طائرة كهربائية للمسافات القصيرة

تحلّق خلال عامين لتغطية إمدادات المدن والأقاليم القريبة

طائرة كهربائية للمسافات القصيرة
TT

طائرة كهربائية للمسافات القصيرة

طائرة كهربائية للمسافات القصيرة

يسير التحوّل إلى العربات الكهربائية في المسار الصحيح ولكنّ كهربة الطيران تشقّ طريقها بصعوبة بسبب محدودية عمل البطاريات للمسافات الطويلة والحمولات الثقيلة... الحلّ يكمن على الأرجح في البدء برحلات أقصر.

طائرات إقليمية
وقد أعلنت «بيتا تكنولوجيز»، واحدة من الشركات الساعية لكهربة الطيران، مؤخراً، أنّها بصدد تطوير طائرة كهربائية بالكامل للرحلات الإقليمية. قد يبدأ هذا النموذج في الحلّ محلّ الطائرات العاملة بالمحرك النفّاث في مجال الشحن في عام 2025، وربّما ينتقل لاحقا لتسيير رحلات للمسافرين.
هذه الطائرة هي الثانية لـ«بيتا» ولكنّها تستخدم تقنية أكثر تقليدية قد تسهّل الحصول على تصريح إدارة الطيران الفيدرالية، وقد تساعد في تحريك الصناعة بسرعة أكبر باتجاه التخلّص من انبعاثات الكربون. يساهم السفر الجوي في أربعة في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً. يصف كايل كلارك، الرئيس التنفيذي لـ«بيتا تكنولوجيز» في فيرمونت، كهربة الصناعة بالمهمة الملحّة، لافتاً إلى أنّ الناس يتقبّلون فكرة انبعاثات الطائرات بسبب غياب البديل. ويضيف: «يعمل الطيران في ظلّ هذا التنافر الإدراكي لضمان توازن قطاع النقل لأنّ النّاس يرون أنه لا يوجد خيار غير السفر في طائرة بمحرّك نفاث».
تستخدم طائرة «بيتا» الجديدة: «سي. إكس. 300» نظام الإقلاع والهبوط التقليدي، الذي تزداد سرعته تدريجياً على امتداد المدرج ومن ثمّ يقلع صعوداً. يختلف هذا النظام عن كثير من الطائرات الكهربائية التي تُصنع اليوم (ومنها نموذج «بيتا» الأوّل «آليا – 250») الذي يعتمد على الإقلاع والهبوط العمودي كالمروحيات.
لا تحتاج طائرات الإقلاع والهبوط العمودي لمساحة كبيرة، ما يجعلها مثالية للتنقّل المدني. في المقابل، يحتمل نظام الإقلاع والهبوط التقليدي المسافات الطويلة والحمولات الثقيلة؛ لأنّه لا يضطرّ لحمل الدوّارات المطلوبة للطيران العمودي. تستطيع هذه الطائرات السفر في رحلات إقليمية لمسافة تصل إلى 500 ميل. وتُعرف في هذا القطاع الصناعي برحلات «خط المواصلات الفرعي» التي تسافر من وإلى المطارات التي لا تنشط فيها خطوط الطيران الكبرى عادة.
يقول كلارك إنّ أداء طائرة «بيتا» الجديدة ينافس طائرات نفاثة كـ«بيلاتوس بي. سي. - 12». وخلال الرحلات التجريبية التي أجرتها في السنتين الماضيتين، طارت «سي. إكس. 300» لمسافة تفوق 22 ألف ميل، وحلّقت عبر الفئات الجوية الأكثر ازدحاماً في الولايات المتحدة، الفئتين «بي» و«سي»، وكانت الطائرة الكهربائية الوحيدة التي نجحت في ذلك، بحسب كلارك.

