مطاعم أجنبية في القاهرة تجتذب الصائمين بأصناف شرقية

تنقل روح رمضان عبر ديكوراتها ومأكولاتها

«لا جورمانديز» يقدم لزواره قائمة طعام فاخرة معدَّلة تلبي جميع الأذواق (موقع لا جورمانديز)
«لا جورمانديز» يقدم لزواره قائمة طعام فاخرة معدَّلة تلبي جميع الأذواق (موقع لا جورمانديز)
TT

مطاعم أجنبية في القاهرة تجتذب الصائمين بأصناف شرقية

«لا جورمانديز» يقدم لزواره قائمة طعام فاخرة معدَّلة تلبي جميع الأذواق (موقع لا جورمانديز)
«لا جورمانديز» يقدم لزواره قائمة طعام فاخرة معدَّلة تلبي جميع الأذواق (موقع لا جورمانديز)

تحتضن القاهرة عشرات المطاعم الأجنبية التي تتخصص في تقديم المطابخ العالمية إلى المصريين وضيوفهم من السائحين الأجانب والعرب، إلا أنه مع حلول شهر رمضان المبارك تنازلت هذه المطاعم عن جزء من خصوصيتها وهويتها التي تميزها، لجذب الصائمين، وقدمت أصنافاً شرقية.
ولوحظ أن العديد من هذه المطاعم بدأت في إطلاق عروضها الرمضانية والتجديد في قوائم طعامها، وبدأت في إدخال أصناف جديدة لتقديم تشكيلة من أشهى الأطباق العربية للإفطار والسحور، والتمتع بالتقاليد الخاصة بالشهر الكريم.
عملاً بهذا التقليد؛ يدعو مطعم (la gourmandise) «لا جورمانديز» رواده للاستمتاع بوجبة الإفطار، مقدّماً قائمة طعام فاخرة معدَّلة لتلبية الأذواق كافة، فالمطعم المتخصص في تقديم المطبخ الفرنسي، والكائن في قلب «فيرست مول»، التابع لفندق «فور سيزونز» ريزيدانس، اختار التخلي عن هويته المعتادة، وتغيير الأصناف التي اعتاد تقديمها بجعلها تتوافق مع الثقافة المصرية، مفسحاً المجال أمامها لتقديم جميع المأكولات التي تلائم جميع رغبات زوار المكان.
وبحسب حديث مدير المطعم هاني مهنى، لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «تم تغيير منيو (قائمة) المطعم ليناسب شهر رمضان؛ حيث اخترنا الاحتفال بهذا الشهر بطريقتنا الخاصة، من خلال تنوع كبير في بوفيه الإفطار، ومن خلال تدوير عناصره على مدار الأسبوع؛ حيث يضم مجموعة واسعة من الأطعمة المميزة التي تلبي مختلف الأذواق، عبر مزيج يتماشى مع ثقافات متعددة، مع الحرص على عدم التخلي عن روح المطبخ الفرنسي، الذي يتميز بالحرفية العالية التي تهتم بالتفاصيل».
يشمل بوفيه «لا جورمانديز» الرمضاني المقبلات الساخنة والباردة، التي تعتمد بشكل كبير على المقبلات اللبنانية الشهيرة، والسلطات، بمختلف أنواعها ومنها سلطة الحمص، وسلطة المأكولات البحرية، وأنواع الحساء المختلفة، ومنها على سبيل المثال حساء شوربة العدس، والملوخية، وكلاهما يقدم بالمذاق التقليدي في مصر.
تحجز «الباستا» الإيطالية مكانها في قائمة طعام المطعم عبر ركن خاص بها، كما يجاورها ركن خاص بالشاورما، وتتراوح الأطباق الرئيسية بين اللحوم والدواجن و«الميكس جريل»، التي تقدم بتنوع كبير بما يلائم جميع رغبات زوار المكان.
