السلام في أفغانستان لا يزال بعيدًا

القيادة الجديدة في طالبان تصر على مواصلة القتال

السلام في أفغانستان لا يزال بعيدًا
TT

السلام في أفغانستان لا يزال بعيدًا

السلام في أفغانستان لا يزال بعيدًا

رحل زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر في أوضاع وظروف غامضة، لكن الحرب لم تنته، فبعد التأكد من وفاة الرجل قبل نحو سنتين ونصف السنة في مدينة كراتشي الباكستانية، وفقا للرواية الحكومية في أفغانستان (والتي قالت في بيان إن زعيم الجماعة توفي أو قتل في شهر أبريل/ نيسان، من عام 2013)، ودفنه في مكان مجهول، عولت حكومة الوحدة الوطنية في كابل على حدوث انشقاقات كبيرة في داخل الحركة بعد وفاة مؤسس الجماعة والتي من المقرر أن تؤثر إيجابا على سير المعارك في هذا البلد، غير أن التفجيرات الدموية الأخيرة التي استهدفت العاصمة كابل وبعض مقارها الأمنية وراح ضحيتها المئات من المدنيين ووصفها الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي عاد فورا إلى البلاد من رحلة علاجية في ألمانيا بأنها هجمات غير مسبوقة وأنها لن تبقى بلا رد، أثبتت هذه الحوادث من جديد أن الطريق إلى تحقيق مصالحة شاملة ليس مفروشا بالورود، وأن عقبات كثيرة لا تزال على طريق تحقيق السلام والأمن في هذا البلد الذي يشهد حربا منذ أكثر من أربعين عاما.
سارعت حركة طالبان رغم وجود خلافات شديدة على تعيين خليفة زعيمها الروحي إلى التوحد حول قيادة جديدة على الأقل في المرحلة الراهنة، إلى أن يتبين نزاع حقيقي على القيادة لاحقا. كما أرادت القيادة الجديدة فرض نفسها عبر التصعيد في عمليات الحركة في مختلف المناطق الأفغانية لطمأنة مقاتلي الجماعة بأن قيادتها الجديدة مصرة على مواصلة درب مؤسس الحركة الذي كان يقول دائما إن الحرب ستستمر حتى إقامة النظام الإسلامي في كل ربوع البلاد وطرد المحتلين من الأراضي الأفغانية.. فمن هو الزعيم الجديد لحركة طالبان؟
لا تتوافر معلومات كثيرة عن الملا أختر منصور، زعيم حركة طالبان الجديد، ولكن يعتقد أن الرجل في الخمسينات من العمر، وكان قد التحق بعدد من المدارس الدينية «الديوبندية» في باكستان عقب انفصالها عن الهند خصوصا المدرسة الحقانية في مدينة بيشاور، وهي المدرسة نفسها التي تخرج فيها جميع قادة طالبان.
و«أمير المؤمنين الجديد»، الذي اختير من بين ثلاثة مرشحين هم الملا يعقوب نجل الملا عمر، والقائد العسكري الميداني في طالبان الملا ذاكر قيوم المعتقل السابق في سجن غوانتانامو ومدير العمليات العسكرية الحالية في أفغانستان، والملا منصور وهو من أوائل قادة الحركة منذ تأسيسها في قندهار عام 1994.
وبعد سيطرة الحركة على قندهار أصبح الملا أختر منصور مسؤولا عن قاعدة المدينة الجوية، ثم شغل منصب وزير الطيران المدني والنقل، كما عينته حركة طالبان حاكما لمدينة قندهار، حيث شغل هذا المنصب حتى مايو (أيار) 2007.
وتولى أختر منصور منصب نائب رئيس مجلس الشورى الأعلى لطالبان حتى منتصف عام 2009. وكان في الوقت نفسه عضوًا في مجلس قيادة الحركة لشورى كويتا، وقبل تعيينه نائبا للملا عمر في عام 2010 كان يتولي رئاسة الشؤون العسكرية في المجلس العسكري التابع للحركة.
وكان أختر مسؤولا عن أنشطة حركة طالبان في أربعة أقاليم في جنوب أفغانستان بشكل مباشر حتى عام 2010، قبل أن يتم تعيينه رئيسا لمجلس الشورى المدني للحركة في أوائل عام 2010.
