انتهاء زمن الحسابات السرية المصرفية والفصل بين الفرنك واليورو.. ضربتان موجعتان لاقتصاد سويسرا

خسارة 50 مليارًا في النصف الأول من العام الحالي

انتهاء زمن الحسابات السرية المصرفية والفصل  بين الفرنك واليورو.. ضربتان موجعتان لاقتصاد سويسرا
TT

انتهاء زمن الحسابات السرية المصرفية والفصل بين الفرنك واليورو.. ضربتان موجعتان لاقتصاد سويسرا

انتهاء زمن الحسابات السرية المصرفية والفصل  بين الفرنك واليورو.. ضربتان موجعتان لاقتصاد سويسرا

تعرض الاقتصاد السويسري إلى ضربتين «موجعتين» خلال الشهور القليلة الماضية، وترتبت عليهما خسارة كبيرة للغاية، وحدث هذا عقب إعلان بروكسل انتهاء زمن الحسابات المصرفية لمواطني الاتحاد الأوروبي، وسبق ذلك قرار السلطات السويسرية مطلع العام الحالي إنهاء الربط بين الفرنك السويسري واليورو.
وتوقعت مصادر أوروبية في بروكسل أمس، أن يواجه الاقتصاد السويسري صعوبات خلال الفترة المقبلة، وقال الإعلام البلجيكي، الأحد، إن الاقتصاد السويسري تحمل خسارة قيمتها 50 مليار فرنك سويسري خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، نتيجة قرار السلطات الفصل بين الفرنك السويسري واليورو، وقال الخبير الاقتصادي البلجيكي دومينيك سوانيه، إن الاقتصاد السويسري يهتز، بسبب تداعيات قرار فك الربط بين الفرنك السويسري واليورو، الذي تسبب في هذه الخسارة الكبيرة في فترة ستة أشهر.
ووصف هذا الأمر بأنه الضربة الأولى الموجعة للاقتصاد السويسري، وكانت الضربة الثانية في إعلان المفوضية الأوروبية في بروكسل مايو (أيار) الماضي، أن زمن الحسابات المصرفية السرية قد ولى.
وما إن أصدرت لوكسمبورغ والنمسا قرارهما اعتماد نظام التبادل التلقائي للمعلومات مع دول الاتحاد الأوروبي، حتى وجدت سويسرا نفسها تقف وحدها في مواجهة حرب عالمية على السرية المصرفية. فوقع الاتحاد الأوروبي وسويسرا في أواخر مايو اتفاقا رئيسيًا من شأنه أن يُنهي سرية الحسابات المصرفية لمواطني الاتحاد.
وأعلنت المفوضية الأوروبية عبر بيان رسمي، أن الاتفاق الموقع بين سويسرا والاتحاد الأوروبي سوف يمنع مواطني الاتحاد من إخفاء الدخل غير المعلن في البنوك السويسرية. وقال المفوض الأوروبي للشؤون المالية والاقتصادية بيير موسكوفيتشي إن الاتفاق يعتبر «نكسة جديدة» للمتهربين من الضرائب، ويمثل خطوة نحو الضرائب العادلة في أوروبا. وتعمل أوروبا على منع التهرب الضريبي لمواطنيها، عن طريق تشديد الإجراءات على ما يسمى الملاذات الآمنة للضرائب، وبحث معاقبة الشركات والأشخاص الذين يقومون بتحويل أموالهم لحسابات خارجية للتهرب من تسديد الضريبة.
وانتقدت البنوك السويسرية خلال السنوات الماضية واتهمت بتسهيل التهرب الضريبي بسبب القانون السويسري الصارم الذي يلزمها بأن تبقي أمور العملاء سرا ما عدا في القضايا الجنائية.
وفي منتصف العام قبل الماضي أوقف مجلس النواب السويسري حملته لحماية مصارفه من عقوبات أميركية، وقد صوت ضد إصدار قرار يهدف إلى إيقاف التحقيق مع أثرياء أميركيين يستخدمون مصارف سويسرية للتهرب من دفع الضرائب. القرار يقضي بالسماح للمصارف بالكشف عن معلومات مالية للقضاء الأميركي لملاحقة عمليات التهرب من دفع الضرائب، ما يتوقع أن يكلف المصارف السويسرية نحو عشرة مليارات يورو.
