«مقابلة مع السيد آدم 2»: الغموض بين الجاذبية والنفور

دراما بوليسية ركيزتها توتر الأجواء وتكاثر الأسئلة

غسان مسعود أتقن شخصية آدم عبد الحق (صفحته على «فيسبوك»)   -   محمد الأحمد في لقطة من المسلسل
غسان مسعود أتقن شخصية آدم عبد الحق (صفحته على «فيسبوك») - محمد الأحمد في لقطة من المسلسل
TT

«مقابلة مع السيد آدم 2»: الغموض بين الجاذبية والنفور

غسان مسعود أتقن شخصية آدم عبد الحق (صفحته على «فيسبوك»)   -   محمد الأحمد في لقطة من المسلسل
غسان مسعود أتقن شخصية آدم عبد الحق (صفحته على «فيسبوك») - محمد الأحمد في لقطة من المسلسل

ينجو المسلسل السوري «مقابلة مع السيد آدم 2» من شِباك الوقت. فالزمن الفاصل بين جزئه الأول والثاني في رمضان الحالي، 3 سنوات. وهي مدّة كافية لتسرّب النسيان إلى أحداثه. ما نتابعه مُتقن، لكنه يثير الارتباك. المشاهدة ليست مريحة رغم جماليتها. ومتعة انتظار الآتي يلفحها شعور بـ«الإرهاق». السياق تَعاقُب دهاليز مؤدية إلى ضوء ينبغي اللهاث قبل بلوغه.
بقي البطل غسان مسعود ظلاً حتى أطلّ في منتصف المسلسل (كتابة فادي سليم وإخراجه؛ تعرضه «قناة أبوظبي»). لم تسجل براءته من الجرائم المُتورِّط بها دهشة على مستوى التوقعات. فذلك مُرجّح. أجواؤه من شأنها القبض على الأنفاس. عنصر الغموض، مُحرّكها، سيف ذو حدين.
يزيد قليلاً، فينقلب السحر على الساحر. نشاهد فتتكاثر الأسئلة: كيف ومتى جرى كل هذا؟ قصدُ الغموض الجذب، وأحياناً يغدو منفراً. كأن عقل المُشاهد في مَهمّة، والمسلسل يشترط التركيز لربط الأحداث، وإلا اختلط الحابل بالنابل. هناك الجرائم، في مقابل تحقيقات «المقدّم ورد» (محمد الأحمد بأداء متقن). كلما فُتح باب، أُغلق آخر. والعمل واثق بمفاتيحه، يملك منها ما يجعل التشويق وطرح القضايا وفن المطاردة، في قبضته.
ستبدو لعبة القط والفأر ضئيلة في توصيف السعي إلى الحقيقة. المخطط كبير ومَن وراءه يحرقون الحقل لإخضاع التربة. عقود وصفقات وسمسرة، يطرحها المسلسل من جانب الأثمان المُترتّبة. يخرج عن المستهلَك بكشف العلاقة بين الفساد والحائمين في دوامته من جلادين وضحايا.
هيمنة الفرضية على نقاط الحسم، والمُبطّن على المباشر، تمنحه خصوصيته. صنفه البوليسي يحيله على توتر الأجواء، وأمواجه المتربّصة تسلبه سكينة البرّ. أمام سؤال «مَن الفاعل؟»، تتخبّط المراكب وتحول الثقوب دون الإبحار الآمن إلى الوُجهة.
توريط الدكتور في علم الجناية آدم عبد الحق (أداء بارز لغسان مسعود) بقضية كلّفته مقتل ابنته بعد خطفها (الجزء الأول)، يُشعل في داخله الرغبة بالثأر والتفرّغ لوضع الخطط. الحكم بإعدامه غيابياً، وزجّ يده اليمنى «مصطفى» (مصطفى المصطفى بدور يجيد ضبطه) بالسجن لسنوات، لم يردعا عقله الصاحي من التحرّك نحو الهدف. الأسباب والدوافع متداخلة، ولا سلطة لطرف على آخر. مرة يتقدّم السبب ومرة يتراجع الدافع؛ وفي الحالتين، يُصاب ترتيب الأحداث بعلّة المسلسل: الغموض المتمادي.
