مصر والسودان: اتصالات سياسية لاحتواء تداعيات أزمة كروية

لقاء الأهلي المصري والهلال السوداني بدوري أبطال أفريقيا أحدث تجاذباً بين مشجعي وإدارة الفريقين (صفحة الأهلي المصري على فيسبوك)
لقاء الأهلي المصري والهلال السوداني بدوري أبطال أفريقيا أحدث تجاذباً بين مشجعي وإدارة الفريقين (صفحة الأهلي المصري على فيسبوك)
TT

مصر والسودان: اتصالات سياسية لاحتواء تداعيات أزمة كروية

لقاء الأهلي المصري والهلال السوداني بدوري أبطال أفريقيا أحدث تجاذباً بين مشجعي وإدارة الفريقين (صفحة الأهلي المصري على فيسبوك)
لقاء الأهلي المصري والهلال السوداني بدوري أبطال أفريقيا أحدث تجاذباً بين مشجعي وإدارة الفريقين (صفحة الأهلي المصري على فيسبوك)

في خطوة ذات طابع حكومي سياسي لوقف تداعيات أزمة كروية بين جماهير فريقي الأهلي المصري والهلال السوداني بعد مباراة جمعتهما، قبل أكثر من أسبوع، أكد وزيرا الرياضة في البلدين أن «الجانبين يجمعهما الكثير من الأواصر والروابط القوية».
وقال بيان صادر عن وزارة الشباب والرياضة المصرية، مساء (السبت)، إن اتصالاً هاتفياً جمع بين الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة المصري، ونظيرته السودانية هزار عبد الرسول العجب، وذلك في ضوء التنسيق الدائم والمستمر بين الوزارتين المصرية والسودانية في شأن تنفيذ الكثير من الأنشطة والبرامج المشتركة في مختلف مجالات الشباب والرياضة.
وأكد الوزير المصري، وفق البيان على «حرص الدولة المصرية على الحفاظ على عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين المصري والسوداني»، وأشار إلى أن هناك توافقاً دائماً في الرؤي المشتركة وما يرتبط بذلك من تنفيذه الكثير من المشروعات المشتركة في مختلف المجالات، خصوصاً الشبابية والرياضية.
وأضاف الوزير المصري أنه من المقرر أن يقوم بزيارة قريباً لدولة السودان ولقاء وزيرة الشباب والرياضة للتباحث حول مختلف الأنشطة المشتركة.
ونقل البيان المصري عن الوزيرة السودانية تأكيدها على حرص بلادها، حكومة وشعباً، على توثيق العلاقات مع الدولة والشعب المصري بشكل مستمر والاستفادة من الخبرات المشتركة، والعمل تحت مظلة العلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين حكومة وشعباً، أخذاً بعين الاعتبار أن مصر والسودان يجمعهما الكثير من الأواصر والروابط القوية، التي تؤكد على مدار الأزمنة المتعاقبة أننا دولة واحدة وشعب واحد، ولا يمكن التأثير على تلك الأواصر والعلاقات المشتركة.
وكانت هناك أزمة قد تصاعدت بين فريقي الأهلي المصري والهلال السوداني، وسط تجاذب بين مشجعي الفريقين على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن هاجمت إدارة الفريق السوداني مسؤولي الفريق المصري عبر حساباتهم الرسمية، وذلك عقب المباراة التي انتهت بفوز الأهلي 3-صفر في استاد القاهرة قبل أكثر من أسبوع، في جولة حاسمة للتأهل من دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا، والتي تأهل الأهلي على ضوء نتيجتها إلى الأدوار التالية للبطولة، بينما ودع الهلال منافساتها، وقالت إدارة الفريق السوداني إن المباراة شهدت «انتهاكات وتجاوزات» في حقها.
وبدوره، تقدم النادي الأهلي المصري بشكوى رسمية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، ضد تصريحات مسؤولي الهلال السوداني التي صدرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرسمية.
وقال الأهلي عبر موقعه الرسمي، أول من أمس السبت: «نضع المصلحة العُليا للوطن أولاً، وحرصاً على العلاقات التاريخية الوطيدة بين الشعبين الشقيقين المصري والسوداني، وتناول بعض وسائل الإعلام معلومات غير صحيحة، عقب مباراة الأهلي والهلال، مساء السبت الماضي، في ختام دور المجموعات بدوري الأبطال؛ قام النادي برفع الأمر كاملاً إلى مؤسسات الدولة المصرية المعنية، وأرسل خطاباً للاتحاد الأفريقي لكرة القدم أوضح فيه كل الحقائق».
الدكتورة أماني الطويل، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والخبيرة في الشؤون الأفريقية، أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الأزمة المثارة بين الطرفين تحتاج إلى أنواع متعددة من التدخلات إلى جانب التدخل السياسي، الذي يقع عليه دور بالفعل، إلا أنه لن يكون كافياً بمفرده.
وتستطرد: «بداية يجب التواصل بين الناديين الأهلي والهلال لإيجاد تفاهم بينهما، فإلى جانب إجراء النادي الأهلي برفع الأمر كاملاً إلى مؤسسات الدولة المصرية المعنية، كنا نتمنى بالتوازي أن يكون هناك تواصل مباشر كنوع من أنواع الترضية لجماهير الفريقين، بما يهدئ من الأزمة المتصاعدة بينهما».
وتلفت الخبيرة في الشؤون الأفريقية إلى أن «العلاقات المصرية - السودانية تكتنفها بعض المشكلات، وهو ما يحتاج إلى الحوار بين البلدين لتسوية هذه الخلافات، وليس التصدي لها عبر حلول توفيقية»، منوهة بأن «أطرافاً» لم تحددها «داخل وخارج السودان تكنّ عداءات لمصر، وتلجأ للفضاءات الإلكترونية لاستغلال الأحداث الهامشية بين البلدين لتضخيمها وتصعيد الأزمات، وهو ما يجب الوعي به خصوصاً من النخب».


مقالات ذات صلة

رياضة عالمية جماهير لاتسيو غير مرحب بها في أمستردام (أ.ب)

مجلس أمستردام يمنع جماهير لاتسيو من حضور مباراة أياكس

قال مجلس مدينة أمستردام إنها لن تستقبل جماهير الفريق الزائر المنافس لأياكس في مباراته المقبلة بالدوري الأوروبي عندما يستضيف لاتسيو الإيطالي.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
رياضة عالمية فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد (د.ب.أ)

بيريز يتعرض لانتقادات شديدة من صحافي ناميبي بسبب جائزة الكرة الذهبية

انتقد صحافي ناميبي، رئيس ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، بعدما وجّه الأخير اللوم إليه لعدم تصويته لفينيسيوس جونيور للفوز بجائزة الكرة الذهبية.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عالمية الإصابات تضرب فريق أيندهوفن قبل مواجهة شاختار (أ.ف.ب)

شكوك حول مشاركة دي يونغ ولانغ مع أيندهوفن ضد شاختار

قال بيتر بوش، مدرب أيندهوفن الهولندي، إن مهاجميه لوك دي يونغ ونوا لانغ ربما يغيبان عن مباراة الفريق في دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (أيندهوفن)
رياضة عربية البرتغالي جوزيه غوميز المدير الفني لنادي الزمالك المصري (نادي الزمالك)

مدرب الزمالك: حزين لغياب الجماهير

أكد البرتغالي جوزيه غوميز المدير الفني لنادي الزمالك المصري أنه حزين بسبب عدم وجود الجماهير في مباراة بلاك بولز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.