام، وليس لدينا من دليل أن ذلك الاهتمام يفيدهم في شيء. بل نرى أدلة تفيد بأنهم يتضررون من ذلك الاهتمام كما يضر بمعسكراتهم. ولقد كان ترامب مثالا واضحا على ذلك».
وستقتصر هجمات كلينتون على الجمهوريين فقط الآن، كما قال المسؤول برفقة مساعدي كلينتون. ومن المقرر أن يبدأ النقاش الديمقراطي الأول في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. والجمهور المعني باللغة الهجومية الحادة هو على حد سواء جمهور الناخبين الديمقراطيين الأوائل وناخبو الانتخابات العامة، وذلك وفقا للحملة الرئاسية، رغم أنه من الواضح، من ناحية طمأنة الديمقراطيين الناشطين سياسيا، أن كلينتون ستهاجم الجمهوريين بضراوة كدافع رئيسي لحملتها.
وكانت الحملة تعقد الكثير من الاجتماعات الخارجية مع مجموعات مختارة من الداعمين لمناقشة استراتيجية الهجوم على المعسكر الجمهوري. ويقول مسؤول حملة كلينتون: «نريد للناخبين المستقلين وناخبي الانتخابات العامة الاحتفاء بتلك اللحظات ونحاول تسريب حالة الوعي العام إليهم بقدر ما يمكن القيام به في أغسطس (آب) الحالي»، بعد مرور أكثر من عام على بدء الحملة الرئاسية وقتها. «كما أننا نريد للناخبين الديمقراطيين أن يروها تفعل ذلك، ويشاهدوا أنها تتفاعل مع القضية ضد الجمهوريين فعليا».

* خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.