يمتد تطويع قائمة الطعام إلى الحلويات، فمع تخصص المطعم في تقديم أفضل أنواع الحلويات الفرنسية، التي تكتسب شهرة كبيرة في مختلف أنحاء العالم، فإن شهر رمضان دفع بالحلويات الشرقية لتحل بجوارها، ومنها الزلابية وبلح الشام والشكلمة والبسيمة وأصابع زينب والقطايف والكنافة، كما لم تغفل القائمة، المشروبات الرمضانية الشهيرة في مصر، مثل الكركديه والسوبيا والتمر هندي والخروب.
روح رمضان في «لا جورمانديز» تمتد كذلك إلى الديكورات؛ حيث تستقبل الزائر بوابة كبيرة تأخذ الطابع الإسلامي، إلى جانب مجموعة من الفوانيس والأهلة التي تنتشر بين أركان المطعم وفوق الموائد.
إلى فندق كونراد القاهرة، وتحديداً إلى مطعم (Solana) «سولانا»، وفي أجواء خلابة تطل على نهر النيل، يمكن لمس تغيير صفة أطباقه العالمية «إنترناشيونال»، إلى بوفيه إفطار رمضاني شرقي؛ حيث يتم عبر لائحة طعامه منح الفرصة لزواره لتذوق الأطباق المختلفة من خلال بوفيه الإفطار المفتوح، الذي يعتمد على الجمع بين مأكولات المطبخين المصري واللبناني.
وفقاً لحديث شيف المطعم خالد المحمدي، لـ«الشرق الأوسط»، يضم «منيو» الإفطار عشرات الأطباق والأصناف التي تستهدف المصريين والخليجيين والأجانب، التي يبدأها الزائر بالمقبلات اللبنانية وأشهرها التبولة والفتوش والحمص، ثم يمكنه التجول بين عدد من المأكولات المصرية الشهيرة مثل الحواوشي، والكبدة والسجق الإسكندراني، والفطير الحادق والحلو، والملوخية، إلى جانب الكبيبة، والسمبوسك اللبناني، أما الأطباق الرئيسية فهي تتنوع بين أصناف البروتينات المختلفة وعلى رأسها المشاوي الساخنة.
بينما قُسمت قائمة الحلويات إلى قسمين شرقي وغربي؛ حيث يضم القسم الشرقي الحلوى المرتبطة بشهر رمضان مثل القطايف والكنافة والجلاش، التي تقدم بأنواع المكسرات المختلفة وبمذاقات متنوعة حتى ترضي جميع الأذواق، ما يجعلها تلقى رواجاً بين الزائرين.
إلى شرق القاهرة، وتحديداً منطقة التجمع الخامس، اختار مطعم (TBK) «طبق»، المتخصص في المطبخ البلقاني، تقديم قائمة طعام إفطار رمضان بشكل موسع عمّا هو معتاد لديه؛ حيث يقدم المطعم «وليمة رمضانية»، تشمل بوفيه جديداً كل أسبوع، يمتلئ بمجموعة متنوعة من الخيارات، قوامها الحساء والسلطات الطازجة والمقبلات الساخنة والباردة، والأطباق الرئيسية، والمشويات المشكّلة.
ومن القائمة المعتادة يدعو المطعم زواره إلى تجربة لحم الأضلع القصيرة (الريش البقرية)، ومن قائمة الحلويات الشرقية يدعوهم إلى أنواع متعددة تتراوح بين البقلاوة بالفستق والبسبوسة والكنافة.
كما لم يغفل المطعم دعوة زواره إلى وجبة سحور بتجربة جديدة في أجواء رمضانية مميزة، من خلال «صينية الأباجية»، التي يمكن أن يتشارك فيها 4 أشخاص سواء من الأصدقاء أو العائلة، وتضم أطباق الفول، والفلافل، والحمص الكريمي، والجبن، والسلطة، والباذنجان، والبطاطس المهروسة، وحبوب الذرة، التي تقدم جميعها مع مراعاة محافظتها على نكهة المذاق الأصلي.



