التنبؤ بـ«السكري» قبل الإصابة بـ10 سنوات

طريقة جديدة للتنبؤ بخطر الإصابة بالسكري (Public Domain)
طريقة جديدة للتنبؤ بخطر الإصابة بالسكري (Public Domain)
TT

التنبؤ بـ«السكري» قبل الإصابة بـ10 سنوات

طريقة جديدة للتنبؤ بخطر الإصابة بالسكري (Public Domain)
طريقة جديدة للتنبؤ بخطر الإصابة بالسكري (Public Domain)

يُمكن أن تؤدي عملية بيولوجية، تتمثل في تغيرات تطرأ على الحمض النووي في الدم، إلى تحسين القدرة على التنبؤ بخطر إصابة الشخص بمرض السكري من النوع الثاني، قبل حدوثه بعشر سنوات.
ودرس العلماء تأثير هذه التغييرات، المعروفة باسم «مثيلة الحمض النووي»، جنباً إلى جنب مع عوامل الخطر الأخرى، فيما يقرب من 15 ألف شخص للتنبؤ باحتمالية تطور الحالة قبل سنوات من ظهور أي أعراض. ويُمكن أن تؤدي النتائج المنشورة (الخميس) في دورية «نيتشر إيجينج»، إلى اتخاذ تدابير وقائية في وقت مبكر، والحد من العبء الاقتصادي والصحي الناجم عن مرض السكري من النوع الثاني.
وتستخدم أدوات التنبؤ بالمخاطر الحالية لمرض السكري من النوع الثاني، معلومات مثل العمر والجنس ومؤشر كتلة الجسم والتاريخ العائلي للمرض. ووجد باحثون من جامعة إدنبرا البريطانية، أن تضمين بيانات «مثيلة الحمض النووي»، جنباً إلى جنب مع عوامل الخطر الأخرى، يوفر تنبؤاً أكثر دقة. و«الميثيل» هو عملية كيميائية في الجسم تجري فيها إضافة جزيء صغير يسمى مجموعة الميثيل إلى الحمض النووي.
واستخدم العلماء نتائجهم لتقدير الأداء التنبئي باستخدام سيناريو فحص افتراضي لعشرة آلاف شخص، حيث يصاب واحد من كل ثلاثة أفراد بمرض السكري من النوع الثاني خلال فترة 10 سنوات.
وقام النموذج الذي استخدم «مثيلة الحمض النووي» بتصنيف 449 فرداً إضافياً بشكل صحيح، مقارنة بعوامل الخطر التقليدية وحدها. ويمكن أن تؤثر إضافة مجموعات الميثيل أو إزالتها على كيفية عمل بعض الجزيئات في الجسم، ويمكن أن تساعد أنماط المثيلة هذه في تتبع عمليات الشيخوخة وتطور المرض.
وجاءت البيانات من 14 ألفاً و613 متطوعاً في دراسة «جيل أسكوتلندا»، وهي دراسة كبيرة مصممة لمساعدة العلماء على التحقيق في أسباب المرض، وفهم أولويات الرعاية الصحية في البلاد، وإبلاغ العلاجات الطبية والسياسات الصحية المستقبلية. وكرر الفريق أيضاً التحليلات على ألف و451 فرداً، من دراسة مقرها في ألمانيا لضمان إمكانية تكرار نتائجهم في أشخاص من خلفيات مختلفة.
ويقول يبينغ تشنغ، من مركز الطب الجينومي والتجريبي بجامعة إدنبرا، الباحث المشارك بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة، إنه «لأمر واعد أن النتائج التي توصلنا إليها قد لوحظت في الدراسات الأسكوتلندية والألمانية، حيث أظهرت كلتاهما تحسناً في التنبؤ».
وأضاف ريكاردو ماريوني، من مركز جامعة إدنبرا للطب الجينومي والتجريبي، الباحث الرئيسي بالدراسة: «يمكن اتباع نهج مماثل للأمراض الشائعة الأخرى لتوليد تنبؤات صحية واسعة النطاق من عينة دم أو لعاب واحدة، ونشكر المتطوعين الذين جعلوا هذا البحث ممكناً، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين انضموا إلى دراستنا، ساعدنا ذلك على تحديد الإشارات التي ستساعد على تأخير أو تقليل ظهور الأمراض مع التقدم في العمر».