رحلات قصيرة
أتمّت «سي. إكس. 300» طيراناً لمسافة قياسية بلغت 386 ميلا دون التوقّف للشحن، رغم أنّ معظم الرحلات الحقيقية ستكون أقصر على الأرجح. ولكنّ هذه الطائرات تستطيع التوقف للشحن؛ حيث تصنع «بيتا» أيضاً شواحن عالمية تشحن الطائرات والعربات السيّارة. تملك الشركة حتّى اليوم 12 «محطّة شحن» متمركزة في مطارات بين فيرمونت وأركنساس، وتحضّر لـ55 محطّة إضافية. تشحن هذه المحطّات الطائرات بسرعة وفي أقلّ من ساعة.
أعلنت «بيتا»، التي تملك زبائن لطائراتها ذات الإقلاع والهبوط العمودي، أبرزهم «يو. بي. إس» (خدمة الطرود المتحدة)، أنّ أبرز زبائن الطائرة الجديدة هما شركة «يونايتد ثيرابوتيكس» التي تتولّى عمليات نقل الأعضاء والأنسجة بين المطارات؛ وشركة «بريستو» التي طلبت 50 طائرة، وتعمل في توفير رحلات لنقل الطاقة خارج البلاد ولبعثات الإنقاذ والبحث.
بدورها، طلبت شركة «إير نيوزيلاند» ثلاث طائرات وستبدأ في استخدامها للشحن داخل البلاد قبل توفير رحلات محلية للمسافرين. يقول كلارك إنّ «الجغرافيا تفسح المجال لطائرة إقليمية قصيرة المدى نسبياً». تركّز «بيتا» حالياً على الشحن، بتجهيز الطائرة بثلاث منصات للحمولة ومكان للطيّار، ولكنّ المساحة نفسها تتسع لخمسة ركّاب.
تُظهر شركة «إير نيوزيلاند» طموحاً واضحاً فيما يتعلّق بخطتها للتخلّص من الكربون، إذ إنّها تعتزم تسيير أولى رحلاتها الخالية من الانبعاثات بحلول عام 2026، وستبدأ في استبدال أسطولها القديم بحلول 2030. يقول كلارك إنّ «سي. إكس. 300» خطوة مهمّة جداً باتجاه تخليص الصناعة من الكربون بشكلٍ كامل، مقدّراً أنّ عشر ساعات من الطيران فيها ستوفّر نحو 700 غالون من الوقود، أو 7 أطنان مترية من ثاني أكسيد الكربون.
من المتوقّع أن تساهم «سي. إكس. 300» في تسريع الانتقال إلى الكهربة؛ لأنّ القوانين التنظيمية الحالية تدعم الإقلاع والهبوط التقليدي؛ بمعنى آخر، لن تضطرّ «بيتا» لطلب قوانين تنظيمية جديدة للجوّ، ولن يحتاج مستخدموها لاختراع طرقات أو وسائل تشغيل جديدة. في المقابل، يحتاج نموذج «آليا - 250» للمرور بعملية تصريح أطول وأكثر صعوبة. تعمل إدارة الطيران الفيدرالية اليوم على وضع إرشادات جديدة كلياً للطائرات الكهربائية ذات الإقلاع والهبوط العمودي بسبب تقنيتها الجديدة.
ولهذا السبب، تعتزم «بيتا» الحصول على تصريح الوكالة لطائرتها ذات الإقلاع والهبوط التقليدي أولاً، ومن ثمّ ستتبعها بطائرة الإقلاع والهبوط العمودي. تراهن الشركة على تسيير «سي. إكس. 300» بحلول 2025، بالتزامن مع تسليم زبائنها الطائرات التي طلبوها.
* «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا»



«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة
TT

«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

بمرور السنوات، تحولت الممرات المائية في المناطق الحضرية، مثل الأنهار والقنوات من ممرات أساسية للسفر والتجارة، إلى مجرد عناصر ثانوية داخل هذه المناطق. ولم تعد تستخدمها سوى سفن الشحن أو خدمات العبّارات المحدودة. أما بخلاف ذلك، فغالباً ما يطويها النسيان، ولا يفكر الملايين الذين يعيشون على شواطئها في الاقتراب منها.

قارب حضريّ مطوَّر

اليوم، يُقترح تصميم لقارب حضري جديد ذاتي القيادة، مستقبلاً يمكن في إطاره إعادة دمج مثل هذه الأنهار -من نهر التيمز في لندن إلى نهر إيست في نيويورك إلى قنوات أمستردام- في أسلوب حياة الناس وسبل تنقلهم داخل المدن.

يحمل القارب الجديد اسم «أوروب Orb»، مركبة مائية آلية متعددة الأغراض وذاتية التشغيل تشبه الكبسولة، مع مساحة تتسع لستة ركاب.

واللافت أن «أوروب» جرى تصميمه خصيصاً للمدن المزدحمة، حيث يشق طريقه عبر الماء على ما يشبه الأجنحة أو الوسادة، التي تمكنه من المناورة حول السفن الأكبر حجماً التي تتحرك عادةً في كثير من الممرات المائية في المناطق الحضرية.

من المفترض أن يشبه «أوروب» خدمة السيارات عند الطلب، لكن على الماء، ويهدف إلى جعل التنقل عبر الماء متاحاً على نطاق أوسع، لأنه لا يتطلب البنية التحتية البرية الكبيرة اللازمة للعبّارات أو سفن الركاب الأكبر حجماً.

جرى تصميم المفهوم الذي يقوم عليه «أوروب» من جانب «سيمورباول»، شركة تصميم مقرها لندن معروفة بعملها على مجموعة من المشروعات تتنوع ما بين تصميم الديكورات الداخلية للقطارات وصولاً إلى تصميم عبوات مزيل العرق.

وقال نيل بارون، مدير مساعد لشؤون تجربة المنتج لدى الشركة، وكان كبير فريق التصميم المعنيّ بمشروع «أوروب»، إن المفهوم طرأ على ذهن أفراد الفريق، بعدما عاينوا الازدحام المتزايد داخل وحول لندن، ومقارنة ذلك بالمياه الواسعة المفتوحة لنهر التيمز.

