مادة مركبة جديدة لإنتاج أرخص للهيدروجين الأخضر

تغني عن «البلاتين» و«الإيريديوم»

«غراف» يوضح كفاءة المركب الجديد في الحافز الكهربائي لإنتاج الهيدروجين من الماء (جامعة توينتي)
«غراف» يوضح كفاءة المركب الجديد في الحافز الكهربائي لإنتاج الهيدروجين من الماء (جامعة توينتي)
TT

مادة مركبة جديدة لإنتاج أرخص للهيدروجين الأخضر

«غراف» يوضح كفاءة المركب الجديد في الحافز الكهربائي لإنتاج الهيدروجين من الماء (جامعة توينتي)
«غراف» يوضح كفاءة المركب الجديد في الحافز الكهربائي لإنتاج الهيدروجين من الماء (جامعة توينتي)

طور باحثون من جامعة توينتي بهولندا، بالتعاون مع باحثين من جامعة كاليفورنيا الأميركية، ودول أوروبية، مادة جديدة تتكون من عدة عناصر وفيرة في الأرض، يمكن استخدامها لتوليد الهيدروجين بكفاءة من دون معادن نادرة وثمينة، مثل البلاتين. وتم الإعلان عن هذا الإنجاز في 22 مارس (آذار) الماضي، في دورية «إيه سي إس نانو».
ويُنظر إلى الهيدروجين الأخضر على أنه ناقل الطاقة في المستقبل، ويوفر الهيدروجين وسيلة لتخزين الطاقة (الخضراء) لفترات طويلة، وهذا يجعل من المهم بشكل خاص إنتاجها بأكبر قدر ممكن من الكفاءة.
ويعد التحليل الكهربائي للماء أحد أكثر الطرق استدامة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ومع ذلك، مع طرق التحليل الكهربائي الحالية، نحتاج إلى كثير من المواد النادرة والمكلفة، كما أن العملية ليست فعالة بما فيه الكفاية.
وفي الوقت الحالي، تحتوي أجهزة التحليل الكهربي الأكثر كفاءة على البلاتين والإيريديوم، وهما عنصران ضروريان للأقطاب الكهربائية التي تستخدم لاستخراج غازي الهيدروجين والأكسجين من الماء، ومع ذلك فإن تلك المواد نادرة جداً، وخصوصاً الإيريديوم، ولهذا السبب يبحث الباحثون باستمرار عن مواد قطب كهربائي مصنوعة من موارد أكثر وفرة، والتي يمكن استخدامها كمحفزات كهربائية فعالة ومستقرة.
يقول كريس بايومر، الباحث في جامعة كاليفورنيا، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة توينتي، بالتزامن مع الدراسة: «وجدنا ما كنا نبحث عنه، وهو مركب يحتوي على 5 معادن انتقالية مختلفة، وهذه المعادن الانتقالية الخمسة نشطة بشكل معتدل فقط عند استخدامها كمحفز، ووجدنا أن النشاط المشترك يتفوق على المركبات الفردية بعامل يصل إلى 680، وهذا النشاط الأعلى كان مفاجأة».
ويضيف: «هذه المعادن الانتقالية الفردية يساعد بعضها بعضاً في جعل المادة المدمجة أفضل من مجموع أجزائها، فيما يسمى تأثير التآزر».
ولا تعني هذه النتائج الجديدة أنه يمكننا استبدال هذه المادة الجديدة بجميع الأقطاب الكهربائية مباشرة؛ حيث يعد الجمع بين المواد الخمس المختلفة أمراً معقداً، ولم يتم اختبار النشاط حتى الآن إلا في بيئة معملية. يقول: «نحن نقارن مركباً تم اكتشافه حديثاً بالمواد المُحسنة للإنتاج على نطاق واسع، ما يعني أن مادتنا الجديدة لا تزال بحاجة إلى الاختبار على المستوى الصناعي، ومع ذلك، مع بعض التعديلات والتبديل الإضافي، فإن هذا المزيج من المعادن الانتقالية لديه القدرة للتفوق على البدائل المتاحة حالياً».
ويقول حمدي حسن، أستاذ العلوم الكيميائية بجامعة طنطا المصرية، إنه «كلما تم تقليل تكلفة عملية التحفيز الكهربائي في إنتاج طاقة الهيدروجين، ساعد ذلك على تسريع عملية التحول نحو الطاقة النظيفة».
ويوضح حسن لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية خفض التكلفة لا تشمل فقط المواد المستخدمة في عملية التحفيز، مثلما سعى الفريق البحثي في الدراسة الجديدة لذلك؛ لكنها تشمل أيضاً الاستغناء عن الوقود الأحفوري في تشغيل عملية التحفيز».
ويقول إن «آلات المحلل الكهربائي المستخدمة في إنتاج الهيدروجين تحتاج في حد ذاتها إلى طاقة، تأتي غالباً من الوقود الأحفوري، لذلك تعمل فرق بحثية حول العالم على بناء المحلل الكهربائي الذي يتم تشغيله باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح أو الطاقة الشمسية لإنشاء ما يعرف باسم الهيدروجين الأخضر».
ويضيف: «الشيء المفيد في الهيدروجين الأخضر أنه متعدد الاستخدامات بشكل لا يصدق، ويمكن لأي تطبيق يستخدم الوقود الأحفوري اليوم استخدام هذا الوقود النظيف، مثل الشاحنات، وفي قطاع الطاقة، ويمكن للمناطق النائية الحصول على طاقة نظيفة وتخزين طويل الأجل، كما يمكن أن يكون مفيداً في الصناعات، مثل صناعة الصلب والزجاج».