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر التمارين الرياضية على القلب؟

صحتك ممارسة الرياضة بانتظام تساعد على تقوية القلب وتعيد برمجة الأعصاب التي تتحكم في نبضاته (بيكسباي)

كيف تؤثر التمارين الرياضية على القلب؟

قد لا تقتصر فوائد ممارسة الرياضة بانتظام على تقوية القلب فحسب، بل قد تُعيد برمجة الأعصاب التي تتحكم في نبضاته، وفقاً لبحث جديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المكسرات تحتوي على نسبة عالية من الدهون والبروتين والألياف (بيكسلز)

دراسة: المكسرات تقلل الرغبة الشديدة في تناول الحلويات والوجبات السريعة

يُساعد استبدال حفنة من المكسرات المتنوعة بوجباتك الخفيفة المعتادة بين الوجبات الرئيسة على تقليل الرغبة الشديدة في تناول الحلويات، والوجبات السريعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك انخفاض استهلاك الماء لدى الكثيرين خلال فصل الشتاء يُبطئ عملية الأيض ويُشعر الجسم بالجوع (بيكسباي)

9 خطوات لإنقاص وزنك دون ممارسة الرياضة هذا الشتاء

غالباً ما يجعلنا الشتاء نشعر بالكسل والجوع. فالطقس البارد، وقصر النهار، ووجبات عيد الميلاد الخفيفة، كلها عوامل تجعل فقدان الوزن تحدياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك سرطان الحلق يصيب الجزء الأوسط من الحلق (جامعة أولد دومينيون الأميركية)

أداة ذكية تساعد في علاج سرطان الحلق

طوّر باحثون في معهد «دانا فاربر» للسرطان بالولايات المتحدة أداة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقدير احتمالية انتشار سرطان الحلق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك التوت البري يُدرس لدوره في الوقاية من السرطان (بيكسلز)

«غذاء خارق»... نوع من التوت يعزز صحة القلب ويقي من السرطان

من الصلصات الاحتفالية إلى العصائر ذات الألوان الزاهية، لطالما كان التوت البري عنصراً مميزاً يضفي شكلاً وطعماً غير عاديين على الأطباق.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بريجيت باردو خرجت من الصورة وبقيت في الزمن

زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
TT

بريجيت باردو خرجت من الصورة وبقيت في الزمن

زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)
زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)

كانت بريجيت باردو أكثر من جسد أيقوني علَّق عليه القرن العشرون خيالاته وأسئلته. وكانت، قبل كلّ شيء، امرأة وُلدت في زمن لا يعرف كيف يتعامل مع أنثى لا تطلب الإذن. امرأة خرجت من الشاشة لتدخل الوعي الجماعي، وتحوّلت من ممثلة إلى مُحرِّكة لقلق المجتمع الذكوري ولمخاوفه من الجسد المُنطلِق، ومن المرأة التي لا يمكن ضبطها أو احتواؤها.

الجمال الذي لا يطلب الإذن غالباً ما يُساء فهمه (أ.ف.ب)

حين ظهرت باردو في خمسينات القرن الماضي، لم يكن العالم مهيّأً لها. كانت السينما لا تزال تبحث عن نساء جميلات «مروَّضات»، وأنوثة يمكن استهلاكها من دون أن تُهدّد البنية الأخلاقية القائمة. لكن باردو جاءت مختلفة. جسدها لم يكن خاضعاً، ونظرتها لم تكن مطيعة، وحضورها لم يكن استعطافياً. لم تؤدِّ دور المرأة المرغوبة فقط، وإنما المرأة الواعية بجاذبيتها، لا تتبرأ منها ولا تُبالغ باستعراضها. هنا تحديداً بدأ الارتباك.

