مرسي يشكو من تحول في طريقة معاملته ويعلن امتناعه عن طعام السجن خوفًا على حياته

محامي إخوان مصر لـ «الشرق الأوسط»: المحكمة أحالت الواقعة للنيابة وقررت توقيع كشف طبي

مرسي يشكو من تحول في طريقة معاملته ويعلن امتناعه عن طعام السجن خوفًا على حياته
TT

مرسي يشكو من تحول في طريقة معاملته ويعلن امتناعه عن طعام السجن خوفًا على حياته

مرسي يشكو من تحول في طريقة معاملته ويعلن امتناعه عن طعام السجن خوفًا على حياته

شكا الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، خلال جلسة محاكمته أمس في قضية «تسريب وثائق إلى قطر»، من تحول في طريقة معاملته داخل السجن، معلنًا امتناعه عن تناول الطعام الذي تقدمه إدارة السجن، وتحدث عن «أحداث مثلت تهديدًا على حياته» بحسب محامي الجماعة عبد المنعم عبد المقصود. وأحالت المحكمة شكوى مرسي للنيابة العامة للتحقيق، كما قررت توقيع كشف طبي عليه، وأجلت نظر القضية لجلسة اليوم (الأحد).
ويحاكم مرسي، الذي عُزل قبل أكثر من عامين، و10 آخرون من قيادات الجماعة في اتهامات بـ«اختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية، من بينها مستندات سرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها والسياسات العامة للدولة».
وقال عبد المقصود الذي حضر جلسة أمس، لـ«الشرق الأوسط»، إن مرسي «أعلن امتناعه عن تناول طعام السجن خوفًا على حياته، هذا لا يعني أنه مضرب عن الطعام، فمرسي طالب إدارة السجن بإحضار طعام معلب إلى محبسه، لكنهم لم يتجاوبوا على الأرجح». ويقضي مرسي عقوبته في سجن برج العرب بالإسكندرية.
وتابع عبد المقصود أن «زيارة مرسي غير مسموح بها.. لم يسمح لنا بزيارته داخل السجن سوى مرة واحدة قبل عام ونصف العام، كما لم يُسمح لأسرته بزيارته سوى مرة واحدة أيضا.. صحيح أننا التقينا به بضع مرات أثناء سير المحاكمات، لكن هذا كان منذ شهور». وتجري وقائع محاكمة مرسي بصورة استثنائية في مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة (شرق القاهرة).
وتحدث مرسي الذي عزل في أعقاب ثورة شعبية على حكمه في يوليو (تموز) 2013 عن وجود «إجراءات لو تمت لكانت ستؤدي لجريمة كبرى»، وأضاف أنه لو تناول الطعام الذي قدم له يوم 22 يوليو الماضي كان سيؤدي ذلك إلى «جريمة»، على حد وصفه.
وكانت المنصات الإعلامية لجماعة الإخوان زعمت، الشهر الماضي، تعرض مرسي لمحاولة اغتيال عبر دس السم في طعامه بالسجن، وهو الأمر الذي نفاه مسؤولون أمنيون حينها. وظهر مرسي في وقت لاحق بصحة جيدة في جلسة محاكمته في قضية إهانة القضاء.
ومنذ بدء محاكمته، لم يعترف مرسي بصحة الإجراءات، كما دفعت هيئة الدفاع عن قادة «الإخوان» ببطلان إجراءات المحاكمة، باعتبار مرسي لا يزال رئيسا للبلاد، وهو ما فندته أحكام لاحقة صدرت بحقه، لكنها المرة الأولى التي يتحدث فيها عن تعرضه لسوء المعاملة داخل السجن.
وأشار عبد المقصود إلى حديث مرسي عن تعرضه لما سماه بـ«أحداث» تمت في السجن مثلت تهديدا مباشرا له. وتابع أن مرسي «تحدث عن خمسة أحداث، وطلب من القاضي أن يسمح له بلقاء المحامين ليوضح لنا بالتاريخ والوقائع الجرائم التي شكلت تهديدا له، ومنها اقتحام زنزانته في ساعات متأخرة من الليل وممارسات لم يكشف النقاب عن طبيعتها».
وصدرت بحق مرسي أحكام قابلة للطعن، أبرزها حكم بالإعدام في يونيو (حزيران) الماضي في قضية الهروب من السجون، وحكم آخر في الشهر نفسه بالسجن المؤبد 25 عاما في قضية التخابر مع عناصر من حماس، كما عوقب بالسجن 20 عاما في قضية «أحداث الاتحادية»، بعد إدانته بتهمتي استعراض العنف والاحتجاز المقترن بالتعذيب البدني. ولا يزال مرسي يحاكم في قضية إهانة القضاء، بالإضافة إلى قضية «تسريب وثائق إلى قطر».
وقررت المحكمة تأجيل المحاكمة إلى جلسة اليوم (الأحد) لسماع شهود الإثبات، كما قررت عرض مرسي على أحد أطباء الباطنة والسكر بجامعة القاهرة، وإحالة الواقعة للنيابة للتحقيق في صحة الشكوى.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.