جدل حاد بين المعارضة والائتلاف الحكومي التونسي حول مشروع قانون المصالحة الوطنية

مخاوف من استفادة رموز النظام السابق من المشروع الجديد

رئيس الوزراء التونسي حبيب الصيد لدى حضوره جلسة البرلمان في الرابع من هذا الشهر (غيتي)
رئيس الوزراء التونسي حبيب الصيد لدى حضوره جلسة البرلمان في الرابع من هذا الشهر (غيتي)
TT

جدل حاد بين المعارضة والائتلاف الحكومي التونسي حول مشروع قانون المصالحة الوطنية

رئيس الوزراء التونسي حبيب الصيد لدى حضوره جلسة البرلمان في الرابع من هذا الشهر (غيتي)
رئيس الوزراء التونسي حبيب الصيد لدى حضوره جلسة البرلمان في الرابع من هذا الشهر (غيتي)

شكلت أحزاب المعارضة في تونس لجنة برلمانية مضادة تشمل نوابا يمثلون أحزابا يسارية وأخرى وسطية تسعى إلى تعطيل مشروع قانون المصالحة الوطنية في المجالين المالي والاقتصادي، بحجة عدم دستورية هذا القانون وضرورة الالتزام بمسار العدالة الانتقالية.
وقدمت رئاسة الجمهورية يوم 14 يوليو (تموز) الماضي مشروع القانون إلى البرلمان وتنتظر عرضه على النواب، وسيمثل تأييده أو معارضته محطة هامة ستؤثر على المشهد السياسي في تونس. ويتضمن مشروع القانون مجموعة من الإجراءات الخاصة، من بينها «إقرار عفو لفائدة الموظفين العموميين بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي وبالاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية»، ولذلك تمّ استثناء الرشوة والاستيلاء على الأموال العمومية من الانتفاع بهذه الأحكام. كما يتضمن مشروع القانون «فتح إمكانية إبرام صلح بالنسبة للمستفيدين من أفعال تتعلق بالفساد المالي وبالاعتداء على المال العام، ويشمل ذلك الأموال والممتلكات التي ما زالت ضمن ذمة المعني بالأمر»، وبذلك لا يدخل ضمن هذا الباب الأموال والممتلكات التي تمت مصادرتها لفائدة الدولة.
ويقلص هذا القانون في حال إقراره من صلاحيات هيئة «الحقيقة والكرامة» التي ترأسها الحقوقية التونسية سهام بن سدرين. وتعمل هذه الهيئة على إقرار المحاسبة ومن ثم المصالحة على عكس قانون المصالحة الذي عرضته رئاسة الجمهورية والذي يمر مباشرة إلى المصالحة.
ووجهت الهيئة انتقادات إلى عدة أطراف وقالت: إنها «عملت على طمس مبدأ المصالحة الذي يعتبر من مهام الهيئة وإظهار أن الغاية من عملها يقتصر على جبر الضرر». كما أكدت أن مشروع قانون المصالحة الذي سيعرض على البرلمان يمثل إهدارا للمال العام والوقت.
وأثار مشروع القانون جدلا حادا غذته إلى حد الآن فكرة «استفادة رجال الأعمال الفاسدين ورموز النظام السابق مما سيطرحه من آفاق المصالحة». وفي هذا الشأن، قال المنجي الرحوي، عضو تحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، قي تصريح إعلامي إن المجلس هيأ مناخ المصالحة من خلال إقرار مجموعة من القوانين المساعدة على تنفيذه وتهيئة الأرضية من قبل أحزاب الائتلاف الحاكم ومن قبل حكومة الحبيب الصيد عبر تمرير قانون المالية التكميلي لسنة 2015 الذي يقدم تسهيلات متنوعة لأصحاب المؤسسات، وقانون رسملة البنوك العمومية الذي خصص مبلغ 900 مليون دينار تونسي لدعم ثلاثة بنوك عمومية تواجه خطر الإفلاس. وأضاف أن هذه القوانين تعكس التوجه العام للحكومة وتخدم مصالح رجال المال والأعمال في مختلف المجالات وتتطابق مع التوجه اليميني الليبرالي للقوى السياسية الممسكة بزمام السلطة.
ولا تعارض حركة النهضة مشروع قانون المصالحة الوطنية، ويلقى هذا القانون مساندة مطلقة من قيادات حركة نداء تونس وحزبي آفاق تونس والاتحاد الوطني الحر. وتمثل هذه الأحزاب الأربعة الائتلاف الحكومي الذي يقود البلاد بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة (2014).
ويرى متابعون للشأن السياسي في تونس أن مشروع قانون المصالحة الوطنية في المجالين المالي والاقتصادي سيكون موضوع «المعركة المقبلة» ومد وجذب قوي بين مختلف القوى السياسية داخل البرلمان وخارجه، لارتباط هذا القانون برموز النظام السابق ومن تحوم حولهم شبهة الانتفاع من امتيازات وقروض ميسّرة حصلوا عليها خلال فترة حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.
وكشف أمس عبد الفتاح مورو، النائب الأول لرئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) في اجتماع لحركة النهضة بمدينة صفاقس، جنوبي العاصمة التونسية، عن الانطلاق بعد أسبوعين في النظر في مشروع قانون المصالحة.
أما فيما يتعلق بدستورية مشروع قانون المصالحة الوطنية، فقال قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري الذي قدم تصورا للعدالة الانتقالية منذ سنة 2012 إن إقرار مشروع قانون المصالحة سيطرح إشكالات قانونية كثيرة لأن منظومة العدالة الانتقالية تقتضي معرفة الحقيقة للوصول إلى المصالحة، التي هي تتويج لمسار العدالة الانتقالية وليست المنطلق. وستطرح هذه المسائل على البرلمان وستكون قضية معقدة قانونيا ودستوريا، فضلا عن أن المصالحة لا يمكن أن تتم داخل الغرف المغلقة أو وراء الستار بل بصفة علنية. كما أشار إلى أن مدة العدالة الانتقالية محددة بنص قانوني في الفقرة التاسعة من الفصل 148 من الدستور التونسي الجديد (دستور 2014)، وتساءل عن طبيعة اللجنة التي سيشكلها البرلمان إثر المصادقة على مشروع قانون المصالحة. ويتابع: «فإن كانت لجنة قضائية فلا يمكن القيام بذلك من ناحية تركيبتها ولا وظائفها ولا الإجراءات التي ستتخذها، وإن كانت لجنة إدارية، فإن الإجراءات المتعلقة بتركيبتها ووظائفها غير واضحة وتفتقد للشفافية».
وكشف سعيد عن التأثير المباشر للمصالحة الاقتصادية على المصالحة السياسية وقال: «كان من المفروض على العدالة الانتقالية أن تمهد للانتقال السياسي ولكن أعطيت الأولوية للانتقال الاقتصادي وتعثرت العدالة الانتقالية».
ويذكر أن أحدث استبيان أنجزته الهيئة المذكورة قد أظهر أن 67 في المائة من الشعب التونسي يثقون في الهيئة وأن 81 في المائة يعتبرونها محايدة ومستقلة وقادرة على كشف الحقيقة. كما أثبت الاستبيان أن 87.5 في المائة من التونسيين يعتبرون أن العدالة الانتقالية ضرورية في تونس.