في أفلامها، وخصوصاً «وخلق الله المرأة»، كانت المسألة في الجرأة الوجودية قبل المَشاهد الجريئة. باردو شكَّلت تجسيداً لامرأة تختار وتقتحم وترفض وتُغادر. امرأة لا تُعاقب نفسها كي تُطمئن المجتمع. ومنذ تلك اللحظة، أصبحت أكثر من نجمة. أصبحت سؤالاً أخلاقياً مُعلّقاً في الهواء.

امرأة صنعت حضورها ثم دفعت ثمنه (أ.ف.ب)

تحوّلت سريعاً إلى ظاهرة ثقافية تتجاوز الشاشة. شعرها الأشقر المنفلت، نظراتها التي لا تنحني، صارت جزءاً من خطاب اجتماعي كامل عن الحرّية والأنوثة غير المروَّضة. لكنها، في مقابل هذه الأيقونية، دفعت ثمناً باهظاً. فباردو التي رآها العالم رمزاً للانطلاق، كانت تعيش قلقاً دائماً واختناقاً من الضوء وشعوراً متنامياً بأنها صارت صورة أكثر مما هي إنسانة. تزوّجت أكثر من مرة، أحبَّت وجُرحت، ووجدت نفسها مُحاصرة بتوقّعات الآخرين، وبفكرة أنها «مُلكية عامة».

امرأة عَبَرَت الزمن بلا اعتذار وبلا محاولة لإرضائه (أ.ف.ب)

لكن المجتمع لا يكتفي بطرح الأسئلة، فيُسارع إلى معاقبة مَن يجرؤ على طرحها. فُتحت على باردو أبواب المجد كما تُفتح الأبواب على العاصفة. صُوّرت، كُتِب عنها، حوصرت بالكاميرات، اختُزلت في جسدها، ثم حُوسبت على هذا الجسد نفسه. أُعجِب بها العالم، لكنه لم يغفر لها أنها لم تطلب إعجابه بالطريقة «الصحيحة».

في عمق هذه المفارقة، عاشت باردو مأساة الأيقونات. حين تتحوّل المرأة إلى أيقونة، يُسلب منها حقّ التعب وحقّ التناقض وحقّ الشيخوخة. فالأيقونة يجب أن تبقى ثابتة، بينما يتغيَّر الإنسان. وبريجيت باردو تغيَّرت كثيراً.

انسحبت من السينما باكراً لتقول، بصيغة أو بأخرى، إنّ هذا العالم لا يُشبهها، ولم تُخلق لتُستَهلك إلى ما لا نهاية. انسحابها كان تمرّداً. كان قرار امرأة اختارت أن تُنقذ نفسها من صورة صنعتها ولم تعد تملكها.

خرج الجمال من القالب وصار موقفاً (أ.ب)

مع الزمن، تغيَّرت ملامحها وتبدَّلت نظرتها إلى العالم. لم تُحاول معاندة العمر، ولم تتصالح معه على الطريقة الرومانسية. كانت علاقتها بالزمن خشنة وصريحة وخالية من المجاملات. لم تُخفِ انزعاجها من الشيخوخة، ولا حنقها على عالم يُقدّس الشباب ثم يدير ظهره لمَن يتقدّم في السنّ. هنا أيضاً، كانت صادقة أكثر مما يحتمل الجمهور.

في مرحلة لاحقة، وجدت باردو في الحيوانات البراءة غير المشروطة والوفاء غير الملوَّث بالسلطة. تلك صفات لم تجدها في البشر. تحوَّل دفاعها عن حقوق الحيوان إلى قضية وجودية. أسَّست مؤسّستها، وكرَّست ما تبقّى من حياتها لمعركة ترى فيها شكلاً آخر من أشكال العدالة. قد يُختلف معها في حدّتها، أو في لغتها، أو في بعض مواقفها، لكن لا يمكن إنكار أنّ هذا الالتزام كان امتداداً لمنطقها نفسه القائم على رفض العنف أياً كان شكله، ورفض الهيمنة أياً كان مصدرها.