مقالات ذات صلة

عبد العزيز بن سلمان: قطاع المعادن جزءٌ لا يتجزّأ من أمن الطاقة

الاقتصاد وزير الطاقة السعودي يتحدث في إحدى جلسات مؤتمر التعدين بالرياض (الشرق الأوسط)

عبد العزيز بن سلمان: قطاع المعادن جزءٌ لا يتجزّأ من أمن الطاقة

أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن هناك سباقاً عالمياً لتأمين المعادن الحرجة، موضحاً أن قطاع المعادن جزء لا يتجزأ من أمن الطاقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار جناح شركة «مصدر» الإماراتية في القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025 (إ.ب.أ)

الإمارات وإيطاليا وألبانيا توقع اتفاقية لربط شبكات الطاقة البحرية

وقَّعت إيطاليا وألبانيا والإمارات العربية المتحدة، يوم الأربعاء، صفقة بقيمة مليار يورو (نحو مليار دولار) لبناء ربط بحري للطاقة المتجددة عبر البحر الأدرياتيكي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد الشيخ محمد بن زايد وعدد من رؤساء الدول في افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة» (وام)

«أسبوع أبوظبي» يؤكد ضرورة التوازن بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة

أكدت الإمارات على أن العالم يشهد مرحلة تغييرات جذرية تقودها ثلاثة عوامل قوية ومؤثرة تتضافر معاً لإعادة صياغة وتشكيل المستقبل

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد شعار «مصدر» في فعاليات «القمة العالمية لطاقة المستقبل» (وام)

«مصدر» الإماراتية تدشن منشأة لإنتاج «واحد» غيغاوات من الطاقة المتجددة

قال الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل سلطان الجابر إن الشركة دشنت منشأة قادرة على إنتاج واحد غيغاوات من الطاقة النظيفة دون انقطاع.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
عالم الاعمال «جي إف إتش» تستثمر في «إنفينيرجي» بالتعاون مع «بلاكستون»

«جي إف إتش» تستثمر في «إنفينيرجي» بالتعاون مع «بلاكستون»

أعلنت «مجموعة جي إف إتش المالية» عن استثمارها في «إنفينيرجي»؛ الشركة العاملة في تشغيل وتطوير حلول الطاقة النظيفة.


فك لغز الحركات البارعة للأخطبوط

تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
TT

فك لغز الحركات البارعة للأخطبوط

تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)
تمتلك أذرع الأخطبوط أنظمة عصبية مجزأة لتمكينه من أداء حركات استثنائية (جامعة شيكاغو)

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة شيكاغو الأميركية أن الدوائر العصبية التي تتحكم في حركة أذرع الأخطبوطات مجزأة، مما يمنح هذه المخلوقات تحكماً دقيقاً واستثنائياً عبر جميع أذرعها الثماني، وعبر مئات الممصات الموجودة على طول هذه الأذرع، لاستكشاف بيئتها والإمساك بالأشياء والتقاط الفرائس.

ووفق نتائج الدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في دورية «نيتشر كومينيكيشين»، تحتوي كل ذراع من أذرع الأخطبوط على نظام عصبي ضخم، مع وجود عدد أكبر من الخلايا العصبية مجتمعة عبر الأذرع الثماني، مقارنة بدماغ الحيوان.

وتتركز هذه الخلايا العصبية في الحبل العصبي المحوري الكبير (ANC)، والذي يتعرج ذهاباً وإياباً أثناء انتقاله من الدماغ إلى أسفل الذراع.