تجدر الإشارة إلى أن السرية المصرفية جعلت سويسرا أكبر مكان للتهرب من دفع ضرائب، ما أثار غضب دول كثيرة وخصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.
وفي ما يتعلق بالضربة الثانية للاقتصاد السويسري، فقبل أيام أعلن البنك المركزي في سويسرا أن ارتفاع سعر صرف الفرنك السويسري مقابل اليورو على مدار الأشهر الستة الماضية تسبب في خسائر تُقدر بخمسين مليار فرنك سويسري. وأضاف البنك، في تقرير أصدره حديثا، أن تلك الخسائر قد تؤثر على قدرته على صرف المخصصات هذا العام.
وكانت سويسرا قد تسببت في صدمة لأسواق المال العالمية في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي بعد إلغاء ربط الفرنك باليورو. وكان ذلك التحرك سببا في ارتفاع حاد للفرنك مقابل العملة الأوروبية الموحدة بعد أن هرع المستثمرون إلى العملة السويسرية عقب ظهور مخاوف تفاقم أزمة الدين الأوروبي على السطح رغم بدء البنك المركزي الأوروبي سلسلة إجراءات التيسير الكمي لدعم اليورو.
وخلفت قوة الفرنك السويسري أضرارا بالغة على الصادرات التي تراجعت حتى نهاية نصف السنة الحالي المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي بواقع 2.6 في المائة. كما تضرر قطاع السياحة في البلاد إلى حد بعيد علاوة على الأضرار التي لحقت بقطاع التجزئة جراء ارتفاع العملة.
وفي أواخر يونيو الماضي عرف الفرنك السويسري انخفاضا في قيمته أمام الدولار واليورو. رئيس المصرف الوطني السويسري توماس غوردن أكد أن الفرنك أعطي قيمة مبالغا فيها وسوف يستمر المصرف في الحد من ارتفاعه في أسواق الصرف بالحفاظ على أسعار الفائدة السلبية. ومن نتيجة هذه التصريحات نزول الفرنك السويسري إلى 1.04 مقابل اليورو و0.93 مقابل الدولار.
وراقب البنك السويسري المحادثات بين الدائنين الدوليين واليونان، حيث إنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق فتكون سويسرا ملجأ آمنا للكثير من الرساميل، وهذا ما يزيد الضغوط على الفرنك السويسري حسب رئيس المصرف.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، وحسب تقارير اقتصادية وإعلامية، فإن أسواق العملات خلال الربع الأول تكللت بقدر من الأخبار المهمة، كان تركيزها في منطقة اليورو، حيث قام البنك المركزي السويسري بمنتصف شهر يناير بفصل ارتباط قاعدة 1.2 فرنك لكل يورو كأدنى سعر صرف له.
وبحسب التقارير فإن حركة الفصل هذه كانت مفاجأة ولها تأثير قوي على تداولات جلسة ذلك اليوم التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ حركة العملات الست الأكثر تداولاً بالعالم، حيث قفز فيها سعر صرف الفرنك بمقدار 30 في المائة مقابل اليورو، و23 في المائة مقابل الدولار الأميركي.
قرار فصل ارتباط العملة لم يكن وحيدًا من المركزي السويسري، حيث صاحبته حزمة قرارات من أهمها تخفيض قيمة الفائدة على الودائع إلى ما دون الصفر لإجبار رؤوس الأموال على ضخ السيولة في السوق وإنقاذ الاقتصاد الأوروبي جملةً.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.