في هذا السياق، عبَّر بارون عن اعتقاده بأنه «لا يجري استغلال النهر كما ينبغي على الصعيد العام. ومع أن هناك قوارب تجوب النهر ذهاباً وإياباً كل ساعة، فإنها لا تُنزل ركابها في كثير من الأماكن».

«كبسولة» كهربائية وأرصفة إضافية

وأضاف: «بالتأكيد بمقدورنا إيجاد حل آخر أكثر مرونة عن الوضع الراهن -بحيث يشكل بديلاً أكثر نشاطاً وسهولة ومتعة».

وبناءً على خبرة الشركة الممتدة إلى 40 عاماً في مجال التصميم بالتعاون مع السكك الحديدية وشركات الطيران، جمع مصممو «سيمورباول» أحدث الأفكار في مجال ضمان راحة المسافرين عبر وسائل النقل الداخلي، مع الاستعانة بالتقنيات الناشئة التي تمكِّن المركبات من العمل ذاتياً.

وعبر تجسيد مثل هذه الأفكار في شكل كبسولة صغيرة نسبياً تعمل بالطاقة الكهربائية، يصور التصميم مستقبلاً قريباً تتمكن في إطاره مركبات الأجرة المائية، التي يسهل الوصول إليها، من التوسع داخل شبكات النقل الحضرية الحالية.

وجرى وضع تصميم النظام بحيث يتضمن رصيفاً معيارياً يمكن وضعه بسهولة على حافة المياه وربطه بأرصفة إضافية مثل مكعبات «ليغو». وستعمل البنية التحتية للشحن المدمج على إعادة تعبئة بطاريات القوارب، وستساعد الألواح الشمسية الموجودة على متنها على إدارة الرحلات الأطول.

في هذا الصدد، أوضح بارون أن نظام القوارب الحضرية ذاتية القيادة يمكن أن يتولى تسيير رحلات قصيرة، مثل الرحلات من إحدى ضفتي نهر بمنطقة حضرية إلى الضفة الأخرى، أو الرحلات الأهم، مثل الرحلات من وسط مدينة شيكاغو إلى منزل شاطئ بحيرة ميشيغان.

يُذكر أن هناك بالفعل بعض السوابق لهذا النوع من الخدمة، فقد بدأت مركبات الأجرة المائية ذاتية القيادة في العمل، حديثاً، بمدينة هلسنكي في فنلندا، حيث تقوم برحلات قصيرة إلى جزر تقع على بعد أميال قليلة من ساحل المدينة.

ويمكن للنظام الذي صممته «سيمورباول» العمل كأسطول صغير أو شبكة ضخمة. وشرح بارون أنه بدلاً عن ركوب حافلة أو مترو أنفاق بخط سير ثابت، يمكن للراكب أن يصعد إلى متن «أوروب»، ليختار من قائمة محطات قبل أن ينطلق عبر الماء.

مستقبل السفر في المناطق الحضرية

يمكن أن تستعيد الممرات المائية داخل المدن حول العالم نشاطها وسهولة الوصول إليها بوصفها جزءاً من شبكات النقل الحضري، فضلاً عن كونها أماكن للسفر الترفيهي. عن هذا، قال بارون إن التصميم استوحى إلهامه من حافلات لندن التي صممها توماس هيذرويك، والتي أعطت الأولوية للإطلالات على معالم المدينة التي يستمتع بها الركاب. وبالمثل، يتيح الزجاج المنحني والشكل الكروي لـ«أوروب» إطلالة بانورامية على المدينة.

من جهته، وصف كبير المصممين عمر شرايبي، المشروع بأنه «وجهة نظر عائمة»، وأنه بمثابة نظام نقل بقدر ما هو معلم سياحي.

وأضاف: «بدأ هذا المشروع بوصفه مفهوماً مرتبطاً بلندن، ولا يزال كذلك. ولا يزال يبدو مثالياً لنهر التيمز، لكن عندما أطلعني زميلي على التصميمات التي وضعوها لمدينة فينيسيا، شعرت بإثارة بالغة. هناك عنصر في التصميم ممتع للغاية، ويدفع المرء إلى الهروب إلى مكان أجمل».

حتى هذه اللحظة، يبقى الأمر مجرد مفهوم. ومع ذلك، يلفت مشروع القارب الحضري ذاتي القيادة «أوروب» الانتباه إلى الممرات المائية داخل المدن، التي لم تَجرِ الاستفادة منها بشكل كافٍ في مجال النقل في العقود الأخيرة، لأسباب عملية عديدة.

وعبر الجمع بين أساليب التصميم الجديدة والتكنولوجيا الحديثة، يرى بارون أن المفهوم يمكن أن يُحيي وسيلة نقل يعود تاريخ ظهورها إلى تاريخ تأسيس المدن نفسها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».