باردو كانت دائماً امرأة «غير مريحة». لم تُتقن فنّ إرضاء الجميع، ولم تحاول. وهذا بالضبط ما جعلها أيقونة جدلية تتجاوز التمثال الجميل. فالأيقونة الحقيقية لا تُحَبّ بالإجماع. تُساءَل وتُقلِق. ولمّا لم يكُن الزمن رحيماً بها، لا في ملامحها ولا في صورتها العامة، ولمّا تغيّر وجهها وقسا أحياناً، انعكست تحوّلاتها الداخلية في تصريحات أدخلتها في صدام مع الرأي العام الفرنسي. امرأة كانت رمز التحرُّر، وجدت نفسها لاحقاً على هامش الإجماع، تقول الكلمات بصراحة، وتُقرأ مواقفها أحياناً بمعزل عن سياقها الإنساني المُعقّد. لم تحاول باردو أن تُجمّل صورتها أو تستعيد ودّ الجمهور. بقيت كما هي، حادَّة وصريحة وغير معنيّة بأن تُحَبّ.

ترحل بريجيت باردو وتبقى سيرة المرأة التي دفعت بخيارها ثمن حرّيتها، إلى جانب صورة المرأة الجميلة من زمن مضى. امرأة أحبَّها العالم حين كانت شابّة، وضيَّق عليها حين كبرت. امرأة كشفت، من دون تنظير، كيف يُحبّ المجتمع النساء طالما بقيْنَ ضمن صورته، وكيف يُعاقبهنّ حين يخرجْنَ منها.


قرية إيطالية تحتفل بأول مولود منذ 30 عاماً

الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
TT

قرية إيطالية تحتفل بأول مولود منذ 30 عاماً

الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)
الطفلة لارا بوسي ترابوكو هي أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ 30 عاماً (بيكسباي)

احتفلت قرية باغليارا دي مارسي، وهي قرية ريفية عريقة تقع على سفوح جبل غيريفالكو في منطقة أبروتسو الإيطالية، بولادة أول طفلة منذ 3 عقود.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن هذه الطفلة هي لارا بوسي ترابوكو، وقد ولدت في شهر مارس (آذار) الماضي، لتكون أول مولودة في باغليارا دي مارسي منذ ما يقرب من 30 عاماً.

وبولادتها، وصل عدد سكان القرية، التي يفوق عدد القطط فيها عدد السكان بكثير، إلى 20 شخصاً.

ونظراً لندرة الحدث بالقرية، أصبحت الطفلة الآن عامل الجذب السياحي الرئيسي بالمكان.

وقالت والدتها، سينزيا ترابوكو: «لقد حضر أشخاص لم يكونوا يعرفون حتى بوجود باغليارا دي مارسي، فقط لأنهم سمعوا عن لارا. لقد أصبحت مشهورة وهي لم تتجاوز التسعة أشهر من عمرها».

ويمثل قدوم لارا رمزاً للأمل، ولكنه أيضاً تذكيرٌ مؤلمٌ بتفاقم الأزمة الديمغرافية في إيطاليا.

وفي عام 2024، بلغ عدد المواليد في إيطاليا أدنى مستوى تاريخي له، حيث وصل إلى نحو 369 ألف مولود، مواصلاً بذلك اتجاهاً سلبياً استمر 16 عاماً، وفقاً لأرقام المعهد الوطني للإحصاء.

كما انخفض معدل الخصوبة إلى مستوى قياسي، حيث بلغ متوسط ​​عدد الأطفال المولودين للنساء في سن الإنجاب 1.18 طفل في عام 2024، وهو من أدنى المعدلات في الاتحاد الأوروبي.

وتتعدد أسباب هذا التراجع، من انعدام الأمن الوظيفي وموجة الهجرة الشبابية الهائلة إلى عدم كفاية الدعم المقدم للأمهات العاملات، وكما هي الحال في بلدان أخرى، ارتفاع معدلات العقم لدى الرجال. علاوة على ذلك، يختار عدد كبير من الناس ببساطة عدم إنجاب الأطفال.