وتتحرك أذرع الأخطبوط ببراعة لا تصدق، فتنحني وتلتف وتتراجع بدرجات لا نهائية من الدقة والحرية تقريباً.

وقال كليفتون راجسديل، أستاذ علم الأعصاب في جامعة شيكاغو والمؤلف الرئيس للدراسة، في بيان صادر الأربعاء: «نعتقد أنها سمة تطورت على وجه التحديد في رأسيات الأرجل ذات الجسم الرخو مع الممصات للقيام بهذه الحركات الشبيهة بحركات الديدان».

ويمكن للأخطبوطات أن تتحرك وتغير شكل ممصاتها بشكل مستقل. كما أن الممصات مليئة بمستقبلات حسية تسمح للأخطبوط بتذوق وشم الأشياء التي يلمسها -مثل الجمع بين اليد واللسان والأنف.

درست كاسادي أولسون، وهي طالبة دراسات عليا في علم الأعصاب الحاسوبي والتي قادت الدراسة، بنية الحبل العصبي المحوري واتصالاته بالعضلات في أذرع الأخطبوط ذي البقعتين الكاليفورني (Octopus bimaculoides)، وهو نوع صغير موطنه المحيط الهادئ قبالة ساحل كاليفورنيا.

وكانت هي والباحثة المشاركة بالدراسة جريس شولتز، وهي طالبة دراسات عليا في علم الأحياء التنموي والتجديدي والخلايا الجذعية، تحاولان النظر إلى المقاطع العرضية الدائرية الرقيقة للأذرع تحت المجهر، لكن العينات استمرت في السقوط من الشرائح. لقد جربوا شرائح طولية من الذراعين وكان حظهم أفضل، مما أدى إلى اكتشاف غير متوقع.

تمتلك الأخطبوطات ثماني أذرع ومئات الممصات على طول هذه الأذرع (جامعة شيكاغو)

وباستخدام العلامات الخلوية وأدوات التصوير لتتبع البنية والاتصالات بين أجزاء الحبل العصبي المحوري الكبير، رأوا أن أجسام الخلايا العصبية كانت معبأة في أعمدة تشكل أجزاء، مثل الأنبوب المموج. يتم فصل هذه الأجزاء عن طريق فجوات تسمى الحواجز، حيث تخرج الأعصاب والأوعية الدموية إلى العضلات القريبة. وتتصل الأعصاب من أجزاء متعددة بمناطق مختلفة من العضلات، مما يشير إلى أن هذه الأجزاء تعمل معاً في وحدة واحدة متسقة للتحكم في الحركة.

قالت أولسون: «بالنظر إلى هذا من منظور دراسات النمذجة الحاسوبية، فإن أفضل طريقة لإعداد نظام تحكم لهذه الذراع الطويلة والمرنة للغاية هي تقسيمها إلى أجزاء أصغر».

وأوضحت: «ولكن يجب أن يكون هناك نوع من الاتصال بين الأجزاء، مما يساعد في تنعيم أداء تلك الحركات بهذا الشكل الفريد».

وتشير النتائج إلى أن «الجهاز العصبي ينشئ خريطة مكانية أو طبوغرافية لكل ممص». ويعتقد الباحثون أن هذه «الخريطة الماصة»، كما أطلقوا عليها، «تسهل هذه القدرة الحسية الحركية المعقدة».

ولمعرفة ما إذا كان هذا النوع من البنية شائعاً بين رأسيات الأرجل ذات الجسم الرخو الأخرى، درسوا أيضاً نوعاً آخر شائعاً في المحيط الأطلسي من أنواع الحبار الساحلي طويل الزعانف، والذي يحتوي على ثماني أذرع ذات عضلات وممصات مثل الأخطبوط.

وفي حين انفصلت الأخطبوطات والحبار عن بعضهما البعض منذ أكثر من 270 مليون سنة، وفق نتائج دراسات التطور، فإن التشابهات في كيفية تحكمهما في أجزاء من أطرافهما باستخدام الممصات -والاختلافات في الأجزاء التي لا تفعل ذلك- تُظهر كيف يمكن التطور دائماً من إيجاد أفضل الحلول.

وهو ما علق عليه راجسديل: «إن الكائنات الحية التي تمتلك هذه الزوائد الممتلئة بالممصات والتي تتحرك مثل الديدان تحتاج إلى نوع مناسب من الجهاز العصبي. وقد تطورت لرأسيات الأرجل بنية مقطعية تختلف تفاصيلها وفقاً لمتطلبات بيئاتها».