تشاد... مخاوف من تضرر المساعدات الإنسانية بعد الأزمة مع ألمانيا

في أعقاب تبادل طرد السفراء لدى البلدين

موقع للنازحين داخليا في ميليا - تشاد (موقع الأمم المتحدة)
موقع للنازحين داخليا في ميليا - تشاد (موقع الأمم المتحدة)
TT

تشاد... مخاوف من تضرر المساعدات الإنسانية بعد الأزمة مع ألمانيا

موقع للنازحين داخليا في ميليا - تشاد (موقع الأمم المتحدة)
موقع للنازحين داخليا في ميليا - تشاد (موقع الأمم المتحدة)

أثارت الأزمة الدبلوماسية بين تشاد وألمانيا، في أعقاب الطرد المتبادل لسفراء البلدين، مخاوف عميقة بشأن انعكاسات الأزمة على المساعدات الإنسانية التي تقدمها دول ومؤسسات غربية مانحة لتشاد، التي تُعدّ من بين أكثر بلدان العالم فقراً، وتستضيف ما يزيد على مليون من اللاجئين والنازحين.
وتبادل البلدان، اللذان تجمعهما علاقات دبلوماسية منذ عام 1960، طرد السفراء خلال الأيام القليلة الماضية؛ إذ طلبت ألمانيا، أمس (الثلاثاء)، من سفيرة تشاد لديها، مريم علي موسى، مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، وذلك رداً على تحرك مماثل قامت به الدولة الواقعة في وسط أفريقيا، الجمعة الماضي.
ونقلت وكالة «رويترز» عن وزارة الخارجية الألمانية قولها إن الخطوة تأتي «رداً على الطرد غير المبرر» للسفير الألماني، يان كريستيان غوردون كريكه، الذي غادر الأراضي التشادية، السبت، بعد اتهام الحكومة التشادية له بـ«عدم احترامه الممارسات الدبلوماسية»، خصوصاً «تدخله المفرط في شؤون إدارة البلاد، وتصريحاته التي تنزع إلى تقسيم التشاديين»، بحسب ما صرح به في وقت سابق مصدر حكومي تشادي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وتُعدّ تشاد إحدى أكبر الدول الأفريقية التي تستضيف لاجئين؛ إذ يصل عددهم إلى مليون شخص في حالة نزوح قسري داخل البلاد، بينهم 580 ألف لاجئ جراء النزاعات في السودان المجاورة، وجمهورية أفريقيا الوسطى والكاميرون، و406 آلاف نازح داخلي حول بحيرة تشاد، الأمر الذي يفاقم الضغط على موارد تشاد المحدودة بالفعل.
وقدر «برنامج الغذاء العالمي» أن هناك ما يزيد على مليوني شخص في تشاد من المتوقَّع أن يعانوا من انعدام شديد للأمن الغذائي خلال موسم الجفاف لعام 2022؛ إذ يعيش 42 في المائة من التشاديين تحت خط الفقر، ويحتل المرتبة 187 من بين 189 دولة في مؤشر التنمية البشرية لعام 2020.
وفي عام 2022، أصدرت الحكومة التشادية إعلانين للطوارئ؛ أحدهما في ظل أزمة الغذاء غير المسبوقة التي تعاني منها البلاد، والآخر في أعقاب كارثة طبيعية بعد الفيضانات غير المسبوقة، قرر بعدها الاتحاد الأوروبي تخصيص ميزانية إنسانية قدرها 175 مليون يورو لـ«التضامن مع السكان المعرضين للخطر في بلدان غرب ووسط أفريقيا»، بينها 26.5 مليون يورو لتشاد، وفق بيان للمفوضية الأوروبية.
ونبه جبرين عيسى، المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إلى «التداعيات السلبية» التي يمكن أن تؤدي إليها الأزمة الدبلوماسية بين برلين ونجامينا، مؤكداً أن «الأمور مرشحة للتصعيد، وقد تطرد ألمانيا مسؤولين دبلوماسيين آخرين بسفارة تشاد في برلين».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه إذا لم يتم تدارك الموقف بحكمة، فإن الأمور قد تصل إلى قطع المساعدات الإنسانية والدولية المقدمة من ألمانيا إلى تشاد، وهو ما قد يمثل تأثيراً سلبياً على العديد من اللاجئين والنازحين الذين تستهدفهم برامج الدعم الإنسانية الممولة دوليا في تشاد.
وأوضح عيسى أن الحكومة التشادية «تعتمد بشكل أساسي على المساعدات الدولية لتسيير أمور البلاد»، حيث تُعدّ ألمانيا والاتحاد الأوروبي في صدارة الدول التي تقدم دعماً إنسانياً لتشاد.
وأعلن الاتحاد الأوروبي، خلال مؤتمر صحافي مشترك لسفراء الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وهولندا وإسبانيا لدى تشاد في 26 يوليو (تموز) 2022 في نجامينا، عن تخصيص 100 مليون يورو في شكل مساعدات مالية لتشاد، لمواجهة الأزمة الغذائية، كما قررت ألمانيا العام الماضي تقديم دعم إنساني مقداره 40 مليون يورو للمشروعات الإنسانية في منطقة بحيرة تشاد.
وتُعد ألمانيا من كبار المساهمين في برامج الإغاثة الدولية العاملة في تشاد، مثل «برنامج الغذاء العالمي»، و«مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، و«اللجنة الدولية للصليب الأحمر»؛ إذ تدعم، بحسب موقع وزارة الخارجية الألمانية، تشاد من خلال مشاريع المساعدة الإنمائية الانتقالية والمبادرة الخاصة بالنازحين والدول المضيفة، وينصب التركيز على تعزيز الصمود وضمان الأمن الغذائي وتحسين سبل عيش السكان المحليين واللاجئين.
ويرى رامي زهدي، خبير الشؤون الأفريقية، أن تأثر المساعدات الإنسانية بالأزمة الدبلوماسية بين تشاد وألمانيا «أمر وارد بقوة»، مشيراً إلى أن ألمانيا تُعدّ من أكبر المانحين الدوليين في أفريقيا؛ إذ اعتمدت مقاربة إنسانية ممتدة منذ سنوات للحفاظ على وجودها في العديد من دول القارة.
وتوقع زهدي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» ألا ينعكس التوتر الحالي بين البلدين بقوة على دور الاتحاد الأوروبي في تشاد، رغم ما لألمانيا من تأثير كبير في القرار الأوروبي باعتبارها القوة الاقتصادية الأكبر في الاتحاد.
ويوضح أن هناك دولاً أخرى «تتحين الفرصة لتأكيد أو تعظيم وجودها في المنطقة»، ومنها فرنسا صاحبة النفوذ القوي في غرب ووسط أفريقيا، خصوصاً أن تشاد باتت تمثل أهمية أكبر لسياستها في المنطقة، في أعقاب تأزم العلاقات مع مالي وبوركينا فاسو، وهو ما سيدفع باريس إلى الحفاظ على دعمها لتشاد.
ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن دولاً أوروبية أخرى، مثل إيطاليا وبلجيكا، يمكن أن تلعب دوراً أكبر في تشاد على المستوى الثنائي، إضافة إلى الحد من التأثير السلبي للأزمة مع ألمانيا في أنشطة الاتحاد الأوروبي بتشاد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».