10 قتلى في غارة جنوب الخرطوم

مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

10 قتلى في غارة جنوب الخرطوم

مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أفاد مُسعفون متطوعون أن عشرة مدنيين سودانيين قُتلوا، وأصيب أكثر من 30 في غارة جوية جنوب الخرطوم.

وقالت غرفة الاستجابة الطارئة بالمنطقة، وهي جزء من شبكة من المتطوعين في جميع أنحاء البلاد يعملون على تنسيق إيصال المساعدات في الخطوط الأمامية، إن الضربة التي وقعت، الأحد، استهدفت «محطة الصهريج بمنطقة جنوب الحزام، للمرة الثالثة في أقل من شهر».

وقالت المجموعة إن القتلى قضوا حرقاً، وإن بين الجرحى الثلاثين خمسة في حالة حرجة لإصابتهم بحروق من الدرجة الأولى.

ونُقل بعض المصابين والجثامين المتفحمة إلى مستشفى بشائر الذي يبعد أربعة كيلومترات عن موقع القصف، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

ويأتي الأهالي إلى منطقة الصهريج من مناطق مختلفة بغرض التبضع وشغل أعمال هامشية مثل بيع الأطعمة والشاي.

وقالت المجموعة إن قصف محطة الصهريج، للمرة الثالثة في أقل من شهر، «ليس سوى جزء من حملة تصعيد مستمرة تدحض ادعاءات أن القصف يركز فقط على الأهداف العسكرية، حيث تتركز الغارات على المناطق السكنية المأهولة».

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، أسفرت الحرب بين الجيش النظامي السوداني وقوات «الدعم السريع» عن مقتل عشرات الآلاف. وفي العاصمة وحدها، قُتل 26 ألف شخص بين أبريل 2023 ويونيو (حزيران) 2024، وفقاً لتقرير صادر عن كلية لندن للصحة والطب الاستوائي.

وشهدت الخرطوم بعضاً من أسوأ أعمال العنف في الحرب، حيث جرى إخلاء أحياء بأكملها. ولم يتمكن الجيش، الذي يحتكر الأجواء بطائراته النفاثة، من استعادة السيطرة على العاصمة من قوات «الدعم السريع».

وتفيد أرقام الأمم المتحدة بأن ما يقرب من ثلث النازحين داخل السودان، البالغ عددهم 11.5 مليون شخص، فرُّوا من العاصمة.

واتُّهمت قوات «الدعم السريع» والجيش مراراً باستهداف المدنيين وقصف المناطق السكنية دون تمييز.