على خط فكّ العقدة، يكمن المقدم ورد لطرف الخيط. شخصية تناسب أجواء المسلسل، اندفاعية، جوّانية، غليانها داخلي. ولولا مشهد صفع زوجته السابقة جراء توتره العصبي نتيجة تعقّد معطيات التحقيق؛ لَما انتقل سلوكه إلى درجة الانفعال الأقصى. التوأمة مع العمل تفقده استقراره الأسري، فتغادره امرأته وتضبط مواعيد لقائه بابنته. وكر الدبابير يلدغه.
تحمله حاجة إلى ولادة خطوط درامية جديدة تعزّز مبررات الجزء الثاني، إلى قرية تحت اسم آخر. «ربيع القصاص»، هوية زائفة لصاحب سوابق، ينتحلها بغرض مطاردة آثار الوحش. يدرك المسلسل كيف يولد من جديد ويُقنع بولادته. على مقلب البحث عن دلائل وإثبات فرضيات، تؤدي نور علي بشخصية (هنادي) دوراً لافتاً يُخرجها من كادر الأنثى المتكئ جمالها على شكلها. عملها في أدوات البناء، ومناكفاتها مع طليقها حسن (محمد حداقي، عفوي الأداء)، يمنح السياق «استراحة محارب» على مستوى الإبهام من جهة، و«تشويقاً» على مستوى التقلّبات العاطفية. خطّ القرية موفَّق.
الممثلون يملأون الحكاية ببعدها الحي ومكانتها الفنية. الجميع في دور مناسب، «يتآمرون» على حرق الأعصاب. الحكم على جدوى سيطرة الغموض بهذا الشكل و«فوضى» الأحداث، مُرجأ حتى النهاية. وهي محطّ أنظار تستحق الترقّب. قد يتعمّد المسلسل تشتيت الانتباه وخلط الأوراق، وذلك «مبرر» ما دام هناك شيء «كبير» في الانتظار. الأقل، ليس في مصلحته.
محرّكان إضافيان للأحداث، لا يسمحان لها بالتراخي: رنا شميس بإتقانها شخصية (ديالا العباس)، ويزن خليل بإضافاته على مسار شخصية (يوسف عبد الحق). ثعلبان. الأولى تتفنن في المناورة والقصف على غير جبهة، والثاني متلوّن، حقيقي في استحالة الثقة به. كلاهما يطعن في الظهر، يشكلان رافعة درامية من شأنها تغيير المجريات.
انضمام ترف التقي بشخصية (سماح) إلى ثنائية الزوجين السابقين (ديالا) و(يوسف)، مع المحامي جبران (شادي الصفدي)، ينذر باحتدام السباق نحو المخالفات. وهي قائمة منذ الجزء الأول حين كانت «عليا البيك» (كارمن لبس) في الواجهة. الآن، تُدار الأمور من تحت الطاولة، وتُعقد الصفقات بما يتجاوز تبييض الأموال إلى التورّط في ضرب اقتصاد البلد.
الأسماء كثيرة، جميعها يؤدي المطلوب: منة فضالي، فاديا خطاب، جيانا عنيد، سدير مسعود (يمسك دور «معتصم البيك»)، سوزانا الوز وتولاي هارون، مع ربا المأمون وجمال العلي وخلفهما إشكالية الوصفات الطبية المزوّرة والمعضلة الأخلاقية في صراع الظرف والمال. باقي الأسماء لها موقعها، تتحالف مع النص والكاميرا على ضمان موقع المسلسل في صف متقدّم.
يمكن الرهان على الغائب، بحجم الرهان على العنصر الحاضر. العمل يحتمل «التكتيك» قبل الهجمة الأخيرة. وجود غسان مسعود كفيل بتأكيد الزخم. ذكاء الشخصية ووعيها العقلي لمعة كتابية يجدر الاعتراف بها.


مقالات ذات صلة

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
TT

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما، هما الأميركية فيولا ديفيس، والهندية بريانكا شوبرا.

واختتم المهرجان عروضه بفيلم «مودي... 3 أيام على حافة الجنون» الذي أخرجه النجم الأميركي جوني ديب، ويروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني، خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» كأفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.