وتقلد أختر أيضا منصب نائب الملا عبد الغني برادر، وهو أحد قادة طالبان الكبار ومعتقل حاليا في باكستان، في المجلس الأعلى لطالبان حتى عام 2009، ليصبح لاحقا مسؤولا عن المجلس الأعلى لطالبان بشكل مؤقت بعد اعتقال الملا برادر في فبراير (شباط) 2010.
ومن مواقف الملا منصور التي أثارت الاهتمام دعوته للحوار السلمي مع الحكومة الأفغانية، إلى جانب موقفه المناهض لتنظيم داعش، بعد إعلان الأخير قيام «دولة الخلافة الإسلامية». وتذكر مصادر إسلامية عدة أن أختر كان قد كتب بنفسه الخطاب الشهير الذي وجهته طالبان رسميا إلى تنظيم داعش، وزعيمه البغدادي، تحذره فيه من عواقب زرع مجموعة تابعة له في أفغانستان.
وكانت الرسالة تمزج بين التهديد والدبلوماسية، واشترطت على تنظيم داعش إذا رغب في وجود عناصر له في مناطق سيطرة طالبان أن يكون هؤلاء تحت قيادة طالبان طيلة فترة وجودهم في أفغانستان.
الجدير بالذكر أن أختر منصور امتدح في الخطاب نفسه تنظيم داعش، مشيرا إلى أن «الذين يثيرون الاضطرابات في قيادة المجاهدين ليسوا قادة التنظيم أنفسهم». وخاطب قادة تنظيم داعش بالقول «لكن نتيجة لابتعادكم عن مكان الأحداث فإن أولئك الأنانيين يسيئون استخدام اسمكم في تبرير مثل تلك التصرفات من جانبهم». كما طلب من تنظيم داعش العمل على تضييق الخناق على «أولئك الذين يناوئون سلطة طالبان في أفغانستان تحت راية» التنظيم، ونصح قادة التنظيم بـ«الإصرار على البقاء يقظين تماما في السيطرة» على أولئك التابعين لهم.
وذكرت أخبار في مواقع إسلامية أن أختر منصور كان على رأس وفد رفيع المستوى لطالبان مؤلف من 11 شخصا كان قد زار إيران مؤخرا لكن الحركة لم تؤكد ذلك رسميا. وتفيد تقارير بأن للملا أختر دورا كبيرا في المحادثات التي تجريها الحركة سواء مع الحكومة الأفغانية أو مع منظمات وقوى دولية أخرى.
وتقول الأمم المتحدة إن الملا أختر الذي كان قد اعتقل في باكستان «أعيد إلى أفغانستان في سبتمبر (أيلول) من عام 2006»، أي بعد خمس سنوات من سقوط حكم طالبان في أفغانستان. وتتهمه المنظمة الأممية بأنه ضالع في أنشطة الاتجار بالمخدرات، وكان ناشطا في ولايات خوست وبكتيا وبكتيكا في شرق أفغانستان حتى مايو من عام 2007.
وينظر إلى التعيين السريع للملا أختر منصور «المعتدل» خليفة للملا عمر على رأس حركة طالبان الأفغانية باعتباره انتصارا لباكستان «العرابة» التاريخية للحركة التي تشجعها على خوض مفاوضات السلام في المرحلة الحالية مع كابل، رغم خطر تقسيمها.
«انتصرت باكستان» وفق القادة الطالبانيين المعارضين لأختر منصور، وهم لا يزالون تحت الصدمة بعد التأكد من إعلان الحركة المتشددة وفاة زعيمها التاريخي الملا عمر، ومن ثم وعلى عجل تعيين خليفة له. وكان مجلس شورى كويتا الذي يدير شؤون طالبان قد عين أختر منصور أميرا جديدا لها.
كما تم تعيين مساعدين له هما «الملا هيبة الله أخوندزاده» الوجيه الديني المتنفذ و«سراج الدين حقاني» الزعيم الشهير لشبكة حقاني والمعروف بقربه من تنظيم القاعدة ومن باكستان.
وأكد عدد من قادة طالبان، في اتصال مع قنوات أفغانية محلية، أن الملا منصور ومساعديه يعتبرون «مقربين» لا بل «مقربين جدا» من باكستان
وتقبلت باكستان تعيين الملا أختر منصور دون اعتراض. وقالت إسلام آباد إنها ستعمل على استمرار مساعي الحوار بين طالبان وكابل.
ويقود سراج الدين حقاني شبكة تعتبر مقربة من باكستان إلى درجة أن الجيش الأميركي وصفها في 2011 بأنها «الذراع المسلحة لجهاز الاستخبارات الباكستاني» القوي. أما هيبة الله أخوندزاده فأوقفته القوات الباكستانية «للصدفة المحرجة» لفترة وجيزة قبل عشرة أيام في مخبئه في كويتا جنوب غربي باكستان.
