وثائق «البنتاغون» السرية... معلومات حساسة وتسريب داخلي

«البنتاغون» الأميركي في واشنطن (رويترز)
«البنتاغون» الأميركي في واشنطن (رويترز)
TT

وثائق «البنتاغون» السرية... معلومات حساسة وتسريب داخلي

«البنتاغون» الأميركي في واشنطن (رويترز)
«البنتاغون» الأميركي في واشنطن (رويترز)

تواجه الولايات المتحدة أكبر تسريب لمعلومات سرية منذ قضية سنودن عام 2013، إذ تم نشر تقارير سرية عن أوكرانيا وإسرائيل وكوريا الجنوبية على شبكات التواصل الاجتماعي. وهناك كثير من المؤشرات على أن الوثائق جاءت من تسريب داخلي، وليس من عملية اختراق أو تجسس، وفق تقرير نشرته أمس صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.
وأشار التقرير إلى أن الترجيح بأن الوثائق تعود إلى تسريب داخلي، يعود إلى أن معظم الوثائق هي عبارة عن صور هاتف جوال لأوراق بحجم «آ 4» (A4)، تحمل أختام تصنيف حمراء، ملقاة على طاولة، تبدو أحياناً كأنها مطوية لإخراجها من منطقة آمنة في جيب من الملابس.

مؤشرات مساعدة أوكرانيا
بعض الوثائق مصنفة على أنها أميركية فقط، ما يشير على ما يبدو إلى أن المسرب هو نفسه أميركي. البعض الآخر محدد بعلامة «Five Eyes» (أي تحالف «العيون الخمس»)، وهو مخصص للحلفاء الخمسة الناطقين بالإنجليزية؛ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، الذين يتشاركون المعلومات الاستخباراتية.
تتعلق معظم الوثائق بشكل أساسي بحالة الحرب في أوكرانيا، وهي مؤرخة منذ بداية شهر مارس (آذار). وإذ لم تورد الوثائق تفاصيل خطط العمليات الأوكرانية، فإنها تقدم مؤشرات على المساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (لأوكرانيا)، تحسباً للهجوم المقبل للجيش الأوكراني.
وتؤكد الوثائق ضعف الجيش الروسي بعد أكثر من عام من الحرب، لكنها تشير أيضاً إلى أن القوات الأوكرانية في وضع أكثر صعوبة مما تعترف به كييف علناً. فوفق التقرير، لقد أثبتت الوثائق المسربة بشكل خاص أن الدفاع الأوكراني المضاد للطائرات، الذي نجح حتى الآن في كبح جماح القوات الجوية الروسية، نفد تقريباً من الذخيرة ويمكن أن يصبح في غضون أسابيع قليلة غير قادر على وقف سيطرة روسيا على المجال الجوي الأوكراني.
ويقدّر البنتاغون (في هذه الوثائق) الخسائر في الحرب بنحو 43 ألف جندي روسي و17500 جندي أوكراني قتلوا منذ بداية الحرب، إضافة إلى 41 ألف مدني أوكراني.

اختراق الأجهزة الروسية
وتكشف الوثائق عن نوعية المعلومات الاستخبارية الأميركية، ومدى اختراق الاستخبارات الأميركية أجهزة الأمن والاستخبارات الروسية. إن الوثائق، حسب التقرير، تؤكد كيفية تمكن واشنطن من تحذير كييف في بعض الأحيان يومياً من الضربات الروسية، وتوقع أهداف هذه الضربات وخططها.
وتعطي التسريبات في بعض الأحيان تفاصيل محددة للغاية عن العمليات السرية الروسية، مثل المداولات الداخلية لوزارة الدفاع الروسية بشأن توريد الذخيرة إلى القوات شبه العسكرية التابعة لمجموعة «فاغنر»، وخطط أجهزة المخابرات الروسية لإثارة حملة مناهضة للغرب ولأوكرانيا في أفريقيا أو في هايتي، أو للحصول على أسلحة سراً من تركيا، العضو في حلف الناتو، عبر دول مثل مالي.

إسرائيل وكوريا الجنوبية
كشفت وثائق أخرى أخيراً، أن واشنطن تتجسس أيضاً على حلفاء مثل إسرائيل وكوريا الجنوبية. وهي تكشف على وجه الخصوص كيف كان الموساد سيشجع على التظاهر ضد الإصلاحات القضائية لنتنياهو، أو تكشف عن مخاوف كوريا الجنوبية من أن ذخيرة اشتراها الأميركيون ستزود إلى أوكرانيا.
كما تكشف إحدى الوثائق عن وجود مجموعة صغيرة من مائة من القوات الخاصة الغربية في أوكرانيا، لا سيما الفرنسية، وهي معلومات نفتها يوم السبت، وزارة القوات المسلحة الفرنسية.



العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
TT

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

بينما يشهد العالم ركوداً في التجارة العالمية وتراجع الاستثمارات عبر الحدود، هناك استثناء صارخ لهذه الفوضى الاقتصادية: العصابات الدولية والجريمة المنظمة التي تشهد ازدهاراً غير مسبوق، مستغلة التكنولوجيا الحديثة وانتشار المخدرات الصناعية لتوسيع نفوذها عالمياً. وفقاً لتقرير لمجلة «إيكونوميست».

الجريمة المنظمة تنمو بمعدلات قياسية

يورغن ستوك، الذي أنهى مؤخراً فترة عمله أمينا عاما لـ«الإنتربول»، أكد أن العالم يشهد نمواً غير مسبوق في احترافية واتساع نطاق الجريمة المنظمة. وبينما أظهرت الإحصائيات انخفاضاً عالمياً في معدلات جرائم القتل بنسبة 25 في المائة منذ بداية القرن، تحذر منظمات دولية من ارتفاع هائل في أنشطة العصابات التي تتجاوز الحدود الوطنية لتتحول إلى شبكات عالمية متعددة الأنشطة.

التكنولوجيا: سلاح جديد في يد العصابات

أسهمت التقنيات الحديثة، مثل التطبيقات المشفرة والعملات الرقمية، في تسهيل عمليات الاتصال ونقل الأموال بين العصابات دون ترك أي أثر. الإنترنت المظلم بات سوقاً مفتوحاً لتجارة البضائع الممنوعة، بينما ظهرت الجرائم الإلكترونية كمجال جديد يدر أرباحاً بمليارات الدولارات.

تقديرات تشير إلى أن عائدات الاحتيال والسرقات الرقمية بلغت 7.6 مليار دولار في عام 2023، في وقت يستغل فيه المجرمون أدوات الذكاء الاصطناعي لابتكار طرق جديدة للاحتيال.

يحمل الناس أمتعتهم أثناء فرارهم من حيهم بعد هجمات العصابات التي أثارت رد فعل مدنياً عنيفاً في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

المخدرات الصناعية تغير قواعد اللعبة

مع التحول إلى المخدرات المصنعة كالميثامفيتامين والفنتانيل، أصبحت العصابات أقل اعتماداً على مناطق زراعة النباتات المخدرة مثل الكوكا أو الأفيون. هذه المخدرات، الأرخص والأقوى تأثيراً، ساهمت في توسيع نشاط العصابات إلى أسواق جديدة، خصوصاً في جنوب شرق آسيا، حيث زادت المصادرات بأربعة أضعاف بين 2013 و2022.

تنويع الأنشطة والانتشار الجغرافي

لم تعد العصابات تقتصر على نشاط واحد؛ فهي الآن تجمع بين تجارة المخدرات، الاتجار بالبشر، القرصنة الرقمية، وحتى تهريب الأحياء البرية. على سبيل المثال، أصبحت عصابات ألبانيا لاعباً رئيسياً في سوق الكوكايين بالإكوادور، بينما تستغل عصابة «ترين دي أراجوا».الفنزويلية أزمة اللاجئين لتعزيز أرباحها من تهريب البشر.

يستجوب السكان شخصاً ليس من الحي بعد محاولة هجوم ليلي شنتها عصابات على ضاحية بيتيون فيل الثرية ما أثار استجابة مدنية عنيفة في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

العصابات والسياسة: تأثير متصاعد

امتدت أيدي العصابات إلى التأثير على السياسة في بعض الدول. ففي الإكوادور، اغتيل مرشح رئاسي على يد أفراد يُعتقد ارتباطهم بعصابات كولومبية، بينما شهدت المكسيك مقتل عشرات المرشحين السياسيين في الانتخابات الأخيرة.

العالم في مواجهة تحدٍّ عالمي

على الرغم من النجاحات الفردية لبعض الدول في مكافحة الجريمة، يبقى التعاون الدولي في مواجهة العصابات محدوداً مقارنة بتوسعها السريع عبر الحدود. خبراء يؤكدون أن النهج التقليدي لإنفاذ القانون يحتاج إلى تحديث جذري لمواكبة التحديات التي تفرضها الجريمة المنظمة في عصر العولمة.