ترحيب حقوقي ليبي بالعفو عن بقية العقوبة لكثير من السجناء

وزارة العدل بـ«الوحدة» تبحث أوضاع المحبوسين بالخارج

اللافي ووزيرة العدل بحكومة «الوحدة» المؤقتة حليمة إبراهيم (المجلس الرئاسي)
اللافي ووزيرة العدل بحكومة «الوحدة» المؤقتة حليمة إبراهيم (المجلس الرئاسي)
TT

ترحيب حقوقي ليبي بالعفو عن بقية العقوبة لكثير من السجناء

اللافي ووزيرة العدل بحكومة «الوحدة» المؤقتة حليمة إبراهيم (المجلس الرئاسي)
اللافي ووزيرة العدل بحكومة «الوحدة» المؤقتة حليمة إبراهيم (المجلس الرئاسي)

عبر حقوقيون ليبيون عن ترحيبهم بقرار أصدره المجلس الأعلى للقضاء، بالعفو عن تنفيذ بقية العقوبة المقضيّ بها على عدد من السجناء، ممن تنطبق عليهم «الشروط والضوابط».
ولم يشمل قرار المجلس الأعلى للقضاء إطلاق سراح أي من رموز النظام السابق، المحبوسين في قضايا تتعلق بوأد «ثورة» 17 فبراير (شباط)، التي أسقطت حكم الرئيس الراحل معمر القذافي، عام 2011.
وأثنت منظمة «روافد» للدعم القانوني والحقوقي، على هذا القرار، وقالت في بيان لها اليوم (الاثنين) إنه «جاء لتحقيق التوازن بين العدل والرحمة، فيما يعود بالنفع على المجتمع.
واشترط قرار المجلس الأعلى أن يكون المحكوم عليه أمضى نصف المدة المحكوم بها على الأقل، ويُكتفى بقضاء ثلث المدة للمحكوم عليه إذا كان يعاني من مرض مزمن ويحتاج إلى رعاية طبية خاصة، أو من تجاوز الستين من عمره. ونوه بأن النائب العام سيتولى تكليف المحامين العامين، كل في دائرة اختصاصه، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بشأن فحص ملفات المحكوم عليهم، وإعداد الكشوف للمشمولين بالعفو، وفقاً لأحكام هذا القرار.
وأشادت اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، باستجابة المجلس الأعلى للقضاء لـ«مطالب ومناشدات أهالي وذوي المحكوم عليهم، والكثير من المنظمات والمؤسسات الحقوقية والقانونية، بالإفراج عن المشمولين بقانون العفو العام». ورأت اللجنة في بيانها، أن هذه الخطوة «دليل على نجاح الجهود الرامية إلى إحداث إصلاحات نوعية في ملف حقوق الإنسان، وفي نظام العدالة الجنائية»، كما أنها تمثل «تطبيقاً جديداً لمفهوم العدالة الاجتماعية، وتقديم فرصة جديدة للشباب المُفرج عنهم للحياة بشكل مختلف».
وأكدت اللجنة دعمها لدمج السجناء المفرج عنهم وعودتهم لأعمالهم، أو توفير فرص عمل لهم، خصوصاً في ظل الظروف والتحديات الاقتصادية التي تمر بها ليبيا، بالإضافة إلى «حل بعض الأمور الإجرائية المتعلقة بمنع السفر».
ومنذ وقت قريب كانت السجون الليبية، خصوصاً في غرب البلاد، مكتظة بآلاف السجناء، قبل أن تطلق السلطات القضائية هناك سراح مجموعات كبيرة منهم. وسبق أن رصدت الأمم المتحدة، في تقرير قدمته إلى مجلس الأمن الدولي، احتجاز آلاف المواطنين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، في مرافق تخضع اسمياً لسيطرة وزارتي الداخلية والدفاع التابعتين لحكومة «الوحدة»، أو في مرافق تديرها مباشرة جماعات مسلحة، و«لم تتح لهؤلاء المحتجزين فرصة للطعن في مشروعية احتجازهم، أو التماس الإنصاف عن الانتهاكات التي تعرضوا لها».
وفي السياق نفسه، ناقش عبد الله اللافي، النائب بالمجلس الرئاسي، مع وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، حليمة إبراهيم، أوضاع السجون، وتأخّر إصدار الأحكام في عدد من القضايا، الأمر الذي «أسهم في بقاء السجناء فترات أطول دون محاكمة»، حسب البيان الصادر عن المجلس الرئاسي، مساء (الأحد). وفيما شدد اللافي، على «ضمان معاملة السجناء معاملة إنسانية واحترام حقوقهم الأساسية، والإسراع في عرض قضاياهم على القضاء»، جددت وزيرة العدل، التزام الحكومة بتحسين أوضاع السجناء، و«التأكد من التعامل مع قضاياهم في الوقت المناسب، والعمل مع الجهات المعنية لتسريع إجراءات الأحكام الجنائية».
وعقدت اللجنة الدائمة لمتابعة أحوال السجناء الليبيين بالخارج اجتماعها الثالث بديوان وزارة العدل، برئاسة الوزيرة، مساء (الأحد)، حيث تمت مناقشة أحوال وقضايا السجناء الليبيين في الخارج من موقوفين ومحكوم عليهم، وإمكانية نقل المحكوم عليهم منهم لاستكمال بقية العقوبات المحكومين بها في ليبيا.
وكانت السلطة القضائية في غرب ليبيا قد أفرجت عن عدد من رموز النظام السابق من بينهم آخر رئيس للوزراء البغدادي المحمودي، رئيس جهاز الأمن الخارجي أبوزيد دوردة، فيما لم يشمل الإفراج حتى الآن، عن عبد الله السنوسي، مدير مخابرات القذافي، وصهره، رغم المطالب الكثيرة لقبيلته المقارحة بإطلاق سراحه، لكونه يعاني من اعتلال صحته.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».