وقال كادر من طالبان يتخذ موقفا متشددا من باكستان تعليقا على ذلك «نعتقد أن باكستان واستباقا منها لخلافة الملا عمر، أوقفته لإعطائه توجيهات حول الوضع لاحقا». والوضع اللاحق هو مفاوضات السلام المنتظرة منذ فترة طويلة بين طالبان وكابل بعد نزاع مستمر منذ 14 سنة. وشهدت هذه المفاوضات تقدما بداية يوليو (تموز) مع أول اتصال رسمي مباشر بين الجانبين في مدينة مري قرب إسلام آباد في باكستان، بحضور ممثلين عن الصين والولايات المتحدة.
هل باكستان صادقة في مساعيها لإحلال السلام في أفغانستان الجارة؟
دعمت باكستان ولفترة طويلة في السر الحروب التي خاضتها طالبان في أفغانستان حتى بعد تحالفها مع الولايات المتحدة بعد 2001، في سياسة مزدوجة أقر بها رئيسها السابق برويز مشرف السنة الماضية. لكن المعطيات الجغرافية السياسية في المنطقة تغيرت خلال الأشهر الماضية، وازدادت الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة التي تستعد لسحب آخر قواتها من أفغانستان في 2016، والصين المستعدة لاستثمار مليارات الدولارات في أفغانستان وباكستان مع فتح منفذ على بحر العرب. فواشنطن وبكين تريدان دفع إسلام آباد لجلب طالبان إلى طاولة الحوار.
وفي أفغانستان، أسهم في ذلك انتخاب الرئيس أشرف غني، المستعد لقبول مساعدة باكستان للتفاوض مع طالبان، والقلق الدولي من تقدم طالبان وظهور فصائل محلية لتنظيم داعش، وبالتالي فليس أمام إسلام آباد خيارات أخرى سوى بذلها كل الجهود لإقناع طالبان وقيادتها الجديدة بقبول الحوار لتحقيق السلام.
وتدعم هذه المعطيات الاعتقاد بأن باكستان قامت بترتيب كل شيء، وهذا الأمر لا يروق لبعض قادة طالبان المعارضين للملا أختر منصور. ويقول سيد طيب أغا، وهو رئيس مكتب طالبان السياسي في قطر، والذي استقال من منصبه فور وفاة مؤسس الجماعة: «لقد كتمت القيادة نبأ وفاة زعيمنا منذ سنتين، وقامت بنشر بيانات باسمه. بعضنا يشعر بأنه خدع وهذا يعزز الشكوك بأن باكستان تتلاعب بالحركة».
لكن هل يعني هذا أن الحركة مهددة بالانقسام؟ الأمر غير مطروح في الوقت الحالي، كما يقول أحد المسؤولين في طالبان مبديا أسفه لدور باكستان النافذ. ويضيف «الولايات المتحدة والصين وحتى السعودية، أحد حلفائنا التاريخيين، تؤيد عملية السلام التي أطلقتها باكستان. حتى الطالبان المعارضون لهذه العملية سينتهون بقبولها، لأنهم لا يريدون أن يجدوا أنفسهم في عزلة تامة».
ومنذ وفاة الملا عمر بدأت تعلو أصوات داخل طالبان ضد عملية الخلافة التي اعتبرت متسرعة ومنحازة وغير متماشية مع العرف المتبع. ولا شك أن تنظيم داعش خصم طالبان الجديد سيسعى إلى استغلال حالة عدم الرضا مع بدء انتشاره في المنطقة، وسيكون هو المستفيد الأول من حدوث أي انشقاقات جديدة للحركة. رغم ذلك فإن التفجيرات الأخيرة وحالة الغضب التي يعيشها سكان كابل تعيد الوضع إلى المربع الأول من فقدان الثقة بين الحكومة وطالبان من جهة، وكذلك الاستياء الشديد لدى الأفغان من فشل حكومتهم في القضاء على جيوب الإرهابيين. كما أن القوات الأفغانية التي تسلمت المهام الأمنية من القوات الدولية تواجه تحديات كبيرة، فهي تعاني من ضعف التسليح والتدريب، كما تواجه هروبا جماعيا لعناصرها من الخدمة.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.