مع اقتراب العيد... حملة حوثية تستهدف الباعة المتجولين

صبي يمني يحمل مساعدات قدمتها منظمة خيرية كويتية للنازحين في ضواحي مدينة مأرب (أ.ف.ب)
صبي يمني يحمل مساعدات قدمتها منظمة خيرية كويتية للنازحين في ضواحي مدينة مأرب (أ.ف.ب)
TT

مع اقتراب العيد... حملة حوثية تستهدف الباعة المتجولين

صبي يمني يحمل مساعدات قدمتها منظمة خيرية كويتية للنازحين في ضواحي مدينة مأرب (أ.ف.ب)
صبي يمني يحمل مساعدات قدمتها منظمة خيرية كويتية للنازحين في ضواحي مدينة مأرب (أ.ف.ب)

أعلن شاب يمني في مدينة ذمار نيته إحراق بضاعته في بث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن منعه الانقلابيون الحوثيون من العمل بائعاً متجولاً، بحجة منع استخدام الرصيف.
وكشف الشاب محمد العواضي في منشور على «فيسبوك» عن أنه أغرق نفسه بالديون من أجل شراء بضاعة لبيعها في شوارع مدينة ذمار (100 كلم جنوب صنعاء) كما تعود وعدد من أقرانه، مستغلين الحركة التجارية في شهر رمضان وقبل عيد الفطر، إلا أن قادة حوثيين منعوهم هذا العام من البيع، بحجة منع استخدام الأرصفة.
ورجَّح مصدر في المدينة أن تكون هذه الإجراءات التي اتخذها الانقلابيون الحوثيون تهدف إلى ابتزاز مئات الشباب الذين تقطعت بهم سبل العيش واضطروا للعمل باعةً متجولين؛ لإجبارهم على دفع مبالغ كبيرة مقابل استخدامهم الأرصفة للبيع، سواء في مواقع ثابتة أو بشكل متنقل.
المصدر أشار إلى أن القيادي الحوثي محمد البخيتي، المنتحل صفة محافظ ذمار يعمل بنفسه على النزول الميداني والإشراف على ملاحقة الباعة المتجولين ومصادرة بضائعهم وممتلكاتهم، وحتى احتجازهم في السجون لحين دفع الإتاوات المفروضة عليهم، منوهاً بأن حدوث أعمال اختطاف لعدد من الباعة المتجولين الذين حاولوا التهرب من دفع الجبايات خلال شهر رمضان.
ويستغل الانقلابيون الحوثيون أرصفة الشوارع في المدن الواقعة تحت سيطرتهم لجمع المزيد من الإيرادات غير القانونية، حيث بدأوا منذ مدة إجبار مستخدمي الأرصفة من الباعة المتجولين على دفع مبالغ كبيرة تحت أسماء متعددة، مثل إيجار الرصيف لمكاتب البلدية، وتحسين الطرقات لمكتب الأشغال، إضافة إلى إلزامهم بالتبرع لصالح دعم المقاتلين في الجبهات.
في غضون ذلك، نفى الباعة المتجولون في العاصمة صنعاء توقّف الميليشيات الحوثية عن تحصيل الجبايات من الباعة المتجولين، وفقاً لما تم إعلانه عن توجيهات صدرت بذلك من عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيات، ومهدي المشاط رئيس مجلس حكم الانقلاب، مؤكدين استمرار تحصيل الجبايات وملاحقة الباعة المتجولين، خصوصاً مع تزايد الحركة التجارية في رمضان.
وكانت وسائل إعلام الميليشيات زعمت أن تعميمات صدرت بناء على توجيهات من الحوثي والمشاط بمنع جباية أو تحصيل أي مبالغ مالية، تحت أي اسم من الباعة المتجولين في جميع الأسواق، وإلغاء جميع العقود المبرمة من صندوق النظافة مع جميع الباعة، وضبط كل مَن يعمل على تحصيل مبالغ مالية منهم تحت أي تسمية.
وذكر عدد من هؤلاء الباعة أن الملاحقات توقفت فقط في الأحياء البعيدة عن الأسواق الكبيرة والمزدحمة والواقعة في أطراف العاصمة، وعزوا ذلك إلى قلة الباعة المتجولين في تلك الأحياء، وعدم تمكنهم من تحقيق أرباح كافية، حيث كان هؤلاء قد هربوا من ملاحقة الميليشيات وجباياتها إلى تلك الأحياء، مقتنعين بقلة الأرباح في مقابل تخففهم من الضغوط.
ووفقاً لعدد من الباعة، فإن الميليشيات الحوثية لم تترك المجال لأي بائع متجول ممارسة مهنته دون أن تلاحقه بالجبايات وفرض الرسوم عليه، ومؤخراً اضطرت إلى التظاهر بالتوقف عن الملاحقات وفرض الجبايات على الباعة في الأحياء والشوارع البعيدة عن الحركة التجارية مضحيةً بالعائد المتدني منهم، مقابل محاولة تحسين صورتها أمام الرأي العام.
وتوسع الميليشيات الحوثية نشاطها في تحصيل الجبايات، في المواسم والمناسبات التي تشهد زيادة في الحركة التجارية، ولا تستثني من إجراءاتها حتى صغار التجار والباعة المتجولين.
وتفيد مصادر تجارية بأنه، ومنذ ما قبل قدوم شهر رمضان بأسابيع، بدأت الميليشيات حملة ملاحقات استهدفت مئات الباعة المتجولين في الشوارع، ونفذ القادة الحوثيون نزولاً ميدانياً مكثفاً في محافظات إب وذمار وحجة، إضافة إلى العاصمة صنعاء، واتسمت عمليات النزول بالعشوائية وعدم التنسيق بين القادة الحوثيين والجهات التي يسيطرون عليها ويديرونها.
وطبقاً للمصادر، فإنه، ورغم تقسيم الأسواق إلى مربعات، يتم تكليف قيادي واحد بالإشراف على كل مربع، إلا أن التداخل والعشوائية يحدثان بسبب رغبة كل قيادي في توسيع رقعة نفوذه وزيادة إيراداته من جهة. ومن جهة أخرى يجري تكليف قياديين آخرين بأعمال التحصيل تحت أسماء أخرى في المربعات ذاتها.
وبحسب المصادر، تسببت تلك العشوائية بالمزيد من المعاناة التي تقع على صغار التجار والباعة المتجولين، لأنهم يتعرضون لابتزاز من أكثر من قيادي حوثي وأكثر من جهة تديرها الميليشيات خلال مدد زمنية متقاربة.
وتوقعت المصادر تزايد الحملات الحوثية ضد الباعة المتجولين خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، بسبب ارتفاع وتيرة النشاط التجاري، والحجة التي تتخذها الميليشيات في مثل هذه المناسبات منع حدوث الاختناقات المرورية.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.