«الحواوشي» يتكيّف مع الغلاء في مصر

الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)
الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)
TT

«الحواوشي» يتكيّف مع الغلاء في مصر

الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)
الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)

«لحمة وعليها خلطة خاصة»؛ جملة سينمائية وردت على لسان بطل فيلم «خلي الدماغ صاحي»، الفنان المصري مصطفى شعبان، مُحدثاً بها مرافقه «العفريت»، شارحاً له مكونات ساندويتش الحواوشي.

وكما تروي أحداث الفيلم، فبعدما راق الساندويتش لـ«العفريت»، حاول أن يعده بنفسه، ورغم اجتهاده فإنه لم يتمكن من إتقانه، لأنه برأيه ثمة «تكة» ناقصة، و«التكة» هي «التكنيك» الخاص في لغة المصريين الدارجة.

الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)

ولا تزال تلك «التكة» هي الرهان الذي يحجز بها ساندويتش الحواوشي موقعه المميز بين المأكولات الشعبية المصرية، ورغم أنه مكون في الأساس من اللحم، مرتفع الثمن، فإن ذلك لم يمنع هذا الرغيف من الحضور على مائدة الفقير والغني، غير متأثر بزيادات الأسعار، فإذا كان في جيبك 10 جنيهات فقط (الدولار يساوي 48.45 جنيه مصري بالبنوك) ويمكنك شراؤه والتهامه سريعاً.

أينما حللت في مصر يصادفك رغيف الحواوشي، فمع التجول في الحارات والمناطق الشعبية تتسلل الروائح الشهية من أفران طهيه، أو تتطاير أدخنة شوائه فوق الفحم المشتعل، فيميزه عشاقه، ويجدونه بتلك الجنيهات البسيطة، بينما يزيد ثمنه جنيهاً وراء آخر كلما اتجهوا ناحية المناطق الراقية والمطاعم الفاخرة التي تتخصص في طهيه، حيث يتخطى ثمنه 200 جنيه.

ساندويتش الحواوشي له مكانة خاصة في مصر (حواوشي الرفاعي)

بين هذه المنطقة وتلك، ما عليك إلا أن تغمض عينيك، وأن تلتهمه لمزيد من الاستمتاع بنكهته، من دون التفكير بسعر كيلوغرام اللحم الذي يصل إلى 450 جنيهاً، فكيف يحافظ رغيف الحواوشي على صموده، وكيف تختلف مكوناته بحسب سعره والمكان الذي يقدمه؟

في سوق المنيرة الشعبية بوسط القاهرة، وداخل مطعم «الأمير»، المتخصص في بيع الحواوشي والفطائر، يقول نور الدين أنور، أحد العاملين: «نبيع الرغيف بـ10 جنيهات فقط، ونعتمد على اللحوم المستوردة، التي تكون أرخص من نظيرتها المصرية، فنجلبها من أحد المصانع، ونخلطها مع البصل والفلفل الأخضر، وتكون بكمية أكبر من اللحم بالطبع، حتى تعطي كمية حشو تناسب حجم الرغيف».

«مع ارتفاع سعر اللحوم، وكذلك البصل مؤخراً، أصبحت الدهون مكوناً أساسياً حالياً في خلطة الرغيف، التي تكاد تصل إلى نصف كمية الخلطة»، بحسب ما يضيف أنور لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى اللجوء لتقليل حجم الرغيف كثيراً للمحافظة على الثمن بما يناسب الزبائن.

يقطع حديثنا مع العامل أحد الزبائن، الذي جاء لشراء رغيفين من الحواوشي، والذي تداخل في الحديث، مُبيناً أنه زبون دائم التردد على المطعم منذ 3 سنوات لشراء الحواوشي، الذي وصفه بـ«أحلى رغيف بسعر خفيف»، لافتاً إلى أن «الرغيف قبل سنوات كان يباع بـ5 جنيهات»، مؤكداً أن المطعم يحافظ على جودة الساندويتش رغم غلاء اللحوم.