وتشير البيانات الأولية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء للأشهر السبعة الأولى من عام 2025 إلى مزيد من الانخفاض.

وشهدت منطقة أبروتسو، ذات الكثافة السكانية المنخفضة أصلاً، انخفاضاً بنسبة 10.2في المائة في عدد المواليد بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024.

وتُعدّ باغليارا دي مارسي قرية صغيرة، لكنها تمثل مشهداً يتكرر في أنحاء البلاد، حيث يزداد عدد كبار السنّ، وتتراجع أعداد الطلاب في المدارس، مما يضع ضغوطاً على المالية العامة، ويُشكل تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة للقادة على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية.

وقالت رئيسة البلدية، جوزيبينا بيروزي: «تعاني باغليارا دي مارسي من انخفاض حادّ في عدد السكان، تفاقم بسبب رحيل كثير من كبار السنّ، دون أيّ تغيير في الأجيال».

وأعربت بيروزي، التي تسكن على بُعد خطوات من منزل الطفلة لارا، عن امتنانها لترابوكو (42 عاماً)، وشريكها باولو بوسي (56 عاماً)، لتكوينهما أسرة، وتأمل أن يُلهم ذلك الآخرين لفعل الشيء نفسه.

ويُعدّ وضعهما غير مألوف. فترابوكو، مُدرّسة الموسيقى، وُلدت في فراسكاتي، بالقرب من روما، وعملت في العاصمة الإيطالية لسنوات قبل أن تُقرّر الانتقال إلى القرية التي وُلد فيها جدّها، لأنها لطالما رغبت في تربية أسرة بعيداً عن صخب المدينة. والتقت ببوسي، عامل البناء من المنطقة، قبل بضع سنوات.

واستفاد الزوجان من «منحة المولود» البالغة ألف يورو بعد ولادة لارا، وهي دفعة تُصرف لمرة واحدة عن كل طفل يُولد أو يتم تبنيه منذ يناير 2025، وقد أقرّتها حكومة جورجيا ميلوني اليمينية المتطرفة في جزء من تعهّدها بمعالجة ما وصفته رئيسة الوزراء بـ«الشتاء الديمغرافي» في إيطاليا. كما يتلقّيان أيضاً إعانة طفل تُقدّر بنحو 370 يورو شهرياً.

لكنّ معاناتهم الرئيسية تكمن في التوفيق بين رعاية الأطفال والعمل. فنظام دعم رعاية الأطفال في إيطاليا يعاني من نقص مزمن، وحكومة ميلوني، رغم تصويرها لأزمة انخفاض معدل المواليد على أنها معركة من أجل بقاء الأمة، لم تفِ حتى الآن بوعدها بزيادة عدد دور الحضانة. وتُجبر نساء حوامل على ترك العمل، ثم يواجهن صعوبة في العودة إليه لاحقاً.

كما يشعر الزوجان بالقلق حيال مستقبل لارا الدراسي. فآخر مرة كان فيها لحضانة باغليارا دي مارسي مُعلّمة - كان منزلها يُستخدم بوصفه مدرسة - كانت قبل عقود.

وتوجد مدرسة ابتدائية في كاستيلافيوم القريبة، ولكن بالنظر إلى إغلاق المدارس في جميع أنحاء إيطاليا بسبب انخفاض معدل المواليد، فإنه من غير المؤكد ما إذا كان سيكون هناك عدد كافٍ من الأطفال لدعم هذه المنشأة على المدى الطويل.

وقالت ترابوكو إن الحوافز المالية وحدها لا تكفي لوقف هذا التوجه. وأضافت: «يحتاج النظام بأكمله إلى ثورة. نحن بلد ذو ضرائب مرتفعة، لكن هذا لا يُترجم إلى جودة حياة جيدة أو خدمات اجتماعية جيدة».


لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

فلوريان فيرتز (أ.ب)
فلوريان فيرتز (أ.ب)
TT

لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

فلوريان فيرتز (أ.ب)
فلوريان فيرتز (أ.ب)

كانت هناك لحظة، قبل وقت قصير من تسجيل فلوريان فيرتز هدفه الأول بقميص ليفربول، لخّصت بدقة حجم تطوره والثقة المتزايدة التي بات يتمتع بها في أجواء الدوري الإنجليزي الممتاز، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

فمع كرة طويلة أرسلها أليسون، وارتفعت في اتجاه الجهة اليسرى، كان الدولي الألماني تحت ضغط مباشر مع اندفاع مات دوهيرتي لإغلاق المساحة. لكن فيرتز تعامل مع الموقف بهدوء لافت؛ سيطر على الكرة من اللمسة الأولى، ثم استعرض مهارته بتحويلها بسلاسة من قدمه اليمنى إلى اليسرى، متجاوزاً قائد وولفرهامبتون قبل أن ينطلق بمحاذاة الخط الجانبي. مشهد أثار إعجاب مدرجات «أنفيلد» المكتظة التي عبّرت عن تقديرها بوضوح.

لم تكن عملية التأقلم سهلة بالنسبة لفيرتز منذ وصوله من باير ليفركوزن في صفقة بلغت قيمتها 116 مليون جنيه إسترليني في يونيو (حزيران). فقد احتاج اللاعب إلى وقت للتأقلم مع الإيقاع السريع والالتحامات البدنية القوية في كرة القدم الإنجليزية، ما دفع ليفربول إلى إخضاعه لبرنامج بدني خاص في صالة الألعاب الرياضية لمساعدته على زيادة قوته وتحمل شدة المنافسات.

سعر الصفقة الضخم، إلى جانب تفوق ليفربول على بايرن ميونيخ ومانشستر سيتي في سباق التعاقد معه، رفعا سقف التوقعات إلى مستويات عالية. وكان الصبر مطلوباً مع لاعب موهوب يبلغ 22 عاماً، يخوض تجربته الأولى خارج بلاده، ويحاول فرض نفسه في فريق ليفربول الذي لم يكن في أفضل حالاته تحت قيادة أرني سلوت.

ورغم تحسن إسهاماته الشاملة في المباريات ظل غياب الأهداف والتمريرات الحاسمة في الدوري الإنجليزي الممتاز مادة لانتقادات كثيرة. ولم يُخفِ مشجعو الفرق المنافسة شماتتهم، خصوصاً عندما قررت لجنة اعتماد الأهداف في الدوري هذا الشهر احتساب محاولته أمام سندرلاند هدفاً عكسياً على المدافع نوردي موكيلي.

لذلك لم يكن مفاجئاً حجم الفرح والارتياح الكبيرين، داخل الملعب وفي المدرجات، عندما سجل فيرتز الهدف الثاني لليفربول في الفوز 2-1، قبل نهاية الشوط الأول بقليل.

فبعد تحرك ذكي خلف الدفاع وتسلمه تمريرة هوغو إيكيتيكي، سدد فيرتز الكرة بنجاح في شباك جوزيه سا، قبل أن يرفع قبضته احتفالاً، ويضع يده على شعار النادي على قميصه، وسط تهنئة حارة من زملائه.

وقال فيرتز في تصريحات لـ«هيئة الإذاعة البريطانية»: «كان شعوراً رائعاً أن أسجل هدفي الأول منذ انضمامي إلى النادي. كنت آمل أن يراني هوغو، وأنا ممتن لأنه فعل ذلك ومنحني هذه الفرصة. أعلم أن هذا هو أصعب دوري في العالم، وكل ما عليَّ هو التأقلم مع القوة البدنية، ومع اللاعبين من حولي داخل الملعب. أشعر بأنني أتحسن في كل مباراة، ونبدأ إيجاد الإيقاع المناسب. المباريات الأخيرة كانت جيدة جداً، ونحن في تحسن واضح».

وكان فيرتز قد أنهى قبل ذلك بأسبوع انتظاره لأول تمريرة حاسمة في الدوري الإنجليزي، عندما هيأ الكرة لألكسندر إيساك ليسجل هدف التقدم أمام توتنهام هوتسبير.

