«نقطة عمياء كبيرة»... لماذا لم تتنبّه واشنطن للوثائق السرية المسربة؟

لولا تقرير «نيويورك تايمز» لما علمت الإدارة الأميركية بالواقعة

وثائق مسربة (رويترز)
وثائق مسربة (رويترز)
TT

«نقطة عمياء كبيرة»... لماذا لم تتنبّه واشنطن للوثائق السرية المسربة؟

وثائق مسربة (رويترز)
وثائق مسربة (رويترز)

بعدما سُربت العشرات من الوثائق الأميركية السرية على شبكة الإنترنت وتم تداولها لأشهر عدة من دون أن تكتشف الإدارة الأميركية الأمر، أثيرت تساؤلات عن السبب الذي جعل تلك الواقعة تفوت الإدارة الأميركية.
وكانت صور للملفات السرية قد ظهرت على تطبيق الرسائل «ديسكورد» منذ فبراير (شباط) الماضي، لكن يبدو أن تلك الوثائق لفتت انتباه الحكومة الأميركية فقط بعدما تداولت وسائل الإعلام الأمر في أوائل أبريل (نيسان) الحالي، بحسب تقرير لصحيفة «بوليتيكو».
وترسم الوثائق التي جاءت كاملة بالجداول الزمنية والاختصارات العسكرية، التي حمل بعضها عبارة «سري للغاية»، صورة مفصلة للحرب في أوكرانيا وتقدم أيضاً معلومات حول الصين وحلفاء الولايات المتحدة.
وفي هذا الإطار، قال أحد المسؤولين الأميركيين الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه للصحيفة: «لم يكن أحد في الحكومة الأميركية يعلم بوجود الوثائق المسربة». أما عن السبب، فقال مسؤول كبير في الإدارة رفض الكشف عن اسمه أيضاً: «لا يمكننا الرد على ذلك بعد، نود جميعاً أن نفهم كيف حدث ذلك».

وبحسب اثنين من كبار المسؤولين الأميركيين، تم إطلاع كبار المسؤولين داخل جهاز الأمن القومي على الوثائق في 6 أبريل (نيسان)، وهو نفس اليوم الذي كتبت فيه صحيفة «نيويورك تايمز» عن التسريب لأول مرة، وبدأت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن النظر في التسريب الأسبوع الماضي فقط. ووفق التقرير، دفعت الواقعة مسؤولين حاليين وسابقين إلى التساؤل عن سبب عدم التنبه للخرق الذي حصل من فترة طويلة، وتم الحديث عن احتمالية أن تكون هناك «نقطة عمياء كبيرة عبر الإنترنت في عملية جمع المعلومات الاستخباراتية الأميركية».
وقال جون كوهين، القائم بأعمال وكيل الوزارة السابق للاستخبارات والتحليل في وزارة الأمن الداخلي: «لا تراقب الوكالات الحكومية الفيدرالية بشكل استباقي المنتديات على الإنترنت بحثاً عن الأنشطة المتعلقة بالتهديدات، إذا قام شخص أو كيان بنشر معلومات سرية في أحد هذه المنتديات، فهناك احتمال كبير بأن المسؤولين الحكوميين لن يكتشفوها». وما زال المسؤولون في الرتب العليا في البنتاغون والاستخبارات ووزارة العدل يجاهدون لاكتشاف عدد الوثائق السرية التي قد لا تزال متداولة ولماذا لم يلاحظها أحد.

بالأرقام والتواريخ... تسريب وثائق سرية تكشف خطط أميركا للحرب الأوكرانية

كما أوضح مسؤولون حاليون وسابقون أنه في حين أن كل وكالة مسؤولة عن التحقيق في انتهاكات الاستخبارات داخل إداراتها، لا يوجد مكتب واحد مسؤول عن المراقبة، على سبيل المثال مواقع التواصل الاجتماعي للتسريبات السرية.
وتؤكد الحكومة الأميركية، بما في ذلك البنتاغون والوكالات الاستخباراتية، أنها لا تتجسس على الأميركيين، وهناك حجة مفادها أن مراقبة هذه المنتديات عبر الإنترنت حتى بالنسبة للمواد المسربة بشكل غير قانوني يمكن اعتبارها كذلك.
وسألت «بوليتيكو»: «هل نريد حقاً أن تراقب الحكومة كل ما يقال على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وأجابت: (لا)». وفي هذا الإطار، قال مسؤول استخباراتي أميركي سابق مطلع على التحقيق في تسرب الوثائق: «إذا فعلت ذلك، فإنك تدخل تلقائياً في قضايا الحريات المدنية، لم نتوصل حتى الآن إلى طريقة لموازنة تلك الدائرة بين حماية حقوق الناس في الكلام من جهة، ومعرفة ما يجري من جهة أخرى».
من جهته، أشار كوهين إلى أنه على مدى السنوات الماضية، أصبح العديد من الوكالات الحكومية على دراية بالجانب الإيجابي المحتمل لمراقبة منتديات محددة عبر الإنترنت. ومع ذلك، تكمن المشكلة في وجود قيود قانونية معينة على ما يمكن أن يفعله المسؤولون الحكوميون لتتبع نشاط الأميركيين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يُسمح له بالذهاب إلى مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الأخرى عبر الإنترنت لمراقبة النشاط عندما يفتح قضية معينة. يمكن لوزارة الأمن الداخلي أيضاً مراقبة نشاط معين عبر الإنترنت، ولكن فقط في المنتديات المفتوحة للجمهور. ويمكن للاستخبارات أيضاً مراقبة رسائل وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن الاتصالات الأخرى للأجانب.
لكن في هذه الحالة، لم يكن الفرد يهدد بأعمال عنف ولم تكن هناك علامات على أن الشخص كان معروفاً لدى سلطات إنفاذ القانون لأي سبب آخر، وفق التقرير، الذي قال إنه غالباً ما تتواصل الوكالات المختلفة في جميع أنحاء حكومة الولايات المتحدة مع منصات وسائل التواصل الاجتماعي حول المحتوى الذي يتعامل مع كل شيء بدءاً من المعلومات المضللة وخطاب الكراهية والمنشورات التي تهدد بالعنف. لكن من غير الواضح إلى أي مدى تطلب الحكومة من الشركات إزالة محتوى معين من مواقعها، وما إذا كانت الشركات تمتثل.
يشعر المسؤولون في واشنطن بالقلق من تطوير أساليب من شأنها أن تسمح لهم باكتشاف وتحليل التهديدات عبر الإنترنت، وهو الموقف الذي أزعج المشرعين في بعض الأحيان.



بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.