مطاعم الحواوشي تخلق توازناً بين المذاق والثمن (الشيف خالد عبد الفتاح)

في أحياء أخرى من القاهرة، تلمع مطاعم بعينها في تقديم الحواوشي، بعد أن صنعت لنفسها علامة مميزة في صناعة الرغيف الشعبي، من أبرزها مطعم «الرفاعي»، الذي يعد أشهر مطاعم الحواوشي في مصر منذ تأسيسه عام 1969، حيث تنتشر فروعه في أنحاء القاهرة.

«سر المذاق يكمن في الخلطة» وفق محمد يسري، مدير التسويق بالمطعم، مبيناً لـ«الشرق الأوسط»، أن «حفاظ حواوشي (الرفاعي) على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة يعود إلى عدة أسباب. أبرزها المهنية في إعداد الخلطة داخل الرغيف، وضبط نسب التوابل فيها، لأن الغرام الواحد يغّير في الطعم».

وأضاف: «المسألة ليس كما يتصور البعض وضع كمية من اللحم في رغيف الخبز، وانتهاء الأمر على ذلك، فهذه التوابل هي التي تميز مطعماً عن آخر، وهو ما يتحقق لدينا بأيدي شيفات متخصصين، قادرين على إعداد كميات كبيرة بنفس المذاق الثابت».

كما يوضح أن «الجودة تتحقق أيضاً من خلال فرم اللحم المستخدم مرتين، وليس مرة واحدة، ليصبح ناعماً، مع التوازن بين المكونات الأخرى من بصل وفلفل وطماطم دون زيادة مكون عن آخر، مثلما يفعل كثير من المطاعم الأخرى، بهدف تقليل ثمن الحواوشي على حساب الجودة».

ويلفت «يسري» إلى أن «رغيف الحواوشي يعد من أرخص الوجبات، فالرغيف التقليدي يباع داخل المطعم بـ65 جنيهاً، ويتدرج السعر حسب الإضافات والابتكارات فيه، ليبلغ أعلاها 115 جنيهاً، وبالتالي هي أسعار تناسب الفئات الاجتماعية كافة، رغم أن اللحم هو المكون الرئيسي للرغيف».

ساندوتش الحواوشي حافظ على وجوده غير متأثر بزيادات الأسعار (حواوشي الرفاعي)

ما بين خلطتي المطعمين، المغمور والمشهور، يوضح الشيف خالد عبد الفتاح، عضو جمعية الطهاة المصريين، أن أصحاب مطاعم الحواوشي يشغلهم دائماً التوازن بين مذاق الساندويتش وسعره، لذلك يزيدون خلطة الحشو للحفاظ على هذه المعادلة، بزيادة الخضراوات والتوابل والشطة بشكل كبير، مع التقليل من كمية اللحم، الذي يكون مستورداً في الغالب لكونه رخيصاً نسبياً.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «تلجأ بعض المطاعم أو مفارم اللحوم إلى إضافة بدائل اللحوم، مثل فول الصويا أو البقسماط المطحون إلى اللحم المفروم لزيادة كميته، وحشو عدد كبير من الأرغفة، مع إضافة كمية من الدهون حتى يكتسب الساندويتش المذاق المطلوب».

وأمام الظروف الاقتصادية التي يعاني منها كثيرون، وارتفاع سعر اللحوم، يلفت الشيف خالد إلى أنه وجد حلاً مبتكراً لساندويتش الحواوشي التقليدي، حيث قام باستخدام «الباذنجان» بدلاً من اللحوم في الخلطة، مع إضافة بعض البهارات وقليل من دهن الضأن، ومع اختبار الساندويتش المبتكر، وفق قوله، نال رضا من تذوقه، بل لم يلحظ غياب اللحوم عنه، مبيناً أنه اختار الباذنجان تحديداً لفوائده الصحية المتعددة، ولأنه مرغوب من غالبية الزبائن.