وجاء هدفه أمام وولفرهامبتون، بعد 89 ثانية فقط من صناعة جيريمي فريمبونغ لهدف الافتتاح الذي سجله رايان غرافنبرخ، ليكون هدف الفوز في رابع انتصار متتالٍ لليفربول في جميع المسابقات، وهو ما رفع الفريق إلى المركز الرابع في الدوري الإنجليزي الممتاز. وأظهر هذا الهدف أن فيرتز بدأ يضيف الفاعلية الهجومية إلى أدائه، في مؤشر إيجابي للتحديات المقبلة.

وقال أرني سلوت بعد المباراة: «أنا متأكد تماماً أن الهدف كان بمثابة ارتياح كبير له. رأيت ذلك في طريقة احتفاله، وكذلك في رد فعل زملائه، الذين كانوا سعداء جداً من أجله. في كرة القدم، وربما عن حق، يتم الحكم علينا بالنتائج، وعلى اللاعبين بالأهداف والتمريرات الحاسمة، لكننا أحياناً ننسى بقية الأدوار داخل المباراة».

وصنع فيرتز 3 فرص محققة، وهو أعلى رقم في اللقاء، من بينها تمريرة بينية متقنة لإيكيتيكي في الدقائق الأولى انتهت بتسديدة ارتطمت بالقائم. ومن المتوقع أن يشكل هذا الثنائي عنصراً حاسماً في المرحلة المقبلة، في ظل غياب إيزاك حتى مارس (آذار) بسبب كسر في الساق.

كما نجح فيرتز في إتمام 7 مراوغات من أصل 9 محاولات، وفاز في 11 من أصل 15 التحاماً، إضافة إلى لمسه الكرة داخل منطقة جزاء الخصم 9 مرات، وهو أعلى رقم في المباراة. وقد حظي بتصفيق حار من الجماهير عند استبداله ونزول تراي نيوني في الوقت بدل الضائع.

ويبدو أن اللعب في الجهة اليسرى ضمن خطة 4-2-3-1 التي يعتمدها سلوت يناسب فيرتز؛ حيث يمنحه حرية التحرك بين الخطوط والدخول إلى العمق. صحيح أن المنافس كان وولفرهامبتون الذي يعاني هذا الموسم، لكن هذا الأداء لم يكن استثناءً، بل امتداد لتصاعد تأثيره، مع تحسن دقته في التمرير، وتماسكه البدني، وتزايد ثقته بنفسه، مع تنامي الانسجام مع زملائه. وهو ما يفسر بوضوح سبب استعداد ليفربول لدفع هذا المبلغ الكبير من أجله.

وأضاف سلوت: «فلوريان قدم عدة مباريات جيدة معنا، لكنه يتحسن مع كل مباراة. لياقته في تصاعد مستمر، وكان يقترب أكثر فأكثر من هدفه الأول، لذلك لم يكن مفاجئاً أن يسجل. وهو أول مَن يدرك أن هدفاً واحداً لا يكفي، ونأمل أن يسجل الكثير من الأهداف مستقبلاً. أعجبني أداؤه في فترات طويلة من المباراة، وكان مميزاً في لحظات عديدة».

ورغم ذلك، لا تزال هناك مخاوف أوسع لدى سلوت، أبرزها ضعف إدارة المباريات، والقصور الواضح في الدفاع عن الكرات الثابتة. وكان سانتياغو بوينو آخر من استفاد من ذلك عندما قلّص الفارق من ركلة ركنية بعد بداية الشوط الثاني، فيما كاد وولفرهامبتون يخرج بنقطة في يوم عاطفي شهد تكريم ذكرى ديوغو جوتا.

لا يزال أمام سلوت الكثير من العمل مع دخول العام الجديد إذا ما أراد ليفربول مواصلة هذا التقدم في جدول الترتيب، لكن امتلاك لاعب مثل فيرتز، وهو يؤدي بهذا القدر من الثقة والحضور، يُمثل مكسباً بالغ الأهمية.