المستوطنون واصلوا اقتحام «الأقصى»... وتوقعات بمنعهم حتى نهاية رمضان

قادة الأجهزة الأمنية أجمعوا على إبعادهم بدءاً من الأربعاء

زوار من المستوطنين تحت حماية قوات الأمن الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى الأحد الماضي (أ.ف.ب)
زوار من المستوطنين تحت حماية قوات الأمن الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

المستوطنون واصلوا اقتحام «الأقصى»... وتوقعات بمنعهم حتى نهاية رمضان

زوار من المستوطنين تحت حماية قوات الأمن الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى الأحد الماضي (أ.ف.ب)
زوار من المستوطنين تحت حماية قوات الأمن الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى الأحد الماضي (أ.ف.ب)

واصل المستوطنون اقتحام المسجد الأقصى، في اليوم السادس لعيد الفصح اليهودي واليوم الأول في العشر الأواخر من رمضان، مستغلين تأجيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إعلان موقفه من مسألة اقتحام المسجد في أواخر رمضان حتى اليوم الثلاثاء.
ونفذ 788 مستوطناً اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، عبر باب المغاربة، على شكل مجموعات متتالية، وقاموا بجولات مستفزة وأدوا طقوساً تلمودية. وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس إن المستوطنين نفذوا جولات استفزازية في ساحات الأقصى، وتلقوا شروحات عن «الهيكل» المزعوم، وأدوا طقوساً تلمودية في المنطقة الشرقية منه وقبالة قبة الصخرة قبل أن يغادروا الساحات من جهة باب السلسلة. وتراجعت أعداد المستوطنين نسبياً قياساً باقتحام 1531 مستوطناً، للأقصى يوم الاثنين، ونحو 1000 آخرين يوم الأحد.
ومنذ بداية عيد الفصح اليهودي الخميس، اقتحم «الأقصى» 3430 مستوطناً. وجاءت الاقتحامات، في وقت تشدد فيه الشرطة الإسرائيلية إجراءاتها في القدس، بعدما حوّلت البلدة القديمة إلى ثكنة عسكرية، وقيّدت وصول المصلين إلى المسجد. وأدى الشبان صلاة فجر الثلاثاء قرب المسجد الأقصى، بعدما منعتهم الشرطة من الصلاة فيه. لكن يتوقع أن يتغير كل ذلك بدءاً من الأربعاء.
ويفترض أن يعلن نتنياهو، اليوم الثلاثاء، موقفه النهائي من قضية السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى خلال العشر الأواخر من شهر رمضان. وأجرى نتنياهو مشاوراته مع قادة الأجهزة الأمنية ووزراء في حكومته، بشأن المسألة. ويتوقع أن يعلن نتنياهو وقف اقتحامات المستوطنين بدءاً من الأربعاء أو الخميس وحتى نهاية رمضان. وينتهي الفصح اليهودي الأربعاء. وقالت مصادر إسرائيلية لصحيفة «هآرتس» إن حظر دخول اليهود في الأيام العشرة المقبلة، من المرجح أن يخفف التوترات، ويقلل من فرص اندلاع المواجهات والمناوشات في الموقع.
ويدعم مفوض الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي، منع اليهود من الوصول إلى المسجد الأقصى في الأيام الأخيرة من شهر رمضان؛ لتخفيف التوترات الشديدة، بينما يميل مسؤولون آخرون إلى السماح بوصولهم إلى المسجد... وبعضهم اقترح أن يتوقف ذلك يوم الأربعاء، واقترح بعضهم أن يتوقف يوم الخميس.
وفي خطاب رسمي ألقاه ليلة الاثنين، ألقى فيه باللوم على الحكومة السابقة في تصاعد العنف والهجمات الأسبوع الماضي، قال نتنياهو إن «المشاورات مع السلطات الأمنية تتم على أساس يومي حول الزيارات اليهودية إلى الحرم القدسي».
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن نتنياهو أجرى 4 مشاورات حتى الآن حول الموضوع المذكور، وعقد مشاورات أخرى اليوم الثلاثاء، قبل اتخاذ القرار. وأبلغ جهاز الشاباك نتنياهو، بأنه يجب منع اليهود من دخول الحرم القدسي ابتداءً من الأربعاء. ودعم رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي ذلك، بعدما أيد دخولهم يوم الثلاثاء فقط. وجاءت توصيات قادة الأجهزة الأمنية مخالفة لتوجه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يرفض الفكرة، ويعتبر أن حظر وصول اليهود للأقصى في أواخر رمضان يعد «استسلاماً للإرهاب».
وذكر موقع «واينت» أن هناك انطباعات لشخصيات تحدثت مع نتنياهو، بأنه يميل إلى منع وصول اليهود إلى المسجد الأقصى في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان. وهذا أمر متبع نسبياً خلال السنوات الأخيرة وخلال حكومات ترأسها نتنياهو نفسه. وقالت مصادر مقربة منه، إنه ابتداءً من يوم الأربعاء ستتم مواصلة السياسة القائمة، وهي منع دخول اليهود إلى «الأقصى» في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان.
وتقدر المخابرات الإسرائيلية أن المسجد الأقصى لا يزال مصدر «الانفجار الرئيسي الذي أشعل النار» ودفع إلى إطلاق الصواريخ من لبنان وسوريا وغزة، وتنفيذ عمليتي الأغوار وتل أبيب. وحذرت المخابرات من أن المسجد الأقصى سيظل محط الأنظار حتى نهاية شهر رمضان الذي يتقاطع مع عيدَي الديانتين الأخريين؛ الفصح اليهودي، والفصح المسيحي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.